رياض سلامة عضواً في الوفد التفاوضي مع صندوق النقد الدولي!
وفيقة إسماعيل – «صدى الوطن»
على أعتاب فصل الشتاء، ورغم تنوّع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ينشغل اللبنانيون بالهمّ المعيشي الذي بات يلقي بظلاله الثقيلة على مختلف الشرائح. وها هو شهر أيلول قد انتهى، مع ما يحمله من سلة مثقلة بالأعباء، تبدأ بموسم العودة إلى المدارس التي ارتأت الحكومة أن يكون حضورياً بعد عامين من التدريس عن بعد، مروراً بتوقع موجة جديدة أكثر حدةً من فيروس كورونا مع اشتداد البرد، وصولاً إلى صعوبة تأمين الوقود سواء للكهرباء أم للتدفئة أم للنقل، وليس انتهاءً بارتفاع أسعار كافة السلع بنحو لافت وغير مبرر.
أول جلسة
إرث كبير حملته حكومة نجيب ميقاتي معها إلى جلستها الأولى التي انعقدت في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون. استهلّها ميقاتي بعرض نتائج زيارته الأخيرة لفرنسا ولقائه الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي نقل عنه حماسته الكبيرة لمساعدة لبنان والمقرونة بضرورة تنفيذ الإصلاحات.
في نهاية الجلسة، خرج الوزراء بانطباع إيجابي أوحى بأن ما تم إقراره من مشاريع وخطوات، قد تم الاتفاق عليه مسبّقاً من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، وهو ما أسبغ على الجلسة جواً من الهدوء والتناغم المطلوب، فجرى تمرير مشاريع عديدة، منها ما هو جديد كاسترجاع وزارة الطاقة حق الإشراف على بعض المشاريع التي كان يشرف عليها مجلس الإنماء والإعمار ولم يُنجَز منها شيء، ومنها ما هو موروث من حكومة دياب.
وتجدر الإشارة إلى أنه سبقت جلسة مجلس الوزراء خلوة بين الرئيسين عون وميقاتي. ومما تم التوافق عليه تمثيل رئيس الجمهورية في لجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي من خلال مستشاره للشؤون المالية شربل قرداحي ورفيق حدّاد المسؤول المالي في «التيار الوطني الحرّ» من دون تسجيل أي اعتراض، وقد ضمت اللجنة أيضاً كلاً من نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ووزيري المال يوسف خليل والاقتصاد أمين سلام، وأعطيت مهلة ثلاثة أسابيع لوضع بنود التفاوض مع صندوق النقد.
وكان وزير الاقتصاد سلام قد ذكر في وقت سابق أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيشارك في مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي وأنه عضو أساسي في الوفد! مفارقة عجيبة توقف عندها الكثيرون، فكيف يكون المتهم الأول بإفلاس الشعب اللبناني، عضواً أساسياً في الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي وساعياً إلى انتشال البلاد من أزمة كانت له اليد الطولى في إغراقها بها؟
رفع الدعم: الحبة السامة
وزير الطاقة والمياه، وليد فياض، تحدث إلى الصحافيين بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، فأعلن رفع أسعار المحروقات بحيث أصبحت «شبه» غير مدعومة، مشبّهاً رفع الدعم بالحبة السامة التي يجب ابتلاعها، ومعتبراً أن الهدف منه هو الترشيد وتمكين المجتمع.
وقال إنه في موازاة رفع الدعم عن المحروقات يجب العمل على تأمين طريقة تنقّل مشترك من دون هدر، مشيراً إلى أنه يجب زيادة ساعات التغذية الكهربائية في البداية ثم الانتقال إلى رفع التعرفة على الكهرباء، مؤكداً في الوقت نفسه أن لا زيادة على تعرفة الكهرباء خلال هذه الفترة.
وفي ما يتعلق بالبطاقة التمويلية أكد فياض أنه مع رفع الدعم يمكن استكمال إصدار البطاقة التمويلية التي يجب أن تكون قريباً على طاولة مجلس الوزراء. وكان الرئيس ميقاتي قد وقّع قرار تحديد آلية ومعايير تطبيق القانون المتعلّق بالبطاقة التمويلية وفتح اعتماد إضافي استثنائي لتمويلها.
الغاز والنفط
في سياق متصل، أنهى الوفد الفني السوري الذي يزور لبنان، معاينة الوصلة الخاصة بخط الغاز العربي، والتي تمتد على طول 36 كلم بين نقطة الدبوسية الحدودية ومعمل دير عمار. وقد أظهر الكشف الأولي عدم وجود ضرر معتبر يعيق تمرير الغاز، وأن عملية الصيانة لا تحتاج سوى أيام قليلة، على أن تقوم بذلك الدولة السورية على نفقتها الخاصة. وفي موضوع متصل بالطاقة، وفي إطار سياستها العدوانية والاستفزازية المستمرة تجاه لبنان، أعلنت إسرائيل بدء التنقيب عن النفط في حقل متنازع عليه مع الدولة اللبنانية، وهو ما اعتبر تطوراً خطراً.
خصوم سوريا
الانفتاح العربي المتدرّج نحو سوريا والذي تمثل أخيراً في فتح معبر جابر–نصيب بينها وبين الأردن، وعودة العلاقات الدبلوماسية والتجارية إلى طبيعتها بين البلدين، لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام لدى البعض من خصوم دمشق في لبنان. والتصعيد الأخير الذي انتهجه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ضد حلفاء سوريا وعلى رأسهم «حزب الله» يشي بعمق المأزق الذي يعيشه هؤلاء في ظل الخشية من استبعادهم وعزلهم في المرحلة المقبلة.
إلى جانب جنبلاط يبرز إلى الواجهة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يحاول جاهداً وبشتى الوسائل إثبات ولائه للسعودية ومخاصمته لسوريا وحلفائها في لبنان، وكأنه يحاول إيجاد من يستند إليه، متناسياً أزمات الرياض المتراكمة من كل جانب!
ميقاتي والرياض
الأيام المقبلة ستشهد كما يبدو مزيداً من الانفتاح على سوريا وصولاً إلى تسوية شاملة قد تحتاج المزيد من الوقت لإتمامها. ووسط كل ذلك، سُئل الرئيس ميقاتي عن إمكان زيارته سوريا، فكان جوابه دبلوماسياً، وأعلن أنه لا مشكلة لديه في زيارة سوريا أو أي بلد عربي، شرط ألا يعرّض ذلك لبنان لعقوبات.
في المقلب الآخر، وزارة الخارجية الأميركية، علّقت على التقارب السوري الأردني بالقول إنه ليس لديها خطط لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، أو لرفع مستواها، وأنها لا تشجّع الآخرين على ذلك أيضاً. وفي إطار العلاقات السعودية المتوترة مع الكثير من جيرانها العرب، كشف مصدر دبلوماسي في بيروت أن إحدى الدول العربية اتصلت بالرياض في محاولة لجس النبض حول إمكان استقبال ميقاتي فكان الجواب بالرفض الحاسم.
السعودية–ليكس
وفي خبر لافت ضجّت به وسائل التواصل الاجتماعي ولم يأخذ حقه في وسائل الإعلام المحلية المنشغلة بقضية تسييس التحقيق في انفجار مرفأ بيروت –ربما لما قد يسبّبه هذا الخبر من توتر سياسي مع السعودية وحلفائها– أوردت صحيفة «الأخبار» اللبنانية عدداً من الوثائق التي تثبت تورط بعض السياسيين اللبنانيين بالعمل كـ«مخبرين» وكتبة تقارير لدى ضباط أمن سعوديين، على رأسهم النائب عن «الحزب التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور الذي كان ينقل لرئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان مضمون المحادثات مع رؤساء حكومة سابقين، إضافة إلى كل ما كان يدور في مجلس الوزراء، كذلك كان أبو فاعور يستخدم سفير لبنان في صنعاء للتجسس على الدولة اليمنية ونقل أخبارها وكتابة التقارير عن أوضاعها في ظل الحرب السعودية عليها! ونشرت الصحيفة صوراً عن بعض هذه الوثائق مذيّلة بـ«تحيات وليد بيك».
Leave a Reply