ديترويت
مع اقتراب الموعد النهائي لاعتماد الخرائط الانتخابية في ميشيغن، يزداد الغموض حول قدرة اللجنة المستقلة الموكلة بهذه المهمة على إنجاز الخرائط ضمن المهلة الدستورية المحددة بنهاية العام الحالي.
ولا يزال أمام «اللجنة المستقلة لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية» أيام معدودة قبل تبني الخرائط النهائية لدوائر مجلس نواب الولاية (110 مقاعد) ومجلس شيوخ الولاية (38 مقعداً)، بالإضافة إلى دوائر الكونغرس الأميركي في ميشيغن، والتي تم تخفيضها من 14 إلى 13 مقعداً، بموجب نتائج الإحصاء السكاني لعام 2020.
وستقام الدورات الانتخابية القادمة، ابتداءً من العام 2022 ولمدة عقد كامل استناداً إلى الخرائط التي ستعتمدها اللجنة بموعد أقصاه 30 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وسط مخاوف من تعثرات إضافية قد تحول دون إكمال المهمة ضمن المهلة الدستورية.
وكانت اللجنة قد واجهت صعوبات عديدة للبدء بتطوير الخرائط الجديدة، بسبب تأخر صدور نتائج الإحصاء السكاني لعام 2020 من جراء وباء كورونا، فضلاً عن افتقاد اللجنة للخبرة اللازمة لتسيير العملية التي تقام لأول مرة في تاريخ الولاية.
ويذكر أن مهمة ترسيم الدوائر الانتخابية التي تتم كل عشر سنوات استناداً إلى نتائج التعداد السكاني، كانت موكلة في السابق إلى الأغلبية في مجلس ميشيغن التشريعي، وفق قانون «الجريمنديرية» الذي تم استبداله بنظام اللجنة المستقلة بموجب استفتاء انتخابي أجري عام 2018.
وبموجب التعديل الدستوري الذي أقرّه الناخبون، تم انتزاع سلطة ترسيم الخرائط الانتخابية من أيدي المشرعين في لانسنغ، ومنحها لـ«لجنة مواطنين» تضم أربعة أعضاء جمهوريين، وأربعة ديمقراطيين، إضافة إلى خمسة مستقلين يتم اختيارهم بشكل عشوائي من سكان الولاية.
وازدادت مهمة اللجنة المستقلة تعقيداً، الأسبوع الماضي، مع انحياز المحكمة العليا في ميشيغن، إلى صفّ مجموعة من المؤسسات الإعلامية المطالِبة بالكشف عن مجريات اجتماع مغلق عقدته اللجنة في 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بالإضافة إلى الكشف عن مضمون عدة مذكرات قانونية تلقتها اللجنة خلال عملية ترسيم الخرائط الانتخابية، تمحورت حول حقوق التصويت وتاريخ التمييز العنصري في الولاية.
ويخشى المراقبون من أن يؤدي الكشف عن تلك المذكرات إلى إلقاء المزيد من الشكوك حول طريقة ترسيم الخرائط الانتخابية، مما قد يولد العديد من الدعاوى القضائية ضدها.
ورغم ذلك، صوّتت المحكمة العليا، يوم الإثنين الفائت، بأغلبية 4–3، لصالح المؤسسات الإعلامية، معتبرةً أن اجتماع 27 أكتوبر المغلق شكل انتهاكاً للمتطلبات الدستورية التي تقضي بإجراء جميع أعمال اللجنة في اجتماعات مفتوحة، بما في ذلك المناقشات المتعلقة بترسيم الدوائر الانتخابية.
وكتب القاضي ديفيد فيفيانو في رأي الأغلبية، الذي انضم إليه القضاة براين زهرا وريتشارد بيرنسين وإليزابيث كليمنت: «من عناوين المذكرات التي نوقشت خلال ذلك الاجتماع، لا جدال في أن الاجتماع تناول إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية». وأضاف «مثل هذا العمل يقع بلا شك ضمن الأعمال الأساسية للمفوضية، وبالتالي يتعين إجراؤه علناً».
كذلك، طالبت الدعوى المرفوعة من قبل صحف «ديترويت نيوز» و«ديترويت فري برس» و«بريدج» و«اتحاد الصحافة في ميشيغن»، برفع السرية عن عشر مذكرات قانونية تلقتها اللجنة خلال عملية ترسيم الدوائر الانتخابية ورفضت الكشف عن مضمونها لوسائل الإعلام. وقد أمرت المحكمة –بأغلبية القضاة الأربعة– بالكشف فوراً عن سبعٍ من تلك المذكرات ونشرها على الملأ.
أما القاضيات الثلاث المعترضات –وهن: رئيسة المحكمة بريدجيت مكورماك وإليزابيث ولش وميغان كافانو– فقد انحزن إلى صف اللجنة وجادلن بأن قرار الأغلبية، «يجرد اللجنة من التزام أساسي في نظامنا القانوني وهو امتياز المحامي والموكل» الذي يضمن سرية التعاون بين الطرفين.
وكانت اللجنة المستقلة التي تضم 13 عضواً قد صوتت في وقت سابق من الشهر الجاري، لصالح الإبقاء على سرية المذكرات القانونية ومجريات اجتماع 27 أكتوبر، بالرغم من رأي قانوني أصدرته –مؤخراً– المدعي العام في الولاية، دانا نسل، بعدم دستورية الاجتماعات المغلقة للجنة.
وقالت المحامية عن وسائل الإعلام، روبن لوس هيرمان، إن «الناخبين أرادوا الشفافية عندما وافقوا على إنشاء اللجنة المستقلة»، مطالبة بتزويد الجمهور بأكبر قدر ممكن من المعلومات حول عملية الترسيم بما يتفق مع التعديل الدستوري الذي أقره الناخبون عام 2018.
وتعليقاً على قرار المحكمة العليا، قال المتحدث باسم اللجنة، إدوارد وودز الثالث، في بيان، إن اللجنة باتت على علم بقرار أعلى سلطة دستورية في الولاية «وهي بصدد الامتثال للأمر». وبحلول مساء الثلاثاء الماضي، أصبحت المذكرات القانونية ومجريات اجتماع اللجنة المغلق، متاحة للعموم.
تحديات أخرى
غير أن التحديات التي تواجه اللجنة لم تتوقف عند هذا الحد، حيث أصدرت دائرة الحقوق المدنية في ميشيغن، الأسبوع الماضي، تحليلاً قانونياً حذرت فيه من أن مقترحات الخرائط الانتخابية التي لا تزال قيد الدراسة، «تخالف القانون الفدرالي وقد يؤثر سلباً على الناخبين في مختلف أنحاء الولاية».
وكانت اللجنة المستقلة قد قلّصت –خلال اجتماع عقدته في وقت سابق من الشهر الجاري– الخرائط المقترحة لكل مجلس تشريعي، إلى ثلاثة احتمالات بدلاً من خمسة. ، وذلك استناداً إلى تعليقات الناخبين على مدى 45 يوماً، غير أن دائرة الحقوق المدينة نصحت اللجنة بإعادة النظر بتلك الخرائط لأنها «لا ترقى إلى مستوى متطلبات القانون، ولا تفي بمعايير الإنصاف والمساواة التي ينبغي أن تكون هدف اللجنة».
وأوضح تقرير دائرة الحقوق المدنية بأن قانون حقوق التصويت الفدرالي، يتطلب من اللجنة، ترسيم دوائر انتخابية لا تجرّد مجتمعات الأقليات التي تشكل أغلبية في مناطق معينة –مثل ديترويت وهامترامك وفلنت– من وزنها الانتخابية عبر تقسيمها إلى دوائر مختلفة.
وكان الديمقراطيون قد رفعوا الصوت ضد الخرائط المقترحة، بذريعة أنها ستمزق المناطق التي يشكل فيها الأفارقة الأميركيون أغلبية سكانية، مما قد ينعكس سلباً على مستوى تمثيلهم سواء في مجلس ميشيغن التشريعي أو الكونغرس الأميركي.
وأضاف تقرير دائرة الحقوق المدنية في ميشيغن بأن الخرائط المقترحة في حال اعتمادها، قد تعرض اللجنة إلى دعاوى قضائية من شتى الأطراف السياسية، مطالباً باستغلال ما تبقى من الوقت لإعادة النظر بتلك الخرائط التي ستُقام على أساسها الانتخابات في العام القادم.
لكن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية لعام 2022، يحذر المراقبون من أي تأخير محتمل في عمل اللجنة قد ينعكس سلباً على استعداد المرشحين والناخبين للسباق الانتخابي المرتقب. ومن المتوقع أن تجتمع اللجنة لاعتماد الخرائط النهائية في 28 و29 و30 ديسمبر الجاري.
للاطلاع على الخرائط المقترحة للمجالس التشريعية الثلاثة، يمكن زيارة الرابط التالي: bit.ly/3H1hftz
Leave a Reply