هامترامك
أثارت المعاملة القاسية لمهاجر بنغالي مسن من سكان هامترامك، موجة انتقادات واسعة ضد القاضية في محكمة المدينة، ألكسيس كروت، وصلت إلى حد مطالبتها بالاستقالة بعد إبداء رغبتها بسجن رجل سبعيني مصاب بمرض السرطان، بسبب تخلفه عن تنظيف وصيانة واجهة منزله خلال الصيف الماضي.
وكان برهان تشودري (72 عاماً) قد مثل أمام محكمة هامترامك عبر تطبيق «زووم»، الإثنين الماضي، وتلقى توبيخاً قاسياً من القاضية كروت التي لم تبد أي تعاطف مع الرجل المصاب بسرطان الغدد اللمفاوية، ولم تتورع عن تأنيبه لعدم قيامه بقص العشب والحشائش الضارة، التي تنامت خلال الصيف الماضي إلى حد مزعج للجيران.
وتناقل آلاف المتصفحين على وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً للقاضية كروت وهي تخاطب تشودري: «الجيران ليسوا مضطرين لأن يروا هذا المنظر، عليك أن تخجل من نفسك».
وحين تدخل ابن برهان تشودري، ويدعى شبير، لإبلاغ القاضية بأن والده مريض بالسرطان منذ ثلاث سنوات، وأنه لا يقوى على أعمال التنظيف والصيانة، قاطعته القاضية، وقالت مخاطبة والده: «يجب أن تخجل من نفسك، لو كان بإمكاني إرسالك إلى السجن لقضاء عقوبة هناك، لفعلت».
وبعد ذلك، قامت كروت بتغريم تشاودري بـ100 دولار، واصفة الأعشاب النامية أمام المنزل وعلى جانبيه، بأنها «غير مناسبة». عندها كرر شبير القول بأنه والده «مريض للغاية»، فردت القاضية بعصبية: «إن عدم قدرته على مواكبة صيانة المنزل ذنب لا يغتفر».
وكان تشودري قد تم تشخيصه بسرطان الغدد اللمفاوية في عام 2019، وهو يواجه منذ ذلك الحين صعوبة في المحافظة على جز الأعشاب وتنظيف الممرات والزقاق (آلي) والرصيف، ما دفع ابنه إلى تولي تلك المهام.
وفي الصيف الماضي، سافر الابن إلى وطنه الأم، بنغلاديش، لمدة ثلاثة شهور، وطالت الأعشاب خلال تلك الفترة، وقد قام «أحد الأشخاص» بالتقاط صورة وإرسالها إلى بلدية هامترامك.
فيديو جلسة المثول أمام القاضية كروت، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، في أعقاب التغطية الإعلامية، المرئية والمسموعة، لتلك الحادثة التي أثارت سخط عشرات آلاف المتصفحين من التعنيف الذي تعرض له تشودري، في ما ينبغي أن يكون جلسة استماع روتينية لمخالفة مدنية بسيطة.
وكان على قائمة المنتقدين، شبير تشودري (33 عاماً) الذي نقلت عنه صحيفة «واشنطن بوست» انزعاجه الشديد من الطريقة التي عاملت بها كروت والده، وقال: «إن الطريقة التي قالت بها إن والدي يجب أن يقضي عقوبة السجن، قد أزعجتني حقاً»، مضيفاً: «لقد صدمني ذلك، لم أتوقع أن تنهال علينا بالصراخ بسبب أمر كهذا».
ولم ترد كروت على حملة الانتقادات بسبب منصبها الذي يمنعها من التعليق على القضية، علماً بأن كروت هي القاضية الوحيدة في محكمة هامترامك (المحكمة 31)،
وأشار شبير إلى أن عائلته هاجرت من بنغلاديش إلى أميركا عام 2010، وأنها انتقلت للعيش بولاية ميشيغن عام 2014، ثم اشترت منزلاً عام 2016 في مدينة هامترامك التي تقيم فيها منذ ذلك الحين.
وأصيبت الأسرة بالإحباط عندما تم تشخيص الأب بسرطان الغدد اللمفاوية عام 2019، بحسب ما أفاد شبير لصحيفة «واشنطن بوست».
وأوضح شبير بأن صحة أبيه كانت تتدهور خلال السنوات الماضية، ليس بسبب السرطان فقط، وإنما بسبب أمراض أخرى من بينها مشاكل في القلب وارتفاع ضغط الدم، لافتاً إلى أن والدته المسنة تعاني –بدورها– من صعوبة في الحركة والعمل بسبب سقوطها عن الدرج، وهو ما سبب لها مشاكل صحية في ظهرها.
وأكد شبير بأن أوضاع عائلته في السنوات الأخيرة «كانت صعبة جداً»، منوهاً بأن خضوع والده للعلاج الكيمياوي زاد الطين بلة.
ولفت شبير إلى أنه بدأ يتولى العناية بالمنزل بعد إصابة والده بالمرض الخبيث، إلا أن الأسرة لم تجد من يعينها في جز الأعشاب وصيانة الحديقة الأمامية والممر والزقاق، في أعقاب سفره إلى بنغلاديش، الصيف المنصرم. وعندما عاد من زيارة موطنه الأصلي، أخبره والده بأن بلدية هامترامك أصدرت مخالفة في 2 آب (أغسطس) الماضي.
وأشار شبير إلى أن الأمطار الغزيرة في المنطقة لعبت دوراً كبيراً في نمو الأعشاب والحشائش والنباتات التي خرجت عن السيطرة، وقال: «أعتقد بأن الجيران اشتكوا، وأن أحدهم التقط الصورة التي تم إرسالها للبلدية».
وبعد تسلم المخالفة، قامت الأسرة بأعمال التنظيف المطلوبة وفقاً لمعايير بلدية هامترامك، وذلك قبل مثول تشودري أمام المحكمة.
تشودري الذي يتحدث الإنكليزية بلكنة ثقيلة لا يعرف أي شيء عن كروت التي عينها حاكم ميشيغن السابق ريك سنايدر كقاضية في «المحكمة 31» عام 2016، وتم انتخابها شعبياً عام 2018 حيث خاضت السباق من دون منافسة.
وخلال مثوله أمام كروت، قدم تشودري نفسه موضحاً بأنه مريض بالسرطان، وبأنه ضعيف، وغير قادر على مواكبة أعمال التنظيف والصيانة المنزلية. ولكن كروت أبلغته بلهجة ساخطة بأنه «فشل في الحفاظ على السياج والممر والرصيف والزقاق خالياً من النباتات والحشائش الطويلة»، ثم أبرزت صورة فوتوغرافية لمنزل تشودري، وأضافت باشمئزاز: «عليك أن تخجل من نفسك».
وقال شبير إن والده لم يفهم كل ما قالته القاضية، إلا أن الرسالة كانت واضحة بالنسبة له.
وعلق آلاف المتصفحين على فيديو الجلسة، حيث وصف أحدهم القاضية بأنها «وقحة جداً، وغير مهنية على الإطلاق».
كما طالب متصفح آخر بإقالة كروت من منصبها، وكتب: «أنت لا تستحقين الجلوس على هذا المقعد».
متصفح على موقع «يوتيوب»، أنحى باللائمة على جيران تشودري الذي لم يمدوا يد العون للمريض الطاعن في السن، حيث كتب قائلاً: «العار على مجتمعه الذي لم يساعده، والعار على جيرانه، ثم العار على تلك القاضية».
إحدى المتعافيات من مرض السرطان، أعربت عن استيائها من موقف القاضية غير الأخلاقي، وكتبت على موقع «يوتيوب»: «كناجية من مرض السرطان، الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله، إن على القاضية أن تجرب جلسات العلاج الكيمياوي وأن تختبر ألم الجرعات في شرايينها، وبعد ذلك سوف تدرك، بأن نمو الحشائش والأعشاب خارج المنزل ليس بتلك الأهمية».
وأعرب شبير عن مفاجأته من الدعم المقدم لأسرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقال: «الناس يفهمون أن مثل هذا الموقف يمكن أن يحدث مع أي شخص مريض أو طاعن في السن»، مضيفاً: «أنا ممتن حقاً لأولئك الذين ساندونا ودعمونا في هذا الموقف العصيب».
Leave a Reply