قائد شرطة ديربورن يستعرض لـ«صدى الوطن» سُبل تعزيز السلامة العامة في المدينة
بريانا غازورسكي – «صدى الوطن»
بعد مضي أقل من شهر على تسلّم منصبه الجديد، استعرض قائد شرطة ديربورن عيسى شاهين سُبُل تعزيز السلامة العامة في المدينة، عبر التركيز على مكافحة القيادة المتهورة وتطويق جرائم العنف، دون التغاضي عن أهمية الشفافية والمساءلة لعناصر الدائرة.
عيسى، وهو أول مسلم أميركي يقود دائرة شرطة في تاريخ ولاية ميشيغن، أوضح لـ«صدى الوطن» بأنه سينخرط مع الإدارة الجديدة في ديربورن تحت قيادة رئيس البلدية عبدالله حمود، في خطة ثلاثية الأبعاد لتحسين السلامة المرورية في المدينة إيفاءً بالوعود الانتخابية التي تم قطعها للسكان إبّان الانتخابات الأخيرة.
وفي حديثه مع «صدى الوطن»، أشار شاهين إلى أن البعد الأول من الخطة –آنفة الذكر– سيكون هندسياً يتوخى تنظيم وضبط الحركة المرورية في جميع أنحاء ديربورن، وذلك عبر تركيب مطبات في الطرقات الداخلية، وتخصيص ممرات للدراجات الهوائية، وتوسعة الأرصفة على جوانب التقاطعات الرئيسية لتضييق الشوارع والحد من التصادمات التي غالباً ما تقع عند تلك النقاط.
وقال شاهين: «إن البيانات ذات الصلة، تظهر بأن مثل هذه الإجراءات الهندسية تسهم في ضبط وتنظيم الحركة المرورية.. من خلال إبطاء سير المركبات».
ولفت الضابط، اللبناني الأصل، إلى أن البعد الثاني من الخطة سيركز على التثقيف المجتمعي من خلال حملة موسعة حول مخاطر السرعة والقيادة المتهورة، لافتاً إلى أن المؤسسات المحلية ستلعب دوراً محورياً في الحملة، وفي مقدمتها مدارس ديربورن العامة بغية تثقيف السائقين الشباب.
وقال شاهين إن المدارس العامة كانت تقوم في العهود السابقة بتعليم القيادة ونشر الثقافة المرورية بين الطلاب، قبل أن يتم اعتماد مدارس خاصة لتعليم قيادة المركبات.
أما البعد الثالث من الخطة، التي طرحها رئيس البلدية خلال حملته الانتخابية، فسوف يتضمن تكثيف الدوريات الميدانية في الأحياء السكنية، وعدم الاكتفاء بنشر الشرطة في المناطق التجارية والشوارع الرئيسية، بحسب شاهين الذي أضاف: «إذا كانت أولوياتنا هي الاستجابة لمخاوف السكان، فعلينا التواجد المستمر في الأحياء السكنية، لتعزيز السلامة العامة عبر ملاحقة المخالفين لقوانين المرور، وتوقيف الأشخاص الخطرين».
وأشار شاهين إلى أن عدد المخالفات التي أصدرتها شرطة ديربورن خلال الأشهر القليلة الماضية «ارتفع بشكل دراماتيكي»، مرجعاً السبب إلى إنشاء قسم خاص بالمرور يتولى ملاحقة السائقين المخالفين، استجابة لتزايد الشكاوى من القيادة المتهورة على طرقات المدينة.
واستدرك شاهين بالقول إن دائرة الشرطة تحت قيادته لن تركز على توقيف السيارات ذات اللوحات المنتهية الصلاحية، أو تلك التي تتزين بزوائد مخالفة للقانون. وقال: «ما سنفعله هو التركيز على ما يهم الناس، مثل السرعة المفرطة، وتجاوز إشارات التوقف، والقيادة المتهورة في الأحياء السكنية».
وانتقد شاهين تركيز الشرطة على توقيف السائقين بسبب انتهاء صلاحية اللوحات، أو الإكسسوارات المخالفة، على أمل العثور على أشخاص يقودون برخص معلّقة، أو يحملون أسلحة بشكل غير قانوني. وقال: «قد يقومون بتوقيف 200 مركبة حتى يعثروا على سائق يقود سيارته برخصة منتهية أو في حيازته سلاح غير شرعي»، في إشارة إلى أنهم كانوا يضيعون الكثير من الوقت والجهد الذي يجب بذله في تعزيز الأمن داخل المدينة.
وأكد شاهين بأن بيانات الشرطة تعكس استهداف الدوريات للسائقين الملونين، وقال: «ما تظهره الأرقام هو الإفراط حقاً في ملاحقة السائقين الملونين، وهذا –بالتأكيد– لا يجعلنا أكثر أماناً»، مضيفاً: «يجب أن نستثمر طاقتنا في ما يفيد السكان، بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون في الجانب الشرقي أو الغربي أو الجنوبي، فجميعهم يتشاركون القلق حول القضايا نفسها».
وكان حمود قد انتقد –خلال حملته الانتخابية لرئاسة بلدية ديربورن– أساليب التفتيش والتدقيق المتشددة التي تعتمدها وكالات إنفاذ القانون في مجتمعات الأقليات، داعياً إلى تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات الأمن والاستثمار في الخدمات الاجتماعية.
مكافحة جرائم العنف
وبيّن شاهين بأن دائرة الشرطة تحت قيادته ستولي أهمية خاصة لمكافحة جرائم العنف في ديربورن، على الرغم من انخفاض نسبتها بمعدل 8 بالمئة خلال العامين الماضيين.
وكانت ديربورن قد شهدت منذ بداية جائحة كورونا ارتفاعاً ملحوظاً بحوادث إطلاق النار، إضافة إلى ارتفاع ضحايا الحوادث المرورية الناجمة عن القيادة المتهورة.
شاهين –الذي ترأس قسم التحقيق لعدة سنوات في شرطة ديربورن– استدرك بالقول: «عندما يتعلق الأمر بجرائم العنف فإن البيانات مهمة بلا شك، ولكن الأكثر أهمية هو تصور الناس حول الجريمة»، مضيفاً: «شعور الناس بالأمان.. هو الفيصل في هذه المسألة».
وأوضح شاهين بأن انخفاض نسبة جرائم العنف بمقدار 8 بالمئة لا يعني شيئاً إذا كان الناس يشعرون بالتهديد والخطر، وقال: «لا يمكنني الجلوس هنا طوال اليوم والحديث عن تراجع الجريمة، لا بد لي من التواصل البناء مع السكان، لتعزيز شعورهم بالأمان».
وكشف شاهين عن أن إدارة حمود طالبته بإجراء تقييم لانتشار الشرطة في جميع أنحاء المدينة، منوهاً بأن النتائج خلصت إلى ضرورة نشر المزيد من العناصر في الأحياء والشوارع بغية تعزيز السلامة العامة. وقال: «العودة إلى الأحياء ستعزز السلامة العامة لأن الجرائم تحدث هناك، ونشر المزيد من رجال الشرطة في الأحياء والشوارع سيساعدنا على تحقيق أهدافنا».
وتعاني شرطة ديربورن من نقص ملحوظ في العناصر الميدانيين مقارنة بالضباط الرتباء، حيث تضم الدائرة ضابطاً برتبة رقيب أو أعلى لكل ثلاثة عناصر ميدانيين، في حين أن المعدل الوطني يقدر بنحو ستة شرطيين لكل رقيب.
وأوضح شاهين بأن دائرته ستقوم بإنشاء برنامج شرطوي خاص بالأحياء السكنية، حيث سيناط بالعناصر تعميق العلاقات مع السكان وأصحاب الأعمال التجارية. وقال: «إن أصوات الناس مهمة، ومن الضروري أن يشعر الجميع بأنه مرحب بهم، إن ديربورن هي بالأساس مجتمع مرّحِب».
وأضاف: «أعتقد بأنه من المهم أن يكون لديك شرطي عادل يعامل الجميع بإنصاف، ولكن من الضروري أيضاً أن يكون لديك شرطي يبعد المجرمين عن الشوارع، بالنسبة لي هاتان النظريتان غير متعارضتين».
وأعرب شاهين عن حماسته لتوطيد العلاقات مع مختلف الشرائح السكانية في ديربورن، منوهاً بأن مهمته «تتركز بالكامل على خدمة المجتمع ودعم رجال ونساء دائرة الشرطة»، وقال: «كلا الهدفين يندرج ضمن وظيفتي.. عندما يتعلق الأمر بخدمة المجتمع».
وحول تبني الدائرة سياسات الشفافية والمساءلة، أكد شاهين التزامه بهذين المبدأين الهامين، وقال: «يجب أن نكون شفافين وخاضعين للمساءلة أمام السكان»، لافتاً إلى أن دائرته ستواظب على نشر الشكاوى والبيانات المرورية من خلال نافذة خاصة (داش بورد) على الموقع الإلكتروني لشرطة ديربورن، ابتداءً من الشهر المقبل.
وفي هذا الإطار، قال شاهين: «لن نخفي شيئاً، سنكون كتاباً مفتوحاً»، مضيفاً بأنه سيتم تحديث البيانات في الوقت الفعلي، أولاً بأول، بحيث تكون لدى السكان إحصائيات دقيقة ومحدثة.
Leave a Reply