فاطمة الزين هاشم
تتسارع وتيرة ارتفاع الأسعار خصوصاً الغذائية وبقية السلع الاستهلاكية اليومية على وقع التوترات السياسية وجائحة كورونا، بخطوات غير مسبوقة في الولايات المتحدة التي تملك أمتن اقتصاد في العالم. فقد ارتفعت أسعار بعض المواد الاستهلاكية خلال الأشهر القليلة الماضية بنسب تراوحت من خمسين إلى مئة بالمئة، وهذا ما نلمسه يومياً دون أن يخفى علينا أنّ بعض التجار قد أثقلوا كاهل المستهلك بما يفوق الحدود، خصوصاً بعد المساعدات الحكومية التي تدفقت من كل حدب وصوب خلال الجائحة، لاسيما الزيادة الأخيرة التي منحتها الحكومة لأصحاب «الفود ستامب»، والمعروف أنّ ليس جميع المواطنين لديهم مثل هذه المساعدة، فهناك نسبة عالية منهم غير مشمولين بها، لكنهم مجبرون على تأمين احتياجاتهم من الغذاء.
يتذرّع أصحاب المصالح المعنيّون في هذا الشأن، بأنّ كلفة النقل والعمالة قد ارتفعت! وهذه الذريعة مردودة بل تعد نوعاً من الاستغلال المحرّم في جميع الأديان السماوية، ونهباً مبطّناً لجيوب الناس التي أصبحت خاوية، بينما لا يزال البعض يمني النفس بأنّ موجة الغلاء ستزول بزوال جائحة كورونا فتنخفض الأسعار ويتوقّف التضخّم.
غير أنّ واقع المعطيات لا يتّفق مع هذا التمنّي لأسباب عديدة من أبرزها تراجع العرض من المواد الاستهلاكية الأساسية في الأسواق بسبب تهافت الناس على الشراء بجنونية واضحة خوفاً من أن يناموا ويصحوا على موشّر أعلى في ارتفاع الأسعار، حتّى حدا ببعض الخبراء أن يصرّحوا بأنّ عصر الرخاء ولّى إلى غير رجعة ويسموا الوضع الحالي بحقبة النذُر!
ولا ننسى أنّ بعض الناس يتصرّف بدون وعي ممّا يعطي الضوء الأخضر للتجار برفع الأسعار، مثلما حصل الأسبوع الماضي، حيث خلت الرفوف في محلات التسوّق خلال ساعتين وتعدّى ذلك إلى الخبز بحيث أصبح مُفتقداً من السوق بمجرّد أن أعلنت دائرة الأرصاد الجوية حالة الطوارئ من عاصفة ثلجية لمدة يومين! وشاهدنا تدفّق الناس على محلات التسوّق بطريقة غريبة وكأننا في حالة إنذار طويلة تستوجب تخزين المواد الغذائية كي لا تطالنا المجاعة! والسؤال يطرح نفسه: ألا يوجد تموين في المنازل ما يكفي لمدة يومين على الأقلّ؟ ثمّ أليست هذه ذريعة جاهزة ومُقولبة لأصحاب المحلات لرفع الأسعار؟ فلو أخذ كلّ فرد حاجته بما يكفي فقط، لما حصلت مثل هذه الحالة المُزرية، كما لقطعوا الطريق على المُستغلّين في رفع الأسعار، وقد قال لي أحد أصحاب المحلات بأنه اضطر إلى ملء رفوف محله «خمس مرات خلال ساعات معدودة» حتى نفدت مخزوناته من بعض السلع!
في الختام، أدعو مجتمعنا لأن يكون على المستوى الحضاري الذي يليق بنا كجاليات جاءت من منبع الحضارات، وأقول للتجّار المستغلّين: ارحموا من في الأرض يرحمكم مَن في السماء.
Leave a Reply