المحكمة الاتحادية تأمر إقليم كردستان بتسليم النفط والغاز لحكومة بغداد
وفيقة إسماعيل – «صدى الوطن»
بعد سنوات طويلة من العقوبات، ناهزت الثلاثين عاماً، خرج العراق أخيراً من دوامة الفصل السابع التي فرضها عليه مجلس الأمن الدولي، إثر اجتياح الرئيس السابق المخلوع صدام حسين لدولة الكويت، الجارة والشقيقة.
فقد عقد مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، جلسة خاصة للاستماع إلى إحاطة لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة UNCC وتقريرها الختامي المتعلق بالتعويضات المقدمة من العراق خلال حرب الخليج الثانية، بحضور وزير خارجية العراق فؤاد حسين.
وكانت بغداد، والتزاماً منها بقرارات مجلس الأمن قد سدّدت الدفعة الأخيرة من التعويضات التي بلغ مجموعها نحو 52.4 مليار دولار على مدى السنوات الثلاثين الماضية ليتم إغلاق الملف نهائياً.
وأشار الناطق باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف إلى أن قرار مجلس الأمن الذي اعتُمد جاء ليؤكد أن العراق لم يعد مطالباً بدفع أي مبالغ مالية إضافية مستقبلاً، أو بالتعامل مع إجراءات الفصل السابع، ولفت الصحاف إلى أن هذه الخطوة تعتبر تطوراً كبيراً لتعزيز علاقات العراق مع محيطه. ونقل الصحاف شكر العراق لجميع أعضاء مجلس الأمن والدول الصديقة ودولة الكويت على التعاون الكبير مع بلاده لإنهاء هذا الملف الحساس، وأضاف أن إخراج العراق من إجراءات الفصل السابع والحفاظ على حقوقه وأمواله واستحقاقاته القانونية الدولية وحمايته من أية مطالبات مستقبلية هو جلّ ما سعى العراق إلى أن يتضمنه قرار مجلس الأمن.
ترحيب الرؤساء
تعليقاً على القرار الأممي، قال الرئيس العراقي، برهم صالح، في بيان صحافي إن إنهاء ملف التعويضات العراقية للكويت الشقيقة، «يطوي فصلاً رهيباً من الحرب العبثية لنظام الاستبداد، التي دفع ثمنها الشعب العراقي وكل المنطقة».
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بدوره، قال إن خروج بلاده من طائلة الفصل السابع بداية جديدة لاستعادة دوره وحضوره، ومن خلال إغلاق ملف القرارات الأممية التي ترتبت على المغامرات العبثية للنظام السابق.
كذلك أثنى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على القرار معتبراً أن العراق سيكون بذلك قد تجاوز آثار عقود من سياسات الاستعداء والمواجهة والتصعيد.
الاستحقاق الرئاسي
يأتي التطور الأممي في وقت يستمر فيه الجمود السياسي على مستوى الاستحقاقات الدستورية المتمثلة بانتخاب رئيس جمهورية جديد وتشكيل حكومة جديدة.
وفي السياق، قررت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، يوم الأربعاء الماضي، تأجيل بت الدعويين المقامتين ضد إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إلى الأول من الشهر المقبل، وذلك بعدما كان مجلس النواب العراقي قد اجتمع في اليوم السابق وأعلن أسماء المرشحين الجدد لمنصب الرئاسة.
وفي بيان لها، قالت الدائرة الإعلامية للبرلمان العراقي إنه تقدم للترشح لتولّي منصب رئاسة الجمهورية 59 اسماً، استُبعد منها 36 لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بعدم توافر الخبرة السياسية أو عدم الحصول على شهادة جامعية وغير ذلك.
من أبرز تلك الأسماء، حتى الآن هو الرئيس الحالي برهم صالح المدعوم من «الاتحاد الوطني الكردستاني» رغم تردد شائعات عن توجه الحزب إلى دعم مرشح تسوية غير الرئيس الحالي الذي يتابع مهامه الدستورية بقرار من المحكمة الاتحادية العليا إلى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وأكدت النائبة عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» ، سوزان منصور، أن مرشح الحزب الوحيد حتى اللحظة هو برهم صالح نافية وجود أي مرشح تسوية آخر. وأشارت إلى أن صالح «كان رئيساً لحكومة إقليم كردستان وأثبت جدارته وكان رئيساً لجمهورية العراق وعمل من أجل العراق بشكل وطني بعيداً عن أي انتماء قومي أو حزبي».
نفط كردستان
وبالحديث عن كردستان، برزت إلى الواجهة خلال الأيام الماضية قضية نفط الإقليم الشمالي، حيث أصدرت المحكمة الاتحادية في 15 فبراير الحالي قراراً يقضي «بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، مع إلزامها بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى التي قامت وزارة الثروات الطبيعية الكردستانية باستخراج النفط منها وتسليمها للحكومة الاتحادية –أي وزارة النفط الاتحادية– وتمكينها من استخدام صلاحياتها الدستورية بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره.
رئيس إقليم كردستان نيجيرفان برزاني رفض القرار واعتبره غير دستوري، ورأى أنه «استند إلى قانون لزمن النظام السابق» مشدداً على أن حكومة الإقليم «لا يمكنها القبول بقرار غير دستوري كهذا».
حكومة الإقليم، كان لها رأي مماثل، فرأت أن قرار المحكمة العليا «غير دستوري» وأكدت أيضاً أنه لا يمكن القبول به.
وكانت بغداد تدفع شهرياً 453 مليار دينار عراقي (نحو 380 مليون دولار) كرواتب لموظفي إقليم كردستان، لكنها أوقفتها بعد إجراء الإقليم استفتاء الاستقلال من جهة واحدة، وأيضاً بسبب عدم التزام الإقليم بتسليم نفطه وفقاً لبنود الموازنة الاتحادية. وبعد جولات عديدة من المفاوضات السياسية، أُلزم الإقليم بحسب اتفاق مع الحكومة في بغداد، بتسليم 250 ألف برميل خام يومياً من النفط الخام المنتج من حقولها لشركة «سومو» الحكومية، وتسليم الإيرادات للخزينة العامة الاتحادية.
الجدير بالذكر أن ملف النفط هو أحد أبرز الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، حيث بدأ إقليم كردستان ببيع نفطه بمعزل عن الحكومة الاتحادية المركزية في بغداد، بعد أزمة مالية خانقة نتيجة انهيار أسعار النفط خلال اجتياح تنظيم «داعش» لمناطق في العراق، إضافة إلى أن الخلافات مع بغداد دفعتها إلى التوقف عن صرف رواتب موظفي الإقليم من خزينة الحكومة العراقية.
تشكيل الحكومة
وفي إطار المشاورات المستمرة للوصول إلى تسوية تفضي إلى تأليف حكومة جديدة، تتواصل اللقاءات العلنية والمغلقة دون ظهور أي جديد.
وفي السياق، عُقد يوم الثلاثاء الفائت اجتماع «مغلق» لـ«الإطار التنسيقي» حيث تمت مناقشة عدد من القضايا المهمة وصدر في ختام اللقاء بيان جرى التركيز فيه على نقاط ثلاث، تناولت إعادة النظر في سعر صرف الدولار الأميركي وضرورة احترام السياقات القانونية لعمل مجلس النواب ورقابته على السلطة التنفيذية واحترام الفصل بين السلطات وأهمية دور السلطة التشريعية، إضافة إلى ما يُتناقل من أخبار التهديدات التي يتعرض لها بعض السياسيين، والتي تُعد لو صحّت أمراً مرفوضاً ومداناً، بحسب البيان.
وطالب «الإطار التنسيقي»، الجهات المختصة بالتحقق من صحة هذه الأنباء واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يثبت قيامه بها أو من يتناقل معلومات غير صحيحة للإخلال بالسلم الأهلي. ومع أن البيان لم يشر إلى أزمة الجمود الحكومي، إلا أنه من المؤكد أنها أخذت حيزاً واسعاً من نقاش المجتمعين.
وبحسب المصادر، يتجه «الإطار التنسيقي»، إلى الإعلان رسمياً عن اسم تحالفه النيابي الجديد تحت قبة البرلمان في جلسة تعقديوم الاثنين القادم، والذي يرجّح أن يضم 88 عضواً تحت اسم «تحالف الثبات الوطني» الذي سيكون مكوناً في الأساس من نواب «الإطار التنسيقي» بالإضافة إلى نواب إضافيين من كتل سياسية أخرى ونواب مستقلين، بحسب النائب عن «ائتلاف دولة القانون»، محمد حسن، الذي أوضح أن كتلة التحالف الجديد سيترأسها النائب عطوان العطواني.
وربطاً بكلام النائب حسن، توقع بهاء النوري، المتحدث باسم «ائتلاف دولة القانون»، أن يرتفع عدد نواب الكتلة إلى أكثر من 93 نائباً، مشيراً إلى أنه «بالتحالف مع الاتحاد الكردستاني سنكون بحدود 133 نائباً».
وفي إشارة إلى استمرار المباحثات والمداولات للخروج من حالة الانسداد السياسي القائمة منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، توقع النوري الذهاب باتجاه التوافق، «لأن الأغلبية لم تتحقق ومن الصعب تقصّي مكوّن كبير»، مشيراً إلى أن «هناك مبادرات تظهر هنا وهناك، وفي الأيام المقبلة يجب أن يكون هناك تواصل بين القوى السياسية».
Leave a Reply