واشنطن
عام بعد آخر يزداد الاهتمام الوطني بشهر التراث العربي الأميركي، الذي يتم الاحتفال به خلال شهر نيسان (أبريل) من كل عام، منذ 2017.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، في تغريدة على «تويتر»، مطلع الشهر الجاري: «إن تاريخ وقصة الجالية العربية الأميركية منسوجان بعمق في نسيج أميركا المتنوع. في هذا الشهر الوطني للتراث العربي الأميركي أشكر هذا المجتمع على كل ما فعله للمساعدة في المضي قدماً وتمثيل أفضل ما نحن عليه».
بدورها، قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنها تحتفل بهذا الشهر من أجل تكريم مساهمات هذا المجتمع المتنوع في الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن إن المهاجرين من العالم العربي يصلون إلى الولايات المتحدة حتى منذ قبل استقلال أميركا، وقد ساهموا في التقدم الذي وصلنا إليه في مجالات العلوم والأعمال والتكنولوجيا والسياسة الخارجية والأمن القومي.
وأوضح أن هناك قائمة من الذين ساهموا في إنجازات في الولايات المتحدة طويلة، ومن بينهم الجندي نايثن بادين، وهو مهاجر سوري قاتل وضحى بحياته خلال الثورة الأميركية.
وأشار بلينكن إلى أن الخارجية تحتفي أيضاً بعدد من الدبلوماسيين الذين عملوا بها مثل وكيل الوزارة السابق للشؤون السياسية السفير فيليب حبيب، الذي لعب دوراً بارزاً في محادثات السلام الفيتنامية التي أسفرت عن اتفاقات باريس للسلام في العام 1973، ثم نجح في متابعة وقف إطلاق النار في لبنان لاحقاً. كما أثنى الوزير على السفيرة سلوى (لاكي) روزفلت، التي عملت مع الرئيس ووزير الخارجية كرئيسة لبروتوكول الولايات المتحدة بين العامين 1982 و1989، لما يقرب من سبع سنوات.
وأكد بلينكن أن الخارجية الأميركية محظوظة بهؤلاء الأشخاص والعديد من الزملاء الأميركيين العرب الموهوبين الذين يسعون كل يوم لحماية مصالح وقيم الشعب الأميركي وتعزيزها فيما يمثلون الولايات المتحدة أمام العالم.
الكونغرس
على الجانب التشريعي، أعادت عضوتا الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن، رشيدة طليب وديبي دينغل، تقديم مشروع قرار أمام مجلس النواب تكريماً لشهر التراث العربي الأميركي.
وقالت طليب: «إنه لشرف كبير أن أقدم قراراً يرفع من شأن شهر التراث العربي الأميركي للعام الثالث». وأضافت «بصفتي امرأة أميركية عربية في الكونغرس، أعلم مدى أهمية ضمان بذل كل ما في وسعنا للتأكد من أن العرب الأميركيين يعرفون أننا ننتمي إلى الولايات المتحدة ولإظهار التقدير لمساهماتنا في هذا البلد. العرب الأميركيون يجعلون الولايات المتحدة مكاناً أفضل وأنا أتطلع إلى رؤية هذا القرار يتم تبنيه».
بدورها، قالت دينغل: «في مدن مثل ديربورن، وفي مناطق أخرى في جميع أنحاء أمتنا، يشكل العرب الأميركيون جزءاً أساسياً من نسيج مجتمعاتنا»، مؤكدة أن المجتمع العربي الأميركي في ميشيغن «يشكل جزءاً لا يتجزأ من هويتنا، وقد أثرت مساهماته في جعل بلدنا أفضل… إنهم أطباء ومعلمون وموظفون حكوميون وأصحاب أعمال صغيرة وأعضاء في الخدمة العسكرية.
وتابعت: «إنهم من بين الأميركيين الأكثر ولاءً ووطنية الذين أعرفهم. أنا فخورة بالاحتفال بهم وبإنجازاتهم خلال شهر التراث العربي الأميركي».
ووفقاً لما أورده موقع History.com، فقد تم الاحتفال بشكل غير رسمي بشهر التراث العربي الأميركي القومي خلال شهر أبريل منذ عام 2017 للاحتفال بالثقافة الغنية والمتنوعة وإسهامات الأميركيين العرب في الولايات المتحدة، والذين يقدّر عددهم رسمياً بنحو 3.7 مليون مواطن من أصول عربية، من 22 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك لبنان وسوريا ومصر وفلسطين والمغرب والعراق والأردن واليمن والبحرين وتونس والجزائر والسودان وقطر والسعودية والإمارات وغيرها.
تهميش رسمي
ويعاني العرب الأميركيون من التهميش المنهجي بسبب عدم الاعتراف بهم رسمياً كمجموعة عرقية أو إثنية، مثل السود وذوي الأصول اللاتينية، وهو ما يحرمهم من البرامج والسياسات الفدرالية المخصصة لدعم الأقليات المهمشة تاريخياً. فهم يحتسبون إحصائياً بين فئة الأميركيين «البيض»، وليس لدى الحكومة الأميركية سوى القليل من البيانات الرسمية عنهم.
وقالت ريما مروة، مديرة «الشبكة الوطنية للمجتمعات العربية الأميركية»، وهي إحدى المؤسسات الداعمة لإحياء شهر التراث العربي الأميركي: «نشكر عضوتي الكونغرس طليب ودينغل على تقديم هذا القرار، الذي يقر ويحتفل بالإسهامات التي قدمها الأميركيون العرب لهذا البلد».
وأضافت «العرب الأميركيون فخورون للغاية بتراثنا الذي يربط جالياتنا العربية معاً… كما يربطنا بنسيج المجتمع الأميركي الأعم والذي يزداد تنوعاً».
ولفتت إلى أن قرار الاعتراف بشهر أبريل كشهر للتراث العربي الأميركي يلقي الضوء أيضاً على التمييز والتهميش المنهجي الذي يتعرض له العرب الأميركيون من خلال إقصائهم من البيانات الديموغرافية الفدرالية على مدى القرن الماضي.
وأشارت مروة إلى أهمية تكريم العرب الأميركيين لمساهماتهم «في نمو هذا البلد وازدهاره»، موضحة أن هذه المساهمات هي أساس المستقبل المزدهر الذي نعتزم أن نبنيه مع إخواننا الأميركيين».
وختمت بالقول إن هذا «المستقبل يجب أن يتضمن الاعتراف بالأميركيين العرب في البيانات الفدرالية، وتعويض التمييز المنهجي، والاحتفاء بالتراث العربي الأميركي».
وحتى الآن، اتخذت نحو 40 ولاية وإقليماً أميركياً –بالإضافة إلى العديد من المدن والمقاطعات الرئيسية ووزارة الخارجية والرئيس بايدن– خطوات للاعتراف بشهر أبريل كشهر للاحتفال بالتراث العربي الأميركي. وتشكل إضافة صوت الكونغرس إلى تلك القائمة خطوة رئيسية على الطريق نحو دحر الإقصاء الممنهج للمجتمع الأميركي العربي والاحتفاء بالطرق التي لا حصر لها التي تجعل بلادنا مكاناً أفضل كل يوم، بحسب طليب.
Leave a Reply