بريانا غازورسكي – «صدى الوطن»
التزاماً بوعده الانتخابي باستعادة دائرة الصحة العامة في مدينة ديربورن، أعلن رئيس البلدية، عبدالله حمود، يوم الأربعاء الماضي، عن تعيين الخبير الصحي السوري الأميركي، علي أبازيد، على رأس الدائرة التي تم إغلاقها في خضم الأزمة المالية عام 2011، لتصبح ديربورن البلدية الوحيدة في ولاية ميشيغن، التي لديها دائرة صحية، إلى جانب ديترويت.
وكانت دائرة الصحة العامة ببلدية ديربورن تضم طاقماً طبياً مكوناً من خمسة أشخاص يقدمون التطعيمات وخدمات الرعاية الأولية، وذلك قبل إغلاقها لأسباب تتعلق بعجز الميزانية قبل 11 عاماً.
وأشاد حمود بخبرات أبازيد (31 عاماً)، لافتاً إلى أن المدينة بحاجة إلى أن يكون لديها «عالم في مجال الأوبئة» لتمكين الدائرة المستحدثة من التركيز على الوقاية من الأمراض المعدية والنشاطات الاجتماعية التي قد تؤثر سلباً على الصحة العامة.
وكانت ديربورن قد واجهت تحديات عويصة خلال وباء كورونا بتسجيلها أكبر عدد من الإصابات بفيروس «كوفيد–19» في مقاطعة وين (بعد ديترويت)، فضلاً عن أنها تعاني من معدلات مرتفعة للأمراض التنفسية الناجمة عن التلوث الصناعي لاسيما في منطقة «ساوث أند» بجنوب المدينة، والتي يعيش 26 بالمئة من سكانها تحت خط الفقر، ما يفاقم أوضاعهم الصحية.
وأعرب أبازيد، في بيان، عن تطلعه إلى تأسيس دائرة صحية عصرية تعالج مجموعة واسعة من العوامل التي تؤثر على صحة الناس، بما في ذلك، الأمكنة التي يعيشون ويتعلمون ويعملون ويلعبون فيها، مؤكداً على التزامه «بالتعاون مع السكان والشركاء المجتمعيين، لتعزيز الإمكانات الكاملة للصحة والرفاهية للجميع».
وأكدت بلدية ديربورن أن خدمات الدائرة المستحدثة ستتجاوز التلقيح والرعاية الأولية، التي يُشار إليها في المجتمع الصحي برمز «الصحة العامة 1.0»، لافتة إلى أنها ستتبنى نماذج أكثر شمولية، كالنموذجين «2.0» و«3.0»، اللذين يتضمنان التقييم الدقيق لأحوال السكان المعيشية، وتطوير السياسات الصحية المناسبة لهم.
وأشارت المتحدثة باسم وزارة الصحة والخدمات الاجتماعية في ميشيغن، تشيلسي ووث، إلى أن جميع البلديات في الولاية تفتقد إلى دوائر صحية محلية، ما عدا مدينة ديترويت، وبذلك تكون ديربورن هي المدينة الثانية التي تمتلك دائرة للصحة العامة في ميشيغن.
وفيما تعمل معظم البلديات في ميشيغن مع الدوائر الصحية التابعة لحكومات المقاطعات، أوضحت المتحدثة باسم مقاطعة وين، تيفاني جاكسون، بأن دائرة الصحة في المقاطعة ستواصل العمل «كهيئة محلية للصحة العامة لجميع المدن، بما في ذلك ديربورن».
وقالت جاكسون: «إننا نتطلع إلى التنسيق مع بلدية ديربورن، لمواصلة العمليات والإجراءات اللازمة في المستقبل».
من جانبه، أكد المتحدث باسم بلدية ديربورن، بلال بيضون، بأن الدائرة المستحدثة ستعزز علاقة ديربورن مع دائرة الصحة بمقاطعة وين، وقال: «ستسمح لنا مهامنا المتعددة بتكملة بعضنا البعض، للتركيز على ديربورن واحتياجاتها الخاصة»، مضيفاً: «لدينا علاقة طويلة الأمد مع مقاطعة وين، ونحن متحمسون للبناء على هذا التاريخ الطويل».
في سياق آخر، أوضح رئيس البلدية أن دائرة الصحة العامة ستعطي الأولوية للعدالة البيئية، وجمع البيانات الدقيقة لتعزيز المساواة الصحية في المدينة، لافتاً إلى «الحاجة الملحة لترقية أنظمة الصحة العامة».
حمود، الحائز على شهادة الماجستير في الصحة العامة، شدد على أن التحديات الصحية العاجلة في ديربورن تتطلب حلولاً مبتكرة، وهذا «يبدأ بجلب الخبرات التي يمكنها مواجهة التحديات بشكل مباشر»، على حد تعبيره، مضيفاً بأن إعادة تأسيس دائرة صحية في ديربورن يتعلق بالتزام إدارته بمبدأ «المساءلة» أمام السكان، حيث كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإعادة تشغيل الدائرة لاسيما بعد تفاقم وباء كورونا في المدينة.
وقال حمود: «من الآن وصاعداً، لن نحيل مسؤولياتنا تجاه الصحة العامة إلى جهات أخرى».
وأضاف حمود بالقول: «أنا فخور بأن أرحب بعلي أبازيد، للعمل في مدينته على القضايا التي كرس حياته الشخصية والمهنية من أجلها».
من جانبه، قال أبازيد: «يشرفني ويسعدني أن تتاح لي الفرصة للمساعدة في إنشاء دائرة للصحة العامة في مسقط رأسي»، مضيفاً: «يوجد حالياً وعي غير مسبوق بالدور الحيوي للصحة العامة لدى جميع شرائح المجتمع».
وأفاد أبازيد بأنه يتطلع إلى إنشاء دائرة تتعامل مع مجموعة واسعة من العوامل التي تؤثر على الصحة العامة، وقال: «إن ما بين 80 إلى 90 بالمئة من النتائج الصحية تحددها عوامل وقائية، مثل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسلوك والبيئة».
وأضاف: «سيكون لدائرة الصحة العامة في ديربورن دور طليعي في جعل مجتمعنا أكثر صحة».
نبذة عن أبازيد
ولد أبازيد في مدينة ديربورن لأبوين مهاجرين من أصول سورية، ودرس في مدارسها العامة وتخرج من «جامعة ميشيغن»، حائزاً على بكالوريوس في علم الأعصاب، ودرجة الماجستير في الصحة العامة، ودرجة الماجستير في السياسة العامة من الجامعة نفسها.
عمل أبازيد مع برامج الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين في المخيمات في لبنان، بوحي من تجربة اللجوء لأبويه اللذين فرّا من سوريا إلى الجزائر ثم إلى الولايات المتحدة في بداية تسعينيات القرن الماضي، بسبب انتقاد والده لانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وكان أبازيد قد نجا من حادث سير في سن الـ16، مما كان له الأثر الأكبر في تركيز اهتمامه على الصحة العامة، وفي هذا السياق، قال أبازيد: «أحب أن أشعر بأنني كسبت وقتاً إضافياً.. وهذا يزيد من شغفي في مساعدة الآخرين».
بعد التخرج، عمل أبازيد مع «مركز الوبائيات الاجتماعية وصحة السكان» في «جامعة ميشيغن»، ثم تدرب في وزارة الصحة الأميركية، وعمل مستشاراً للصحة العامة في «المعاهد الوطنية للصحة»، وهي الوكالة الفدرالية المسؤولة عن البحوث الطبية الحيوية وبحوث الصحة العامة في البلاد.
كذلك، عمل أبازيد مع «المعهد الوطني للسرطان»، حيث ساعد في تطوير الأطر العلمية لتنفيذ وتطبيق السياسات الطبية التي تتوخى الاستفادة من البحوث العلمية لتطوير السياسات العامة. كما عمل في مكتب إعادة توطين اللاجئين التابع لوزارة الصحة الأميركية، وفي مكتب مساعد الوزير لشؤون السياسات والتقييم.
وتطوع أيضاً للعمل مع مركز «أكسس» بديربورن، ومع «الجمعية الطبية السورية الأميركية».
Leave a Reply