القرار أثار استياءً واسعاً في الأوساط الحقوقية
حسن عباس – «صدى الوطن»
وافقت إدارة أمن النقل الأميركية TSA، الأسبوع الماضي، على طلب شركة السكك الحديدية «أمتراك» بفحص وتفتيش الركاب بموجب «لائحة مراقبة الإرهاب» المعتمدة –حالياً– لدى المطارات والمنافذ الحدودية في الولايات المتحدة، مثيرةً بذلك موجة استياء عارمة في الأوساط الحقوقية والمدنية، لاسيما بين العرب والمسلمين الأميركيين.
وجاء الاتفاق –الذي كشفت عنه شبكة «هيرست»، بعد حوالي أسبوعين من زيارة وزير الأمن الوطني أليخاندرو مايوركاس إلى مدينة ديربورن أواسط آذار (مارس) المنصرم، للبحث في سبل إنهاء معاناة العرب والمسلمين الأميركيين الذين يتعرضون للمضايقات العدوانية في المطارات والمنافذ الحدودية، والتي تمخضت عن استحداث منصب «مسؤول ارتباط» لدى مكتب «وكالة الجمارك والحدود» CBP بديترويت، لمعالجة شكاوى المسافرين وبناء الثقة بين الجاليات العربية والإسلامية وبين الوكالات الأمنية.
وكانت الحكومة الفدرالية قد دأبت لسنوات عديدة على إنكار وجود القائمة، إلى أن أقر مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي بوجودها فعلاً، بعدما نشرت وكالة «أسوشتيد برس» تقريراً حول مشاركة الوكالات الفدرالية لـ«قائمة مراقبة الإرهاب» مع أكثر من 1,440 جهة غير حكومية.
وبحسب المعلومات المتوفرة، تضم «قائمة مراقبة الإرهاب» حوالي 1.2 مليون شخص، غالبيتهم من العرب والمسلمين الذين تم إدراج أسمائهم فيها استناداً إلى معايير غامضة، مع غياب أي إجراءات رسمية متاحة يمكن للأفراد من خلالها إزالة أسمائهم منها، حتى في حال تم إدراجهم خطأ أو تعسفاً.
وبموجب الاتفاق الجديد، بات من المرجح أن شركة أمتراك تمتلك –حالياً– القدرة على توسيع التقييدات التي تمليها لائحة مراقبة الإرهاب، لتشمل السفر البري.
ويُشار إلى أن «أمتراك» –ومقرها واشنطن العاصمة– تخدم خطوطاً متوسطة وبعيدة المدى بين المدن الأميركية والكندية في 46 ولاية أميركية وثلاث مقاطعات كندية، بتسيير حوالي 300 قطار يومياً إلى 500 محطة تقريباً.
ويجادل النشطاء الحقوقيون والمدنيون بأن الاتفاق الجديد بين «إدارة أمن النقل» وشركة «أمتراك»، يضيّق الخناق على السفر البري للعرب والمسلمين الأميركيين داخل الأراضي الأميركية، بعد سنوات من تقييد تنقلاتهم عبر المطارات والمنافذ الحدودية.
وتظهر وثيقة تأثير الخصوصية لوزارة الأمن الوطني الأميركية، والتي حصل «تلفزيون هيرست» على نسخة منها، بأن الشراكة بين «أمتراك» وبين وكالة أمن النقل هي جزء من تقييم تهديدات المسافرين على متن قطارات «أمتراك»، وأن الاتفاق الجديد سيسمح بمقارنة المعلومات الشخصية للركاب (بما في ذلك حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي) مع القاعدة الفدرالية لبيانات فحص الإرهابيين.
وتقول الوثيقة إنه إذا وجدت إدارة أمن النقل أي تطابق بين المعلومات، فإن الوكالة الفدرالية ستزوّد أمتراك بنتائج إحصائية لن تتضمن أسماء الركاب، على الأقل في هذه المرحلة.
وتستشهد وثيقة الخصوصية بتقرير لجنة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، الذي ينص على أنه: «بالإضافة إلى السفر الجوي، فإنه يمكن للإرهابيين أن يجدوا فرصاً في النقل البحري والنقل البري لإلحاق الأذى الذي يمكن أن يكون مساوياً أو أكبر» من الخطر المحتمل في النقل الجوي.
وأشارت الوثيقة إلى أن الكونغرس الأميركي اقترح –أكثر من مرة– إمكانية تزويد شركة أمتراك ببرامج المراقبة الأمنية، منذ عام 2007.
في الأثناء، وعد «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) برفع دعوى قضائية ضد شركة «أمتراك» في حال وضع الاتفاق الجديد موضع التنفيذ.
وأعرب الناشط خالد الطوراني عن مخاوفه من الاتفاق المبرم متسائلاً: «أين سيتوقف تطاول الحكومة؟».
وفي تصريح لـ«صدى الوطن»، قال الطوراني: «أعتقد أن توسيع قائمة مراقبة الإرهاب (لتشمل أمتراك) هو في الحقيقة الخطوة الثانية في طريق شديد الانحدار والانزالاق، لأنه.. أين ستتوقف الحكومة؟».
وأضاف: «هل ستصبح أميركا مطاراً واحداً كبيراً ينتشر فيه وكلاء إدارة أمن النقل لتفتيش الأشخاص بحثاً عن أية مخاوف أمنية حقيقية أو غير حقيقية؟».
وكانت إدارة أمن النقل قد منعت الطوراني من الطيران بدون سبب، وبعد العديد من المطالبات والاستفسار حول وضعه الأمني، أقرت وزارة الأمن الداخلي بأن الطوراني مدرج على «قائمة حظر الطيران». ومع أن الطوراني، نجح –لاحقاً– في إزالة اسمه من القائمة، إلا أن السلطات لم تخبره عن أسباب إدراجه في القائمة أصلاً، كما هو الحال بالنسبة لمئات آلاف العرب والمسلمين المدرجين على نفس القائمة، والذين لا يعرفون أسباب إدارجهم.
وظهر الطوراني في التقرير الذي نشره «تلفزيون هيرست» حول الاتفاق الجديد بين «أمتراك» وإدارة أمن النقل.
من ناحيته، عانى رئيس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» ACRL، ناصر بيضون، من تجربة مماثلة مع قيود السفر الجوي، وهو ما دفعه –في مرحلة لاحقة– إلى الانضمام إلى الجهود الرامية لإحداث تغييرات حقيقية في سياسات وزارة الأمن الوطني الأميركية.
ووصف بيضون، القائمة والإجراءات الناجمة عنها بأنها «معيبة».
وأشار مساعد المدعي العام الفدرالي السابق عبد حمود إلى أن الاتفاق الجديد بين «أمتراك» وبين إدارة أمن النقل يضيف بعداً إضافياً لهذه القضية المستعصية، لافتاً إلى أن الأشخاص الممنوعين من السفر جواً يعتمدون على بدائل السفر البري، وفي مقدمتها القطارات.
وقال حمود: «الآن، بموجب الاتفاق الجديد، أنت تحرمهم من هذه البدائل، وهذا أمر مقلق للغاية».
ووصف حمود قائمة مراقبة الإرهاب بأنها «فضفاضة» و«غير موثوقة». وقال: «لا نعرف كيف يتم تطبيقها وكيف تدرج أسماء الناس فيها»، مضيفاً: «إن إجراء فحوصات أمنية عشوائية للجميع في محطات القطارات، هو شيء، والقيام بذلك بمقتضى قائمة مراقبة الإرهاب التي تمتلك ما يكفي من المشاكل.. هو شيء آخر».
وختم حمود بالتأكيد على أن الاتفاق سيعمّق من المشكلة القائمة حالياً بين الجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة وبين الوكالات الأمنية الفدرالية.
Leave a Reply