تقرير أسبوعي من إعداد: وفيقة إسماعيل
تصدرت أخبار المواجهات البطولية التي يخوضها الشباب الفلسطيني دفاعاً عن هوية المسجد الأقصى للأسبوع الثاني على التوالي واجهة الأحداث على الساحة العربية، إضافة إلى العملية العسكرية التركية ضد الأكراد في شمالي العراق، وصولاً إلى الأزمة اللبنانية المستعصية عشية الانتخابات النيابية.
فلسطين تقاوم
على وقع المواجهات العنيفة المستمرة بين الشبان الفسطينيين المرابطين في المسجد الأقصى ومحيطه والمستوطنين الذين يحاولون اقتحامه بحماية قوات الاحتلال، دخلت غزة على خط المواجهة، الأربعاء الماضي، في مشهد يؤكد وحدة الدم الفلسطيني ويثبت المعادلة التي أطلقتها المقاومة منذ معركة «سيف القدس» الأخيرة.
في القدس، تواصلت خلال الأسبوع الماضي، المواجهات في باحات المسجد الأقصى إثر اقتحامات المستوطنين المتتالية بغطاء من قوات الاحتلال التي تستخدم قنابل الغاز والرصاص المطاطي ما أدى إلى إصابة العشرات.
ووسط مخاوف تل أبيب من اتساع رقعة المواجهة، شهد يوم الخميس المنصرم آخر محاولات اقتحام المسجد الأقصى بعد قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، بحظر دخول المستوطنين إلى الحرم القدسي حتى نهاية شهر رمضان.
وقد جاء القرار الإسرائيلي نتيجة صمود الشبان الفلسطينيين ودخول غزة المباشر على خط التصعيد، تجنباً لتدهور الأوضاع، حيث حذرت الفصائل الفلسطينية، الاحتلال من مغبة التصعيد وانزلاق الأمور إلى مواجهة شاملة، وأيضاً وفقاً لتوصيات جهاز الأمن الداخلي للاحتلال الذي طالب بذلك تحسباً لاندلاع مواجهة مشابهة للهبّة المقدسية التي حدثت العام المنصرم.
وكانت ما تُسمى «منظمات الهيكل» قد دعت إلى تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى لمناسبة عيد الفصح اليهودي، الذي بدأ يوم 15 أبريل الجاري وانتهى يوم الخميس المنصرم. وشهد المسجد الأقصى ومحيطه خلال هده الفترة مواجهاتٍ يومية نتيجة محاولة مئات المستوطنين دخوله احتفالاً بعيد الفصح. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن الشرطة استدعت مسؤولي مسيرة الأعلام وأبلغتهم رفضها تأمين المسيرة بعد تهديدات أطلقتها حركة «حماس».
وقد واصلت شرطة الاحتلال التضييق على الفلسطينيين في القدس القديمة، ونصبت الحواجز داخل الأسواق وعند الطرقات المؤدية إلى بوابات الأقصى، ومنعت الكثير من المواطنين، ولا سيما الشبان من الدخول إلى الأقصى لأداء صلاة الفجر، واعتدت على المصلين وقمعتهم، وعمدت إلى إفراغ المسجد الأقصى من الطواقم الصحافية. كما نصبت حواجز أمنية على مسافة كيلومترات من قلب القدس الغربية إلى باب العمود، للحؤول دون وصول «مسيرة الأعلام» إلى المكان المحدد سلفاً، والتي يشارك فيها عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير. وقال شهود عيان إن قوات الاحتلال حاصرت ما تبقى من مصلين داخل المصلى القبلي، كما حاصرت النساء داخل مصلى قبة الصخرة.
وفي سياق متصل، أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض إغلاق عام على الضفة الغربية والمعابر لقطاع غزة ابتداء من مساء الخميس حتى فجر الأحد القادم.
في المقابل، رفعت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة مستوى حالة الاستنفار العام على جميع المستويات، تحسباً لأيِ عدوانٍ اسرائيليٍ جديد على المسجد الأقصى. كما ذكرت وسائل إعلام صهيونية، مساء الأربعاء المنصرم، أن «صاروخاً أُطلق من غزة للمرة الثانية هذا الأسبوع، وألحق أضراراً بمنزل وسيارة في سديروت وسُمع دويّ صفارات الإنذار في منطقة غلاف غزة». ولاحقاً، شنت الطائرات الإسرائيلية، غارات على أهداف في قطاع غزة، وأطلقت القبة الحديدية عشرات الصواريخ باتجاه رصاص ثقيل أطلقته مضادات المقاومة الأرضية في غزة.
وكان ملفتاً إطلاق صاروخ دفاع جوّي من غزة باتّجاه طائرات سلاح الجوّ الإسرائيلي التي أغارت على أهداف في القطاع، ما أدى، بحسب الإعلام العبري، إلى إرباك الطائرات، ومن ثمّ انكفائها. ويُعدّ هذا الصاروخ ذا تأثير أبلغ وحضور أفعل من الصاروخ الاعتيادي الذي أُطلق باتجاه مستوطنات الغلاف، إذ أنه يشي بما ينتظر العدو في حال انزلاق الموقف نحو مواجهة شاملة.
وفي محاولة لخفض التوتر في الأراضي المحتلة، بدأ وفد من المبعوثين الأميركيين تترأسه يائيل لامبرت مساعدة وزير الخارجية، مباحثاته مع مسؤولين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي السياق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الوقف الفوري للاستفزازات في القدس المحتلة، مجدداً تأكيده ضرورة المحافظة على الوضع الراهن للأماكن المقدسة.
انتهاك سيادة العراق
منذ الإثنين الفائت، تواصل تركيا هجومها البري والجوي الجديد ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، في انتهاك جديد لسيادة بلاد ما بين النهرين التي تعيش أزمة سياسية حادة في ظل عدم تمكن القوى السياسية من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتعثر مفاوضات تشكيل حكومة جديدة
وتشن قوات خاصة تركية تدعمها المروحيات والطائرات هجمات على مناطق متينة والزاب وأفاشين وباسيان في شمالي العراق، بذريعة تحييد «الإرهابيين»، وفق وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ووزير الخارجية تشاويش أوغلو.
وأشار أكار إلى أن القوات التركية تنفذ العملية التي أطلقت عليها تسمية «المخلب القفل» على نحو يحترم وحدة أراضي العراق وسيادته.
غير أن تصريحات أنقرة لم تلقَ صدى في الأوساط العراقية التي أجمعت على رفض العملية واعتبرتها خرقاً لسيادة البلاد، حيث أعربت الرئاسة العراقية عن بالغ القلق إزاء العمليات العسكرية التركية الجارية داخل الحدود العراقية في إقليم كردستان، ووصفتها بأنها خرق للسيادة العراقية وتهديد للأمن القومي العراقي.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف في بيان إن «العراق يعدُّ هذا العمل خرقاً لسيادته ولحُرمة البلاد، وعملاً يخالف المواثيق والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين البلدان، كما يخالف مبدأ حُسن الجوار».
واستدعت وزارة الخارجية العراقية، الثلاثاء الماضي، السفير التركي في العراق علي رضا كوناي، وسلّمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة. وقد أجمعت أغلبية القوى العراقية بمختلف أطيافها على إدانة العملية التركية واعتبرتها اعتداء صارخاً على سيادة البلد وأمنه القومي.
الوضع السياسي المتأزم والمستمر منذ الانتخابات النيابية الأخيرة ظل الشغل الشاغل للمكونات السياسية على الساحة العراقية، وسط إجماع على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، وحتمية الخروج منها بحلول واقعية.
فخلال الاحتفال الذي أقامته منظمة «بدر» لمناسبة الذكرى الـ41 على تأسيسها، يوم الثلاثاء الفائت، حذر رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، من انزلاق البلاد إلى متاهات خطرة بسبب تأخر تشكيل الحكومة والانسداد السياسي، وهو ما أشار إليه أيضاً رئيس الحكومة المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي خلال الاحتفال عينه الذي أضاف أن أي معادلة سياسية واجتماعية أو أمنية، لا يمكن لها أن تقوم في هذا البلد إلا على قاعدة الثقة المتبادلة.
وفي خضم المداولات السياسية المتواصلة، عقد «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» و«تحالف العزم»، اجتماعاً في مكتب رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، للبحث في مستجدات تأليف الحكومة.
ويُذكر أن البرلمان العراقي أخفق في انتخاب رئيس جديد للبلاد ثلاث مرات خلال الشهرين الماضيين.
أزمات لبنان
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في لبنان، يزداد منسوب التوتر في الخطاب السياسي، بشكل ملحوظ، حيث برز خلال الأسبوع الماضي الهجوم الجنبلاطي المتجدد على «حزب الله» بعد الهدنة غير المعلنة التي كانت تسود العلاقة بين الطرفين. إذ عاود جنبلاط التصويب على سلاح المقاومة واتهمه بأنه لا يؤمن بالحوار، مستعيداً مسلسل الاغتيالات التي حدثت سابقاً، غامزاً من قناة«حزب الله» أيضاً، مع حرصه الدائم على استثناء «الحليف الأزلي»، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي «يتعرض لضغوط كبيرة»، وفقاً تعبير جنبلاط.
خطاب زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» اعتبره البعض ضرورة انتخابية لشد العصب في ظل انعدام ثقته بوريثه الحالي، تيمور، الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من الخبرة السياسية، غير أن البعض الآخر قد يرى فيه شيئاً من الرهان على قراءة جنبلاطية جديدة لمآلات الوضع اللبناني ما بعد الانتخابات، مبنية على وعود خارجية ربما. فالرجل اعتاد تغيير المواقف وتبديلها وفقاً لمقتضيات المراحل.
في شأن سياسي آخر، تحدثت مصادر مطلعة عن أن السجال بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب سينتهي عند هذا الحد، لأن استمراره ليس في مصلحة أي من الطرفين قبل أسابيع قليلة من الاستحقاق الانتخابي الذي يخوضه الطرفان متحالفين في أكثر من دائرة.
أما على الصعيد الدبلوماسي، وتأكيداً لعودة الأمور إلى مجاريها بين البلدين، عاد السفير اللبناني إلى الرياض للالتحاق بمقر عمله واستئناف مهامه، على أن يتبعه رئيس الحكومة بزيارة السعودية «لأداء مناسك العمرة»، والاجتماع بعدد من المسؤولين السعوديين الكبار، كما سيجول على عدد من دول مجلس التعاون الخليجي بعد عطلة عيد الفطر، بحسب برنامج الرحلة.
على الصعيد الاقتصادي، وبعد قراره تجميد مشاريع التمويل لخطة النقل العام في لبنان، عقد المجلس التنفيذي للبنك الدولي، اجتماعاً يوم الجمعة الماضي بشأن لبنان، تقرر فيه تأخير الموافقة على تمويل صفقة استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، مبرّراً ذلك بحاجة البنك إلى «دراسة الجدوى السياسية» للمشروع، في شرط يكاد أن يكون غير مسبوق بتاريخ المؤسسة الخاضعة لنفوذ واشنطن، ويدل على أن القرار مربوط بالوجهة السياسية لبلاد الأرز بعد الانتخابات.
وكان مجلس الوزراء قد عقد ظهر الخميس الماضي جلسته الأسبوعية، قبل سفر ميقاتي إلى الخليج، مؤجلاً قانون الكابيتال كونترول إلى ما بعد الانتخابات.
وقال ميقاتي إنّ «الدمج بين الكابيتال كونترول وضمان الودائع أمر خاطئ، فالكابيتال كونترول كان مفترضاً أن يُقرّ في اليوم الأوّل لبدء الأزمة المالية، وإذا كنا سنقدّم خطة للتعافي الاقتصادي فمن المفترض اتخاذ هذا الإجراء لكي تبقى الأموال في لبنان».
وأشار ميقاتي إلى أنّ «من الأمور التي يطلبها صندوق النقد إقرار الموازنة والكابيتال كونترول والسرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، ولا يمكن وضع الأمور على سكة التعافي من دون إقرار هذه الملفات بشفافية مطلقة».
وعاود سعر صرف الدولار الأميركي ارتفاعه مع بداية الأسبوع المنصرم، متجاوزاً عتبة 26 ألف ليرة. وكان مواطنون من جمعية المودعين قد اعتصموا يوم الأربعاء الماضي أثناء انعقاد جلسة اللجان المشتركة في المجلس النيابي التي كانت تناقش موضوع الكابيتال كونترول، حيث أُسقط القانون مرة جديدة، ورشق المعتصمون، النواب بالحجارة واعترضوا سيارة نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي التي دهست أحد المتظاهرين.
في هذا الوقت يتوقع المواطنون اللبنانيون بين لحظة وأخرى قرار رفع الدعم التام عن الطحين. وفيما يتعلق بأزمة المحروقات التي تكاد لا تحل حتى تطل برأسها من جديد، حيث توعّد ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، اللبنانيين بارتفاع وشيك في الأسعار بالتزامن مع الارتفاع الحالي لسعر الدولار.
احتجاز هادي
تقود بريطانيا، عبر سفيرها في اليمن ريتشارد أوبنهايم، جهوداً دبلوماسية للإفراج عن الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، المحتجز في الرياض. إلّا أن السلطات السعودية ترفض إلى الآن خروج هادي من أراضيها، واعدةً في المقابل بتخفيف الإجراءات عنه، بعدما جرى تجريده من جميع الامتيازات.
ومنذ أن أعلن هادي، التخلّي عن صلاحياته الرئاسية، ومنحها لمجلس رئاسي برئاسة رشاد العليمي، بضغوط سعودية في السابع من الشهر الجاري، لا يزال الغموض يكتنف مصيره وأسرته، كما هو الحال بالنسبة للهدنة المترنحة بين «التحالف» وصنعاء.
ووفقاً لأكثر من مصدر مقرّب من هادي، فقد قامت السلطات السعودية بالحجز على الحسابات البنكية التابعة لأنجال الرئيس المنتهية ولايته وأقربائه، وعمّمت على البنوك بوقف التعامل معه كونه أصبح رئيساً سابقاً. كما صادرت، الطائرة الرئاسية الخاصة به، وأبلغت طاقمها بعدم التعامل معه وأسرته، ووضعتها تحت إمرة رئيس المجلس الرئاسي الجديد.
وبعد أن دشّن العشرات من الناشطين اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت وسم «أين هادي؟»، سرّبت الاستخبارات السعودية صورة له، في محاولة منها لنفي الأنباء التي تحدّثت عن وفاته أو تقييد حريته، إلّا أن الصورة التي ظهر فيها الرجل مرتدياً ثوباً سعودياً في غرفة ضيّقة، أثارت المزيد من الشكوك حول كونه محتجزاً.
Leave a Reply