تقرير أسبوعي من إعداد: وفيقة إسماعيل
يواصل الفلسطينيون في الأراضي المحتلة صد الاعتداءات الإسرائيلية، فيما يعيش اللبنانيون أجواء الحزن على ضحايا الهجرة غير الشرعية في ظل سخونة انتخابية، أما في دمشق، فيستمر مسلسل الاعتدءات الإسرائيلية على السيادة السورية، بينما لا يزال الانسداد السياسي سيد الموقف في العراق، وفي صنعاء يواصل التحالف السعودي تعننته في إغلاق المطار.
فلسطين
بقنابل الغاز المسيّل للدموع، هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الخميس الماضي، المصلين والمعتكفين داخل حرم المسجد الأقصى، والذين تدفقوا إليه بالآلاف لإحياء ليلة القدر، الموافقة لليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان، حيث قُدّر عددهم بربع مليون شخص، وقد وصلوا إلى القدس من الضفة الغربية وسط إجراءات مشددة فرضتها سلطات الاحتلال.
الاعتداءات أدت إلى إصابة عدد كبير من المصلين بحالات اختناق. وكان المصلّون قد نظّموا مسيرة داخل باحات المسجد الأقصى، تخلّلتها هتافات ضد الاحتلال وشعارات لنصرة القدس، فيما اعتلى جزء من قوات الاحتلال أسطح المصلّيات والأبنية الملاصقة للأقصى، للتنكيل بالحشود وتفريقها، مطلقين قنابل الغاز المسيّل للدموع. وأعلنت شرطة الاحتلال أنها نشرت نحو ثلاثة آلاف عنصر في محيط الأقصى والقدس القديمة.
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير كان الهدوء الحذر يلف باحات المسجد وسط استنفار قوات العدو، واستمرار الفلسطينيين في الاعتكاف والمرابطة داخل الأقصى.
وفجر الأربعاء، كانت قوات الاحتلال تواصل اعتداءاتها على مخيم جنين ومحيطه، حيث اقتحمت المخيم وبلدة قباطيا وتصدى لها المقاومون وأهالي المنطقة، ما أدى إلى استشهاد الشاب أحمد مساد البالغ من العمر 18 عاماً وإصابة ثلاثة آخرين. وقد نشرت «كتيبة جنين» مشاهد للاشتباكات التي دارت في المخيم.
في بيت لحم أيضاً، وقعت مواجهات مع شبان فلسطينيين إثر إقدام قوات الاحتلال على إغلاق طريق فرعي عند قرية نحالين وإطلاق قنابل الغاز. وفي أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، اعتقلت قوات الاحتلال 13 شاباً فلسطينياً.
وفي سياق اعتداءاتها المستمرة على الشعب الفلسطيني، أطلقت قوات الاحتلال النار بدم بارد على الشاب محمد قدومي أمام عيني شقيقه، الذي اعتقلته أيضاً في جيوس بقضاء قلقيلية، وكانت قد اعتدت على أحد المصلين بطريقة وحشية عند باب الساهرة في القدس.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، استدعاء ست كتائب من قوات الاحتياط للعمل على طول منطقة جدار الفصل العنصري الذي يفصل بين الضفة الغربية وأراضي الـ48 المحتلة، وذلك بدلاً من القوات النظامية.
لبنان
رغم تشييع الضحايا ومحاولة دفن الملف وتجاوزه من قبل السلطات اللبنانية، جرياً على عادتها، لا تزال الساحة اللبنانية تعيش أصداء المأساة المروّعة التي راح ضحيتها العشرات غرقاً من أبناء مدينة طرابلس وغيرهم من السوريين والفلسطينيين، فيما يواصل عناصر من وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني ومن المراكز البرية المجاورة، لليوم الخامس على التوالي، العمل لمؤازرة الوحدات البحرية في الجيش اللبناني، في عمليات البحث والإنقاذ والمسح الشامل براً وبحراً للعثور على المفقودين الذين كانوا على متن الزورق الذي تعرّض للغرق قبالة شاطئ طرابلس، والذين يقدر عددهم بنحو 22 شخصاً على الأقل من أصل سبعين كانوا على متن المركب.
في هذا الوقت يستمر تبادل الاتهامات بين الناجين وأهالي الضحايا من جهة والجيش اللبناني من جهة ثانية بالتسبب بإغراق الزورق، حيث يتهم الناجون الذين كانوا على متن الزورق، الجيش اللبناني بتعمد إغراق المركب رغم النداءات الكثيرة التي أطلقوها، مؤكدين وجود أطفال ونساء على ظهر المركب، حيث يتهمون القوة البحرية التي لاحقتهم بتعمد الاصطدام بزورقهم الصغير على دفعتين، ما أدى الى انشقاق الزورق وغرقه، وتركهم ساعتين بعد الغرق لبدء عملية الإنقاذ.
في المقابل، يُحمِّل الجيش اللبناني مسؤولية كارثة «مركب الموت» الذي غرق قبالة سواحل مدينة طرابلس، وعلى متنه أكثر من 70 مهاجراً، من بينهم نساء وأطفال، لـ«عصابة أشرار» تتألف من مُهرّبين، من دون أن يلغي فرضية التدخل في أثناء الملاحقة التي حصلت للمركب في عمق المياه فجر السبت 23 نيسان (أبريل) الماضي، غير أن الإجابة عن هذه التساؤلات ستكون من مهمة التحقيق، الذي عُهِدَ به بحسب معلومات صحافية إلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، بناءً على إشارة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي.
انتخابياً، تستمر الحركة النشطة للسفير السعودي من خلال اللقاءات المستمرة التي يُجريها، ولاسيما مع القوى الفاعلة على الساحة السنية بعد انكفاء الرئيس سعد الحريري. ومن هنا يمكن تفسير تلبية البخاري لدعوة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، وقبله لقاء رئيس «حزب الحوار» النائب فؤاد مخزومي، إضافة إلى بعض المرشحين، حتى يكاد أن يكون البخاري اللاعب الأول في الانتخابات اللبنانية، ولا سيما في ظل دعمه الواضح وتبنّيه لمواقف رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وفي سياق انتخابي متصل، يستمر مسلسل انسحابات المرشحين الشيعة في دائرة بعلبك–الهرمل من اللائحة التي كانت قد شكلتها «القوات اللبنانية»، حيث طلبت العائلات التي انخرط بعض أبنائها في هذه اللوائح، الانسحاب فوراً، وهو ما حدث بالفعل، حيث انسحب كل من هيمن مشيك ورامز أمهز ورفعت المصري من لائحة «بناء الدولة» التي يترأسها الشيخ عباس الجوهري.
وقال المصري خلال مؤتمر صحافي عقده في منزله في بلدة الطيبة البقاعية إنّ انسحابه جاء «بناءً على طلب العائلة ونزولاً عند رغبتها وقناعاتي بالخروج من هذا التنافس الانتخابي الذي لن يؤدّي إلى الغرض الإصلاحي في بلد تتحكّم فيه المحاصصات الطائفية والمذهبية»، لافتاً إلى أنّه «طالما أنّ العدو الإسرائيلي مستمر بعدوانه وغطرسته على لبنان، نحن ملتحمون مع المقاومة اللبنانية».
ومن شأن تلك الانسحابات أن تمثل ضربة للمخطط «القواتي» الذي كان يرمي إلى الفوز بالمقعد الماروني في دائرة بعلبك–الهرمل ارتكازاً على الأصوات التي سيحصل عليها مرشحو المقاعد الشيعية من اللائحة نفسها.
العراق
التعثر الذي يشهده ملف تأليف الحكومة العراقية، ما زال يخيم على المشهد العراقي. لكن بارقة أمل يعوّل عليها بعض المتابعين من خلال الهدنة الأميركية الايرانية غير المعلنة، والتي انعكست هدنة في اليمن أولاً وتالياً بالعودة الخليجية الى لبنان، واستكمالاً بالحوار السعودي الإيراني في بغداد، الذي من المتوقع أن يتطور باتجاه تنسيق دبلوماسي بعد التنسيق الأمني.
وخلال الأيام الماضية، انشغلت الساحة العراقية بعودة شخصيات سنية بارزة إلى البلاد، كانت غائبة عن المشهد السياسي لنحو ثماني سنوات، في مقدمتها أمير قبائل الدليم علي حاتم السليمان، بسبب الملاحقة القضائية على خلفية دوره في عمليات عسكرية واسعة ضد قوات الأمن العراقية في محافظة الأنبار، إضافة إلى وزير المالية الأسبق رافع العيساوي الذي خرج من السجن بعد احتجازه عام 2020 حيث تمت تبرئته يومذاك من تهمة دعم الإرهاب ليبقى في السجن على خلفية تهم بالفساد، فضلاً عن عودة قريبة متوقعة لنائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي.
عودة هذه الشخصيات إلى الملعب السياسي بما تمثله من ثقل على الساحة السنية، كانت مبعث قلق لمن استغلوا غيابها وحاولوا ملء الفراغ الذي تركته، وعلى رأس هؤلاء رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي والنائب خميس الخنجر، اللذين استخدما شبكة علاقاتهما الواسعة لكونهما من رجال الأعمال البارزين، ولا سيما مع الإمارات وتركيا.
الحلبوسي وبإشارات بعيدة هدد باتخاذ موقف جدي من العملية السياسية برمتها، متهماً خصوماً سياسيين وفصائل عراقية بتسهيل عودة الرجلين وتسوية ملفاتهما وحمايتهما، ما يعني زعزعة حزب «تقدم» الذي يترأسه، واستهداف خياراته السياسية.
وبغض النظر عما إذا كانت العودة قانونية أم لا، فإن التحالف الثلاثي الذي يضم الحلبوسي والخنجر عن المكوّن السني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن الشيعة، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني عن الكرد، بات أمام تحدٍ حقيقي، ستتوضّح مفاعيله في الأيام المقيلة.
سوريا
اعتداء جديد نفذته الطائرات الإسرائيلية فجر الأربعاء المنصرم على مدينة دمشق، هذه المرة من جهة طبريا في فلسطين المحتلة مستهدفة مواقع في محيط دمشق الغربي، ما أدى إلى استشهاد أربعة عسكريين سوريين وجرح ثلاثة آخرين، إضافة إلى بعض الخسائر المادية.
وقد أدانت الحكومة السورية الاعتداء ووجهت رسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي ، وقالت الخارجية السورية إنها «تحتفظ لنفسها بحق الرد بالوسائل المناسبة التي يقرها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».
يُذكر أن الاعتداءات الجوية التي تشنها الطائرات الإسرائيلية، تتمّ غالباً من خارج المجال الجوي السوري، ويحدث معظمها ليلاً. ويأتي الاعتداء الأخير ضمن سلسلة من الاعتداءات التي شنّتها إسرائيل على سوريا منذ بداية العام الحالي، وكان آخرها على بلدة مصياف مطلع نيسان الجاري.
اليمن
كان من المفترض أن يستقبل مطار صنعاء أول رحلة جوية له من عُمان يوم الأحد الماضي، وفقاً لما تضمنه إعلان الهدنة برعاية الأمم المتحدة، لكن العمل في المطار تعطل. وتبادلت الحكومة اليمنية والحوثيون الاتهامات بشأن المسؤولية عن التعطيل، حيث قال مسؤول ملف التفاوض في صنعاء محمد عبد السلام إن أول شهر للهدنة الإنسانية يكاد ينقضي من دون تقدم يُذكر في أهم بنودها، وهو إعادة فتح مطار صنعاء الدولي.
يُذكر أن مطار صنعاء مغلق أمام الرحلات المدنية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية منذ عام 2016، في حصار مطبق يمنع دخول مستلزمات الحياة الرئيسية لليمنيين، وأدى أيضاً إلى موت عشرات الآلاف من المرضى بسبب منعهم من السفر إلى الخارج لتلقي العلاج.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تغريدة عبر تويتر «في رمضان هذا العام، ملايين الناس في اليمن ليس لديهم ما يكفي من الطعام»، داعياً المانحين إلى التبرع من أجل اليمنيين. وكذلك كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أفادت مع بداية حلول شهر رمضان بأن احتياجات اليمن «هائلة تتجاوز الخيال».
السعودية
قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الخميس الماضي، قبيل مغادرته إلى السعودية إنه سيسعى لبداية عهد جديد مع المملكة، من حيث العلاقات السياسية والعسكرية والثقافية.
وأكد أردوغان، أن «الهيكل التكميلي لاقتصاداتنا هو أحد النقاط التي تجذب المستثمرين السعوديين إلى تركيا».
وأضاف أنه ستتم مراجعة العلاقات التركية السعودية في جميع الأبعاد الاقتصادية والتجارية والثقافية.
أردوغان أكد في السياق على ضرورة ضمان أمن واستقرار جميع دول الخليج، مشيرا إلى أنه سيلتقي العاهل السعودي، وأن العلاقات التركية السعودية ستعود أفضل من السابق.
إلى ذلك، دان الرئيس التركي، الهجمات التي تستهدف الأراضي السعودية مؤكدا على ضرورة العودة إلى المحادثات وطاولة الحوار.
وهذه المرة الأولى التي يزور فيها أردوغان الرياض، منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 في إسطنبول، في خطوة يسعى من خلالها للحصول على دعم المملكة لبلاده التي تعصف بها أزمة مالية حادّة.
ويأتي الإعلان عن الزيارة، بعد أسابيع على نقل القضاء التركي ملفّ قضية خاشقجي إلى السعودية.
وسيكون ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضمن الوفد الذي سيستقبل الرئيس التركي.
Leave a Reply