سباق الكونغرس عن مقعد «الدائرة 11» في ميشيغن
روتشستر هيلز
تزداد المعركة الديمقراطية–الديمقراطية لعضوية الكونغرس الأميركي عن مقعد «الدائرة 11» في ميشيغن، سخونة مع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية المقررة في آب (أغسطس) القادم. على الأقل، هذا ما عكسته المناظرة التي جمعت النائبين آندي لڤين (من التيار التقدمي) وهايلي ستيفنز (من التيار التقليدي)، في «جامعة أوكلاند» يوم الثلاثاء الماضي، وتناولت قضايا الإجهاض والسلاح وتأييد اللوبي الإسرائيلي (آيباك) لستيفنز على حساب المرشح اليهودي المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني.
وهذه هي المناظرة الثانية التي تجمع المرشحين، بعد مناظرة أجريت في مدينة بونتياك خلال نيسان (أبريل) الماضي، وشهدت نقاشات حادة.
وكانت خرائط الكونغرس الجديدة في ميشيغن، قد دفعت النائبين الحاليين إلى خوض السباق بمواجهة بعضهما البعض في «الدائرة 11» التي تقع بكاملها ضمن مقاطعة أوكلاند وتضم مدن وبلدات بلومفيلد وفارمنغتون وروتشستر وبونتياك وتروي وأوبرن هيلز ووترفودرد ورويال أوك وبرمنغهام وغيرها.
ونظراً للميول الديمقراطية لناخبي الدائرة، فإن الفائز في الجولة التمهيدية سيكون قد قطع معظم الطريق للاحتفاظ بمقعده تحت قبة الكابيتول في واشنطن لدورة ثالثة من سنتين. علماً بأن لڤين وستيفنز تم انتخابهما لأول مرة في العام 2018.
المناظرة
السؤال الأول الذي طُرح خلال المناظرة التي أجريت بعد ساعات قليلة من وقوع مجزرة دامية في مدرسة ابتدائية بولاية تكساس، تناول انتشار السلاح في الولايات المتحدة وكيفية الحد من العنف المسلح في البلاد.
من جانبها، دعت ستيفنز الرئيس جو بايدن لإعلان حالة الطوارئ الوطنية عقب مجزرة تكساس التي أودت بحياة 19 طفلاً ومعلمتين، مشيرة إلى أنها تحدثت مع البيت الأبيض قبل المناظرة تأكيداً على ضرورة تغيير قوانين السلاح فوراً.
ودعت ستيفنز زملاءها في الكونغرس إلى إقرار قوانين جديدة لتشديد قيود حيازة السلاح، عبر تشديد الفحص الأمني.
في المقابل، أعرب لڤين عن تأييده لإلغاء قاعدة المماطلة في الكونغرس (فيليبستر)، وذلك لكي يتسنى تمرير القوانين الإصلاحية المرجوة بالأغلبية البسيطة في مجلس الشيوخ الأميركي.
وأشار لڤين إلى أنه ومنافسته ستيفنز، صوّتا لصالح مشاريع قوانين إصلاحية عديدة في مجلس النواب الأميركي، غير أن تلك المشاريع لم تتقدم في مجلس الشيوخ قط، بسبب الحاجة إلى أغلبية 60 سناتوراً لتجاوز المماطلة الجمهورية.
وانضمت ستيفنز إلى لڤين في المطالبة بإلغاء المماطلة التشريعية، لإقرار القوانين التي يعارضها الجمهوريون مثل حق الإجهاض الذي من المتوقع أن تُسقِطه المحكمة الأميركية العليا بحلول أيلول (سبتمبر) القادم، وفق ما أظهرت التسريبات بشأن قضية «رو ضد ويد»، التي تم على أساسها تشريع الإجهاض في الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي.
وزعم لڤين أنه يتفوق على منافسته في جهود دعم حق الإجهاض، لافتاً إلى أنه كان من أول قدم مشروع قانون في الكونغرس لدعم مقدمي خدمات الإجهاض.
فردت عليه ستيفنز ساخرة: «ما هذا الذي سمعته للتو، صوت رجل ستيني أبيض يعلمني كيف علي أن أتحدث عن الاختيار؟»، مؤكدة أنها تدعم حقوق المرأة وسوف تحرص على ألا تعود عقارب الساعة إلى الوراء.
غير أن هجوم ستيفنز لم يمر مرور الكرام عند لڤين الذي قال إنه لم يسمع منافسته تتحدث عن إلغاء حق المماطلة التشريعية قط، مؤكداً أنها تبنت هذا الموقف بسبب حماوة المعركة الانتخابية.
فأجابت ستيفنز بأنها وقعت على رسالة تطالب بإلغاء المماطلة في العام الماضي.
وفي السياق نفسه، قال لڤين إنه يؤيد توسيع المحكمة الأميركية العليا رداً على إسقاط حكم «رو ضد ويد»، متحدياً ستيفنز أن تتبنى موقفاً مماثلاً. فردّت ستيفنز بترك الباب مفتوحاً أمام احتمال من هذا النوع.
وأضافت «لم تسنح لي الفرصة للتحدث مع الرئيس أو السناتورين ستابينو وبيترز» (ممثّلا ميشيغن في مجلس الشيوخ) بشأن ذلك، ولكن إذا تمكنا من الوصول إلى صيغة يمكن أن نرى فيها محكمة عليا أكثر حداثة، فسوف أراجع هذا التشريع، كما أفعل مع جميع مشاريع القوانين، وسأوقع».
واتفق المرشحان على تأييد مقترح إلغاء الديون الطلابية، وضرورة إغلاق خط أنابيب النفط الكندي الذي يعبر مضيق ماكينو في شمال ميشيغن، بسبب المخاوف البيئية.
وفي ظل تقارب الآراء السياسية حول العديد من القضايا، تركزت هجمات المرشحَين على النواحي الشخصية، حيث تتهم ستيفنز منافسها بالتخلي عن ناخبيه في دائرته الحالية التي انضمت بمعظمها إلى «الدائرة 10» وفق الخرائط الانتخابية الجديدة.
وقالت ستيفنز إنها قررت الترشح في «الدائرة 11» الجديدة لأنها تضم معظم ناخبيها الحاليين، علماً بأن النسبة الحقيقية هي 41 بالمئة، مقارنة بـ26 بالمئة من ناخبي لڤين.
وأكد النائب اليهودي المحسوب على التيار التقدمي، أن «جذوره» تكمن في الدائرة الجديدة، مؤكداً أن منافسته أيضاً تخلت عن معظم الناخبين في دائرتها الحالية.
ويشكل الناخبون البيض الأغلبية الساحقة من ناخبي الدائرة التي تضم أيضاً نسباً وازنة لليهود والعرب والأفارقة الأميركيين.
اللوبي الإسرائيلي
حرص مديرو المناظرة في «جامعة أوكلاند»، على طرح مسألة التبرعات الانتخابية من جماعات الضغط السياسية، لاسيما تأييد «اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة» (آيباك)، للمرشحة ستيفنز ومدّها بدعم مالي قياسي تجاوز 300 ألف دولار.
وكانت «آيباك» قد أعرضت عن دعم لفين –الذي يواصل مسيرة والده عضو الكونغرس السابق ساندر لفين– حيث وصفه الرئيس السابق للمنظمة، ديفيد فيكتور بـ«عضو الكونغرس الذي يتسبب بتدهور العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة».
ويعتبر لڤين من معارضي سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي يعتبرها مضرة بعملية السلام وحل الدولتين، كما يطالب بتقييد التمويل الأميركي للجيش الإسرائيلي والحرص على عدم استخدامه في قتل الفلسطينيين الأبرياء.
وفي تصريح سابق لـ«صدى الوطن»، اعتبر لڤين تأييد «آيباك» لمنافسته ستيفنز محاولة «لإسكات صوت كل من يطالب بالحقوق الإنسانية والسياسية الكاملة للفلسطينيين والإسرائيليين»، على حد تعبيره. وأشار لڤين إلى أن «آيباك» قامت بتأييد وتحويل الأموال إلى عشرات المرشحين الجمهوريين الداعمين لـ«كذبة ترامب الكبرى» بشأن تزوير الانتخابات، وقال: «أنا هنا أتحدث عن أشخاص من أمثال سكوت بيري، وروني جاكسون، وجيم جوردان، الذين انخرطوا في محاولة تقويض الانتقال السلمي للسلطة، وتقويض شرعية انتخابات 2020».
وخلال المناظرة سئلت ستيفنز عما إذا كانت ستتخلى عن تبرعات «آيباك» بسبب دعم المنظمة لمرشحين مؤيدين لمزاعم ترامب. غير أنها ردت بالإعراب عن فخرها بنيل دعم «آيباك» وكبار قادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس بمن فيهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، بسبب «إيمانها الراسخ بأهمية إقامة علاقات أميركية إسرائيلية متينة».
وحاولت ستيفنز التي دخلت الكونغرس الأميركي بدعم من المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون، قلب الآية على لڤين خلال المناظرة عبر اتهامه بتلقي التبرعات من جماعات الضغط التي تخدم مصالح الشركات الكبرى، متسائلة عما إذا كان سيرد تلك الأموال إلى أصحابها.
فأجاب لڤين بأنه لم يعد يقبل مثل تلك التبرعات، لافتاً إلى أنه تلقى منهاً مبالغ محدودة في السابق.
وأضاف متوجهاً إلى ستيفنز بالقول: «لم يفت الأوان بعد. يمكنك الانضمام إلي. أعني، لقد فعلت ذلك الأسبوع الماضي فقط. وأنت يمكنك القيام بذلك هذا الأسبوع».
وبفضل الدعم الحزبي الواسع وتبرعات الشركات، تتفوق ستيفنز على لڤين في جمع الأموال لحملتها الانتخابية حيث بلغ رصيدها 2.8 مليون دولار نقداً بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 1.47 مليون دولار لحملة لڤين الذي يتمايز عن منافسته بدعم القضايا التقدمية مثل البيئة والتعليم، وهو يحظى بتأييد المجموعات التقدمية، إلى جانب شخصيات ومنظمات يهودية محلية، عدا عن كونه يتمتع بعلاقات وطيدة مع المجتمعات العربية الأميركية في منطقة ديترويت، ومع المنظمات العربية الأميركية السياسية، وفي طليعتها «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك).
Leave a Reply