وليد مرمر
بعد ست سنوات على النكبة الفلسطينية عام 1948، بدأت ثورة التحرر الجزائرية عام 1954 ببضعة آلاف جزائري في مواجهة مليون جندي فرنسي كانوا يحتلون بلادهم منذ عقود إلى أن اضطر شارل ديغول إلى إعلان الانسحاب من الجزائر عام 1959.
عن تلك المرحلة، كتب أحد مؤسسي حركة «فتح»، صلاح خلف (أبو أياد)، ما مفاده أن نتائج هذه الحرب قد أثرت في الوعي الفلسطيني وشجعت على اتخاذ قرار الثورة فوُلدت منظمة التحرير عام 1964 متأثرة بإنجازات الثورة الجزائرية. وفي عام 1970 جاء «أيلول الأسود» ليُسفر عن لجم النشاط الثوري لمنظمة التحرير في الأردن من أجل تطويق اتفاق القاهرة (الذي أعطى شرعية المقاومة للفلسطينيين انطلاقاً من لبنان) ومنعه من «الامتداد» من لبنان إلى الأردن. وهكذا أصبح لبنان –جنوبه تحديداً– هو المتنفس الثوري الوحيد لعمل منظمة التحرير الفلسطينية.
أنشئت معسكرات التدريب داخل المخيمات الفلسطينية على امتداد الأراضي اللبنانية. لكن التدريب لم يقتصر قط على كوادر المنظمة بل تعداه ليشمل منظمات عربية وعالمية كالجيش الأحمر الياباني ومنظمة «بادر–ماينهوف» الشيوعية الألمانية فضلاً عن كوادر لحزب «الدعوة» العراقي وشخصيات إيرانية مناوئة للشاه. وكانت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بقيادة جورج حبش والثوري الأممي وديع حداد من أبرز الفصائل التي نسجت علاقات (ثورية–تدريبية) مع هذه المنظمات والأفراد.
وبحسب عدة مصادر تلقى التدريبات في المخيمات الفلسطينية شخصيات لمعت في مجال المقاومة مثل مصطفى شمران وعماد مغنية وحسين موسوي وعباس الموسوي وصبحي الطفيلي وغيرهم. وهذا يعضد رأي مؤسسي «حزب الله» بأن ولادته سبقت انتصار الثورة في إيران عام 1979. وتشير الوثائق إلى أن تعاون منظمة التحرير مع المعارضة الإيرانية بلغ أوجه في السبيعنيات حيث تخرجت أفواج عديدة من معسكرات «فتح» ليشكلوا بعدها نواة الحرس الثوري وقادته. كما أن العلاقة بين الإمام الخميني وياسر عرفات كانت قد توطدت قبل انتصار الثورة سيما لدى إقامته في العراق وفرنسا. وعند انتصار الثورة الإسلامية يذكر من عايش تلك الفترة كيف اشتعلت السماء فوق المخيمات بـإطلاق النار ابتهاجاً بنجاح الثورة الإسلامية في إيران وسقوط نظام رضا بهلوي.
دخول قوات الردع السورية إلى لبنان وسقوط تل النبعة شكلا هزة عنيفة لعلاقة اليسار اللبناني بموسى الصدر الذي اتُهم وقتها زوراً وبهتاناً بالتناغم مع اليمين المسيحي والمكتب الثاني (المخابرات) وهذا ما أدى إلى توتر العلاقة بين منظمة التحرير وحركة «أمل». وربما شكلت المجموعة القليلة من الإسلاميين الذين تجمعوا حول السيد محمد حسين فضل الله عند حصار النبعة عام 1976 ولازموه عند إقامته لصلاة الجمعة في مسجد بئر العبد كعماد مغنية وكوادر حزب «الدعوة» الذين جاؤوا إلى بيروت في السبعينيات بعد تزايد ضعوط حزب «البعث» عليهم، ربما شكلت هذه المجموعة النواة العسكرية لـ«حزب الله»، فيما شكلت حوزة الإمام المنتظر العلمية في بعلبك والتي أنشأها السيد عباس الموسوي بعد اضطراره لترك النجف الأشرف بسبب قمع «البعث»، وبعد التشاور مع الشهيد الصدر الأول والسيد موسى الصد مع رفاق آخرين عام 1977، شكلت النواة «الدينية» لنشأة «حزب الله».
ورغم ذلك فإن البيان التأسيسي لـ«حزب الله» لم يصدر حتى العام 1985 وهو العام الذي قرر التنظيم الجديد الإعلان عن نفسه كحزب سياسي لبناني مقاوم.
الثمانينيات
شكلت الثمانينيات فترة شائكة وكثيرة التعقيد للحالة الإسلامية الجديدة. فمع احتدام الحرب الباردة قبيل تفكك الاتحاد السوفياتي تصاعدت الأعمال الاستخباراتية بين المعسكر الغربي والشرقي ولا شك أن بيروت كانت من أكثر البقاع تأثراً بتلك المواجهات ومعقلاً لها، حيث كانت تُرسم في أقبية فنادق «السان جورج» و«الريفيرا» وغيرهما المكائد والمخططات كما تشير بعض المصادر.
هكذا توحدت بندقية الإسلام السياسي واليسار العالمي في مواجهة «قوى الاستعمار والبورجوازية» حسب مصطلحات اليسار، أو قوى «الاستكبار العالمي» حسب الخمينيّ. وقد يكون لجوء اليسار والحركات الشيوعية تحديداً إلى حضن الإسلام السياسي، نتيجة طبيعية للاضطهاد والقمع اللذين عانت منهما هذه القوى من الأنظمة القومية في البلاد العربية وغير العربية. فمثلاً في إيران، تمخض هذا التحالف عن قوة شديدة البأس بين الإسلاميين وبين القوى اليسارية والشيوعية والعلمانية والمطلبية، حيث جاء تصويت تلك القوى بعد انتصار الثورة لصالح دستور الجمهورية الإسلامية وولاية الفقيه!
بالرجوع إلى بيروت–الثمانينات فقد بلغت «الأناركية» ذروتها في ما كان يُعرف بـ«بيروت الغربية» حيث شهدت العاصمة اللبنانية اختطاف أكثر من 100 رهينة بين عامي 1982 و1992 فضلاً عن عمليات تفجير يفوق حجمها قدرات الحالة الإسلامية الجديدة، فضلًا عن اختطاف العديد من الطائرات حيث كان يتم تبديل طواقم الخطف في مطار بيروت! لقد وصمت هذه الأحداث الحالة الإسلامية الجديدة بالإرهاب رغم عدم وجود أي دليل يربط بين العمليات الأمنية وبين «حزب الله». بل ولدى تحليل نوعية العمليات التي جرت كعمليتي تفجيري المارينز ومركز القوات الفرنسية عام 1983 إضافة لاختطاف رئيس مكتب وكالة المخابرات المركزية في الشرق الأوسط ويليام باكلي وإعدامه، لدى القيام بتحليل تلك العمليات يرجح الرأي أن حجم هذه العمليات النوعية كان يفوق القدرات اللوجستية والإستخبارية للحالة الإسلامية طرية العود، وهذا ما يطرح فرضية تحالفها، في حال كان لها يد في هذه العمليات، مع جهاز «كي جي بي» السوفياتي الذي كان في ذروة فعاليته وقتئذ. ولكن هذا يبقى ترجيح بلا مرجح! ولعل «الدليل» الوحيد الذي يسوقه خصوم «حزب الله» لاتهامه بتلك التفجيرات هو التشابه الأمني–التقني بين تلك العلميات وعملية تفجير مقر الحاكم العسكري في صور التي نفذها أحمد قصير أواخر 1982! وما يعضد مقولة الحرب الخفية التي كانت تدور في شوارع بيروت بين الاتحاد السوفياتي وبيروت هو عملية اختطاف السوفيات الأربعة والتي كانت حلقة من حلقات هذا الصراع. في جميع الأحوال، تبنى «الجهاد الإسلامي» ومنظمات أخرى وقتها التفجيرات وعمليات الخطف في بيروت فيما تبرأت منها المقاومة. فهل استخدم الاتحاد السوفياتي وقتها بعض الحركات الإسلامية بسبب هشاشة بنيتها التنظيمية وسهولة اختراقها، أو بسبب وحدة الهدف، كما فعلت أميركا مع «القاعدة» في حربها ضد السوفيات في أفغانستان؟ الحكم للتاريخ.
في الثمانينيات أيضاً بدأ «حزب الله» بإنشاء المؤسسات الاجتماعية للتعويض عن غياب الدولة في شتى المرافق المعيشية والخدماتية. فأطلق «جهاد البناء» والهيئة الصحية و«القرض الحسن» (المؤسسة شبه المصرفية الوحيدة التي لم تستولِ على أموال المودعين في الأزمة الراهنة)، إضافة إلى «جمعية الإمداد» لرعاية الأيتام والعجزة والأرامل ولاحقاً أطلق مؤسسة الشهيد ومؤسسة الجرحى وغيرها فضلاً عن المؤسسات الإعلامية والمدارس والمعاهد تعليمية في مناطق تواجده كافة.
التسعينيات
شكل عدوان «عناقيد الغضب» أو حرب نيسان 1996 نقلة نوعية في مسار المقاومة، عندما فرض «حزب الله» على إسرائيل ولأول مرة في تاريخها وجوب تحييد المدنيين في المواجهات العسكرية بين الطرفين. وهكذا استطاع الحزب اقتناص صيد ثمين غير مسبوق في الحروب العربية الإسرائيلية. وهو يعني فيما يعنيه أنه لن يكون بوسع إسرائيل «فش خلقها» بالمدنين عقب كل عملية تقوم بها المقاومة. ولعل مفعول هذا الاتفاق ما زال سارياً حتى الآن بشكل أو بآخر. وفي التسعينيات أيضاً، تصاعدت وتيرة عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وعملائه من معدل أقل من 200 عملية سنوياً إلى أكثر من 300 عملية بين 1995 و1997 حسب بعض التقديرات.
كما أعطى استشهاد هادي نصرالله نجل السيد حسن نصرالله عام 1997 مصداقية منقطعة النظير لمصداقية خطاب المقاومة والتحام قيادتها بقواعدها وهذا ما عزز الالتفاف الشعبي حول مواقف المقاومة وخياراتها.
ثم جاء عام 2000 محمّلاً بانتصار المقاومة التي أجبرت الاحتلال على الانسحاب من جنوب لبنان تاركاً وراءه حلفاءه «اللحديين» تحت رحمة الغضب الشعبي والحزبي. غير أن التصرف الحضاري للمقارمة وحاضنتها خيّب آمال العدو بحصول مجازر وتصفيات جماعية كتلك التي وقعت بعيد انسحابه من الجبل عام 1983 حين ترك المسيحيين لقمة سائغة في فك غريمهم الجنبلاطي وقتئذ. فحصل ما يندى له الجبين من مجازر وجرائم وحشية. هكذا، شهد العالم أول تحرير في تاريخ البشرية دون إعدامات جماعية أو حتى «ضربة كف» كدأب المنتصرين من الثائرين والمقاومين.
وجاء عام 2008 ليثبت «حزب الله» مجدداً أن مقاومته ليس طائفية وأن أهدافها عابرة للمذهبية الضيقة بإتمامه «عملية الرضوان» التي حرر من خلالها عشرات الأسرى ورفات الشهداء من مختلف الطوائف والأقطار العربية، بمن فيهم عميد الأسرى سمير القنطار(الدرزي) الذي كانت إسرائيل ترفض حتى الحديث عن إمكانية إطلاقه!
حرب الاستخبارات
تتميز إسرائيل بقدرات استخباراتية بشرية وتقنية هائلة، فهي الدولة الوحيدة التى سبق وجود جهاز استخباراتي لديها (الوكالة اليهودية) في أوائل القرن الماضي على تأسيس الدولة عام 1948. وهذا ما اضطر المقاومة إلى بذل الغالي والرخيص لمجاراتها في هذا الحقل الذي يعتبر بالغ الأهمية في الصراعات والحروب. ولعل من أهم المحطات عملية استدراج عقيد احتياط في سلاح الجو والمستشار في شركتين من كبريات شركات التجهيزات الالكترونية والتسلح الإسرائيلية وأسره داخل لبنان والإبقاء عليه فترة من الزمن ثم استخدامه لاحقاً في عملية تبادل أسرى. كما شكلت عملية الأنصارية الإخفاق الاستخباراتي الأبرز لإسرائيل عندما تم استدراج مجموعة عسكرية إلى كمين نصبته المقاومة في بلدة أنصارية بقضاء الزهراني عام 1997 ما أدى إلى مقتل 12 جندياً من أفرادها وإصابة العديد في عملية أمنية حساسة.
كذلك شكل إخفاق إسرائيل الإستخباراتي بتقدير قدرات «حزب الله» العسكرية وعدم علمها بحيازته لصواريخ «كورنيت» المضادة للدروع من أهم أسباب هزيمتها في حرب تموز 2006 التي أرست معادلات جديدة لا تزال مفاعيلها قائمة حتى اليوم.
الأيديولوجيا
بالرغم من اختيار اسم «المقاومة الإسلامية» وبالرغم أن «حزب الله» نشأ كحركة مقاومة سياسية–شيعية إلا أنه استطاع إنشاء شبكة تواصل وعلاقات وتحالفات مع كافة أطياف النسيج اللبناني. فالمقاومة لم تتبن الإسلام كمشروع تغييري أو مناوئ للواقع الراهن أو كحركة تبشيرية.
وإذا كان وسم المقاومة بالإسلام ليس بمنقصة أو شائبة، حتى في نظر العلمانيين وأنصار الديمقراطية، فإن بقايا اليمين اللبناني المتحالف مع إسرائيل لا يترددون في استعمال ذلك للتخويف من المقاومة ومحاصرتها، علماً بأن الكثير من الأحزاب الديمقراطية في الغرب تتخذ من الدين مثالاً بل وحتى تتسمى به دون أن يشكل ذلك انتقاصاً منها. فعلى سبيل المثال كانت أنجيلا ميركل المستشارة الإلمانية السابقة زعيمة لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي».
ومن جهته، لا يتناقض مشروع «حزب الله» في لبنان مع مشروع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي وضع أسسه السيد موسى الصدر ونظّر له الراحل محمد مهدي شمس الدين والذي يعتبر لبنان بلداً نهائياً للشيعة الذين ليس لهم مشروعا آخرا ظاهراً أو خفياً. ولقد اختار «حزب الله»، كحليفه الأوثق إيران، سياسة «المثالية السياسية» في مقاربة الملفات الإقليمية وابتعد عن «الواقعية السياسية» (الريل بوليتيك التي وضع أسسها ميكيافلي وهوبز) متخلية بذلك عن الكثير من المكاسب التي قد تجلبها البراغماتية السياسية على المديين القريب والبعيد. فمثلاً، استطاعت إسرائيل ان تنسج علاقات «صداقة» مع معظم الأقليات في المشرق عبر تضخيم خطر المارد السني العربي على الأقليات والإثنيات في المنطقة. فعمدت إلى توطيد علاقاتها مع معظم الأحزاب السياسية الكردية في العراق وسوريا ونسجت تحالفات مع البربر والأمازيغ في شمال أفريقيا لكنها فشلت في جذب الأقلية الشيعية إلى هذا التحالف رغم تصاعد الخطر السلفي–الجهادي ضد «الشيعة المجوس»، حيث وجدت المقاومة نفسها خلال الحرب السورية بين مطرقة إسرائيل جنوباً والمشروع التكفيري شرقاً. ولكن هذا لم يدفعها لتبني سياسة مختلفة، معرضة نفسها لخطر وجودي. وهذا الخيار هو نفسه خيار الجمهورية الإسلامية التي ليس بينها وبين إسرائيل أي خلاف حدودي أو تاريخي (بل أن العلاقات اليهودية الفارسية قد تكون من أوثق العلائق في التاريخ القديم والوسيط). ورغم ذلك اتخذت إيران خيار معاداة إسرائيل المحتلة لأرض عربيةضاربة بعرض الحائط كل مبادئ «الريلبوليتيك».
يبالغ «حزب الله» في عدم إثارة أي نوع من الحساسيات بينه وبين الآخرين مهما تضاءلت. فعلى سبيل المثال أوقفت قناتا «المنار» و «أن بي أن» عرض مسلسل عن السيد المسيح بسبب اعتراض بعض رجال الدين المسيحيين على محتوى العمل الذي أنتجته إيران بسبب إعطائه طابعاً إسلامياً لعيسى ابن مريم.
وعلى الصعيد السني، فإن لدى «حزب الله» حساسية مفرطة تجاه أي خلاف سني–شيعي، وعادة ما يعمد بكل السبل إلى حصر الخلاف بالسياسة بعيداً عن الدين. فإذا أراد توجيه النقد للسياسات الحريرية مثلاً، فإنه كان يعمد إلى حلفائه السنة للقيام بهذا الدور إعلامياً خشية أن يتم توظيف الانتقاد لتسعير الخلافات المذهبية التي يعلم الحزب أنها تخدم عدوه اللدود إسرائيل. كذلك يسعى الحزب دائماً عبر أدائه السياسي إلى تفعيل الحوار ورفض أساليب العنف والإكراه، وإن كانت لديه القدرة لفعل ذلك.
تحديات المرحلة
لعل من أبرز الملفات الشائكة التي تواجه الحزب اليوم هي الأزمات الداخلية التي تعصف بكل أطياف المجتمع اللبناني، بما فيها بيئة المقاومة التي حافظت على ولائها للنهج والقيادة إلى أبعد الحدود. وقد ظهر ذلك جلياً في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.
عسكرياً، استطاع «حزب الله» منذ 2006 الحفاظ على سياسة توازن الرعب مع إسرائيل مشكلاً بذلك حصناً ومظلة أمنية للبنان فَنَعِم اللبنانيون والجنوبيون خصوصاً بأمن وأمان لم ينعموا بهما منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي. حتى أن دولة الاحتلال باتت تحرص على عدم استفزاز «حزب الله» خوفاً من أية مواجهة محتملة، بحيث تسارع –مثلاً– فيما لو دخل أحد رعاة الأغنام عن طريق الخطأ إلى فلسطين المحتلة، إلى تسليمه إلى قوات الأمم المتحدة معللة احتجازه ومقدمة الأعذار لذلك، بينما لا يكاد يمر يوم إلا وتعتدي فيه إسرائيل على الأراضي السورية.
ورغم حديث تل أبيب الدائم عن تطور قدرات «حزب الله» العسكرية النوعية فإنها لا تجرؤ على القيام بأية خطوة متهورة للحد من هذا التهديد داخل الأراضي اللبنانية.
فالمقاومة التي وجدت نفسها بعد 2011 بين فكي كماشة إسرائيل والمد الجهادي–التكفيري، استطاعت أن تحافظ على توازنها العسكري والأمني مع إسرائيل كما أنجزت مآثر التحرير الثاني على الحدود السورية. لكن رغم ذلك تبقى التحديات كثيرة لاسيما في الداخل اللبناني المنهك بأزماته المالية والاقتصادية والذي هناك من يعمل فيه تحت شعار «الحراك» لتحميل سلاح المقاومة مسؤولية الخراب تمهيداً لمحاولة الانقضاض عليه مرة أخرى.
لقد استطاعت المقاومة حتى الآن أن تنأى بنفسها عن تجاذبات ملف ترسيم الحدود البحرية واضعة قدراتها بتصرف الدولة اللبنانية لحماية ثروات لبنان النفطية. وفيما تتصاعد الضغوط الداخلية والإقليمية لتطويق سلاح المقاومة أعلن السيد نصرالله منذ أشهر أن المقاومة لم توفر جهداً أو تفوت فرصة للتقدم تقنياً وعسكرياً وأمنياً رافعة من مستوى جهوزيتها اليوم لأعلى الدرجات منذ تأسيسها مع الاجتياح الإسرائيلي لبيروت قبل أربعين عاماً.
Leave a Reply