واشنطن
دخل السناتور الأميركي بيرني ساندرز على خط الانقسام المتفاقم بين الأوساط التقدمية والتقليدية داخل الحزب الجمهوري، بإعلانه –الأربعاء الماضي– عن دعم العديد من المرشحين في الانتخابات التمهيدية لمجلس النواب الأميركي، كان في مقدمتهم النائبان الحاليان عن ولاية ميشيغن، آندي ليفن ورشيدة طليب، اللذان يسعيان لإعادة انتخابهما لولاية ثالثة وسط معركة غير مسبوقة نجمت عن تأييد لوبيات الضغط المؤيدة لإسرائيل، لمنافسيهما الديمقراطيين.
ويواجه كل من ليفن (بلومفيلد هيلز) وطليب (ديترويت) تحدياً استثنائياً في الجولة التمهيدية التي ستُجرى في 2 آب (أغسطس) المقبل، وفق الخرائط الجديدة التي اعتمدتها اللجنة المستقلة لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية في ميشيغن، نهاية العام المنصرم، والتي دفعت النائب لفين، سليل العائلة اليهودية المؤثرة، إلى مواجهة النائبة الحالية في مجلس النواب الأميركي هايلي ستيفنز في «الدائرة 11»، كما اضطرت النائبة العربية الأميركية إلى الترشح عن «الدائرة 12»، ما أفقدها جزءاً من قاعدتها الناخبة في مدينة ديترويت.
دعم ليفن
جاء تأييد السناتور ساندرز لإعادة انتخاب النائب ليفن (62 عاماً)، في أعقاب نيل الأخير دعم السناتورة التقدمية عن ولاية ماساتشوستس في مجلس الشيوخ الأميركي، إليزابيث وورن، بالتزامن مع تأييد مجموعات حماية البيئة، كمنظمة «حركة الشروق» (صن رايز موفمنت) ولجنة «العمل من أجل الماء النظيف» (كلين ووتر آكشن).
وفي بيان الدعم، أشار ساندرز، إلى تعرض ليفن لهجمات شرسة من قبل «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» (آيباك) التي استبقت الانتخابات التمهيدية لعام 2022 بإنشاء مجموعة فرعية (سوبر باك)، لكي تتولى الإنفاق المباشر على حملات المرشحين الذين تدعمهم، ومن بينهم ستيفنز، التي نقلت –مؤخراً– مقر إقامتها من روتشستر إلى ووترفورد لضمان ترشحها عن مقعد «الدائرة 11»، التي تقع بكاملها ضمن مقاطعة أوكلاند.
ووفق الخرائط الجديدة، تضم «الدائرة 11» المدن والبلدات التالية: بلومفيلد، فارمنغتون، ووترفورد، تروي، أوبرن هيلز، رويال أوك، برمنغهام، فيرنديل، أوك بارك، بيركلي، هانتينغتون وودز، بلزنت ريدج، ماديسون هايتس، هايزل بارك، بونتياك، كوميرس، ويكسوم، وايت ليك، وأورتشارد ليك وغيرها من القرى المجاورة.
وأوضح بيان ساندرز بأن «آيباك» قررت استهداف ليفن بوصفه مرشحاً تقدمياً. وقال: «مرة أخرى، يضخ هؤلاء المتطرفون ملايين الدولارات في سباقات الكونغرس في محاولة لضمان تبني الحزب الديمقراطي أجندات الشركات النافذة وطبقة المليارديرات»، لافتاً إلى أن ليفن يمثل «صوتاً داعماً للعمال» تحت قبة الكابيتول، وأنه «الديمقراطي الوحيد» في سباق «الدائرة 11» الذي يفهم بأننا «يجب أن نكون حزباً للطبقة العاملة».
وأوضح المرشح الرئاسي السابق، أن ليفن لا يخشى مقاومة أصحاب المصالح الخاصة، معرباً عن اعتزازه بدعم النائب اليهودي لولاية ثالثة في الدائرة التي يشكل الناخبون البيض أغلبيتها الساحقة، والتي تضم أيضاً كثافة وازنة لليهود والعرب والأفارقة الأميركيين.
وكانت مجموعة «السوبر باك» التابعة لـ«آيباك» قد أطلقت في وقت سابق مشروعاً باسم «مشروع الحزب الديمقراطي»، منفقة ما لا يقل عن 1.5 مليون دولار لدعم المرشحين وتمويل حملاتهم على محطات البث التلفزيوني في منطقة ديترويت، حتى بداية شهر تموز (يوليو) الجاري.
وتقدر حملة ليفن بأن «آيباك»، صرفت حوالي 820 ألف دولار لتمويل حملة ستيفنز التي تمثّل –حالياً– «الدائرة 11»، بحسب الخرائط القديمة، والتي تضم مدن: أوبرن هيلز، تروي، ليفونيا، كانتون، بلومفيلد هيلز، وست بلومفيلد، نوفاي، روتشستر هيلز، برمنغهام، ونورثفيل.
من جانبه، رحب ليفن بدعم ساندرز واصفاً إياه بـ«التطور الكبير» في حملته الانتخابية، مشيراً إلى أن السناتور التقدمي كان قد «صدم» الطبقة السياسية من خلال فوزه غير المتوقع في السباق التمهيدي للرئاسة الأميركية بولاية ميشيغن عام 2016.
واعتبر ليفن بيان التأييد، «رسالة قوية»، مفادها أن الملياديرات الجمهوريين لا يمكنهم شراء الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وقال: «لا يمكنهم فعل ذلك، وبالتحديد ليس هنا في مقاطعة أوكلاند»، في إشارة إلى التبرعات السخية التي قدمها –الشهر الماضي– المانحون الجمهوريون، بول سينغر وبيرني ماركوس وحاييم سابان، الذين تبرع كل منهم بمليون دولار لـ«مشروع الحزب الديمقراطي».
وحالياً، يمثل لفين «الدائرة 9» التي تضم عدداً من المدن في مقاطعتي أوكلاند وماكومب، من بينها: بلومفيلد، فيرنديل، هايزل بارك، رويال أوك، سانت كلير شورز، وورن، وستيرلنغ هايتس.
ونظراً للميول الديمقراطية لناخبي «الدائرة 11» الواقعة في مقاطعة أوكلاند، فإن الفائز بين ستيفنز ولفين في جولة أغسطس التمهيدية، سيكون قد قطع معظم الطريق للفوز بالجولة النهائية في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
حملة طليب
ساندرز، شدّد في بيانه –أيضاً– على دعم حملة النائبة الفلسطينية الأصل، رشيدة طليب، التي تخوض سباق «الدائرة 12» وفق خرائط الكونغرس الجديدة، بمواجهة كل من كليرك ديترويت، النائب السابقة في مجلس نواب ميشيغن جانيس وينفري، ورئيسة بلدية قرية لاثروب كيلي غاريت، إضافة إلى مرشحة ثالثة من ديترويت، هي شانيل جاكسون.
ويمثل ترشيح وينفري تهديداً جدياً للنائبة طليب، لاسيما وأنها سياسية مخضرمة ولها باع طويل في السباقات الانتخابية، وقد فازت في انتخابات العام الماضي للمرة الخامسة بسباق الكليرك في مدينة ديترويت، وهو المنصب الذي تشغله منذ العام 2005، وتتولى من خلاله الإشراف على العملية الانتخابية في أكبر مدن ولاية ميشيغن.
وتزيد الخرائط الجديدة من صعوبة التحدي أمام طليب التي خسرت قطاعاً عريضاً من قاعدتها الشعبية بسبب «الدائرة 12» الجديدة، التي تقع بمعظمها في مقاطعة وين، حيث تضم إلى جانب الديربورنين، كلاً من ليفونيا، ريدفورد، غاردن سيتي، إنكستر، وستلاند ومعظم غرب ديترويت، بالإضافة إلى مدينة ساوثفيلد وبعض المجتمعات الصغيرة المجاورة لها في مقاطعة أوكلاند، مثل بيفرلي هيلز وفرانكلين وبينغهام فارمز ولاثروب فيليدج.
وتمثل طليب حالياً «الدائرة 13» بمجلس النواب الأميركي، والتي تضم غرب مدينة ديترويت، ومدن ديربورن هايتس، غاردن سيتي، إنكستر، وين، وستلاند، ملفنديل، هايلاند بارك، إيكورس، ريفر روج، روميلوس، وبلدة ريدفورد.
وأثنى ساندرز على التزام طليب بمواجهة الشركات الجشعة و«النظام السياسي الفاسد الذي يدعم ذلك الجشع»، مهيباً بأنصاره التبرع والتطوع في حملتها الانتخابية، وكذلك التصويت للنائبة التقدمية في مراكز الاقتراع في 2 أغسطس القادم.
وقال ساندرز: «مراراً وتكراراً، واجهت طليب أصحاب المصالح الخاصة الأقوياء، وناضلت من أجل العمل في ميشيغن وفي عموم البلاد».
وأكد ساندرز بأن المجموعات السياسية الممولة من الملياديرات «تحاول إفشال وهزيمة طليب في الانتخابات، لذلك يعملون جاهدين لإخراج معارضيهم من الكونغرس»، مناشداً أنصارهم بالتصدي لهذا التوجه الذي «لا يمكننا السماح بحدوثه».
وقصد ساندرز بقوله، «لجنة التمكين الحضرية» المدعومة من «آيباك»، التي تعهدت بإنفاق ما لا يقل عن مليون دولار لتمويل الحملات الإعلانية التي تواصل استهداف طليب على القنوات التلفزيونية والإذاعية و المنصات الرقمية والمطبوعات الورقية.
وبينما يؤكد الموقع الإلكتروني لـ«لجنة التمكين الحضري»، بأن هدفها يتمثل في «تمكين المجتمعات الحضرية، وتضييق فجوة الثروة بين الأميركيين السود والبيض»، إلا أن المتحدث الرسمي باسمها، هنري غرينيج، قال إن هدف المجموعة هو المساعدة في انتخاب المرشحين السود للمناصب التي ستدافع عن «الحلول المنطقية التي ترفع من شأن السود».
وأوضح غرينيج بأن المنظمة التي أنشئت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تعتبر وينفري هي المرشحة الأفضل للقيام بذلك، من خلال التركيز على وقف التضخم وإصلاح البنية التحتية والنهوض بالتعليم.
Leave a Reply