تقرير أسبوعي من إعداد: وفيقة إسماعيل
في بانوراما هذا الأسبوع، واقعة المسيرات التي أرسلها حزب الله وحلّقت فوق حقل كاريش وانقسام الشارع اللبناني إزاءها بين مؤيد ومعارض، وفي العراق دعوة الصدر إلى صلاة جمعة موحدة وسط توتر الشارع واستمرار الانسداد السياسي، أما في فلسطين فتستمر الاعتداءات الإسرائيلية ولقاء بلا نتائج بين عباس وهنية، فيما تشهد تونس مزيداً من الاتهام للرئيس سعيد بتجاوز الصلاحيات، وفي اليمن تمديد ثالث للهدنة.
لبنان
كعادتها خلال السنوات الثلاث الماضية، باتت الساحة اللبنانية مرتعاً للأزمات على الصعد كافة. فمن أزمة الرغيف ورائحة الفساد التي تسربت من خلفها، إلى أزمة الكهرباء التي لا تنتهي، مروراً بالطوابير أمام محطات الوقود، وصولاً إلى أزمة المودعين الذين خسروا جنى العمر ليتنعّم به أصحاب رؤوس الأموال ومديرو المصارف والسياسيون الذي هرّبوا ملياراتهم إلى الخارج. رغم كل ذلك لا تفقد الاستحقاقات السياسية الداهمة أهميتها، فبعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي وتقديم تشكيلته على عجل، عاد ملف ترسيم الحدود البحرية إلى الواجهة بعد واقعة “المسيّرات” التي أرسلها «حزب الله»، السبت الماضي، والتي حلّقت فوق الناقلة اليونانية التي تستعد للتنقيب عن النفط في حقل كاريش.
اللبنانيون –كعادتهم أمام كل حدث مفصلي- انقسموا بين مؤيّد ومعارض، فمنهم من اعتبر الأمر تجاوزاً للقرار الرسمي ما قد يستدرج عواقب وخيمة للبلاد، هي في غنى عنها، فيما رأى فيه آخرون نقطة قوة وورقة ضغط فاعلة تدعم وتقوّي موقف لبنان التفاوضي.
أما الموقف الإسرائيلي فقد شابه الإرباك في البداية، لينتهي به المطاف إلى القول إن إسرائيل أسقطت الطائرات الأربع، لكن أحد صواريخه أخطأ الهدف!.
لقد كان متوقعاً أن يفعلها الحزب لكن التوقيت كان مفاجئاً، علماً بأن «حزب الله» أصدر بياناً تبنى فيه إرسال المسيرات، معتبراً إياها رسالة أولية وأن الرسالة قد وصلت، مجدداً وقوفه خلف القرار الرسمي، ليعلن لاحقاً أنه كان قد أرسل طائراته سابقاً، وإلى الموقع نفسه، ولم تستطع أنظمة الصواريخ والإنذار الإسرائيلية رصدها.
الموقف اللبناني الرسمي، جاء على لسان وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، الذي قال بعد اجتماعه برئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي إن الحكومة تدعم الوساطة الأميركية، مشدداً على أن أي عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي غير مقبول!.
من جهته، أكد الرئيس ميشال عون إن مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لبلاده ستنتهي قريباً، لافتاً إلى أن «الحل سيكون لمصلحة لبنان». وأضاف عون بالقول إن بلاده أصبحت على مشارف التفاهم مع الأميركيين الذين يتولون الوساطة بين لبنان وإسرائيل.
في المقلب الآخر، وفي انتظار عودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين -منتصف الشهر المقبل- بصحبة الوفد المرافق للرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر رفيع المستوى قوله إن إسرائيل تتوقع حدوث تقدم كبير في المفاوضات غير المباشرة مع لبنان بخصوص ترسيم الحدود البحرية.
العراق
خرق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأجواء من جديد بدعوته إلى إقامة صلاة جمعة موحدة في عموم مساجد العراق، بحسب بيان صادر عن مكتب الصدر.
وسرعان ما لاقت الدعوة صدى في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر هاشتاغ «جاهزون»، المنصات الإلكترونية مترافقاً مع صور مناصري الصدر وهم يحملون السلاح، ما أثار تخوف العراقيين من انزلاق الأمور نحو توتر أمني يدفع ثمنه جميع العراقيين، ولا سيما بعدما عجز الصدر عن تشكيل حكومة بمعزل عن التوافق مع المكونات الأخرى.
في الأثناء، تستمر اللقاءات والمشاورات سعياً إلى تذليل العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة، حيث التقى الأمين العام لـ«حركة عصائب أهل الحق» في العراق، الشيخ قيس الخزعلي، الأربعاء الماضي، برئيس «الاتحاد الوطني لكردستان العراق» بافل الطالباني كذلك، بحث رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، في اليوم ذاته، موضوع إكمال الاستحقاقات الدستورية مع رئيس «تحالف الفتح» هادي العامري.
من جهته، أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وجود مقترح لتطبيق آلية الاستحقاق الانتخابي داخل المكونات بعد عطلة عيد الأضحى، لحسم النقاط الخلافية وتسلم المناصب الحكومية، ومن بينها رئاسة الجمهورية.
من جهة ثانية، يشهد مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي حركة نشطة لإتمام الاستعدادات اللازمة لاستقبال اللقاء الخامس بين مسؤولين عراقيين وسعوديين في بغداد، والذي يرجّح أنه سيكون الأول من نوعه لجهة مستوى تمثيل الدولتين. ويأتي هذا الاجتماع بعد أسبوع من زيارة الكاظمي لطهران وجدة، والتي تركزت على دوره كوسيط بين إيران والسعودية، حيث يأمل الكاظمي بحال نجاحه في هذه الوساطة رفع أسهمه لدى طهران، وبطبيعة الحال لدى المكوّن الشيعي الوازن الذي «تمون» عليه الجمهورية الإسلامية، لإعادة تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.
السعودية
لا ينكر الرئيس الأميركي جو بايدن أن إسرائيل تدفع بقوة باتجاه إتمام زيارته «الموعودة» للسعودية، كيف لا وهي التي تسعى بكل ما أُوتيت من قوة لدفع سكة قطار التطبيع ليحط رحاله في الرياض، بما تمثله من مركز قوة في محيطها العربي والإسلامي، استكمالاً لـ”اتفاقات أبراهام” التي لم تأتِ على الذين أبرموها بشيء من الوعود التي أُغدقت عليهم.
زيارة بايدن لمنطقة الشرق الأوسط، المقررة منتصف الشهر الجاري، تُعد عربون صداقة من تل أبيب تجاه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تدهورت علاقته مع واشنطن، ولا سيما بعد فضيحة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي.
في المقابل، فإن أسعار الوقود التي ارتفعت إلى درجة دفعت فيها بايدن للطلب من أصحاب محطات الوقود تخفيض الأسعار، والحرب في أوكرانيا وما تجرّه من أزمات اقتصادية على كل دول العالم، والضغط الإسرائيلي لإنجاز المزيد من اتفاقات التطبيع، حملت بايدن على التغاضي عن «موبقات» ابن سلمان وإغلاق ملفاته القضائية و«تطويبه» حاكماً أبدياً للمملكة مدى الحياة ومنحه حصانة الرؤساء، إضافة إلى استرداده من الحضن الروسي إلى بيت الطاعة الأميركي، لإبرام صفقة معه تقوم على زيادة إنتاج بلاده من النفط ــ المصدّر الأول للنفط عالمياً ــ مقابل تنظيف سجلّه الأسود في مجال حقوق الإنسان وتوقيع اتفاق لتطبيع علاقاته مع تل أبيب.
ولن يشعر الرئيس الأميركي بالحرج فيما لو تمت الصفقة على هذا النحو، فمصالح بلاد العم سام لا تتوقف عند الأشخاص وليس فيها مكان لحقوق الإنسان إذا تعارضت مع حاجاتها وأولوياتها.
وبمعزل عن نتائج الزيارة المرتقبة، فقد استبقها ولي العهد السعودي بإشارات ترحيبية وصلت إلى حد استقبال بلاد الحرمين بعثة من زعماء الجالية اليهودية الأميركية بذريعة حوار الأديان، والبحث عن إمكانيات التعاون بين المنظمات الإسلامية واليهودية، حيث التقت البعثة عدداً من المسؤولين السعوديين، من بينهم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الشيخ محمد آل عيسى!.
فلسطين
لم يُحدث اللقاء الأول من نوعه بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، منذ عام 2016، والذي نسّقه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الثلاثاء الفائت، في قصر المؤتمرات غرب العاصمة الجزائر، على هامش مشاركتهما في احتفالات الذكرى الستّين لاستقلال البلاد.
لم يحدث أي خرق في ملف المصالحة بين الرجلين. وبحسب ما رشح عن أجواء الاجتماع، فإن هنية أبدى استعداداً كبيراً لإتمام المصالحة مع ما يستلزم ذلك من تنازلات، لكن عباس تذرّع بالضغوط الإسرائيلية التي تحول دون إجراء الانتخابات. مع الإشارة إلى أن جميع محاولات المصالحة باءت بالفشل، والتي كان آخرها بوساطة مصرية في 2017.
ميدانياً، استُشهد الفلسطيني رفيق رياض غنام (20 عاماً)، من بلدة جبع في قضاء جنين، الخميس الماضي، إثر إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي، الذي شنّ حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية المحتلة، طالت 42 فلسطينياً، ما أسفر عن اندلاع مواجهات في بعض المناطق، ووقوع اشتباكات مسلّحة في منطقتَي جنين ونابلس أدت إلى وقوع إصابات.
وبموازاة ذلك، أطلق مقاومون فلسطينيون النار على قوات الاحتلال خلال اقتحامها بلدة جبع، وعلى الموقع العسكري لجيش الكيان الإسرائيلي في جبل جرزيم بمدينة نابلس.
اليمن
بغية عدم تعكير أجواء زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للسعودية، رُصدت حركة دبلوماسية نشطة على خط صنعاء في مسعى لتثبيت التهدئة، ولا سيما بعد تصريح العديد من المسؤولين في العاصمة اليمنية بنفاد صبرهم إزاء تعنت قوى التحالف والأطراف الموالية له وتهربهم من تنفيذ بنود الاتفاق، ما يهدد بنسف الآمال بتمديد ثالث للهدنة بين الطرفين.
وفي الإطار، التقى نائب وزير خارجية حكومة الإنقاذ، حسين العزي، عبر الإنترنت، سفير الاتحاد الأوروبي وسفيرَي ألمانيا وفرنسا والمبعوث السويدي إلى اليمن، لمناقشة مسار الهدنة وشروط تمديدها. وغرّد العزي على موقع «تويتر» مشدداً، على أهمية خفض التصعيد، وضرورة توسيع المزايا الإنسانية والاقتصادية، بما في ذلك موضوع الرواتب.
هذا، فيما أكدت مصادر دبلوماسية تأجيل المشاورات حول فتح الطرق والمعابر إلى ما بعد عيد الأضحى، في الوقت الذي أعلن فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرع، موافقة ممثّلي الوفود العسكرية اليمنية المشارِكة في مفاوضات عمّان، على تعزيز التزامهم بالهدنة بمناسبة العيد الكبير.
Leave a Reply