ديترويت
حقّقت عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن، رشيدة طليب، فوزاً ساحقاً في السباق التمهيدي للديمقراطيين عن «الدائرة 12» –الثلاثاء الماضي– رغم التحديات الحزبية وتضييق جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، التي نجحت في الإطاحة بزميلها النائب آندي لفين في «الدائرة 11»، وفق الخرائط الانتخابية الجديدة.
ونالت النائبة الفلسطينية الأصل، حصة الأسد من أصوات الناخبين في «الدائرة 12»، التي تضم إلى جانب الديربورنين، كلاً من ليفونيا، ريدفورد، غاردن سيتي، إنكستر، وستلاند، ومعظم غرب ديترويت، بالإضافة إلى مدينة ساوثفيلد وبعض المجتمعات الصغيرة المجاورة لها في مقاطعة أوكلاند، مثل بيفرلي هيلز وفرانكلين وبينغهام فارمز ولاثروب فيليدج.
الأرقام غير الرسمية لنتائج الانتخابات التمهيدية، أظهرت حصول النائبة التقدمية على أكثر من 61,400 صوت، بنسبة 64 بالمئة من إجمالي المقترعين، مخلّفة وراءها –بأشواط بعيدة– منافستها، كليرك مدينة ديترويت، العضو السابقة في مجلس نواب ميشيغن، جانيس وينفري، التي لم تنل سوى 21,577 صوتاً (حوالي 22.5 بالمئة)، فيما حلت رئيسة بلدية قرية لاثروب، كيلي غاريت، في المركز الثالث (8.7 بالمئة)، تليها سيدة الأعمال شانيل جاكسون (5 بالمئة).
ونجحت طليب في تعويض ما خسرته من قاعدتها الشعبية بمدينة ديترويت، بعد إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية بولاية ميشيغن –العام الماضي– وما نجم عنها من إضافة عدة مدن ومجتمعات تقع خارج معقلها التقليدي الذي مكّنها من الوصول إلى مجلس النواب الأميركي لأول مرة عام 2018، كأول فلسطينية، وأول مسلمة (إلى جانب النائبة عن ولاية مينيسوتا إلهان عمر) في تاريخ الولايات المتحدة.
وقد تبدى الزخم واضحاً داخل المجتمع العربي الأميركي لإعادة انتخاب طليب، حيث صوّت لها حوالي 76 بالمئة من المقترعين في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس، كما أظهرت الأرقام الأولية حصولها على 55 بالمئة من أصوات الناخبين في مقاطعة أوكلاند، إضافة إلى نيلها الحصة الأوفر من أصوات الناخبين في مدينة ديترويت، بحصولها على 16,940 صوتاً، مقابل 9,260 صوتاً لوينفري.
وبلغ عدد الأصوات التي حصدتها طليب في ديربورن 7,260 صوتاً.
ورغم أن الجولة النهائية في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ستكون شبه محسومة لصالح طليب بسبب ميول الدائرة الديمقراطية، إلا أن النائبة العربية الأميركية أوضحت –في خطاب النصر– أن معركتها الانتخابية «لم تنتهِ بعد»، لافتة إلى أن الجمهوريين سيستخدمون جميع الوسائل المتاحة لإخراجها من مبنى الكابيتول.
وسوف تخوض طليب الجولة النهائية من السباق بمواجهة الجمهوري ستيفن أليوت، الذي فاز ببطاقة الحزب الجمهوري –الثلاثاء الماضي– حاصداً 14,431 صوتاً (بمعدل 53 بالمئة من أصوات الناخبين).
وكانت طليب المعروفة بمناصرتها لحقوق الفلسطينيين قد تعرضت –في الآونة الأخيرة– لضغوط شديدة من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، التي رصدت ما لا يقل عن مليون دولار لاستهدافها بإعلانات سلبية عبر القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية واللوحات الدعائية. كما انخرطت «لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية» (آيباك) بتمويل حملة منافستها جانيس وينفري مالياً وإعلامياً خلف عناوين لم تستثن العزف على الخصائص الإثنية والعرقية لسكان ديترويت.
وفي خطاب النصر الذي أقيم في وقت متأخر من ليل الثلاثاء الماضي بجنوب غربي ديترويت، استهلت طليب كلمتها بالتأكيد على أن فوزها يعكس مقولة أن «الحكومة هي للشعب»، و«ليست لأصحاب المصالح الخاصة».
وقالت طليب: «لقد أثبتنا اليوم بأن هذه الانتخابات هي لنا ومن أجلنا، رغم تضافر جهود العديد من الجهات «التي حاولت إخراجنا من الكونغرس».
وخاطبت طليب أنصارها، قائلة: «لقد قلت لكم مراراً وتكراراً بأن الكونغرس لا يجب أن يظهر بشكل مختلف وحسب، بل يجب أن يتحدث ويشعر بطريقة مغايرة»، مؤكدة على أهمية العمل الصادق من أجل تحقيق مصالح الناس، وليس مجرد التنوع الشكلي.
وأوضحت طليب بأن فوزها في تصفيات الديمقراطيين «لم يكن أمراً سهلاً على الإطلاق»، وأنه تطلب الكثير من المثابرة والجهد والوقت، مثنية على المتطوعين في حملتها الانتخابية وعلى الناخبين الذين صوتوا لها.
وأعربت طليب عن اعتزازها بجذورها الفلسطينية إلى جانب نشأنها في مدينة ديترويت التي وصفتها بأنها «أجمل مدينة للسود في أميركا»، مؤكدة أنها ستعمل من أجل خدمة الناس في كافة أرجاء الدائرة الجديدة، بما فيها المجتمعات المضافة حديثاً بحسب الخرائط الجديدة، مثل الديربورنين وساوثفيلد وليفونيا.
وفي حديث خاص مع صحيفة «صدى الوطن»، عزت النائبة طليب، نجاح حملتها إلى التواصل مع الناخبين «على أساس إنساني»، وقالت: «كعاملة اجتماعية، لقد فضلت دائماً التواصل الإنساني مع السكان، وليس كمنظِمة، لقد ذهبنا إليهم من بيت إلى بيت، لكي نؤكد لهم بأن صوتهم سيكون مسموعاً وأن صورتهم ستكون حاضرة في الكابيتول» بالعاصمة واشنطن.
ووعدت طليب بمواصلة معركتها ضد ظاهرة التلوث في منطقة الـ«ساوث أند» بجنوب ديربورن، مؤكدة بأنها لم ولن تقبل أموال الشركات والمصانع التي تشتري صمت العديد من المسؤولين الحكوميين والمنتخبين، وقالت: «لم أقبل أموالهم، ولست خائفة منهم، سوف أواصل مواجهتهم ولن أتوقف عن ذلك، حتى أضمن بأن جميع أطفالنا هناك يتنفسون هواء نظيفاً».
ولفتت إلى أن الجولة النهائية في نوفمبر المقبل، ليست تحصيل حاصل، موضحة أن قوى اليمين ستواصل المعركة ضدها. وقالت: «لن يستسلموا، هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة»، مضيفة: «إنهم مازالوا هناك، وفي نوفمبر سوف يستخدمون جميع الموارد والإمكانات ضدنا، بما فيها الغش في الانتخابات لسلب أصواتنا».
هزيمة لفين
في سباق آخر عكس صراع الأجنحة داخل الحزب الأزرق بين الديقمراطيين التقدميين والتقليديين، أقصي النائب التقدمي آندي لفين من جولة التصفيات في «الدائرة 11»، الجديدة أمام منافسته النائبة هايلي ستيفنز التي حظيت بدعم الشركات الكبيرة وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل.
وبحسب الأرقام غير الرسمية لنتائج الانتخابات التمهيدية، حصل لفين على 41,117 صوتاً (حوالي 40 بالمئة من إجمالي الأصوات الناخبة) في الدائرة التي تضم المدن والبلدات: بلومفيلد، فارمنغتون، ووترفورد، تروي، أوبرن هيلز، رويال أوك، برمنغهام، فيرنديل، أوك بارك، بيركلي، هانتينغتون وودز، بلزنت ريدج، ماديسون هايتس، هايزل بارك، بونتياك، كوميرس، ويكسوم، وايت ليك، وأورتشارد ليك وغيرها من القرى المجاورة.
أما ستيفنز فقد نالت 70,478 صوتاً، أي بمعدل ناهز 60 بالمئة من إجمالي أصوات الناخبين.
وأقرّ سليل العائلة اليهودية السياسية بهزيمته أمام ستيفنز، واصفاً فوزها بـ«النصر الكبير»، ومهيباً بأنصاره بأن يدعموها في انتخابات نوفمبر.
وقال لفين: «سأدعمها وأعمل معها لدعم الديمقراطيين في مقاطعة أوكلاند، وفي عموم ميشيغن والولايات المتحدة».
وكانت المنافسة قد احتدمت بين النائبين اللذين يسعى كل منهما لإعادة انتخابه لولاية ثالثة، فيما بدا أنها معركة «كسر عظم» ضد لفين الذي تعرض لحملات دعائية مناوئة زادت كلفتها عن تسعة ملايين دولار، أنفقتها «آيباك» ومجموعات أخرى داعمة لستيفنز.
ويشير مراقبون إلى أن «مشروع الديمقراطية المتحدة» الذي يرتبط بـ«آيباك» كان المنفق الأكبر في تصفيات الديمقراطيين في انتخابات العام 2022، حيث صرف ما لا يقل عن 24 مليون دولار، من بينها 4.1 مليون لدعم ستيفنز، وهو ما أقرت به المنظمة المؤيدة لدولة الاحتلال.
Leave a Reply