واشنطن
بأصوات الأعضاء الديمقراطيين فقط، مرّر مجلس الشيوخ الأميركي مطلع الأسبوع الماضي، خطة إدارة الرئيس جو بايدن لخفض التضخم، عبر ضخ 433 مليار دولار لمكافحة التغير المناخي وتمديد الرعاية الصحية الميسرة، فضلاً عن معالجة العجز في الموازنة عبر رفع الضرائب على الشركات ومضاعفة موظفي وكالة الضرائب الأميركية IRS لتعزيز جباية الضرائب.
ويمنح تمرير الخطة، نصراً مرحلياً لبايدن قبل ثلاث أشهر من الانتخابات النصفية التي ستعيد تشكيل موازين الكونغرس خلال السنتين الأخيرتين من عهد الرئيس الديمقراطي.
ونجح بايدن هذه المرة في توحيد جميع الديمقراطيين بمجلس الشيوخ، بعد التغييرات الواسعة التي أدخلت على خطته الأولية التي كانت تحمل اسم «إعادة البناء أفضل»، حيث تمكن هذه المرة من كسب تأييد السناتورين الديمقراطيين المعتدلين، جو مانشين (وست فيرجينيا) وكريستن سينما (أريزونا) اللذين رفضا مشروعه الأول، العام الماضي، والذي قدرت كلفته بأكثر من 3.5 تريليون دولار.
ورغم انتقاده للتخفيضات صوت السناتور اليساري بيرني ساندرز، لصالح الخطة رغم مطالبته بتعزيز الشق الاجتماعي من النص، والذي قُلّص بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.
ومع توحد الديمقراطيين بجميع تياراتهم تم إقرار مشروع «قانون خفض التضخم» بنتيجة 51–50 حيث صوتت نائبة الرئيس كامالا هاريس لكسر التعادل وتمرير الخطة التي من المتوقع أن تتبناها أيضاً الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي قبل أن يوقّعها الرئيس لتصبح قانوناً نافذاً.
وسارع بايدن للإشادة بإقرار خطّته بعد 18 شهراً من المفاوضات الشاقة، قائلاً: «تطلّب الأمر كثيراً من التنازلات. تحقيق الأمور الهامة يتطلّب ذلك بشكل شبه دائم».
وقال البيت الأبيض: «يشكل هذا القانون أيضا أكبر استثمار على الإطلاق في مكافحة الأزمة الوجودية لتغير المناخ. إنه يعالج أزمة المناخ ويعزز أمن الطاقة لدينا، ويخلق فرص عمل في تصنيع الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والمركبات الكهربائية. ويقلل من تكاليف الطاقة للأسر بمئات الدولارات كل عام».
المناخ
تشكل الخطة أكبر استثمار للولايات المتحدة في مجال المناخ بضخ أكثر من 369 مليار دولار بهدف تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030.
بموجب هذا الإصلاح يحصل المواطن الأميركي على نحو 7,500 دولار من الإعفاءات الضريبية لدى شرائه سيارة كهربائية. كما يحصل على تغطية نسبتها 30 بالمئة لدى تركيب ألواح شمسية على سطح منزله.
يهدف المشروع أيضاً إلى تعزيز حماية الغابات في مواجهة الحرائق الشديدة التي تعصف بالغرب الأميركي والتي يُعزى تكاثرها إلى الاحتباس الحراري.
كما ستُمنح إعفاءات ضريبية بعدة مليارات من الدولارات للصناعات الأكثر تلويثاً من أجل مساعدتها على التحول في مجال الطاقة وهو إجراء انتقده بشدة، الجناح اليساري للحزب، والذي رضخ مؤيداً النص لعدم التمكن من التوصل إلى اتفاق أفضل بعد شهور طويلة من المفاوضات.
الصحة
تتضمن خطة الإنفاق أيضاً، استثمارات بقيمة 64 مليار دولار في مجال الصحة وتخفيض أسعار بعض الأدوية تدريجياً، والتي تصل حالياً إلى عشرة أضعاف التكلفة في بلدان غنية أخرى.
كذلك، تجيز الخطة لبرنامج «مديكير» الفدرالي، التفاوض مع شركات الدواء لتخفيض تكاليف بعض الأدوية ما من شأنه أن يوفر على خزانة الدولة حوالي 288 مليار دولار بحسب تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس.
كما تسمح الخطة بتمديد تغطية الرعاية الصحية الميسرة (أوباما كير) حتى العام 2025.
لكن كان على التقدميين التخلي عن طموحاتهم بشأن رياض الأطفال والجامعات العامة المجانية ورعاية كبار السن بشكل أفضل.
وقال ساندرز من قاعة الجلسات العامة «ملايين المتقاعدين سيستمرون بالمعاناة من أسنانهم ولن يتلقوا أطقم الأسنان أو المعينات السمعية أو النظارات التي يستحقونها».
وأكد المرشح الرئاسي السابق أن «مشروع القانون هذا لا يفعل شيئاً لحل المشكلة».
لكن المعسكر الديمقراطي، الحريص على تنفيذ الخطة قبل الانتخابات النصفية، وقف صفاً واحداً متجاوزاً إدخال أي تعديل على الخطة.
الضرائب
وبالإضافة إلى الاستثمارات الضخمة يهدف مشروع القانون إلى تقليص العجز العام عبر فرض ضريبة جديدة بنسبة 15 بالمئة كحد أدنى على جميع الشركات التي تتجاوز أرباحها المليار دولار.
ويهدف إلى منع بعض الشركات الكبرى من استخدام الثغرات الضريبية التي كانت تسمح لها لغاية الآن بدفع مبالغ أقل بكثير من المعدل النظري.
وتشير التقديرات إلى أن هذا الإجراء يمكن أن يدر أكثر من 313 مليار دولار من الإيرادات للإدارة الفدرالية الأميركية على مدى السنوات العشر المقبلة.
أما البند الأكثر إثارة لاعتراض الجمهوريين، فتمثل بتخصيص 80 مليار دولار لزيادة موظفي وكالة الضرائب الأميركية بنحو 87 ألف موظف بحلول عام 2031.
وقال مشرعون جمهوريون إن هذه الخطوة تهدف إلى «عصر» الطبقة الوسطى ضريبياً، محذرين من أن وكلاء الضرائب الجدد سيلاحقون الأميركيين ويدققون بحساباتهم، في حين يقول الديمقراطيون إن عناصر الوكالة الجدد سيلاحقون الشركات الكبرى والأغنياء فقط، مؤكدين أن الأسر التي تجني أقل من 400 ألف دولار سنوياً لن تشهد أية زيادة ضريبية، وكذلك الأمر بالنسبة للشركات الصغيرة.
وبالمجمل، يقول الديمقراطيون إن مشروع القانون سيؤدي إلى خفض قدره 300 مليار دولار في عجز الميزانية على مدار السنوات العشر المقبلة في حين قال مكتب الميزانية بالكونغرس إن المشروع سيخفض العجز الاتحادي بمقدار 10.15 مليار دولار على مدار تلك الفترة.
ويقدر العجز في الميزانية الفدرالية للعام 2022 بأكثر من تريليون دولار.
وقالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إن الخطة التي تهدف لمكافحة تغير المناخ وتخفيض أسعار العقاقير الطبية وزيادة بعض ضرائب الشركات سيخفض التضخم في الأجل المتوسط إلى الطويل وكذلك العجز في الموازنة العامة.
لكن، مادافي بوكيل، النائبة الأولى لرئيس «موديز انفستورز سيرفيس» قالت إن التشريع، المعروف باسم قانون خفض التضخم، لن يخفض التضخم «في العام المالي الحالي أو العام القادم». وأضافت قائلة: «نعتقد بالفعل أن هذا القانون سيكون له تأثير (لخفض التضخم) لأنه يزيد الإنتاجية»، متوقعة أن يحدث هذا خلال عامين إلى ثلاثة أعوام.
وقالت بوكيل إن التضخم في الأجل القصير سيتصدى له مجلس الاحتياطي الفدرالي من خلال زيادات في أسعار الفائدة.
Leave a Reply