بعد احتجاج الأهالي .. المجلس التربوي يناقش تشكيل لجنة خاصة لمراجعة محتوى المكتبات المدرسية
ديربورن
أمر مجلس ديربورن التربوي –في اجتماعه الأخير– سحب سبعة كتب مؤقتاً من مكتبات المدارس العامة في المدينة إثر احتجاج بعض الأهالي على مضامينها الفاضحة المتعلقة بالمثلية الجنسية، فيما أبدى أعضاء المجلس انفتاحهم على تشكيل لجنة خاصة لمراجعة الكتب السبعة وغيرها من المطبوعات المتاحة لطلاب مدارس ديربورن، للبت في قرار سحبها.
وقد شملت قائمة المطبوعات المقيّدة أربعة كتب ورقية وثلاثة إلكترونية، وهي تحمل العناوين التالية:
– «ادفع» عن دار «سافير» للنشر
– «ليس جميع الصبيان زرقاً» للكاتب جورج أم. جونسون
– «وعاشوا» للكاتب ستيفن سلفاتوري
– «عظام جميلة» للكاتبة أليس سيبولد
– «إيليانور وبارك» للكاتبة راينبو روويل
– «أحمر، أبيض وأزرق ملكي» للكاتبة كايسي مكويستون
– «هذا الكتاب مثليّ» للكاتب جونو داوسون
ويأتي قرار سحب الكتب، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد جدلاً محموماً حول إدارج الأدب الجنسي الذي يتناول مواضيع المثليين والمتحولين جنسياً في مناهج التعليم العام، حيث يطالب الأهالي في العديد من المناطق التعليمية بأنحاء الولايات المتحدة بحظر الكتب ذات المضامين والإيحاءات الجنسية.
وكان اجتماع مجلس ديربورن التربوي، في 12 أيلول (سبتمبر) الجاري، قد شهد احتجاج بعض الأهالي والنشطاء على وجود هذا النوع من الكتب على أرفف المكتبات المدرسية، وهو ما دفع أعضاء المجلس إلى التحرك نحو تشكيل لجنة مختصة لمراجعة الكتب المثيرة للجدل، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإلغاء قرار السحب أو اعتماده بشكل دائم.
وبينما لم يوضح أعضاء المجلس طبيعة تلك الإجراءات، أو مدة عمل اللجنة، وما إذا كانت دائمة أو مؤقتة، من المتوقع أن يتم التطرق إلى هذه المسائل في اجتماع المجلس القادم المقرر في 10 تشرين الأول (أكتوبر) القادم.
وإلى حينه، من المتوقع أن ينظم المحتجون على الكتب ذات المضامين الجنسية، ، وقفة احتجاجية أمام «مكتبة هنري فورد» على شارع ميشيغن أفنيو، عند الساعة 2:30 من بعد ظهر الأحد القادم، في المقابل تحدث ناشطون آخرون عن إمكانية تنظيم تظاهرة مضادة من قبل أنصار مجتمع المثليين والمتحولين جنسياً.
وبالعودة إلى اجتماع المجلس التربوي الأخير، دار نقاش مستفيض حول أهمية تفحّص المكتبات المدرسية، لمعرفة ما إذا كانت الكتب مناسبة للتعليم العام ولأعمار الطلبة، علماً بأن مكتبات منطقة ديربورن التعليمية تحتوي على أكثر من 300 ألف كتاب، تحت زهاء 100 ألف عنوان تقريباً، ما يعني أن عملية السبر لتلك الكتب ستتطلب الكثير من الوقت والموارد.
وعوضاً عن تشكيل اللجنة المقترحة، عرض أحد أعضاء المجلس عدداً من البدائل لتفادي العراقيل التي يمكن أن تعترض عمل اللجنة، من بينها السماح لأولياء الأمور برفض البطاقة المكتبية التي تخوّل أبناءهم استخدام المكتبات في مدارس ديربورن، تماماً كما هو معمول به في فصول التربية الجنسية التي تتطلب موافقة الأهل خطياً، أو تشكيل منصة توفر للآباء والطلاب –على حد سواء– فرصة الإبلاغ عن المواد التي تثير قلقهم أو هواجسهم، وكذلك اعتماد معايير معينة عند قيام المكتبات بشراء مطبوعات جديدة.
وكانت المفاجأة بأن الجدل المسهب حول الكتب التي يجب إزالتها ينبع من فرضية أن الطلاب يواظبون على زيارة المكتبات، ولكن تبيّن بأن العكس هو الصحيح، وفقاً لمداخلة المعلمة في مدارس ديربورن العامة، أميرة سعيدي، التي أكدت بأن طلبة التعليم العام يعرضون عن قراءة الكتب بشكل شبه تام، ويفضلون تصفح الإنترنت ومواقع السوشال ميديا.
وأعربت سعيدي عن قلقها من عدم إقبال التلاميذ على قراءة الكتب، وقالت: «بصفتي معلمة للغة الإنكليزية فإنني أتمنى أن يقرأ طلابي الكتب الورقية المتوفرة في مكتباتنا، إذ أنني –في كل عام– أسألهم عن عدد الكتب التي قرأوها في مراحلهم الإعدادية أو الثانوية، فيكون الجواب صفراً مكعباً».
وأضافت سعيدي: «إنه يتعين عليّ شخصياً أن أحدّد مستوى طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية لكي يحصلوا على بطاقات تخولهم من استخدام المكتبات في مدينتنا، لأن الكثيرين لم يسبق لهم القيام بزيارة واحدة إليها».
وأوضحت بأن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد تكون أكثر تهديداً لتعليم الطلاب من أي كتاب على رفوف المكتبات. وقالت: «لقد قرأوا كل شيء على شبكة الإنترنت، لقد شاهد طلاب الصفوف الأولى مسلسل «لعبة الحبار» مع مشاهد جنسية صريحة، وطلاب الصف السادس أظهروا لي كيفية اجتياز جدران الحماية المدرسية، وإنني لا أستطيع حقاً أن أكشف عن الأشياء المروعة التي اعترف بها الأطفال لي وللمعلمين الآخرين حول ما يبحثون عنه، وما يصلون إليه».
وأكدت سعيدي بأنها ليست ضد التكنولوجيا، وأنها لا تسعى إلى شجبها، وقالت: «أنا لا أدين التكنولوجيا، ولكن ما نواجهه كمعلمين يتطلب معاونة أولياء الأمور، وإنني أتوسل للآباء لكي يتعاونوا معنا.. لأننا نساعد في تدريب الطلاب على التفكير النقدي والصحي وإعدادهم للانخراط في ديمقراطيتنا».
وأعرب الناشط مايك هاشم، وهو من سكان ديربورن، عن قلقه من وجود كتب تحتوي على مضامين فاحشة في مكتبات المدارس، قائلاً: «نحن لسنا ضد مجتمع المثليين والمتحولين جنسياً، كما يحاول البعض تصويرنا»، مضيفاً: «نحن فقط ضد تنشئة أطفالنا على أشياء ليسوا مستعدين لها».
وأضاف: «إذا كان لا بد من تنشئتهم في سنً مبكرة، فإنني أريد أن يتم ذلك وفق تعاليم الإنجيل والقرآن والتوراة في فصولنا المدرسية، في مواجهة هذه الكتب التي تهيئ أطفالنا للفشل، ولأشياء لا يحتاجون إلى الانخراط فيها وهم في سنّ الـ13 عاماً».
وتجيز المحكمة العليا في الولايات المتحدة للمناطق التعليمية تقييد أو منع الكتب في مكتبات المدارس العامة، ضمن شروط محددة. وقد قضت المحكمة العليا في قضية «منطقة آيلاند تريز يونيون فري التعليمية رقم 26 ضد بيكو»، بأنه إذا كان هنالك أي سبب سياسي أو اجتماعي أو ديني وراء حظر الكتب، فإن ذلك يعد انتهاكاً لحقوق التعديل الأول في الدستور الأميركي، ولكن إذا كان الدافع غير تمييزي (كوجود مخاوف بشأن فحش النصوص ومستوى قيمتها التعليمية)، فعندئذ سيتم منح المنطقة التعليمية سلطة تقديرية لتقرير مدى ملاءمة النصوص لطلابها.
وفي رسالة بريدية، أبرقها مدير الاتصالات في مدارس ديربورن العامة، ديفيد ماستونين لـ«صدى الوطن»، تم التأكيد على أن مجلس ديربورن التربوي لم يحظر أي كتاب، وإنما تم تقييد الوصول إلى بعض الكتب بشكل مؤقت، وأن منطقة ديربورن التعليمية ستقوم بتقييم الكتب للتأكد من أنها مناسبة لأعمار الطلبة، وأنه يتم تقديم مضامينها ضمن سياقات مناسبة.
وأوضح ماستونين بأن عملية مراجعة الكتب السبعة المقيّدة ستنجز خلال الأسبوع المقبل، إضافة إلى المعلومات المتعلقة بتشكيل اللجنة التي أنيطت بها عملية المراجعة.
وأشار ماستونين إلى أن تطبيق «سورا» SORA الذي يستخدمه الطلاب للوصول إلى المكتبات الإلكترونية في المدارس العامة بمقاطعة وين، قد تم توقيفه بشكل مؤقت، ريثما تتوصل شركة «أوفر درايف» المسؤولة عن نظام التشغيل في منطقة ديربورن التعليمية إلى تطوير طريقة لتحديد نوعية الكتب الملائمة لمستويات معينة في مراحل التعليم العام.
وقال: «حالياً، يجري نقاش وطني بشأن الكتب التي يجب إتاحتها أو حجبها في مراكز الإعلام المدرسية، وتقوم المناطق التعليمية في جميع أنحاء البلاد بمعالجة هذه المخاوف التي تنقسم حولها المشاعر ووجهات النظر»، لافتاً إلى أن بعض الآباء يعارضون إتاحة كتب معينة لأطفالهم.
ونوّه ماستونين بأن البعض الآخر من أولياء الأمور يخشون أن ينتهي الأمر بمنع الكتب ويحد من الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأفكار والآراء والمفاهيم.
وأكد أنه «كان على المدارس العمل دائماً ضمن القانون الفدرالي وقوانين الولايات»، مستدركاً بالقول: «لكن الأهم من ذلك، وجوب مراعاة مواقف ومعتقدات وعادات المجتمع المحلي». وقال: «بالنسبة لبعض الموضوعات، فإن الأمر سهل، فقد يحصل مجتمع ريفي –على سبيل المثال– على يوم عطلة في اليوم الأول من موسم الصيد استجابة للعادات المحلية».
وأضاف: «في ديربورن، حددت المنطقة التعليمية يوم عيد الفطر كعطلة، لعلمها بأن الكثير من الموظفين والطلاب لن يداوموا في ذلك اليوم، وفي مدن أخرى تبعد أميال قليلة عن ديربورن، تعطّل المناطق التعليمية خلال الأعياد اليهودية، ولدينا جميعاً أيام عطلة خلال عيد الميلاد».
وختم ماستونين بالقول: «لا أحد يروّج لأي دين، ولكننا نعترف بالمعتقدات في مجتمعنا المحلي، وكيف ستؤثر على عمل المدارس.. هذه هي الموضوعات التي يسهل تناولها، ولكن عندما تتحدث عن شيء أكثر عاطفية وأكثر ارتباطًاً بالمبادئ الأساسية لشخص ما، فإن المناقشة والإجراءات تصبح أكثر صعوبة».
Leave a Reply