تقرير أسبوعي من إعداد: وفيقة إسماعيل
في جولتنا العربية لهذا الأسبوع، تستمر الأعين شاخصة إلى كل من لبنان والعراق وفلسطين. ففي لبنان يعيش ملف ترسيم الحدود البحرية مخاض الساعات الأخيرة إضافة إلى عقد جلسة أولى لانتخاب رئيس للجمهورية في ظل عودة الجمود إلى المسار الحكومي. أما في العراق فقد عقد البرلمان جلسته الأولى بعد أحداث أواخر آب الدامية، بالتزامن مع صدور مذكرة احتجاج إلى السفير الإيراني لقصف بلاده مواقع في أربيل. وفي فلسطين تستمر الآلة العسكرية الإسرائيلية في اعتداءاتها ضد الشعب الفلسطيني وآخرها استهداف مخيم جنين حيث قتل أربعة أشخاص وأصيب 44 آخرون.
لبنان
في خطوة مفاجئة خطفت الأنظار وطغت على ما عداها من الملفات، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس الماضي. وبالفعل التأمت الجلسة بحضور 122 نائباً واعتذار أربعة نواب، لكنها فقدت نصابها بعد انسحاب عدد منهم، أبرزهم من كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير، وذلك عقب فرز الأصوات، ما ألغى الدورة الثانية للجلسة. وفي نهاية الجلسة قال بري إنّه «عندما يتمّ التوافق على رئيس سأدعو إلى جلسة مقبلة، وإذا ما صار توافق وإذا ما كانوا 128 صوتاً لن ننقذ لبنان».
يذكر أن حصيلة الجلسة كانت: 63 ورقة بيضاء و36 صوتاً لميشال معوّض، و11 لسليم إدة، و١٢ صوتاً توزعت على مرشحين آخرين.
وقد سبقت الجلسة اجتماعات مكثفة عقدتها الكتل، بغية التوافق على أسماء محددة لكن هذا الأمر بدا بعيد المنال حتى الساعة.
وفي شأن نيابي آخر، كان المجلس النيابي اللبناني قد أقر الأسبوع الماضي موازنة العام 2022 والتي تضمنت رفع الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة، وفي ما يشبه «التهريبة»، جرى اعتماد الـ15 ألف ليرة أيضاً كسعر ثابت للدولار المصرفي في مختلف التعاملات المصرفية من سحب وإيداع وقروض باستثناء القروض السكنية، حيث لم يكن هذا البند مدرجاً ضمن بنود الموازنة، رغم أهميته وتأثيره على حياة المواطنين.
على الصعيد الحكومي، انخفض منسوب التفاؤل بتشكيل الحكومة مع ظهور مؤشرات حول شروط جديدة، لكن يبدو أن هناك تصميماً لإنجاز التشيكلة خلال الأسبوع المقبل، على الأقل من جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية نجيب ميقاتي الطامح إلى الإمساك بصلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الشغور –وهو أمر مرجح– في ظل حكومة قوية وحديثة العهد.
في هذا الوقت يسير ملف الترسيم بخطى حثيثة نحو خواتيمه، وهذا ما تؤكده تقارير المؤسستين السياسية والأمنية في إسرائيل التي تتحدث عن أن فرص التوقيع على الاتفاق ارتفعت أخيراً وأن الفجوات المتبقية قابلة للحل وأنه سيوقع في الأسابيع القليلة المقبلة إذا سار كل شيء على ما يُرام. كما أُعلن في تل أبيب أن رئيس مجلس الأمن القومي إيال حولاتا سافر بطلب من رئيس الحكومة يائير لابيد إلى واشنطن للاجتماع بالوسيط الأميركي. كما أُعلن عن اجتماع مرتقب للمجلس الوزاري المصغّر لبحث القضية. وقد كان لافتاً ما سُرّب في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أن التجارب التي قامت بها شركة “إنيرجيان” للاستخراج لم تتضح نتائجها بصورة كاملة بعد. وسط توقعات بأن يجري التعتيم على هذه التجارب ريثما يُصار إلى ضمان حصول الاتفاق، لأن حكومة لابيد ستكون محرَجة في حال قالت الشركة إنها جاهزة، فيما هي لا تريد بدء الاستخراج قبل الاتفاق خشية تنفيذ حزب الله تهديداته، وهي تهديدات عادت المقاومة وأبلغت بها جميع الأطراف، بأن أي استخراج للغاز من قبل العدو قبل حصول الاتفاق يعني حتمية المواجهة.
ووفقاً لما تسرّب من معلومات، فقد وافقت إسرائيل مبدئياً على البنود الخاصة المتعلقة بحدود البلوكات للطرفين، وعلى تثبيت حق لبنان في كامل حقل قانا، مع تأكيد عدم وجود أي نوع من الشراكة في الأعمال أو الأرباح بين الجانبين، إضافة إلى آخر جواب إسرائيلي حول ما سُمّي بالمنطقة الأمنية داخل المياه الإقليمية اللبنانية، مع عدم ربط أي حل لهذه المنطقة بالحدود البرية، وتحديداً نقطة رأس الناقورة والنقطة B1 مع إبداء استعداد لبنان للبحث في حلول تجعل هذه المنطقة خالية من أي وجود عسكري، أو تحت سلطة قوات الطوارئ الدولية. وهكذا فإن أياماً قليلة تفصل لبنان عن استحقاقات مفصلية في تاريخه، من ترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل مروراً بتشكيل حكومة قد تكون وريثة لصلاحيات الرئاسة، وصولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية… استحقاقات إذا أُنجزت في مواعيدها، قد تكون بارقة أمل للبنانيين وخطوة أولى على طريق العودة إلى الحياة.
العراق
انطلقت بعد ظهر الأربعاء الماضي تظاهرة حاشدة في «ساحة التحرير» وسط العاصمة بغداد احتجاجاً على عقد مجلس النواب جلسة للتصويت على استقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، حيث صوّت النواب بالأغلبية على رفض الاستقالة–المسرحية، وجدّد 222 نائباً الثقة برئيس البرلمان، كما تضمنت الجلسة انتخاب النائب الكردي الفيلي محسن المندلاوي نائباً أول لرئيس مجلس النواب. وأثناء انعقاد الجلسة تعرضت المنطقة الخضراء لقصف بثلاث قذائف سقطت إحداها في مرآب مجلس النواب، والأخرى قرب نصب الجندي المجهول، والثالثة في مكان مجاور، ما أدى إلى إصابة ضابط وثلاثة عناصر ووقوع أضرار مادية.
وتعقيباً على ذلك، ذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المستقيلة مصطفى الكاظمي، أن الأخير وجّه القوى الأمنية بمتابعة مرتكبي جريمة القصف الصاروخي للمنطقة الخضراء وإلقاء القبض عليهم، داعياً المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية، وبتوجيهات القوى الأمنية حول أماكن التظاهر.
يُذكر أن جلسة الأربعاء الماضي هي الأولى منذ الأحداث الدامية التي ضربت البلاد في 29 آب (أغسطس) الماضي، وعقب الاعتصامات التي نفذها أتباع التيار الصدري داخل مجلس النواب. يُشار هنا إلى أن المتظاهرين انسحبوا ليل الأربعاء الماضي متوعّدين بتظاهرات حاشدة يوم السبت المقبل.
سياساً، اتهم ما يُعرف بـ«وزير القائد»، صالح محمد العراقي في تغريدة، جهات من بينها «البعث الصدامي» بقصف المنطقة الخضراء، فيما رفض استعمال العنف والسلاح لإيقاع الفتنة في البلاد.
من جهته، وتعليقاً على استئناف المجلس عقد جلساته، دعا «الإطار التنسيقي» إلى استكمال باقي الاستحقاقات الدستورية وإدامة الحوارات بين ائتلاف إدارة الدولة وباقي الكتل الراغبة في تشكيل حكومة جديدة والنهوض بالواقع الخدمي والأمني.
وفي إطار سياسي آخر، قال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، إنه سيعمل على استثمار العلاقة التي تربطه بزعيم التيار الصدري لحل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد وتهدئة الشارع، فيما أكد رئيس ائتلاف «النصر» رئيس مجلس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، أن هناك توافقاً بين معسكر إيران من جهة، ومعسكر الغرب والولايات المتحدة من جهة أخرى، على حفظ الأمن والاستقرار في العراق. وعن المحاولات الجارية لعقد حوار بين التيار الصدري والإطار لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة قال العبادي، إن الإطار مستعد للحوار في كل شيء.
وفي شأن قضائي متصل، كانت المحكمة الاتحادية العليا قد ردّت يوم الأربعاء الماضي، الطعن المقدّم بعدم صحة استقالة نواب التيار الصدري من مجلس النواب العراقي، والتي كان قد رفعها المحامي ضياء الدين رحمة الله ضد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.
على الصعيد الدبلوماسي، استدعت وزارة الخارجية العراقية، يوم الخميس الماضي، السفير الإيراني لدى بغداد محمد آل صادق، وسلمته مذكرة احتجاج وصفتها بأنها «شديدة اللهجة»، وذلك على خلفية القصف المدفعي الذي طال مناطق في أربيل. وكان قائد القوات البرية لحرس الثورة الإسلامية في إيران قد أعلن إطلاق 73 صاروخاً باليستياً وعشرات الطائرات من دون طيار لضرب مقارّ «إرهابيين» في شمال العراق، على خلفية اتهامهم بالضلوع في أعمال العنف والشغب التي اندلعت في بعض المدن الإيرانية إثر مقتل الشابة مهسا أميني.
فلسطين
عمّ الإضراب العام والشامل، يوم الخميس الماضي، مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية حداداً على أرواح الشهداء الأربعة الذين قتلهم جيش الاحتلال في اليوم السابق، بالتزامن مع استشهاد الطفل الفلسطيني ريان سليمان (7 سنوات) أثناء مطاردة جنود الاحتلال له قرب بيت لحم.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الطفل سليمان وصل إلى قسم الطوارئ في مستشفى بيت جالا الحكومي، وكان قلبه متوقفاً، وأن جميع محاولات الأطباء لإنعاشه لم تنجح، بعد سقوطه من علوّ فيما كان يهرب من جنود الاحتلال الذين طاردوه لاعتقاله، في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم.
وتزداد حدة التوتر الأمني في الضفة الغربية بعد العدوان على مخيّم جنين، وسط حالة تأهب قصوى في صفوف قوات الاحتلال بالتزامن مع فترة الأعياء اليهودية.
ووصف رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيف كوخافي، العدوان الذي استهدف مخيّم جنين بأنه «عملية معقدة، نُفّذت بمهنية عالية وكان هدفها إحباط تهديد ملموس»، وأضاف «سنواصل الاستعداد لجميع السيناريوهات الممكنة، وسنعمل حسب الضرورة في أي وقت وفي أي مكان من أجل ضمان سلامة سكان دولة إسرائيل».
كذلك اقتحمت مجموعات من المستوطنين المتطرفين، صباح الخميس الماضي، باحات المسجد الأقصى المبارك، من جهة باب المغاربة، بحماية مشددة من قوات الاحتلال. وبحسب مصادر محلية، فقد أدى المستوطنون، صلوات تلمودية في باحات المسجد الأقصى، في خطوة استفزازية لمشاعر المسلمين والمرابطين في المسجد. يُشار إلى أن المئات من المستوطنين اقتحموا باحات المسجد المبارك خلال الأيام الماضية، عشية ما يُسمّى بعيد رأس السنة اليهودية. كذلك أُفيد بإصابة 12 فلسطينياً، صباح الخميس الماضي، خلال مواجهات اندلعت في أعقاب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة دورا جنوب الخليل جنوب الضفة الغربية.
وكانت قد اندلعت يوم الأربعاء المنصرم مواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، في مواقع متفرقة من الضفة الغربية، عقب استشهاد الشبان الأربعة في مدينة جنين شمالي الضفة، عند مدخل مدينتي رام الله والبيرة الشمالي (وسط الضفة) خلال مسيرة نظّمها عشرات الفلسطينيين وطلبة الجامعات، تنديداً بالعملية الإسرائيلية. ونشر ناشطون فلسطينيون مقاطع مصوّرة للاشتباكات في مخيم جنين ولاستهداف منزل عائلة رعد حازم. ووفق شهود عيان، فقد استخدم الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيّل للدموع لتفريق المتظاهرين، في حين رشق الشبان الفلسطينيون قوات الاحتلال بالحجارة وأشعلوا النار في إطارات مطاطية.
وتداول ناشطون صورة لجثة الشهيد الفلسطيني عبدالرحمن حازم، حيث بدت عليها آثار تنكيل وتشويه، بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتفجير رأسه خلال اشتباك مسلح في مخيم جنين، حيث ظهرت في الصورة جثةُ الشهيد حازم، وقد اخترقتها رصاصة من جانب خاصرته اليمنى، ومن دماء الشهيد كتب أحد جنود الاحتلال باللغة العبرية كلمة «النهاية» على جانب جثته الأيمن في صورة تعكس حجم الإجرام الإسرائيلي المتمادي بحق الشعب الفاسطيني.
أما في مدينة الخليل فقد اندلعت مواجهات مماثلة في حي باب الزاوية، وعند المدخل الرئيسي لبلدة عزّون شرقي قلقيلية. كما استهدف مقاومون فلسطينيون نقاطاً عسكرية تابعة للاحتلال شمالي الضفة، وقوة تابعة للجيش الإسرائيلي قرب قرية جبع جنوب جنين.
وفي قرار يؤكد نيات إسرائيل العدوانية ضد الفلسطينيين، قرر كوخافي السماح لجنوده بتنفيذ اغتيالات ضد المقاومين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، من خلال توجيه ضربات جوية باستخدام الطائرات المسيّرة الهجومية، فيما هدّد بتكثيف حملات المداهمات والاعتقالات الليلية التي ينفّذها جنوده وخصوصاً في جنين ونابلس لاعتقال المطلوبين.
في غضون ذلك، نقلت القناة عن مصدر أمني، قوله إن «الشاباك» وأجهزة الأمن الإسرائيلية «تلقّت العديد من الإنذارات حول التخطيط لتنفيذ عمليات كبيرة ضد أهداف إسرائيلية خلال الفترة المقبلة»، لافتةً إلى أن ذلك قد يؤدّي إلى «توسيع عمليات» الاحتلال العسكرية في مدن وبلدات الضفة المحتلة خلال الأيام المقبلة.
Leave a Reply