أكثر من ألفَي مشجّع يلبون دعوة رئيس بلدية ديربورن لمناصرة أسود الأطلس
ديربورن – واكبت الجالية العربية في منطقة ديترويت، الأجواء الحماسية التي رافقت تأهل المنتخب المغربي إلى الدور نصف النهائي في مونديال كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، حيث لبّى ما يربو عن ألفي شخص دعوة رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمّود –الأربعاء الماضي– لتشجيع أسود الأطلس في اللقاء المرتقب مع المنتخب الفرنسي والذي انتهى بفوز «الديوك» بهدفين مقابل لا شيء.
وكان مسرح «مايكل غايدو» في «مركز فورد للفنون»، الذي يتسع لـ1,200 شخص، قد ضاق بأمواج المشجعين الذين ملأوا القاعة قبل ساعة من بدء المباراة، ما دفع المنظمين إلى فتح قاعة «لينكولن» المجاورة لاستيعاب الأعداد المتزايدة التي تدفقت من جميع مناطق الانتشار العربي في منطقة الديربورنين، للاحتفال بأول منتخب عربي يتأهل إلى دور نصف النهائي في تاريخ كأس العالم.
ووزّع المنظمون نحو 500 علم مغربي على الواصلين الأوائل إلى «مركز فورد» البلدي، لكن الأعداد فاقت التوقعات بأكثر من أربعة أضعاف.
وكان حمود قد دعا المشجعين إلى إحضار الأعلام المغربية، قائلاً: «إذا كنت تشجع المنتخب المغربي، فأحضر معك علم المغرب، أما إذا كنت تشجع المنتخب الفرنسي، فأحضر معك علبة المحارم».
وسيطرت مشاعر الحماسة والتفاؤل قبل بدء المباراة على أهازيج وصيحات المشجعين العرب الأميركيين الذين رحبوا قبل إطلاق صافرة البداية بإخوانهم المغاربة في منطقة ديترويت، مع التلويح بالأعلام المغربية والفلسطينية. لكن سرعان ما تغيّر المزاج العام في القاعة المزدحمة بجمهور المتفرجين مع تسجيل المنتخب الفرنسي للهدف الأول في الدقيقة الخامسة عن طريق ثيو هيرنانديز في المباراة التي أُقيمت في ملعب «البيت» بالعاصمة القطرية.
وواصل مشجعو أسود الأطلس تحميس فريقهم طيلة الشوط الأول، يحدوهم الأمل بالتعادل مع الفرنسيين، لاسيما بعد صنع أكثر من فرصة خطيرة. واستمرت أجواء المباراة مشتعلة مع بداية الشوط الثاني إلى أن تمكن الفرنسيون من تسجيل الهدف الثاني في الدقيقة 79، لينقلب المزاج الحماسي داخل الصالة إلى النقيض، باستثناء بعض مشجعي الديوك الذين احتفلوا بمواصلة أبطال العالم لمسيرة الدفاع عن لقبهم في المباراة النهائية.
ورغم النتيجة المخيبة، أبدى المشجعون العرب الذين ينتمون إلى مختلف أطياف الجالية، رضاهم عن الأداء المشرف لأسود الأطلس.
وكان المنتخب المغربي قد حقق إنجازاً تاريخياً بوصوله إلى المربع الذهبي في «مونديال العرب» في قطر، الأسبوع الماضي، بعد فوزه على البرتغال بهدف دون رد، ما أثار عواصف من الإثارة والتفاؤل على امتداد الوطن العربي والقارة الإفريقية، إلى جانب العديد من الأوساط الكروية والسياسية والإعلامية حول العالم.
وبعد خسارته أمام منتخب الديوك، الأربعاء الماضي، سينافس المنتخب المغربي على المركز الثالث بمواجهة كرواتيا هذا السبت، في ما سيخوض المنتخب الفرنسي المباراة النهائية بمواجهة الأرجنتين، يوم الأحد المقبل.
تجاوب مذهل
عقب انتهاء المباراة، صعد رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود إلى خشبة المسرح، وشكر الحاضرين على تلبية دعوته، واصفاً الفعالية بأنها «أكثر من رائعة»، ومشيداً بالأداء اللافت للمنتخب المغربي رغم خسارته المباراة.
وأوضح أول عربي وأول مسلم يترأس بلدية المدينة التي تضم 108 آلاف نسمة، حوالي نصفهم من العرب الأميركيين، بأن تجاوب الجمهور مع دعوته كان «مذهلاً»، وقال: «لا يمكننا أن نكون أكثر حماساً، ونحن نقرن روح مجتمع ديربورن بإثارة هذه المباراة التاريخية في كأس العالم»، لافتاً إلى رغبة مجتمع المدينة في تنظيم المزيد من الفعاليات التي تجمع الناس ببعضهم البعض، خاصة خلال أشهر الطقس البارد.
ولفت حمود إلى أن استجابة الجمهور شكلت جزءاً لا يتجزأ من نجاح الفعالية الجماهيرية، وقال «إن أهمية ديربورن تتمحور حول الصداقة الحميمة والثقافة والتواصل»، مؤكداً بأن إدارته ستواصل البحث عن إتاحة فرص للسكان لكي يكوّنوا ذكريات تدوم مدى الحياة حول فعاليات المدينة.
مشجعو الأسود
صالح، هو يمني من مدينة ملفينديل، حيّى المنتخب المغربي الذي لم يحالفه الحظ بالفوز في المباراة رغم قوة أداء لاعبيه وروحهم القتالية، وقال: «هذه هي كرة القدم، كنا نتمنى أن يفوز أشقاؤنا المغاربة، وأن يتأهلوا إلى الدور النهائي، ولكن هكذا شاءت الأقدار».
وأكد صالح في حديث مع «صدى الوطن» بأن أسود الأطلس رفعوا اسم العرب جميعاً في مونديال قطر التي نجحت في تنظيم واحد من أجمل مونديالات كأس العالم، منوّهاً بأن المفاجآت المتلاحقة التي سجلها أصحاب القمصان الحمر نجحت في كسر الصور النمطية عن الفرق العربية والإفريقية، وقال: «يكفي فخراً أنهم أول فريق عربي وأول فريق إفريقي بتأهل إلى دور نصف النهائي».
إبراهيم الذي جاء مع أصدقائه اللبنانيين من ديربورن هايتس لمساندة المنتخب المغربي، أعرب عن حزنه الشديد لخروج المغرب من المونديال بنتيجة قاسية، وقال: «كان لدي رهان كبير مع الكثير من زملائي وأقاربي بأننا سنحسم المباراة لصالحنا، ولكن تسجيل الفرنسيين في الدقائق الأولى غيّر مجريات اللعب».
واستدرك ابراهيم بالإشارة إلى أن أسود الأطلس أهدروا «على الأقل» فرصتين كان من شأنهما تحقيق التعادل، ولكن المباريات لا تجري بحسب رغبة المتفرجين والمشجعين، على حد تعبيره.
ولفت إبراهيم إلى تطور كرة القدم في أقطار المغرب العربي، على عكس الأقطار المشرقية والخليجية، مؤكداً بأن المغرب والجزائر تمتلكان الكثير من المواهب الكروية واللاعبين المحترفين في الأندية الأوروبية.
أما ملك، وهي مغربية تعيش مع أسرتها في ديربورن، فقد أعربت لـ«صدى الوطن» عن تأثرتها الشديد بحشود المشجعين الذين جاؤوا لدعم منتخب بلادها، وقالت خلال الاستراحة بين الشوطين: «آمل أن يتمكن فريقنا من تعديل النتيجة والفوز في نهاية المطاف»، مضيفة: «لقد عشنا خلال هذا المونديال أمتع اللحظات بمواكبة صعود منتخبنا إلى المربع الذهبي».
وأكدت ملك على مشاعر إعجابها بالفريق المتألق، «ليس لأنه مغربي فقط، ولكن لأنه أشعل لدى كافة الشعوب العربية مشاعر الوحدة والألفة من المحيط إلى الخليج».
وأشارت صديقتها سارة، وهي مغربية أيضاً، إلى أن المغاربة الأميركيين يعيشون «أوقاتاً خاصة في هذه المباراة» التي استقطبت المشجعين العرب من كافة الأقطار العربية، وقالت: «أشعر وكأنني في بيتي، وفي موطني».
وأعرب عبدالملك عن شعوره بالإحباط لخسارة أسود الأطلس، وقال: «مع أنني من مشجعي رونالدو إلا أنني فرحت بفوز المغرب على البرتغال، وكنت أحلم بأن نصل إلى الدور النهائي لكي يسحقوا ميسي»، وبدا تعليق عبدالملك مناكفة لأحد أصدقائه المولعين بالنجم الأرجنتيني.
سهام، وهي فلسطينية من مدينة ليفونيا، قدمت مع عائلتها وأقاربها لتحية «الفريق المغربي الذي لم ينسَ لاعبوه أن يرفعوا العلم الفلسطيني في احتفالات الفوز»، وبينما تتدثر بعلم فلسطيني كبير وتلوح بعلم مغربي بيدها، قالت: «جئت لكي أرد الجميل لشعبنا المغربي، ولكي أقول نحن شعب واحد وأمة واحدة رغم كل الحدود المصطنعة».
ياسين، وهو جزائري يعيش في وستلاند، أشاد بمبادرة رئيس بلدية ديربورن لتنظيم الفعالية التي جمعت العرب الأميركيين في منطقة ديترويت، مؤكداً بأن الفريق المغربي سجل العديد من الإنجازات خلال المونديال الحالي، وقال: «لقد وحّد أسود الأطلس مشاعرنا وأمانينا في أوطاننا الأم، وجمعنا هنا في مغتربنا بمدينة ديربورن».
أنصار الديوك
ورغم الحضور الجارف لمشجعي الفريق المغربي، سجلت «صدى الوطن» حضور عشرات العرب الأميركيين المتلفعين بالعلم الفرنسي، الذين لم يخفوا فرحتهم بفوز منتخب الديوك على الفريق العربي.
وأعرب أنس الذي يتحدر من أصول جزائرية عن رأيه بأن المنتخب الفرنسي «هو الأفضل» وأنه يستحق الاحتفاظ بالكأس للمرة الثانية على التوالي، وقال: «إنني أتعاطف مع الفريق المغربي، ولكن علينا أن لا نخلط كرة القدم بالسياسة والتاريخ والدين، ففي النهاية أنت تشجع الفريق الذي تحبه».
وتابع أنس أن كرة القدم تقوم على الكثير من المشاعر العاطفية، وقال: «على الرغم من التاريخ الملتبس بين فرنسا والجزائر، إلا أن الرياضة شيء والسياسة هي شيء آخر تماماً، ثم لا ننسى أن اللاعبين الجزائريين لهم إسهاماتهم الكبيرة في تاريخ الكرة الفرنسية، خاصة زين الدين زيدان وكريم بنزيمة وغيرهما من اللاعبين الآخرين».
أما صديقه عبدالله فقد عزا تأييده لمنتخب الديوك إلى نصفه الفرنسي، وقال: «نصفي لبناني ونصفي الآخر فرنسي، وقد ولدت في مدينة مرسيه الفرنسية، وجئت لأشجع فريقي المفضل».
وأضاف: «بصراحة، لقد أدى المغربيون أداء جيداً خلال المباراة ولكنه لم يكن كافياً لإحراز النصر أو حتى التعادل». وأردف بحماسة: «عندما تلعب مع الفرنسيين، من الطبيعي أن تكون الخاسر، لدينا فريق رائع أعتقد أنه سيتمكن من هزيمة الأرجنتين والاحتفاظ بالكأس للمرة الثانية».
وذهب زميلهم حسين، العراقي الأصل، إلى أبعد من ذلك، عندما قال بأن الفريق المغربي وصل إلى المربع الذهبي بسبب الحظ، وقال: «هذه هي كرة القدم، الحظ أحياناً يلعب دوراً حاسماً، من يصدق بأن البرازيل فشلت بالتأهل إلى الدور نصف النهائي»، وأضاف: «في هذه المباراة، كان الفرنسيون هم الأفضل، وقد استحقوا الفوز عن جدارة، حظأ أوفر للمغاربة».
مشاركة اجتماعية
رافق الفعالية تقديم خدمات الطعام والشراب من قبل عدة مطاعم وشركات غذائية، وقد انفرد كل من مطعم «بافز بيتزا» وشركة «إمداد» بتوزيع منتجاتهما بالمجان، حيث قام الأول بتقديم 150 قطعة من الحجم الكبير و200 علبة من المشروبات الغازية، فيما قامت «إمداد» –التي تُعنى بتسويق منتوجات شركة «لونا» للمشروبات والأغذية المعلبة– بتوزيع 1,200 علبة من الموكا والقهوة المثلجة.
وأكد صاحب مطعم «بافز»، أحمد صالح أن مبادرته بتوزيع البيتزا المجانية تندرج ضمن «رد الجميل للمجتمع في المقام الأول، ولتشجيع المنتخب المغربي في مونديال قطر»، وردد صاحب شركة «إمداد» عبدالعزيز العيسائي صدى أقوال صالح، وقال: «جئنا إلى هنا لتقديم مشروباتنا من القهوة والموكا للجميع، فأهلاً بك سواء كنت مشجعاً للمنتخب الفرنسي أو المغربي، ففي النهاية جميعنا عرب وأخوة… نحن شعب واحد
Leave a Reply