ديربورن – عدلت إدارة «مهرجان السحور» الرمضاني في ديربورن عن قرارها بإلغاء المهرجان هذا العام، مؤكدة إقامة نسخته الرابعة في مركز «فيرلين» التجاري، مع تعديلات جديدة تتضمن تجهيزات الوقاية من برودة الطقس وهبوب الرياح، إضافة إلى زيادة الرسوم على الباعة والزوّار لتغطية التكاليف الناجمة عن غلاء أسعار المواد الإنشائية وأجور الأيدي العاملة.
وأفاد مؤسس المهرجان حسن الشامي لـ«صدى الوطن» بأن المهرجان سيقام بموعده في رمضان القادم، و«بنفس الموقع الذي أقيم فيه السنة الماضية»، وذلك ضمن مواقف السيارات المقابلة لمتجر «سيرز» في مركز «فيرلين» التجاري، معرباً عن ثقته بأن النسخة الرابعة من المهرجان ستجذب المزيد من المستثمرين والزوار، بعد النجاح الهائل الذي حققه في العام الماضي، في ظل تعطش المسلمين الأميركيين في المنطقة للمشاركة والتمتع بالأجواء الاجتماعية الخاصة بالشهر الفضيل.
وأشار الشامي إلى أن القرار الأولي بإلغاء «مهرجان السحور» تسبب بكثير من البلبلة والتكهنات غير الصحيحة في أوساط المجتمع المحلي، مؤكداً بأن الارتفاع الكبير في أسعار المواد التجارية وتكاليف التحضيرات وأجور الأيدي العاملة كان «السبب الوحيد وراء ذلك القرار».
وقال الشامي: «لقد زادت تقديراتنا الأولية لتكاليف هذا العام، عن ضعف مصاريف السنة الماضية، بسبب التضخم الكبير الذي تشهده البلاد، لذلك ارتأينا التريث وعدم إقامة المهرجان في رمضان المقبل»، لافتاً إلى أن تكاليف مهرجان العام الماضي، بلغت أكثر من 220 ألف دولار، فيما قد تصل هذا العام إلى ضعف هذا المبلغ.
وأضاف: «في الوقت نفسه، كنا نفكر بطريقة لتفادي برودة وتقلبات الطقس، لذلك سعينا للبحث عن مبنى ضخم يضم موقفاً كبيراً للسيارات، بحيث يكون قادراً على استيعاب آلاف الزوار وعشرات الأعمال التجارية خلال أيام الجمعة والسبت، التي تقام فيها عادة فعاليات المهرجان»، مستدركاً بالقول: «لكن ذلك الأمر كان شبه مستحيل، لعدم وجود مثل ذلك المبنى في منطقتنا».
وبحسب المنظمين، قصد حوالي 70 ألف زائر، مهرجان السحور في رمضان الماضي، الذي ضمّ 54 بائعاً قدّموا مختلف أنواع المأكولات والمشروبات، بدءاً من الأطباق الشرق أوسطية وصولاً إلى الأطباق الأميركية التقليدية، بالإضافة إلى احتوائه على ألعاب ترفيهية وخيمة مركزية كبيرة ومسرح وشاشة عرض ضخمة.
تصميم مختلف
الشامي، وهو شريك في ملكية صيدلية «هيلث برو» بمدينة ديربورن هايتس، لفت إلى أن المنظمين وجدوا حلاً لتجنب تأثيرات الطقس البارد والرياح الشديدة التي تسببت السنة المنصرمة بإغلاق المهرجان خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي، مشيراً إلى أن التعديلات الجديدة ستتضمن إنشاء مساحة عملاقة «مغلقة ومغطاة ومكيفة».
وبحسب الشامي، فإن مساحة الموقع التي تزيد عن 75 ألف قدم مربع، سيتم توزيعها على خيمة عملاقة (حوالي 50 ألف قدم مربع) لتقام بداخلها كافة الأعمال التسويقية والأنشطة الترفيهية، ما عدا عربات الطعام (فود تراك) التي ستزاول أعمالها ضمن المنطقة المكشوفة، بمساحة تربو على 25 ألف قدم مربع.
وقال الشامي، اللبناني الأصل، «سوف ننصب خمس خيمات كبيرة بجوار بعضها البعض من أجل إنشاء هذه الخيمة العملاقة، وسوف نزودها بوسائل التدفئة المناسبة.. إذ نتوقع أن يكون رمضان الحالي أكثر برودة كونه يزحف باتجاه الشتاء حوالي عشرة أيام كل عام».
ويصادف رمضان 2023 في الفترة الممتدة بين 22 آذار (مارس) ولغاية 21 أبريل المقبل، وفقاً للحسابات الفلكية.
حسن الشامي: المهرجان أصبح أكبر مني ومن ديربورن .. ولا خلاف مع رئيس البلدية
ارتفاع التكاليف
أكد الشامي بأن غلاء الأسعار وتكاليف التحضيرات الجديدة رفع التقديرات الأولية لتكاليف المهرجان إلى ما يزيد عن 400 ألف دولار، ما دفع المنظمين إلى التفكير بإيقاف «مهرجان السحور» ريثما «تتضح الصورة»، وفقاً لتعبيره.
وأدى الإعلان عن توقيف مهرجان السحور الرمضاني إلى «خيبة أمل» لدى شرائح واسعة في أوساط العرب والمسلمين بمنطقة الديربورنين، بحسب الشامي الذي قرر إعادة التفكير بإقامته «بعد استمزاج آراء الناس»، فبادر إلى نشر مقطع مصور تطرق فيه إلى خطة المنظمين برفع الرسوم على الباعة والزوار لتغطية التكاليف الباهظة.
وقال الشامي: «لقد تلقينا دعماً منقطع النظير من معظم المتصفحين إلى جانب العديد من الفعاليات والأعمال المحلية في منطقتنا.. ردود الفعل كانت أكثر من رائعة، وحوالي الثلثين من المعلقين أبدوا تفهماً كبيراً للعوائق التي تعترضنا، وأسباب زيادة الرسوم»، مضيفاً أن غلاء أسعار المواد وأجور الأيدي العاملة «ليس سراً، وأن الجميع باتوا يعرفون ويتفهمون ذلك».
وأوضح بأن إدارة المهرجان رفعت رسوم عربات الطعام إلى 2,800 دولار للعربة الواحدة، ورسوم باقي الأعمال التجارية إلى 1,800 دولار، أما باعة البضائع والملبوسات الإسلامية المتعاقدون مع المنظمين، فسوف يسمح لهم بالمشاركة «مجاناً».
كما قال الشامي إن رسم الدخول سيتم رفعه من دولار واحد إلى خمسة دولارات للشخص الواحد، وإلى عشرة دولارات للعائلة الواحدة. وقال: «يمكن للأفراد والعائلات أن يشتروا التذاكر من الموقع الإلكتروني للمهرجان، وأن يقوموا بطباعتها لتمريرها على أجهزة المسح (سكانر) التي سنقوم بتوفيرها عند المداخل، كما يمكنهم شراؤها نقداً (كاش) في الموقع».
خلافات مزعومة
في سياق آخر، نفى الشامي التكهنات التي عزت توقيف المهرجان إلى الخلاف مع رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود على خلفية قضية الكتب ذات المضامين الجنسية الفاضحة بمكتبات المدارس العامة في المدينة، والتي تسببت –العام المنصرم– بانقسامات حادة بين المؤيدين والمعارضين.
وكان الشامي من بين المطالبين بحجب الكتب التي تتناول مواضيع المثلية الجنسية من المكتبات المدرسية، كما شارك في العديد من المناسبات التربوية والسياسية للإفصاح عن موقفه الذي لا ينسجم مع توجهات معظم المسؤولين في بلدية ديربورن، وفي مقدمتهم رئيس البلدية حمود.
وأكد الشامي بأن التباين في المواقف ووجهات النظر حول قضية الكتب المدرسية «لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالقرار الأولي لإلغاء المهرجان»، وقال: «جماعتنا يحبون القيل والقال، ولكن مهرجان السحور أكبر مني وأكبر من ديربورن»، مضيفاً بأن رئيس البلدية «شخص منفتح وحصيف، وأكبر من أن يكون عائقاً أمام المهرجان الذي بات أحد أهم الفعاليات الترفيهية في منطقة ديربورن».
وأردف بالقول: «إن اختلافنا بالآراء لن يمنع حمود من دعم مهرجان السحور بكل طاقته، كما أنه لن يمنعني من بذل أقصى ما أستطيع لإنجاح هذا المهرجان الذي أطلقته من أجل رد الجميل لمجتمعي بالدرجة الأولى».
وحول التصاريح المطلوبة لإقامة مهرجان السحور في رمضان المقبل، أكد الشامي «بأن الأمور تسير على أكمل وجه» معرباً عن أمله بأن تحقق النسخة الرابعة من مهرجان السحور «نجاحاً باهراً» رغم جميع الصعوبات والعوائق. وقال: «نتوقع هذا العام مشاركة أكثر من 60 بائعاً، ومزيداً من رواد المهرجان الذي حقق سمعة طيبة في منطقة ديربورن تجاوزت أصداؤها حدود ميشيغن إلى العديد من الولايات الأخرى».
نبذة عن تاريخ المهرجان
وكان «مهرجان السحور» قد استهلّ نسخته الأولى ببداية متواضعة عام 2018، عبر نصب خيم محدودة لتقديم وجبات السحور في موقف إحدى محطات الوقود في ديربورن، لكنه سرعان ما سجّل نجاحاً باهراً في العام التالي، عندما أقيم المهرجان في مركز «هايب» الرياضي بمدينة ديربورن هايتس.
وبعد توقف لمدة عامين بسبب وباء كورونا، عاد المهرجان بنسخته الثالثة إلى ديربورن، حيث أقيم –العام الماضي– على مساحة تزيد عن 75 ألف قدم مربع في مركز «فيرلين» التجاري، خلال عطل نهاية الأسبوع، بدءاً من 8 نيسان (أبريل) ولغاية 30 أبريل الماضي.
ويستقبل مهرجان السحور الزوار يومي الجمعة والسبت من الساعة 11 مساءً وحتى الثالثة صباح اليوم التالي، على مدار شهر الصوم.
ولم يفرض المهرجان رسوم دخول في نسختيه الأولى والثانية، لكنه عمد في نسخته الثالثة إلى فرض رسم رمزي بمقدار دولار واحد لكل زائر، وتم رفع الرسوم إلى خمسة دولارات في الموسم الحالي، على أن تذهب جميع المبالغ المحصلة لدعم الجمعيات الخيرية في منطقة ديربورن.
وارتأى المنظمون إنشاء مداخل للمهرجان لفرض رسم الدخول، وتذكير الزوار بقواعد السلوك العام وضرورة التقيد بها، بما يتماشى مع روح المهرجان ذي الطابع الإسلامي والعائلي، مع التنويه إلى أن «مهرجان السحور» يرحب بالزوار غير المسلمين، الراغبين بالاستمتاع بليالي الشهر الفضيل مع جيرانهم المسلمين.
ورغم النجاح الذي حققه «مهرجان السحور»، إلا أن نسخته الثالثة التي اجتذبت عشرات آلاف الزوار، أثارت موجة من الجدل والاستياء في بعض الأوساط الدينية والاجتماعية التي حمّلت إدارته مسؤولية إبعاد الكثير من الشباب المسلم عن ارتياد المساجد والمراكز الدينية خلال شهر الصوم.
ووجه أحد رجال الدين المسلمين انتقادات لاذعة للمهرجان الذي تسبب –على حد زعمه– بإبعاد شرائح واسعة من الشباب المسلمين عن المساجد خلال شهر رمضان، محذراً مما أسماها أنشطة وسلوكيات تتنافى مع «قيمنا الأخلاقية والدينية»، مثل الاختلاط الفاضح وتعاطي المواد المخدرة.
Leave a Reply