شيكاغو – وجدت دراسة حديثة صادرة عن «جامعة إيلينوي»، أن العرب الأميركيين في منطقة شيكاغو الكبرى، يعانون من التهميش والتمييز وعدم المساواة سواء في العمل أو التعليم أو الصحة وصولاً إلى تعامل الشرطة معهم، وهو ما يتطلب –بحسب نتائج الدراسة– استحداث فئة إثنية خاصة بهم في التعداد السكاني القادم للتأكد من حصولهم على حقوقهم المدنية أسوة بسائر المواطنين.
وأكد الباحثون في «معهد أبحاث العرق والسياسة العامة» التابع لـ«جامعة إيلينوي–شيكاغو» UIC، أن النتائج التي توصلوا إليها ليست سوى دليل إضافي على فشل الوكالات والمنظمات المحلية في تلبية احتياجات العرب الأميركيين في منطقة شيكاغو، بالرغم من أنهم يشكلون شريحة أساسية من سكان المنطقة التي تعرف باسم «شيكاغو لاند».
وأجريت الدراسة بالتعاون مع منظمات غير ربحية محلية، عبر إجراء 12 حلقة نقاشية مع عرب أميركيين من سكان المنطقة، واستطلاع آراء نحو 500 شخص منهم.
وبحسب المراقبين، تؤكد نتائج الدراسة، الحاجة إلى قيام القطاعين العام والخاص باعتماد فئة عرقية جديدة تمثل السكان المتحدرين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENA، وهو الأمر الذي بدوره يتطلب جمع البيانات عن العرب الأميركيين في مجالات الصحة وإنفاذ القانون والخدمات الاجتماعية وغير ذلك.
ولطالما اعتُبر العرب الأميركيون إنهم من «البيض» في الإحصائيات والمعاملات الحكومية المختلفة، وهو الأمر الذي اعتبره الباحثون عائقاً لا يمكن تجاوزه في عملية جمع البيانات الضرورية لفهم احتياجات هذه المجموعة السكانية.
وفي مثال على ذلك، أورد تحقيق لشبكة «سي بي أس» أن العرب الأميركيين سجلوا معدل وفيات مرتفعاً خلال ذروة جائحة كورونا، غير أن الجهات الحكومية لم تكن لديها فئة منفصلة لتتبع هذه المجموعة الإثنية والتعرف على احتياجاتها خلال الوباء، وهو ما حرم المنظمات العربية الأميركية بمنطقة شيكاغو من الحصول على الموارد اللازمة لمساعدة السكان.
الاعتداء اللفظي والتهديدات العنصرية جزء من الحياة اليومية للعرب في شيكاغو
ووفقاً لبيانات تعداد الولايات المتحدة، يعيش أكثر من 100 ألف عربي أميركي في شيكاغو، ويشكلون حوالي 90 بالمئة من مجموع العرب في ولاية إيلينوي بأكملها، ولكن نظراً لعدم وجود فئة وبيانات شاملة حولهم، يُعتقد أن هذا الرقم أقل بكثير من عددهم الحقيقي.
وتضم منطقة شيكاغو الكبرى جالية عربية كبيرة ومتنوعة، لاسيما من الفلسطينيين والأردنيين والمصريين، كما تضم أعداداً غير معلومة من العرب المسيحيين المتجذرين في المنطقة منذ ما قبل انهيار السلطنة العثمانية.
وفي هذا الإطار، حرصت دراسة جامعة UIC على فحص تجارب المجتمع العربي الأميركي من خلال «عدسة تاريخية» من خلال تتبع المهاجرين الأميركيين العرب الأوائل في شيكاغو حتى عام 1899، ومناقشة كيف منذ ذلك الحين عانى هذا المجتمع بشكل فريد من التهميش وعدم الاعتراف.
وقال معدّو الدراسة: «في حين أن قوالب التنميط والتمييز تجعل العرب الأميركيين مرئيين للغاية في العديد من الأماكن، إلا أنهم غالباً ما يكونون غير مرئيين على الورق، لأن تجاربهم لا تُحسب في البيانات الرسمية».
عنصرية فادحة
وبهدف جمع البيانات الكمية لأول مرة عن هذه المجموعة في شيكاغو، أجرى فريق الباحثين ومنظمات المجتمع المشاركة في الدراسة، استطلاعاً لآراء 496 عربياً أميركياً بين كانون الأول (ديسمبر) 2020 وأيلول (سبتمبر) 2021، وأفاد المشاركون في الاستطلاع عن مستويات عالية من التنميط والتحيز ضدهم.
وقدم المشاركون في الاستطلاع -بالتفصيل- أمثلة مزعجة للعنصرية المعادية للمسلمين والعرب، بما في ذلك تعرضهم للإهانات والمضايقات من قبل موظفي المدارس وإدارة النقل والشرطة.
وقالت إحدى النساء المشاركات في الاستطلاع إنها اختارت خلع حجابها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بسبب رد الفعل العام، وشمل ذلك صراخ الناس بها: «عودي إلى أفغانستان!»، كما أن التحديق نحوها في الأماكن العامة كان كثيراً ومستفزاً للغاية.
ووصفت امرأة أخرى تفاعلها مع الشرطة حين تم إيقافها في سيارتها الصغيرة بسبب ملصق ترخيص منتهي الصلاحية، وقالت إنه تم توقيفها بشكل من المفترض أنه روتيني، لكن الأمر تصاعد وصرخت الشرطية في وجهها وقالت: «اخرجي من سيارتك»، وأجبرتها على خلع حجابها، وعندما ارتبكت بسبب ما يحدث، تم اعتقالها وتكبيل معصمها بشدة لدرجة أنها كانت تعاني من كدمات.
وقالت المرأة في الاستطلاع: «أستطيع أن أقول بصدق أن الأمر كان مؤلماً بالنسبة لي، أنا أم لخمسة أطفال، وأنا مواطنة ملتزمة بالقانون، أقود شاحنة صغيرة، وقد عوملت كمجرمة متشددة».
وكتب معدو الدراسة: «باختصار، الاعتداء اللفظي والتهديدات والتنميط والتحيز هي جزء كبير من الحياة اليومية للأميركيين العرب في شيكاغو».
وتجدر الإشارة إلى أن عرب شيكاغو يتركزون ضمن مدينتي بريدجفيو وشيكاغو ريدج بالإضافة إلى بعض الضواحي الأخرى.
وذكر التقرير أن «المشاركين في الاستطلاع أكدوا أن قمع آرائهم السياسية في المدارس غالباً ما يتخذ شكل عنصرية معادية للفلسطينيين، حيث يقوم المعلمون وموظفو المدرسة الآخرون بمراقبة وإسكات المناقشات النقدية للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين»، وغالباً ما تسببت هذه التجارب في المدرسة في تردد الطلاب قبل الإبلاغ عن التنمر والتحرش.
كما شارك بعض الأفراد، تجارب مماثلة مع أجهزة إنفاذ القانون، ففي عدة أمثلة أبلغ السكان العرب، الشرطة بالحوادث، لكنهم قالوا إنهم تلقوا القليل من الرد أو لم يتلقوا أي رد، كما قالوا إن تعامل الشرطة معهم قد أوحى لهم إحساساً بالتوتر والتحقير والتعالي.
وجد التقرير أن نقص البيانات والفهم التاريخي عن العرب الأميركيين يجعل من الصعب على مجتمعاتهم تلبية احتياجاتهم، وقال المؤلفون إن «البحث يؤكد من جديد قيود البيانات الموجودة على التجارب العربية الأميركية مع العنصرية، ويؤكد الضرر الناجم عن عدم وجود فئة بالمجتمع تخص الأفراد القادمين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
Leave a Reply