ديربورن – تواجه مدينة ديربورن دعوى قضائية هي الثالثة من نوعها خلال ثماني سنوات، حيث تطالب عائلة الفقيد علي ناجي بتعويضات مالية تصل إلى عشرة ملايين دولار عن مقتله في مقر شرطة المدينة قبل حوالي ثلاثة أشهر.
ووفقاً للمعلومات المتوفرة حول الحادثة الأليمة، كان علي ناجي (33 عاماً) –وهو لبناني أميركي من سكان ديربورن– قد دخل إلى مبنى الشرطة عصر يوم الأحد 18 كانون الأول (ديسمبر) المنصرم، وهو يحمل مسدساً مخفياً، قبل أن يقوم بإشهاره محاولاً إطلاق النار على أحد الضباط العاملين في مكتب الاستقبال المحمي بزجاج واقٍ من الرصاص. وبينما حال عطل تقني –على الأرجح– دون إطلاق أية أعيرة نارية من مسدس ناجي، بادر الشرطي إلى سحب الزجاج العازل بينهما وأطلق عليه عدة أعيرة تسببت بمقتله على الفور.
وأقرت السلطات بأن ناجي كان يعاني من أمراض عقلية ونفسية مزمنة، إلا أنها لم تكشف عن اسم الضابط المتورط في الحادثة مكتفية بإحالته إلى إجازة إدارية ريثما تُستكمل التحقيقات التي تجريها شرطة ولاية ميشيغن.
وبحسب تقرير الشرطة، حاول ناجي مهاجمة عناصر الدائرة بمسدس من عيار 9 ملم، كان قد سرقه قبل فترة وجيزة من اقتحام مقر الدائرة.
وقال المتحدث باسم شرطة الولاية مايك شو إن الضابط الذي قتل ناجي، لم يكن لديه خيار آخر سوى اللجوء إلى «إجراء دفاعي»، مضيفاً في مؤتمر صحفي عقده عقب الحادث، بأن الموقف كان حرجاً للغاية، وأن الظروف اقتضت الاستجابة السريعة من قبل الضابط المناوب.
وأوضح شو بأنه من غير المعروف مدى مقاومة الزجاج للرصاص، لكن المؤكد بأن ناجي «كان في نيّته إيذاء شخص ما».
في موازاة ذلك، أشار المحامي نبيه عياد بأنه تولى سابقاً الدفاع عن ناجي في قضية تعود لعام 2017، وقد أسفرت عن وضع الشاب اللبناني الأصل تحت المراقبة بعد إقراره بالذنب بتهمة الاعتداء على موظف سجن، والتسبب في إصابة ضابط شرطة، وفقاً لسجلات محكمة مقاطعة وين، التي تشير إلى أن ناجي كان محتجزاً بتهمة الإحراق المتعمد من الدرجة الثالثة في قضية أخرى تعود إلى العام 2016.
وأفاد عياد أن تهم الاعتداء المذكورة نابعة من مهاجمة ناجي لأحد حراس السجن أثناء احتجازه في قضية الإحراق المتعمد، لافتاً إلى أن موكله سبق أن تم تشخيصه بمشاكل تتعلق بالصحة العقلية. وأوضح أن ناجي حُكم عليه –حينها– بالخضوع للمراقبة والعلاج النفسي المكثف.
وتعتبر مشاكل الصحة العقلية سبباً وراء العديد من الحوادث المأساوية التي تورطت بها شرطة ديربورن خلال العقد الأخير، بما فيها حوادث القتل المتعسّف التي أودت في عام 2015 بحياة إفريقي أميركي يُدعى كيفن ماثيوز، إلى جانب مقتل الإفريقية الأميركية جانيت ويلسون في موقف السيارات التابع لمركز «فيرلين» التجاري، عام 2016.
ورفعت عائلتا ماثيوز وويلسون دعويين قضائيتين ضد مدينة ديربورن، طالبتا بدفع تعويضات بمقدار عشرة ملايين دولار إلى أقارب الضحيتين، وانتهت كلتاهما إلى تسوية قضائية بقيمة 1,25 مليون دولار بين الأطراف المتنازعة.
وفيما لم تُعرف –بعد– الأسباب التي دفعت ناجي إلى التوجه بالمسدس المسروق إلى دائرة الشرطة، فقد كلفت عائلة الضحية، مكتب «هول ومقلد» للمحاماة، برفع دعوى قضائية تتهم دائرة شرطة ديربورن بارتكاب القتل التعسفي واستخدام القوة المفرطة، مطالبة بدفع تعويضات بقيمة 10 ملايين دولار لأسرة ناجي.
الدعوى الموجهة ضد دائرة الشرطة والضابط الذي أطلق الرصاص، وصفت ناجي بأنه كان «شخصاً مميزاً للغاية»، لافتة إلى أنه قتل جراء إصابته بعد أعيرة نارية في الرأس والصدر والبطن والحوض والساقين بالإضافة إلى ذراعه اليسرى.
وأشارت الدعوى إلى أن عائلة ناجي لجأت إلى مقاضاة المدينة ودائرة الشرطة بسبب القتل غير المشروع، إلى جانب استخدام القوة المفرطة، قائلة بأن الضابط «لم يفعل ما يكفي لتهدئة الوضع».
وأوضحت الدعوى بأن الضباط المتّزنين يدركون عدم قانونية تصرف زميلهم في مثل تلك الظروف، والذي يعتبر انتهاكاً واضحاً لحقوق ناجي الدستورية، التي تحميه من أن يكون هدفاً للقوة المميتة غير المشروعة.
ولفت محامي عائلة ناجي، أمير مقلد، إلى أن الضابط الذي قتل الضحية اللبناني الأصل، فشل في اتخاذ أية تدابير لتهدئة الموقف، وأن الضابط اعتبر بأن الموقف مناسب لإطلاق النار عليه وقتله.
وزعمت الدعوى أيضاً بأن دائرة شرطة ديربورن لديها «سياسة غير دستورية» لاستخدام القوة المفرطة، مستشهدة بحادثتي إطلاق الرصاص على كيفن ماثيوز عام 2015، وجانيت ويلسون عام 2016.
وكان ماثيوز (33 عاماً) قد لقي مصرعه في عام 2015 برصاص أحد ضباط شرطة ديربورن بعد عراك ومطاردة على الأقدام داخل حدود مدينة ديترويت، بعد الاشتباه بسرقته مشروب طاقة من محطة وقود في وقت سابق. وقد تمت تبرئة الشرطي باعتباره أقدم على فعلته دفاعاً عن النفس، مع الإشارة إلى أنه انتحر في وقت لاحق.
أما جانيت ويلسون (31 عاماً) فقد قضت بعدة أعيرة نارية أطلقها عليها شرطي آخر وهي داخل سيارتها، أثناء محاولتها الفرار من الشرطة عقب احتكاك مع عناصر الأمن في مركز «فيرلين» التجاري، عام 2016.
وجاء في الدعوى التي أقامتها عائلة ناجي، أن طريقة تعامل شرطة ديربورن مع الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عقلية ونفسية كان «السبب المباشر» الذي أدى إلى مقتل ناجي، منوهة بأن المدينة فشلت في تنفيذ أو تطبيق السياسات والإجراءات المناسبة للتعامل مع الحوادث التي تورط فيها أفراد مسلحون مع دائرة شرطة ديربورن.
وقالت الدعوى إن إدارة المدينة فشلت في التدريب أو الإشراف على الضابط الذي أطلق الرصاص على ناجي وأرداه قتيلاً.
إلى جانب ذلك، تقاضي عائلة ناجي، دائرة الشرطة بتهم الاعتداء والإهمال الجسيم، وانتهاك «قانون الأشخاص ذوي الإعاقة»، و«قانون حرية الحصول على المعلومات»، بسبب امتناع السلطات الإفراج عن لقطات الفيديو المسجلة للحادثة.
كما استشهدت الدعوى بعدة حوادث أخرى خلال السنوات التسع الماضية، بما فيها حادثة دخول رجلين مسلحين، من نشطاء حمل السلاح، إلى الدائرة عام 2017، وقيامهما بالتصوير والبثّ المباشر عبر موقع «فيسبوك»، ما أدى إلى اعتقالهما وإحالتهما إلى المحكمة التي حكمت على أحدهما بالسجن لمدة تسعة أشهر، وعلى الآخر بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات.
وتعليقاً على هذه الحادثة، علّق القاضي في قضية الرجلين بأنهما كانا «محظوظين» لأن ضباط شرطة ديربورن كان لديهم في ذلك اليوم الانضباط والصبر في تجنّب إطلاق الرصاص عليهما.
Leave a Reply