ديترويت – بعد أشهر من استكشاف حظوظه في سباق عضوية مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ميشيغن، أطلق رجل الأعمال اللبناني الأصل، ناصر بيضون، حملته الانتخابية للفوز ببطاقة الحزب الديمقراطي، بعقد مؤتمر صحفي أمام محطة وقود في ديترويت، الأربعاء الماضي، حيث أكد أنه سيكون نصير الأعمال التجارية الصغيرة في حال حالفه الحظ لخلافة السناتور الديمقراطية ديبي ستابينو التي قررت عدم الترشح للاحتفاظ بالمقعد الذي تشغله منذ عام 2001.
رجل الأعمال العربي الأميركي يطلق حملته الانتخابية من أمام محطة وقود في ديترويت
ويخوض بيضون (58 عاماً)، السباق التمهيدي المقرر في آب (أغسطس) 2024 على لائحة الحزب الأزرق التي تضم حتى الآن، كلاً من النائبة في الكونغرس إليسا سلوتكين (لانسنغ) والمحامي زاك بيرنز )آنآربر(، والتي من المحتمل أن ينضم إليها المزيد من المرشحين، بمن فيهم عضوا مجلس النواب الأميركي عن ميشيغن، دان كيلدي (فلنت) وديبي دينغل (آنآربر)، ورئيسة المجلس التربوي في الولاية باميلا بيو.
أما على الجانب الجمهوري، فقد دخل السباق حتى الآن، كلّ من عضو المجلس التربوي في الولاية نيكي سنايدر (دكستر)، ورجل الأعمال مايكل هوفر (لانسنغ)، فيما من المتوقع أن ينضم إليهما عضوا مجلس النواب الأميركي عن ميشيغن بيل هوزينغا وليزا مكلاين، وقائد شرطة ديترويت السابق جيمس كريغ وآخرون.
ويُنتخب أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي لمدة ست سنوات، علماً بأن لكل ولاية أميركية مقعدين في المجلس الفدرالي المكون من مئة عضو. وفي الوقت الحالي، يمثّل ولاية ميشيغن تحت قبة الكابيتول في العاصمة واشنطن إلى جانب ستابينو، السناتور غاري بيترز، وكلاهما عن الحزب الديمقراطي.
وسيتواجه الفائز عن كل حزب ضمن الجولة النهائية التي ستقام بالتزامن مع انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024.
الأعمال التجارية الصغيرة أولاً
في أعقاب تقديم أوراق ترشيحه رسمياً، أفاد بيضون في تصريحات صحفية بأن ترشّحه يأتي من خارج الطبقة السياسية التقليدية لتلبية «الاحتياجات الحقيقية» لسكان ميشيغن، موضحاً في حديث مع صحيفة «ديترويت نيوز» بأن السياسيين الذين يمتهنون السياسة عاجزون عن التغيير الحقيقي.
وقال بيضون: «إذا كنت تتطلع إلى التغيير، فعليك أن توصل إلى المناصب المُنتخبة أشخاصاً لديهم تجارب حقيقية في الحياة، أشخاصاً لا يريدون أبداً أن يجعلوا من السياسة مجرد مهنة، وإنما يريدون أن يكونوا قادة للمواطنين»، مضيفاً بأن القيادة «مؤقتة»، وأما المواطنة فهي «تدوم إلى الأبد».
وأردف قائلاً: «أنا معتدل ومدافع عن الحقوق المدنية وحقوق الإنسان، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأعمال التجارية الصغيرة والحريات الشخصية فأنا اعتبر نفسي براغماتياً»، مؤكداً أنه يتمتع بعلاقات وطيدة مع النقابات والاتحادات العمالية، لاسيما وأن والده كان إسكافياً هاجر من لبنان وعمل في شركة «فورد» لصناعة السيارات لمدة 30 عاماً، حيث انتسب إلى «اتحاد عمال السيارات».
وأشار بيضون الذي يتحدر من مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان، إلى أن حماية الأعمال التجارية الصغيرة تندرج ضمن العناوين الرئيسية لحملته الانتخابية، وقال إن الأعمال الصغيرة تشكل جوهر الطبقة الوسطى «التي يبدو أن لا أحد يمثلها هذه الأيام»، وفق تعبيره، مضيفاً: «الجميع إما يمثلون الشركات الكبرى أو جماعات الضغط (اللوبيات) ، ولا أحد يركز على الأعمال التجارية الصغيرة التي تعتبر المحفز الرئيسي لاقتصادنا».
ويعتبر بيضون من الشخصيات المؤثرة في ولاية ميشيغن، كما يعرف بكونه من المدافعين عن الأعمال التجارية الصغيرة والعائلات العاملة، فضلاً عن الدفاع عن الحقوق المدنية ومحاربة التمييز العرقي والإثني والسياسي.
وكرجل أعمال، يمتلك بيضون عدداً من الأعمال التجارية الصغيرة، من بينها محطة وقود في غرب مدينة ديترويت، ومطعمان في ديربورن وديربورن هايتس يحملان اسم «ديستريكت 12»، إضافة إلى شركة استشارية مسجلة في ميشيغن، باسم «إي زي بيزنس سولوشنز».
وحتى وقت قريب، خدم بيضون كرئيس مشارك لمنظمة «بريدجز»، ومعناها بالعربية: «جسور»، وهي اختصار للعبارة الإنكليزية: «بناء الاحترام مع المجموعات المتنوعة لتعزيز الحساسية»، والتي تأسست بمنطقة ديترويت في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، في مسعى من الوكالات الفدرالية وقادة المجتمع المحلي في منطقة ديترويت لاحتواء ردود الفعل السلبية ضد الجاليات الإسلامية والشرق أوسطية وإيجاد قناة للتواصل الدوري بين الطرفين.
وكان بيضون قد كرس جهوده للدفاع عن الحقوق المدنية وحماية المجموعات المهمشة من جميع الخلفيات، كما أثبت نفسه كمدافع قوي عن التنمية الاقتصادية والمجتمعية، بغية جسر الفجوة بين الحكومة والشعب الذي تخدمه.
ويتضمن سجله القيادي في مجال الخدمة المدنية والمجتمعية، العديد من المناصب الحيوية، حيث ترأس لعدة سنوات «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» ACRL، و«غرفة التجارة العربية الأميركية»، وشغل منصب نائب رئيس منظمة «تحالف ديترويت الجديد»، وكذلك الرئيس المشارك لمنظمة «مجموعة تخطيط استقرار الأعمال الصغيرة» في منطقة ديترويت الكبرى.
إلى جانب ذلك، شغل بيضون سابقاً عضوية مجالس مؤسسات تعليمية واقتصادية عديدة، من بينها «مؤسسة كلية هنري فورد»، وفرع منظمة «كرايم ستوبرز» في ديترويت، وهي منظمة معنية بمكافحة الجريمة، و«مؤسسة النمو الاقتصادي بديترويت»، و«هيئة براونفيلد» لإعادة تطوير العقارات الصناعية المهملة في الولاية، و«مستشفى هاربر–هوتزيل»، و«مؤسسة الكشافة الأميركية للفتيان».
وخلال مسيرته المهنية الحافلة، مُنح بيضون جوائز وألقاباً مرموقة كان أبرزها اختياره من قبل صحيفة «ديترويت نيوز» ضمن قائمة أفضل الشخصيات في ميشيغن لعام 2006، تكريماً لجهوده في بناء الجسور الاقتصادية بين ولاية ميشيغن والشرق الأوسط، كما حصل في نفس السنة على جائزة «مجلس الأحلام لذوي العلاقات الواسعة» من مجلة «كراين بزنس–ديترويت».
مؤتمر صحفي
محاطاً بأصدقاء وداعمين بينهم المفوضان في مقاطعة وين سام بيضون وآل هيدوس والمحامي نبيه عياد والبروفسور طلال طرفة، أطلق بيضون حملته الانتخابية –الأربعاء الماضي– من أمام محطة «ماراثون» التي أسسها قبل أكثر من 20 عاماً قرب تقاطع شارعي وايومنغ وماكنيكلز في غرب ديترويت، في إشارة إلى التزامه بدعم وحماية الأعمال التجارية الصغيرة عبر العديد من المبادرات، وفي مقدمتها مشروع «الضوء الأخضر» الذي ساهم في إطلاقه قبل عدة سنوات.
وكانت بلدية ديترويت قد أطلقت بالتعاون مع شرطة المدينة ورجال أعمال عرب أميركيين مشروعاً طموحاً في عام 2016، حمل اسم «الضوء الأخضر» لتعزيز الأمن والسلامة العامة في محطات الوقود والمتاجر الصغيرة عبر نصب كاميرات عالية الدقة، تبث الأحداث مباشرة إلى مركز مراقبة تشرف عليه شرطة المدينة.
وقال بيضون في مستهل كلمته، إن العديد من المسؤولين الحكوميين ما كانوا يجرأون على المجيء إلى تلك المنطقة عندما أسس المحطة بعد عودته من كاليفورنيا قبل أكثر من عقدين، لافتاً إلى أنها كانت أول عمل تجاري ينضم إلى مشروع «الضوء الأخضر» الذي ساهم باستقرار وازدهار الأعمال التجارية في مدينة ديترويت، وبات اليوم يضم أكثر من 800 عمل تجاري في كافة أرجاء المدينة.
ومتحدثاً إلى جانب زوجته، أوضح بيضون بأن ميشيغن «تكون أقوى عندما يكون لكل شخص صوت»، مؤكداً بأن حملته تتمحور حول تمكين الأفراد والشركات الصغيرة لإعادة بناء هذا «البلد». وقال إن حملته «تتعلق بحماية الديمقراطية وضمان أن يكون لدينا مجتمع يمكن للجميع أن يزدهر فيه».
وأضاف بيضون بأن هذا الهدف يتطلب قيادة جديدة تمتلك سجلاً حافلاً من الوقوف في وجه الظلم، والنضال من أجل العدالة والدفاع عن الحقوق المدنية «حتى يتمكن الجميع من السعي وراء الحلم الأميركي».
وخلال المؤتمر الصحفي، تطرق بيضون إلى حياة عائلته التي هاجرت من لبنان عام 1969، وإلى كفاح والديه من أجل تأمين حياة كريمة لأبنائهما، وقال: «إن ما يريده كل شخص هو فرصة العمل الحقيقية والعيش في أحياء آمنة وإرسال أطفاله إلى الجامعة دون رهن مستقبلهم» في إشارة إلى الرسوم الجامعية الباهظة، مضيفاً: «هذا ما يحتاج المسؤولون المنتخبون إلى التركيز عليه».
واستدرك بيضون بالقول: «لكن الكثيرين منهم موجودون فقط من أجل السلطة ويتطلعون إلى المناصب التالية»، وأضاف: «لقد سئمت من إفشال حكومتنا لحياتنا وأحلامنا».
وفي حال فوزه بسباق مجلس الشيوخ، وعد بيضون بأنه سيصبّ جهوده على دعم التعليم العام وتوفير الضمان الصحي وخلق الوظائف ذات الأجور الجيدة، إلى جانب الدفاع عن الحقوق المدنية وإرساء دعائم العدالة الاجتماعية للجميع.
بيضون الذي كان في طليعة المساهمين في مشروع «الضوء الأخضر»، أكد على دور الأعمال الصغيرة في تنمية وتماسك المجتمعات التي تستثمر فيها، وقال: «لأكثر من عقدين من الزمن، ونحن نقوم بدورنا في هذه المنطقة للحفاظ على أمن وسلامة المجتمع، ونحن فخورون بأننا كنا جزءاً من عملية التنشيط التي تحدث هنا».
وربطاً لحملته الانتخابية بعمله التجاري الذي أُنشئ ضمن بيئة لا تخلو من المخاطر، قال بيضون: «عندما جئنا للاستثمار في هذا الجزء من المدينة، قال الناس إننا مجانين، ولكنهم كانوا مخطئين»، مضيفاً: «اليوم يحدث الشيء نفسه، إذ يقول البعض أن صاحب بزنس صغير عربي مهاجر يحمل اسماً مضحكاً لا يمكنه الفوز بهذا السباق لكي يمثل هذه المدينة وهذه الولاية العظيمة في مجلس الشيوخ الأميركي». وأردف قائلاً: «حسناً.. لقد راهن الناس ضدي طيلة حياتي، وكانوا مخطئين في كل مرة».
وكان رجل الأعمال المقيم في ديربورن قد أطلق –في كانون الأول (ديسمبر) الماضي– لجنة لاستكشاف واستمزاج آراء السكان في كافة أرجاء الولاية حول ترشحه لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي. وقد تمكنت اللجنة –حتى الآن– من جمع 100 ألف دولار لتمويل حملة بيضون نحو مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن.
وبالمقارنة، نجحت حملة النائبة الأميركية عن ولاية ميشيغن، إليسا سلوتكين، بجمع ثلاثة ملايين دولار في غضون شهر واحد من إعلان ترشحها، الشتاء الماضي. وتعتبر سلوتكين –اليهودية الأصل– أقوى المرشحين لخلافة ستابينو حتى الآن، ولكن ذلك لم يمنع بيضون من المضي قدماً في ترشحه.
ووعد بيضون بأنه في حال فوزه بانتخابات العام 2024، سوف يعمل على إقامة شراكات قوية للمساعدة في «تنشيط ولاية ميشيغن ودفع اقتصادها قدماً ومكافحة التضخم والاستثمار في بنيتها التحتية ووضعها في طليعة الأمة».
وأكد بيضون بأنه يتطلع إلى توحيد ولاية البحيرات العظمى من أجل النهوض بالمجتمعات المحلية ودعمها «بالموارد والوسائل اللازمة لتنفيذ حلول حقيقية وتقديم الإغاثة خاصة للمجتمعات الأكثر تهميشاً».
يذكر أن بيضون حاصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في إدارة الأعمال من «جامعة سان دييغو» في كاليفورنيا، وهو متزوج من نانسي ولديهما ثلاثة أطفال.
Leave a Reply