ديربورن – بعد حوالي سنة وخمسة أشهر على توليه قيادة المدينة، ألقى رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود خطابه السنوي الأول عن «حال المدينة» –مساء الثلاثاء المنصرم– متعهداً للسكان بتوفير منتزهات عالمية المواصفات وتقديم خدمات عالية الجودة على مدار الساعة، ومواصلة العمل على حل مشكلة الفيضانات، إلى جانب زيادة الفعاليات الاجتماعية التي تستقطب العائلات من كافة أرجاء المنطقة.
وتولى رئيس مجلس ديربورن البلدي، مايك سرعيني، تقديم حمود لإلقاء خطابه أمام مئات الحاضرين في «مركز فورد للفنون»، مذكراً بأن المدينة ورثت من الإدارة السابقة عجزاً في الميزانية يقدر بنحو 22 مليون دولار، مما اضطرها –في العام الماضي– إلى تخفيض مزايا الرعاية الصحية للمتقاعدين، لإقرار أول ميزانية متوازنة منذ 20 عاماً، بحجم 128 مليون دولار.
وقال سرعيني: «في الماضي كانوا يقولون إنه لا يمكنك خفض الضرائب دون تقليص الخدمات، ولكنني أستطيع القول: إننا قمنا بذلك فعلاً»، فضلاً عن ضخ عشرات ملايين الدولارات الإضافية لإنشاء منتزهات عامة جديدة وتجديد منتزه «كامب ديربورن» الذي تملكه البلدية في مقاطعة أوكلاند.
خطاب حمود
استهل حمود كلمته بإلقاء النكت حول منتقديه والمشككين بإدارته على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً على أن مدينة ديربورن هي «الرهان الأفضل» الذي يمكن لأي شخص اتخاذه، قبل أن يستعرض عدداً من إنجازات وخطط إدارته لتحسين جودة الحياة في المدينة التي تضم زهاء 108 آلاف نسمة.
وساق رئيس البلدية اللبناني الأصل أمثلة على المبادرات التي رفعت من مستوى الخدمات الإدارية والاجتماعية في المدينة، كبرنامج «ديربورن أدفانتج» الذي يوفر كتباً مجانية للأطفال دون سن الخامسة، ويتيح لمن هم تحت سنّ 13 عاماً الدخول مجاناً إلى المسابح العامة، إلى جانب عقد شراكة مع منصة «غوغل» السحابية (غوغل كلاود) الذي يعول عليه لتحسين الخدمات الإدارية وتكريس صورة ديربورن كنقطة جذب للابتكار والتكنولوجيا في ولاية ميشيغن.
كذلك استعرض حمود (33 عاماً) بعضاً من جهود إدارته لمعالجة أزمة المواد الأفيونية والحد من التلوث ومكافحة القيادة المتهورة، التي وصفها بأنها أزمة صحة عامة. كما أنشأ حمود فور تسلمه منصبه، دائرة الصحة العامة لأول مرة في تاريخ المدينة.
وفي إشارة إلى الخدمات والفرص التي توفرها المدينة للمقيمين من مختلف الفئات العمرية، قال حمود: «يمكنك أن تعيش حياتك كلها في ديربورن»، بما في ذلك الشباب الذين يمكنهم الالتحاق بالجامعة دون الاضطرار إلى مغادرة مجتمعهم، بسبب وجود «كلية هنري فورد» و«جامعة ميشيغن»–فرع ديربورن.
وأشاد حمود بالتنوع الثقافي والاجتماعي في مدينة ديربورن، التي «رحبت بالناس من كافة أرجاء المعمورة بصدر واسع وقلب مفتوح»، مضيفاً: «سواء كان بإمكانك تتبع جذورك إلى إيطاليا أو اليمن أو بولندا أو العراق، فإن الناس الذين راهنوا على ديربورن سيقولون لك: إنها الرهان الأكثر أماناً الذي يمكن لأي شخص القيام به».
وأوضح حمود بأن رؤيته لمستقبل ديربورن تتضمن خططاً لإنشاء المزيد من المنتزهات والمساحات الخضراء لمكافحة آفة فيضانات الأمطار، لافتاً إلى أن استراتيجيته تقوم على خمس أولويات لبناء مستقبل أكثر إشراقاً في المدينة، وهي: حكومة أكثر فاعلية، المشاركة المدنية، الفرص الاقتصادية والتنقل، ديربورن خضراء وصحية، بالإضافة إلى الأمان والعدالة.
وكان حمود قد انتُخب رئيساً لبلدية ديربورن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 بعد أن ضربت فيضانات كارثية، المدينة في صيف ذلك العام، ليصبح أول عربي وأول مسلم يتولى قيادة المدينة الملقبة بـ«عاصمة العرب الأميركيين»، وفي عهده كانت ديربورن أول مدينة أميركية تدرج عيد الفطر ضمن قائمة العطل الرسمية المدفوعة الأجر، جنباً إلى جنب مع أعياد الشكر والميلاد والفصح.
وفور تسلمه مهام رئاسة البلدية، بادر حمود إلى تأسيس «دائرة العلاقات المجتمعية» التي أُنيط بها جمع وتوجيه ملاحظات وتعليقات المقيمين، فضلاً عن إنشاء مركز اتصال شامل لطرح الأسئلة والحصول على الدعم المطلوب، وذلك عبر الاتصال على الرقم: 313.943.2150
وفي شباط (فبراير) المنصرم، أعلن حمود عن إطلاق شراكة بين مدينة ديربورن ومنصة «غوغل كلاود» لتوفير مساحات للتخزين السحابي وتسهيل عمليات الاحتفاظ بالبيانات الرقمية وتسريع معالجتها ونقلها بكفاءة وموثوقية. ومن شأن هذه الشراكة التي تندرج ضمن برنامج «ديربورن أدفانتج» أن تمكن السكان من إتمام معاملاتهم الإدارية على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع (24/7)، إضافة إلى تجنيهم زيارة مقر البلدية لاستصدار بعض التصاريح والوثائق التجارية.
إلى جانب ذلك، تتضمن الشراكة مع «غوغل كلاود» تطويراً كاملاً للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في دوائر البلدية، فضلاً عن خدمات الترجمة متعددة اللغات لمحتوى الموقع والمستندات، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل الأمان والموثوقية المعروفة في عالم الإنترنت بـ«زيرو تراست».
كما ستتشارك مدينة ديربورن ومنصة «غوغل كلاود» مع منظمة «أكسس» للخدمات الاجتماعية في دعم القوى العاملة بالمدينة من خلال مساعدة السكان في الحصول على شهادات «تكنولوجيا المعلومات» من «غوغل» التي ستغطي تكاليف 500 شهادة خلال هذا العام.
وقال حمود: «إن أحد مفاتيح المستقبل هو جعل الموقع الإلكتروني للمدينة متعدد اللغات»، لافتاً إلى أن ديربورن تمدّ «غوغل» بأكثر من 150 وثيقة مترجمة إلى العربية ما يساعد محرك البحث على تحسين دقة التعريب، مضيفاً بأن «غوغل» تعمل أيضاً على تحسين الأمن السيبراني لملفات المدينة، ما يجعلها أكثر ذكاءً وسرعة وكفاءة.
في سياق آخر، أكد حمود على أن المدينة شهدت خلال ولايته عودة الفعاليات المجتمعية التي استقطبت الأفراد والعائلات من كافة أرجاء المنطقة، مثل حفلات الهالوين ومشاهدة مباريات كأس العالم، إلى جانب عودة مهرجان «هومكامينغ»، وعرض «يوم الذكرى» (الميموريال)، إضافة إلى تنظيم البلدية لـ«ليالي رمضان» خلال عطلات نهاية الأسبوع طوال الشهر المبارك.
كذلك، لفت حمود إلى أن إدارته ستنفق 30 مليون دولار على تحسين المنتزهات في كافة أرجاء المدينة خلال العامين المقبلين، من بينها مليونا دولار لتطوير منتزه «كامب ديربورن» البالغة مساحته 626 أيكر، والذي تمتلكه بلدية ديربورن في بلدة ميلفورد بمقاطعة أوكلاند منذ عام 1948، وقال: «سنحتفل هذا الصيف بعيد ميلاد ديربورن كامب الخامس والسبعين، كما سنقوم بإعادة إحياء عرض الألعاب النارية بمناسبة عيد الاستقلال في 4 تموز (يوليو) في المنتزه نفسه»، مضيفاً: «لمدة 13 عاماً، كانت السماء مظلمة فوق ديربورن كامب ولكن في الرابع من يوليو القادم.. وفي ظل هذه الإدارة نقول: إن كامب ديربورن موجود هنا ليبقى».
وعلى صعيد الفيضانات المتكررة في ديربورن، أكد حمود بأن فريقه يعمل بشكل حثيث لإيجاد حلول مناسبة لهذه المعضلة الكارثية، مشيراً إلى أن المدينة ستنفق مليون دولار على تنظيف مجرى نهر الروج من العوائق والانسدادات وتدعيم ضفافه المتهالكة، إضافة إلى 30 مليون لتحسين البنية التحتية لشبكات تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي، بما في ذلك إنشاء مساحات خضراء لزيادة القدرة على امتصاص مياه الأمطار.
وقال حمود إن استراتيجية التخفيف من الفيضانات بدأت في اليوم الأول من توليه منصبه في بداية كانون الثاني (يناير) 2022، بإطلاق دراسة شاملة لكامل البنية التحتية المتعلقة بشبكة تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي، وقال: «لا يوجد حل واحد يمكن تطبيقه لمعالجة مشكلة الفيضانات، لذلك بدأنا هذه الدراسة حتى نتمكن من معالجة المشكلة في حي تلو آخر، وفي شارع تلو آخر، وفي كتلة تلو أخرى».
وقال حمود «عندما توليت منصبي، كان مستقبل المدينة في خطر. لقد كنا نواجه عجزاً هيكلياً يزيد عن 20 مليون دولار بينما تعاني المرافق والأماكن العامة في ديربورن من تدهور عمره عقود». موضحاً أن الحكومات التقليدية كانت لتقلص الخدمات وتؤجل الاستثمارات «لكننا لم نأتِ لإعادة تدوير الحكومة التقليدية، بل جئنا لتغييرها».
وختم رئيس البلدية بالقول إن «حال المدينة» أقوى من أي وقت مضى، بفضل مزايا سكانها.
Leave a Reply