ديترويت، ديربورن هايتس – بعد حوالي ستة أسابيع من رفض لجنة الانتخابات بمقاطعة وين لعريضة استفتاء تتوخى سحب الثقة من رئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي عبر الاقتراع العام، رفضت محكمة المقاطعة –الأربعاء المنصرم– طلباً بالطعن والاستئناف على قرار اللجنة الذي اُتخذ بإجماع أعضائها الثلاثة في 25 تموز (يوليو) الماضي.
وخلال جلسة الاستماع التي لم تستغرق سوى 25 دقيقة عبر تطبيق «زووم»، حكمت القاضي في محكمة مقاطعة وين، باتريشيا فريزارد، لصالح بزي الذي حضر وقائع الجلسة مع محاميه توماس برويتش، إلى جانب مقدّم طلب الاستئناف، رجل الأعمال والمرشح لعضوية مجلس ديربورن هايتس زهير عبدالحق، ومحاميه غاري أوغست.
وجادل أوغست بأن اللجنة رفضت عريضة الاستدعاء (ريكول) دون «مناقشة رسمية»، لافتاً إلى أنه –وموكله عبدالحق– لم يفهما بالضبط لماذا لم يتم السماح لعريضة الاستفتاء بأن تأخذ طريقها إلى لائحة الاقتراع.
و«الاستدعاء» (ريكول)، هو إجراء سياسي يهدف إلى عزل المسؤولين المُنتخبين عبر التصويت العام، وتتضمن هذه العملية تقديم التماس إلى لجنة الانتخابات ذات الصلة، وفي حال مصادقته والموافقة على عريضة الاستفتاء، يتوجب على صاحب الالتماس جمع العدد اللازم من تواقيع الناخبين المسجلين وتقديمها إلى مكتب الكليرك للتحقق من صحتها، ليُصار بعد ذلك إلى طرحها على الناخبين في أقرب دورة انتخابية.
وبررت فريزارد حكمها بأن قرار اللجنة برفض عريضة الاستدعاء في 25 يوليو الماضي، قد استند إلى «اجتهاد مضبوط ومسؤول»، من قبل أعضاء اللجنة الثلاثة، وهم: أمين خزانة مقاطعة وين أريك سابري، وكليرك المقاطعة كاثي غاريت، ورئيس محكمة الأسرة في مقاطعة وين، القاضي فريدي بيرتون.
وكانت لجنة الانتخابات بمقاطعة وين قد رفضت بالإجماع عريضة الاستدعاء التي تتهم رئيس بلدية ديربورن هايتس بانتهاك القانون العام 78 لسنة 1935 عندما قام بتعيين أربعة مسؤولين في مناصب عليا بإدارة المدينة دون العودة إلى المجلس البلدي، بما في ذلك تعيين مفوض السلامة العامة جوزيف توماس (الذي توفي في وقت لاحق)، وقائد الشرطة الحالي جيرود هارت، خلال شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس) عام 2022.
وفنّد برويتش، الذي تولى الدفاع عن بزي أمام لجنة الانتخابات في مقاطعة وين، مزاعم مقدّم العريضة الذي شغل مؤقتاً منصب أمين خزانة ديربورن هايتس في عام 2021، موضحاً بأن طلب الاستدعاء فشل في تحديد البند الذي تم انتهاكه في القانون العام رقم 78.
وقال برويتش إن القانون آنف الذكر يضم 23 بنداً، وإن موكله (بزي) لم يبلّغ بالبند الذي قام بمخالفته مما يحرمه من القدرة على الدفاع عن نفسه أمام الناخبين.
وشكل قرار محكمة مقاطعة وين انتصاراً إضافياً لبزي الذي وصف محاولة استدعائه لانتخابات خاصة، بأنها تأتي في سياق حملة التشويه المستمرة التي يقودها عبدالحق ضده منذ نحو سنتين، والتي تضمنت العديد من المضايقات عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى اتهام رئيس البلدية بالوقوف وراء الإضرار بأحد أعماله التجارية في مدينة ديربورن.
وأبدى بزي في بيان صحفي –الأربعاء الماضي– تقديره لقراري محكمة مقاطعة وين ولجنة الانتخابات برفض طلب الاستدعاء «الذي لا أساس له»، وقيامهما بالخطوات الكفيلة لوضع حد لهذا «الهراء»، «حتى نتمكن من التركيز بشكل كامل على خدمة السكان والأعمال التجارية في ديربورن هايتس»، بحسب تعبيره.
وقال بزي، وهو أول عربي وأول مسلم يتقلد رئاسة بلدية ديربورن هايتس: «إن المحاولات الفارغة واليائسة لتعطيل مسيرة مدينتنا هي مضيعة للوقت والموارد»، مستدركاً بأنه على الرغم من كل شي، لازال متمسكاً بجميع التزاماته تجاه سكان المدينة.
وأضاف رئيس البلدية اللبناني الأصل: «لقد غمرني الدعم المتواصل من السكان في جميع أنحاء ديربورن هايتس، وكذلك من المسؤولين الحريصين على تحقيق العدالة، مؤكداً أنه «بفضل الدعم المستمر من المسؤولين المنتخبين والموظفين ذوي التفكير المستقبلي الذين يساندون عملنا بلا كلل، تتمتع مدينتنا بالتفاؤل والنمو المتجدد».
وحذّر بزي من أنه «لن يتم التسامح مطلقاً مع المحسوبيات لفئة صغيرة من العملاء المتسلطين» كما كان يجري في عهذ الإدارات السابقة، مشيداً بالأداء الرفيع الذي تحققه دائرة شرطة ديربورن هايتس تحت قيادة هارت.
انقسامات متجددة
تأتي محاولة سحب الثقة من رئيس بلدية ديربورن هايتس في إطار تجدّد التجاذبات والمناكفات السياسية والقانونية التي طغت على أروقة بلدية المدينة خلال السنوات الأخيرة من ولاية رئيس البلدية الراحل دان باليتكو، الذي توفي متأثراً بفيروس كورونا في أواخر العام 2020.
وتمخضت الخلافات الدائرة في البلدية حينذاك عن «تسوية» مؤقتة أسفرت عن تعيين بزي في منصب رئيس البلدية في أوائل العام 2021، إضافة إلى تعيين عبدالحق أميناً مؤقتاً للخزانة.
وبينما تمكن بزي من الفوز برئاسة بلدية المدينة في ذلك العام. فشل عبدالحق –اللبناني الأصل أيضاً– من الفوز بعضوية مجلس المدينة، مما دفعه إلى إعادة الكرة في الانتخابات الحالية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
وتأججت الصراعات الأخيرة في البلدية من بوابة دائرة الشرطة في أعقاب تعيين بزي لكل من مفوض السلامة العامة جوزيف توماس، وقائد الشرطة الحالي جيرود هارت، وكان آخر مظاهرها تسريب مقطع مصوّر لحادثة توقيف قائد إطفائية ديربورن جوزيف موراي إلى قناة «فوكس» المحلية دون علم بزي أو هارت.
إلى جانب ذلك، نشر خبر في صحيفة «تايمز هيرالد» المحلية –في 25 آب (أغسطس) الماضي– عن إحالة هارت إلى إجازة إدارية، مرجحة عدم عودته إلى المنصب، بالاستناد إلى معلومات قام بتسريبها أحد أعضاء المجلس البلدي عقب جلسة مغلقة، مما أثار حفيظة رئيس البلدية الذي أصدر بياناً مشتركاً مع قائد الشرطة كذّب عبره الخبر، معرباً عن استيائه من بث المعلومات الكاذبة حول إدارة المدينة.
وقال البيان الذي تلقت «صدى الوطن» نسخة منه، الأسبوع الماضي، إن كاتب الخبر المنشور استند إلى معلومات قام بتسريبها أحد أعضاء مجلس ديربورن هايتس بعد جلسة مغلقة، مؤكداً بأن سلوك العضو –الذي لم يتم الكشف عن هويته– يعد انتهاكاً لميثاق المدينة وقانون الاجتماعات المفتوحة في ميشيغن.
وأوضح بزي في البيان بأن هارت كان في إجازة عائلية لبضعة أيام، وأن قائد الشرطة أبلغه بذلك كتابياً حسب الأصول والإجراءات المتبعة، واصفاً طريقة كتابة المقال بـ«غير الصحيحة، والمضللة».
وأعرب كل من بزي وهارت عن قلقهما وإحباطهما مما أسمياه «مواصلة الكذب والتدخل الخبيث من قبل مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يعيقون بشكل مستمر تقدم دائرة الشرطة وعموم الحكومة المحلية»، كما انتقدا التعليقات والشائعات «المهينة» على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالا: إن تلك التدخلات والشائعات لا تخدم أحداً، فضلاً عن أنها تشكل أرضية خصبة للإساءة لكامل المدينة.
ومن المرجح أن تتواصل الانقسامات داخل حكومة ديربورن في أعقاب الاستقالة المفاجئة لرئيس مجلس المدينة راي موسكات الشهر المنصرم، حيث يتوجب على مجلس ديربورن هايتس تعيين عضو بديل لإكمال ولاية موسكات حتى نهاية العام الجاري، مع الإشارة إلى أن موسكات كان من أبرز الداعمين لرئيس البلدية الحالي.
وتشهد ديربورن هايتس في نوفمبر القادم سباقاً انتخابياً على ثلاثة مقاعد من مجلس المدينة المكون من سبعة مقاعد. ويتنافس في السباق ستة مرشحين تأهلوا عن الجولة التمهيدية التي أقيمت في أغسطس الماضي، وهم: العضو الحالي مو بيضون الذي حصد 26 بالمئة من الأصوات والعضو السابقة دينيز مالينوسكي–ماكسويل (22.5 بالمئة) وموسكات الذي قرر عدم المضي في المنافسة (19 بالمئة)، وعبدالحق (9 بالمئة) وحسن صعب (8.8 بالمئة) وأحمد الكعبي (5.3 بالمئة).
Leave a Reply