مستمر في سباق مجلس الشيوخ الأميركي رغم العرض السخي
ديترويت – كشف هيل هاربر، المرشح لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ميشيغن، يوم الأربعاء الماضي، عن رفضه لعرض مالي سخي قدّمه أحد المتمولين الداعمين لإسرائيل في منطقة ديترويت، مقابل انسحابه من سباق الشيوخ والترشح عوضاً عن ذلك، ضد النائبة الفلسطينية الأصل في الكونغرس الأميركي، رشيدة طليب.
وعبر منشور له على منصة «أكس»، أكد الممثل الإفريقي الأميركي المقيم في ديترويت أنه تلقى عرضاً بقيمة 20 مليون دولار، من رجل الأعمال ليندن نيلسن، الذي يعتبر أحد المانحين الكبار للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك)، لقاء ترشحه لعضوية مجلس النواب الأميركي عن الحزب الديمقراطي في «الدائرة 12–ميشيغن» التي تمثلها طليب حالياً، والتي تضم أكبر تجمع للعرب الأميركيين في عموم الولايات المتحدة.
وكان موقع «بوليتيكو» قد نقل عن مصدر لديه معرفة مباشرة بمكالمة هاتفية جرت بين هاربر ونيلسن في 16 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن الأخير عرض 20 مليون دولار لمحاولة دفع هاربر للترشح ضد طليب، بسبب دفاعها المتكرر عن فلسطين خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وذكر موقع «بوليتيكو» أن مساهمات نيلسن المقترحة كان من الممكن تقسيمها بين 10 ملايين دولار كنفقات مستقلة و10 ملايين دولار تذهب مباشرة لحملة هاربر.
وقال هاربر عبر منصة «أكس» إنه «لم يكن ينوي أن تصبح مكالمة هاتفية خاصة، علنيةً»، غير أنه وجد نفسه مضطراً للتعليق على المسألة بعد تقرير «بوليتيكو».
وتابع هاربر (57 عاماً): «قلت لا… لن أخضع للسيطرة أو التنمر أو الشراء». وأضاف: «نعم، قول الحقيقة هنا سيضع علامة على ظهري. لكن إذا اجتمعنا جميعاً سنتمكن من الفوز»، في إشارة إلى اعتزامه مواصلة السباق التمهيدي لمجلس الشيوخ الأميركي عن الحزب الدديمقراطي، حيث سيخوض التصفيات بمواجهة عضو الكونغرس الحالية، النائبة إليسا سلوتكين، التي تحظى بتمويل قياسي لحملتها الانتخابية.
ووصف هاربر عرض نيلسن بأنه دليل واضح على «نظام سياسي معوجّ لمصلحة الأثرياء»، ودليل على أن المانحين الكبار غير واثقين من قدرة سلوتكين على هزيمته. وقال: «إنهم يعتبروننا تهديداً. وهم على حق في ذلك».
ولم يسبق لهاربر أن ترشح لأي منصب رسمي ولكنه يتمتع بشهرة وطنية بفضل أدواره البارزة في أعمال تلفزيونية ناجحة مثل «الدكتور الطيب» The Good Doctor والمسلسل البوليسي CSI: NY، فضلاً عن تأليفه لعدة كتب إرشادية من بينها «رسائل إلى أخ يافع» و«علاج الثروة».
والجدير بالذكر أن هاربر من مواليد ولاية آيوا، وقد انتقل للعيش في ديترويت عام 2018 حيث اشترى «قصر تشارلز تي. فيشر» التاريخي وافتتح مقهى «روستينغ بلانت» على شارع وودورد في الداونتاون، «مما سيجعله ربما السناتور الديمقراطي الوحيد الذي لديه عمل تجاري صغير»، وفق تعبيره.
انتهاك للقانون
في الواقع، يعتبر عرض نيلسن لهاربر انتهاكاً صريحاً لقوانين تمويل الحملات الفدرالية التي تحظر على المرشح التنسيق مع أي شخص ينفق أو يعد بإنفاق ما يتجاوز الحدود الفدرالية للتبرع.
ونقلت صحيفة «ديترويت نيوز» عن مدير إصلاح تمويل الحملات الفدرالية في «مركز الحملة القانوني»، سواراف غوش، قوله: «هذا هو بالضبط نوع الترتيب الذي تحظره قوانين تمويل الحملات الانتخابية».
وأضاف أنه من وجهة نظر أخلاقية، فإن رؤية أي مرشح مدين بالفضل لمانح واحد «يخلق نوعاً من الفساد والنفوذ الذي يقوض حقاً ثقة الناخبين في العملية الديمقراطية».
يشار إلى أن نيلسن هو رجل أعمال يهودي أميركي بنى ثروته من خلال تطوير وبيع عناصر ترويجية لمجموعة متنوعة من الشركات، مثل «فورد» و«هارلي ديفيدسون» و«أي تي آند تي»، وقد تخصص خلال السنوات الأخيرة في الاستثمار العقاري في وسط ديترويت، بمشاركة ابنه سانفورد، وتحديداً في أسواق «إيسترن ماركت» بالداونتاون.
ولدى نيلسن تاريخ من المساهمات في الحملات الانتخابية لكل من الديمقراطيين والجمهوريين، بما في ذلك السناتور غاري بيترز والنائبة هايلي ستيفنز.
وفي عام 2020، تبرع نيلسن لرئيسة مجلس بلدية ديترويت آنذاك، بريندا جونز، لمحاولة الإطاحة بطليب في انتخابات الكونغرس التمهيدية للحزب الديمقراطي. غير أن طليب فازت حينها بولاية ثانية بنسبة 66 بالمئة من الأصوات مقابل 34 بالمئة لجونز.
إسكات المعارضين
بحسب المراقبين، يسعى أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة لإسكات الأصوات المتنامية داخل الكونغرس الأميركي ضد سياسات دولة الاحتلال، وذلك عبر التخطيط مبكراً للإطاحة بعدد من النواب في انتخابات العام 2024، بما في ذلك طليب وأعضاء آخرون ينتمون إلى الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي.
ووفقاً لموقع «بوليتيكو»، أشارت منظمة اللوبي الإسرائيلي «آيباك»، التي تواصل السعي لتجنيد منافس أساسي ضد طليب، إلى أنها «تراجع عدداً من السباقات التي شارك فيها منتقدو إسرائيل».
وقال مارشال ويتمان، المتحدث باسم «آيباك»: «لكننا لم نتخذ أي قرار في الوقت الحالي».
وحتى الآن، تواجه نائبتان ديمقراطيتان من الجناح التقدمي، منافسة من مرشحين مدعومين من أنصار إسرائيل في الانتخابات التمهيدية القادمة، وهما النائبة عن ولاية ميزوري كوري بوش، والنائبة عن ولاية بنسلفانيا سمر لي.
من جانب آخر، انتقدت المجموعة التقدمية «ديمقراطيو العدالة»، عرض نيلسن، في بيان قالت فيه «إن الديمقراطية لا ينبغي أن تكون للبيع «لأعلى مزايد».
وقال المتحدث باسم المنظمة، أسامة أندرابي: «هناك شيء واحد واضح، وهو أن اللوبي الإسرائيلي الذي يموله جمهوريون يسعى جاهداً لإسكات الأغلبية الساحقة من الناخبين الديمقراطيين في ديترويت الذين يؤيدون دعوات عضوة الكونغرس طليب لوقف إطلاق النار ووقف إرسال أسلحة عسكرية إلى إسرائيل لقتل المدنيين بها».
Leave a Reply