حرب غزة: إلى المفاوضات درّ .. والمقاومة تشترط وقف الحرب لتبادل الأسرى
غزة – مع فشل الغزو البري في تحقيق أي من أهدافه في قطاع غزة، لم يعد أمام إسرائيل سوى طلب العودة إلى مفاوضات الأسرى، التي تشترط «حماس» أن يسبقها وقف لإطلاق النار، مما سيشكل هزيمة فاضحة لجيش الاحتلال الذي يتكبد خسائر يومية فادحة، ومن خلفه حكومة بنيامين نتنياهو المصرّ على مواصلة العدوان في محاولة يائسة منه لإنقاذ مستقبله السياسي.
يأتي ذلك، بينما تواصل واشنطن تقديم الغطاء لدولة الاحتلال، سواء عبر منع مجلس الأمن من إصدار أي قرار معاكس لإرادة تل أبيب أو من خلال تزويد الجيش الإسرائيلي بالسلاح لمواصلة حربه الشعواء التي أسفرت عن سقوط أكثر من 20 ألف شهيد فلسطيني خلال فترة شهرين ونصف.
من جانبه، أكد الناطق العسكري باسم «كتائب الشهيد عز الدين القسّام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أبو عبيدة، تصدي مجاهدي المقاومة للقوات الإسرائيلية في مختلف مناطق التوغل ويكبّدونها خسائر فادحة، كاشفاً أنّ عدد الآليات التي استهدفوها منذ بدء العدوان الإسرائيلي البري بلغ 740 آلية بحلول اليوم الـ76 من العدوان.
وشدد أبو عبيدة، في كلمته الخميس الماضي، على أنّ ما ينشغل به جيش الاحتلال هو «البحث عن صورةٍ للنصر والإنجاز».
وتطرّق أبو عبيدة إلى أسرى الاحتلال لدى المقاومة، قائلاً: «إذا أراد العدو أسراه أحياءً فليس له خيار سوى وقف العدوان»، مُشيراً إلى أنّ استمرار العدوان لا يسمح بإخراج الأسرى.
وأشار إلى أهداف الاحتلال المُعلنة لعدوانه المستمر، فأكد أنّ «هدف القضاء على المقاومة هو أمرٌ محكوم عليه بالفشل»، لافتاً إلى أنّ ذلك بات حقيقةً لا جدال فيها، وأنّ عمليات العدو الفاشلة لاستعادة أسراه «أثبتت ما أعلناه، منذ اليوم الأول للحرب، وهو أنّ مسار هذه القضية هو التبادل».
ووجّه الناطق باسم «كتائب القسّام» التحية إلى من وصفهم بـ«مقاتلي أمتنا الذين يربكون العدو»، خاصّاً بالذكر المقاومين في جبهتي اليمن ولبنان.
وحيّا الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة على مواجهته الهجمة النازية للاحتلال.
ونشرت «كتائب القسّام»، مباشرةً بعد كلمة أبي عبيدة، فيديو بعنوان «رغم حرصنا على الحفاظ على حياتهم.. لا زال نتنياهو يصرُّ على قتلهم»، في إشارةٍ إلى قتل الاحتلال الإسرائيلي ثلاثةً من أسراه الموجودين في قطاع غزّة.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن جيش الاحتلال قرر سحب لواء غولاني من قطاع غزة بعد 60 يوماً من القتال تكبد فيها خسائر كبيرة، في حين ذكرت «القناة 13» الإسرائيلية أن جنود اللواء غادروا غزة لإعادة تنظيم صفوفهم.
ووفقاً للقواعد العسكرية، فإن إخراج الوحدة العسكرية من القتال يعني أنها فقدت 40 بالمئة من قدراتها القتالية البشرية والمعدات.
وشكل لواء غولاني رأس حربة في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأنه تحمل الصدمات الرئيسية في المعركة، وهذا يدلل على شدة المعارك وحجم الخسائر.
طريق التفاوض
رغم الضغوط الأميركية على «الوسطاء»، في الدوحة والقاهرة لإعادة فتح قنوات التواصل، لا يبدو طريق التفاوض بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، سهلاً مع تأكيد «حماس» على رفض أي صفقة حول الأسرى قبل وقف الحرب.
وبحسب مصادر المقاومة، فإن «القيادة السياسية لحماس، أبلغت القطريّين أننا غير مفوّضين بالبحث إلا في وقف إطلاق النار»، في ظل اعتقاد بأن إسرائيل كانت تميل الى أن الجناح العسكري للحركة، «قد أُنهك»، وأن إشارات وصلتها بأن الحركة باتت على استعداد لتسوية ما.
وفي القاهرة، واصل وفد حركة «حماس» لقاءاته مع المسؤولين المصريين في اجتماعات مطوّلة وموسّعة تناولت موضوعات عدّة، وسط ترقّب لزيارة وفد حركة «الجهاد الإسلامي» مطلع الأسبوع المقبل، في حين جاء البيان الصادر عن «الفصائل الوطنية الفلسطينية»، والذي أعلن «رفض التفاوض على هدنة إنسانية مرة أخرى»، معبّراً عن مضمون ما دار في هذه اللقاءات.
ومع سير التفاوض، تبذل حكومة نتنياهو جهوداً حثيثة للإيحاء بأنها تحقّق «إنجازات» في عمليتها العسكرية، وقد دعت سكّان المستوطنات البعيدة عن غزة 4 كلم للعودة إلى بيوتهم. لكنّ الصورة التي يحاول الاحتلال رسمها، تخرقها الاشتباكات المستمرّة بين قواته والمقاومين، في كل منطقة أعلن إتمام سيطرته عليها، من بيت حانون في أقصى الشمال الشرقي، إلى جباليا ومخيمها والأحياء الغربية من مدينة غزة، وحيّ الشجاعية شرقي المدينة، والذي أعلن السيطرة عليه منتصف الأسبوع الماضي. ورغم أن جيش الاحتلال شرع في تنفيذ حملة تدمير كامل لكل المنشآت المبنيّة والبنى التحتية المدنية، على طول حدود القطاع، على مسافة 2 كم تقريباً داخله، في ما يبدو منطقة «عازلة» يعمل على إنشائها تحت ستار الحرب، إلا أن ذلك لم يبدُ كافياً للمستوطنين للعودة إلى مستوطناتهم، حتى تلك البعيدة أكثر من 4 كلم.
ودفع ذلك سلطات العدو إلى الإعلان عن «جائزة مالية»، لكل من يعود إلى منزله في مستوطنات الغلاف ضمن المسافة المذكورة. وفي هذا السياق، قالت «القناة 12» العبرية، إن «إسرائيل تعتزم إقامة خطوط دفاعية قرب مستوطنات غلاف غزة لمنع تكرار اقتحام المستوطنات». كما أُعلن، أمس، سحب «لواء غولاني» من القطاع، بعد 60 يوماً من القتال تكبّد فيها خسائر كبيرة، بهدف «إعادة تنظيم صفوفه»، بحسب التقارير الإعلامية، علماً أن هذا اللواء، هو من تولّى القتال في حي الشجاعية بشكل خاص. كذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي «إصابة 40 جندياً وضابطاً إسرائيلياً في معارك القطاع خلال الـ24 ساعة الأخيرة».
في المقابل، ردّت المقاومة على مزاعم العدو تحقيق شيء من «الأمن» لغلاف غزة، وإنجازات جدّية في الميدان، عبر قصف منطقة الوسط في الكيان، برشقة صاروخية كبيرة، وصلت إلى أكثر من 30 صاروخاً. ودوّت صفارات الإنذار في تل أبيب ورعنانا وهرتسليا وحولون وريشون ليتسون وعسقلان وكفار سابا وبلماحيم. وعلّقت «القناة 12» العبرية على هذه الدفعة الصاروخية «بأننا لم نرَ مثلها في الأيام الأولى من الحرب»، فيما أظهرت مقاطع فيديو سقوط صاروخ على مبنى بشكل مباشر، في منطقة تل أبيب.
معضلة اليمن
هدد زعيم «أنصار الله» في اليمن، عبد الملك الحوثي، باستهداف «المصالح» الأميركية في حال هاجمت الولايات المتحدة بلاده، بعد إعلان واشنطن تشكيل تحالف لمجابهة الهجمات التي استهدفت سفناً تجارية إسرائيلية في البحر الأحمر على خلفية الحرب في غزة.
وقال الحوثي في كلمة متلفزة «إذا كان لدى الأميركي توجّه لأن يصعّد أكثر وأن يورط نفسه أكثر أو أن يرتكب حماقة باستهداف بلدنا وبالحرب على بلدنا، فلن نقف مكتوفي الأيدي وسنستهدفه هو وسنجعل البارجات الأميركية والمصالح الأميركية والحركة الملاحية الأميركية هدفا لصواريخنا وطائراتنا المسيَّرة وعملياتنا العسكرية».
ونفّذ الحوثيون سلسلة هجمات طالت سفنا مرتبطة بإسرائيل أو متجهة الى الدولة العبرية في البحر الأحمر، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني.
ودفعت هذه الهجمات، العديد من شركات النقل البحري الى تعليق حركة سفنها في الممر الحيوي للتجارة الدولية، فيما أعلنت واشنطن، الإثنين الماضي، عن تشكيل تحالف لمواجهة «هجمات الحوثيين على الشحن البحري الدولي والتجارة العالمية» في البحر الأحمر والتي وصفها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بأنها «غير مسبوقة وغير مقبولة وتهدد التدفق الحر للتجارة» في الممر المائي.
ويضم التحالف، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنروج والسيشيل وإسبانيا.
وفي أعقاب الإعلان عن التحالف، توعّد الحوثيون بأن عملياتهم لن تتوقف، وحذّروا بأن «أي دولة» ستتحرك ضدهم سيتمّ استهداف سفنها في البحر الأحمر.
لبنان
نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن المتحدث الدولي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس، قوله إنّ «حزب الله» نفّذ ما يزيد على ألف هجوم ضدّ الاحتلال منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ حزب الله يسعى إلى تأمين جبهة ثانية ليساند حليفته في الجنوب، في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية التي تخوض معارك ضاريةً ضدّ قوات الاحتلال. وأكد كونريكوس أنّ جبهة الشمال «تشهد تصعيداً مطرداً من حيث نطاق وتنوّع الذخائر التي يطلقها حزب الله على إسرائيل».
وعند سؤاله عن إمكان نشوب حرب في الشمال، ضحك قائد فرقة احتياط في الجيش الإسرائيلي، معتبراً أنّ فتح إسرائيل جبهةً في الشمال «خرافة»، إذ إنّ «الجبهة مفتوحة بالفعل»، وقد «افتتحتها منظّمة هي جزء من الحكومة اللبنانية»، في إشارة إلى «حزب الله».
كذلك، لفتت «وول ستريت جورنال» إلى استمرار الحياة على الجانب اللبناني بصورة طبيعية، بينما يتم إغلاق المستوطنات الإسرائيلية، حيث لا يبدي المستوطنون أي استعداد للعودة، بحسب الصحيفة.
وفي مؤشر على استمرار المساندة العراقية لغزة، أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، الخميس الماضي، استهدافها مدينة أم الرشراش الفلسطينية المحتلة (إيلات)، بهجومٍ نفّذته بالأسلحة المناسبة على هدفٍ، مُشدّدةً على استمرارها في تنفيذ الهجمات ضد الاحتلال. وجاء في البيان أنّ مجاهدي المقاومة استهدفوا هدفاً في أم الرشراش المحتلة «استمراراً بنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونُصرةً لأهلنا في غزّة، وردّاً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحقّ المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ».
وسبق أن ذكر موقع «أكسيوس» أنّ حركة السفن إلى ميناء إيلات توقفت بشكلٍ شبه كامل.
هذا وأكد أمين عام حركة النجباء في العراق، الشيخ أكرم الكعبي، أنّ المقاومة العسكرية لن تتوقف حتى تحقيق النصر، مشدّداً على أن المقاومة «لا تتراجع ولا تتهادن».
يُشار إلى أنّ المقاومة استهدفت القواعد الأميركية في سوريا والعراق عشرات المرات، وذلك منذ أن بدأت ردها على العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزّة، مستخدمةً القذائف الصاروخية والطائرات المُسيّرة والصواريخ الباليستية قصيرة المدى. وتوعّدت المقاومة الإسلامية في العراق، الاحتلال الأميركي بأنّ قواعده في كلٍ من سوريا والعراق تُعدّ هدفاً مشروعاً لها، وذلك بسبب الدور الرئيسي للولايات المتحدة في الحرب على قطاع غزّة.
Leave a Reply