واشنطن – أفاد مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)–فرع ميشيغن الثلاثاء الماضي بأن شكاوى الحقوق المدنية للمسلمين المقيمين في ولاية البحيرات العظمى قد ارتفعت بمعدل 350 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى التي أعقبت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، محمّلاً الخطاب السياسي المتحيّز لدولة الاحتلال في الولايات المتحدة مسؤولية الزيادة غير المسبوقة في حوادث التمييز والكراهية ضد المسلمين الأميركيين في ميشيغن وعموم البلاد.
وأوضح المدير الإقليمي لمنظمة «كير» في ميشيغن، داود وليد، بأن تقرير المجلس لعام 2023 الذي جاء تحت عنوان «غزة وزيادة التعصب ضد مسلمي ميشيغن»، يتضمن أكبر عدد من شكاوى الحقوق المدنية التي تلّقاها فرع «كير» في الولاية منذ تأسيسه عام 2000، لافتاً إلى أن المنظمة تلقت خلال العام نفسه 8,601 شكوى تتعلق بالحقوق المدنية على مستوى الولايات المتحدة برمتها، وهو رقم غير مسبوق منذ أن بدأ المجلس رصد وتوثيق الانتهاكات ضد المسلمين والعرب في الولايات المتحدة قبل 30 عاماً.
وعزا وليد خلال مؤتمر صحفي عبر تطبيق «زووم» ارتفاع حوادث التمييز والكراهية التي يتعرض لها المسلمون الأميركيون في الولايات المتحدة إلى الخطاب السياسي والإعلامي المتحيز للدولة العبرية، مشيراً في هذا السياق إلى التصريحات التي أدلى بها عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن تيم والبيرغ في الآونة الأخيرة.
وكان النائب الجمهوري الذي يمثّل جنوب ميشيغن قد ظهر في مقطع مصوّر وهو يخبر حشداً من الناخبين بأنه يتوجب على الولايات المتحدة عدم إنفاق سنت واحد على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وأنه على إسرائيل أن تنهي حربها هناك بسرعة على طريقة هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى استخدام الولايات المتحدة للسلاح النووي لحسم الصراع مع اليابان.
وقال وليد «هذا هو نوع الخطاب الذي أدّى إلى تجريد المسلمين هنا في ميشيغن من إنسانيتهم، ما أسفر بعد ذلك إلى زيادة الشكاوى في مكتبنا»، لافتاً إلى أن فرع «كير» في ميشيغن تلقى 495 شكوى حقوقية في أعقاب شن إسرائيل الحرب الوحشية على قطاع غزة في السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم.
وجاءت ميشيغن في المرتبة الرابعة بين الولايات الأميركية التي شهدت العام المنصرم صعوداً كبيراً في شكاوى المسلمين الأميركيين، بعد كل من كاليفورنيا وأوهايو ونيويورك، بحسب تقرير «كير».
وأوضح وليد بأن الحوادث المعادية للمسلمين شملت أيضاً موظفي مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية بولاية ميشيغن الذين تلقوا تهديدات متكررة بالقتل عبر الهاتف من رجل من ولاية فلوريدا يدعى مايكل شابيرو، ويبلغ من العمر 72 عاماً.
وفيما بيّن تقرير «كير» بأن زهاء 80 بالمئة من شكاوى المسلمين الأميركيين ترتبط بجرائم الكراهية، وأن حوالي 70 بالمئة منها تتعلق بالتمييز في التعليم، قالت المحامية في منظمة «كير» آيمي دوكوري –التي شاركت في المؤتمر الصحفي مع وليد– إنه توجّب على الفريق القانوني لدى المنظمة الحقوقية أن يستجيب بشكل سريع لحوادث وادعاءات الكراهية ضد المسلمين بعد 7 أكتوبر، في إشارة إلى الدعاوى التي رفعها محامو «كير» أمام المحاكم الفدرالية، وكذلك الشكاوى ضد المؤسسات التعليمية والخدماتية في الآونة الأخيرة.
ولاية البحيرات العظمى احتلت المرتبة الرابعة.. بعد كاليفورنيا وأوهايو ونيويورك
ورفعت «كير» الشهر الماضي دعوى قضائية أمام المحكمة الفدرالية بديترويت ضد مقاطعة جاكسون ومكتب الشريف في المقاطعة لإخلالهم ببروتوكولات خدمة المسلمين الصائمين خلال شهر رمضان. كما تلقت المنظمة الحقوقية شكوى بعد قيام أحد المدرّسين البدلاء في منطقة إبسيلاني التعليمية –التي تضم الكثير من الطلبة العرب والفلسطينيين– بالتعريض بالمسلمين، حيث قال «إن الرجال المسلمين لديهم ميل طبيعي لاقتراف الجرائم».
وقالت مديرة قسم «الفضاءات الآمنة» في «كير»، نور علي، إن مدير منطقة إبسيلاني التعليمية ومدير المدرسة التي شهدت الحادثة آنفة الذكر أصدرا اعتذاراً لطلبة الفصل الدراسي الذي كان يعمل فيه المعلّم البديل، وتعهدا للمنظمة الحقوقية بعدم توظيفه مرة أخرى.
ولفتت نور أيضاً إلى أن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية بميشيغن تعاون مع مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) للتحقيق في التهديدات الترهيبية عبر الهاتف للمسلمين المحليين، كما قام بربط أكثر من 20 مدرسة وجامعة في الولاية مع لجان حقوقية لتثقيف التلاميذ والطلبة حوق حقوقهم المضمونة بموجب التعديل الأول في الدستور الأميركي.
نور –التي شاركت كذلك في المؤتمر الصحفي– أعربت عن خشيتها من تفاقم مشاعر ومواقف التمييز والكراهية ضد المسلمين في قطاعات العمل الاجتماعي، مشيرة إلى أن إحدى العاملات الاجتماعيات نشرت قبل بضعة أشهر على حسابها بموقع «فيسبوك» عبارة تقول: «إن جميع الفلسطينيين يستحقون الموت».
وقالت نور: «بالنسبة لشخص يعمل في قطاع الخدمات الاجتماعية، فمن الواضح أن هذا الأمر يمثل مشكلة كبيرة للغاية في حال تعاملها مع عربي أو مسلم، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج غير مرغوب بها بسبب تضارب المصالح»، مضيفة بأن «كير» تحدث مع الوكالة بشأن الحادثة، والتي وعدت من جانبها بتحديث توجيهاتها وتدريباتها للموظفين تفادياً لأية حوادث مشابهة في المستقبل.
بيانات وطنية
وفق البيانات الوطنية التي جمعتها «كير» بلغ إجمالي الشكاوى التي تلقاها المجلس في الولايات المتحدة 8,601 شكوى خلال العام الماضي 2023.
وهو ما يمثل زيادة بنسبة 56 بالمئة عن العام الذي قبله 2022، ويتجاوز حتى الفترة التي أعقبت تنفيذ حظر المسلمين الذي فرضه الرئيس دونالد ترامب، والتي شهدت قفزة بنسبة 32 بالمئة.
وقال المجلس إن نحو 3,600 من تلك الانتهاكات وقعت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023 تزامناً مع الحرب على قطاع غزة.
وقال إن متوسط الشكاوى جراء الانتهاكات بحق المسلمين والعرب خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، لم يتجاوز 500 شهرياً، لكن الرقم قفز إلى حوالي 1,200 شهرياً في الربع الأخير من العام نفسه.
وأوضح المجلس أن «القوة الأساسية الدافعة وراء هذه الموجة من تصاعد الرهاب من الإسلام كانت تصاعد العنف في إسرائيل وفلسطين في أكتوبر 2023».
وشكلت قضايا الهجرة واللجوء 20 بالمئة من إجمالي الشكاوى الواردة في عام 2023. ويعد التمييز في العمل (15 بالمئة) والتمييز في التعليم (8.5 بالمئة)، وجرائم وحوادث الكراهية (7.5 بالمئة) من بين أعلى الفئات المبلغ عنها.
ويسرد التقرير عشرات الحوادث المعادية للمسلمين التي وقعت في الولايات المتحدة خلال العام الماضي 2023.
ومن بينها حادثة طعن وقعت في أكتوبر الماضي بولاية إيلينوي أودت بحياة طفل من أصل فلسطيني يدعى وديع الفيومي لا يتجاوز عمره ست سنوات، وهي حادثة هزت المجتمع الأميركي.
كما شملت إطلاق نار على ثلاثة طلاب من أصل فلسطيني في فيرمونت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، هدد أحد المعلمين بضرب وقطع رأس طالب مسلم في الصف السابع بمدينة وارنر روبينز في ولاية جورجيا.
ويوثق التقرير أيضًا الجهود المستمرة للطعن في قائمة المراقبة التي وضعتها الحكومة الفدرالية في عام 2023، بما في ذلك دعوى قضائية مرفوعة مع عشرات المدعين الذين يسعون إلى وضع حد لقائمة المراقبة السرية للحكومة التي تستهدف بشكل شبه حصري المسلمين بالمضايقة والإذلال عندما يسافرون.
من جانبه قال نهاد عوض، المدير الوطني لـ«كير»، في بيان: «إن الارتفاع الهائل وغير المسبوق في الشكاوى الموثقة في بيانات الحقوق المدنية لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، يكاد يكون من المؤكد أنه حدث نتيجة للاستخدام الواسع النطاق للخطاب المعادي للمسلمين والعنصرية المعادية للفلسطينيين لتبرير الإبادة الجماعية في غزة، وإسكات الأميركيين الذين تحدثوا ضدها على مدار الأشهر الماضية».
وأضاف: «لا نتوقع نهاية للهجمات البغيضة على مجتمعاتنا هنا حتى نرى نهاية للإبادة الجماعية في غزة. إننا ندعو الوكالات الحكومية والشركات والمجتمعات المحلية إلى المطالبة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار، ورفض التمييز البغيض ضد المسلمين الأميركيين وغيرهم ممن يتحدثون ضد الإبادة الجماعية، واتخاذ الخطوات الأخرى الموصى بها في تقريرنا حتى تتمكن أمتنا من تحقيق تقدم دائم في الكفاح من أجل تعزيز العدالة للجميع».
Leave a Reply