■ ترامب حصد حوالي ستة آلاف صوت إضافي في الديربورنين .. وألفين في هامترامك
■ خسائر هاريس تفوق ٢٥ ألف صوت في المدن الثلاث مقارنة بأرقام بايدن 2020
ديربورن
في إنجاز لم يسبقه إليه أي مرشح جمهوري منذ العام 2000، تمكن الرئيس المُنتخب دونالد ترامب من الفوز بمدينتي ديربورن وديربورن هايتس في انتخابات الرئاسة يوم الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، معززاً رصيده من الأصوات في المدينتين ذات الكثافة العربية بحوالي ستة آلاف صوت إضافي مقارنة بانتخابات العام 2020 التي انتهت بخسارته أمام الرئيس الحالي جو بايدن.
وظهر انقلاب المزاج الانتخابي للعرب الأميركيين جلياً في نتائج الديربورنين، على وقع استمرار العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة ولبنان، بدعم من إدارة بايدن ونائبته كامالا هاريس التي انخفضت نسبة تأييدها في مراكز الاقتراع ذات الكثافة العربية، إلى حوالي 23 بالمئة فقط، مقابل نسبة 88 بالمئة حققها بايدن قبل أربع سنوات.
وإذا ما انطبقت النسبة ذاتها على مزاج الناخبين العرب الأميركيين المنتشرين في المدن الأخرى، يمكن الجزم بأن الصوت العربي لعب دوراً حاسماً في فوز ترامب بولاية ميشيغن المتأرجحة بنحو 80 ألف صوت، بعد أن كان قد خسرها بحوالي 154 ألفاً أمام بايدن في 2020.
ولكن تجدر الإشارة أيضاً إلى أن استياء الناخبين العرب من إدارة بايدن–هاريس لم يصب كله في صالح ترامب، حيث فضل 30 بالمئة من الناخبين في مراكز الاقتراع ذات الكثافة العربية، التصويت لصالح مرشحة حزب الخضر جيل ستاين.
مدينة ديربورن
في عموم مدينة ديربورن –حيث يشكل العرب الأميركيون حوالي 55 بالمئة من إجمالي السكان البالغ 105 آلاف نسمة– حصد ترامب نصيب الأسد من الأصوات، بعد أن كسب 4,557 صوتاً إضافياً مقارنة بسباق 2020، محققاً –هذه المرة– مجموع 17,796 صوتاً (42.48 بالمئة) في مقابل 15,189 صوتاً لهاريس (36.26 بالمئة) و7,697 صوتاً (18.37 بالمئة) بينهم 3,576 ناخباً صوّتوا عبر الخيار الحزبي الشامل (ستريت تيكيت) لصالح حزب الخضر.
ولإيضاح حجم النزيف الانتخابي الذي تعرضت له هاريس من جراء دعم إدارتها للعدوان الإسرائيلي، لا بدّ من التوقف عند إجمالي الأصوات التي جمعها بايدن في ديربورن خلال انتخابات 2020، والذي بلغ 30,638 صوتاً (68.72 بالمئة)، في حين حصدت هيلاري كلينتون نحو 25 ألف صوت (63 بالمئة) في انتخابات 2016. وكلاهما فاز بالمدينة الملقبة بـ«عاصمة العرب الأميركيين».
الصوت العربي
بتسليط الضوء على نتائج التصويت في شرق وجنوب المدينة حيث يتركز الناخبون العرب بنسبة تفوق 90 بالمئة في معظم مراكز الاقترع، يتبين أن المكاسب التي حققها ترامب في ديربورن مقارنة بالعام 2020، انحصرت تقريباً بالصوت العربي.
فقد أسفرت نتائج مراكز الاقتراع الـ23 التي تغطي الجانب الشرقي من ديربورن، عن حصول ترامب على 7,449 صوتاً مقابل 4,966 لستاين و3,758 لهاريس.
وبذلك، يكون ترامب قد عزز رصيده من الأصوات في أقلام شرق المدينة بفارق 3,824 صوتاً عن انتخابات 2020عام ، فيما اقتصرت مكاسبه في الجانب الغربي على 733 صوتاً فقط.
وبحسب المراقبين، ترامب الذي خسر مدينة ديربورن برصيد تراوح بين 12 ألف و13 ألف صوت خلال الحملتين السابقتين، نجح –هذه المرة– باستمالة الناخبين العرب في ديربورن وعموم منطقة ديترويت الكبرى من خلال تعهده بإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط عند تسلمه سدة الرئاسة في كانون الثاني (يناير) المقبل.
وكانت بوادر الانقلاب الدراماتيكي بوجه البطاقة الديمقراطية قد ظهرت بوضوح خلال تمهيديات الرئاسة الأميركية في شباط (فبراير) المنصرم، عندما حصل بايدن على 4 بالمئة فقط من أصوات الناخبين في منطقة الساوث أند التي صوّت 91 بالمئة من ناخبيها بـ«غير ملتزم»، احتجاجاً على تلكؤ الرئيس الديمقراطي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وعلى مدى الشهور التالية، قاد رجل الأعمال اللبناني مسعد بولس، والد صهر ترامب مايكل بولس، جهوداً حثيثة لتقريب وجهات النظر بين العرب الأميركيين في منطقة ديترويت، وحملة ترامب، لاسيما في ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك حيث يتركز الناخبون اللبنانيون واليمنيون بشكل خاص. وقد تكللت تلك الجهود بحضور ترامب نفسه إلى هامترامك وديربورن بعد حصوله على دعم عدد من المسؤولين والشخصيات المحلية البارزة، من ضمنهم رئيس بلدية هامترامك عامر غالب ورئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي.
كما حرص ترامب على إشراك عدد من أئمة المساجد في منطقة ديترويت خلال تجمع انتخابي عقده بمدينة نوفاي في 26 أكتوبر المنصرم، حيث أعربوا جميعاً عن دعمهم للمرشح الجمهوري الذي واصل تقرّبه من العرب الأميركيين عشية الانتخابات الرئاسية عبر زيارته إلى أحد المقاهي المملوكة لرجل أعمال من أصل لبناني في مدينة ديربورن في مطلع نوفمبر مستبقاً تلك الزيارة بمغازلة اللبنانيين الأميركيين من خلال رسالة وعدهم فيها بإحلال السلام في وطنهم الأم، الذي يتعرض لاعتداءات إسرائيلية متواصلة منذ أواسط الشهر المنصرم، وفي عموم مناطق الصراع في الشرق الأوسط.
ورغم النصر المفاجئ الذي حققه ترامب في الديربورنين، لا يمكن القول بأن المدينتين قد انقلبتا على الحزب الديمقراطي بقدر ما كان انقلاباً على إدارة بايدن–هاريس نفسها، إذ تمكن المرشحون الديمقراطيون لمختلف المناصب المحلية والفدرالية الأخرى من الفوز بسباقاتهم، ومن ضمنهم المرشحة لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي إليسا سلوتكين التي كانت أسوأ الرابحين.
وتفوقت سلوتكين بحوالي 900 صوت تقريباً على المرشح الجمهوري مايك رودجرز الذي حصل على 15,054 صوتاً (39 بالمئة) مقابل 15,984 للأخيرة (41 بالمئة)، في حين سجل مرشح حزب الخضر دوغلاس مارش أرقاماً لافتة بنيله 5,737 صوتاً (15 بالمئة).
مدينة ديربورن هايتس
على غرار ديربورن، حصل ترامب في ديربورن هايتس على تأييد غالبية الناخبين بحصوله على تأييد 11,079 ناخباً (44 بالمئة) بينهم 6,452 صوّتوا عبر الخيار الحزبي (ستريت تيكيت) لصالح الحزب الجمهوري، في مقابل حصول هاريس على 9,643 صوتاً (38 بالمئة)، في حين نالت ستاين 3,789 صوتاً (15 بالمئة) في الانتخابات التي بلغت نسبة الإقبال فيها 52 بالمئة.
وبذلك يكون ترامب قد عزز نصيبه من أصوات ناخبي ديربورن هايتس بأكثر من 1,300 صوت مقارنة بما حققه في انتخابات العام ٢٠٢٠ حين جمع 9,749 صوتاً (36.4 بالمئة)، مقابل 16,623 صوتاً لبايدن (62.6 بالمئة).
وفي انتخابات العام 2016، كان ترامب قد خسر المدينة –التي يشكل العرب الأميركيون زهاء 40 بالمئة من إجمالي سكانها البالغ 63 ألف نسمة– بحصوله على زهاء 9 آلاف صوت (30.5 بالمئة).
وفي سباق مجلس الشيوخ الأميركي، خسر رودجرز في ديربورن هايتس بحصوله على 9,717 صوتاً (41.12 بالمئة) في مقابل 10,006 أصوات (42.34 بالمئة) لسلوتكين التي حسمت السباق على مستوى ولاية ميشيغن بفارق حوالي 20 ألف صوت عن منافسها الجمهوري.
مدينة هامترامك
أما في هامترامك، فقد سجّل ترامب ارتفاعاً ملموساً في قاعدة الناخبين المؤيدين للحزب الجهوري، ولكن ليس بالقدر الكافي للتغلب على هاريس في المدينة المحسوبة تقليدياً على الحزب الديمقراطي بسبب تاريخها المرتبط بالمهاجرين والنشاط العمالي.
فقد حصلت هاريس على 3,266 صوتاً، بينما صوّت لترامب أكثر من ثلاثة آلاف ناخب، علماً بأن بايدن كان قد حاز على أكثر من ستة آلاف صوت مقابل ألف صوت تقريباً لترامب في انتخابات 2020.
وكان بايدن قد اكتسح هامترامك بمعدل 85.4 بالمئة من الأصوات، في حين اقتصرت نسبة هاريس –هذه المرة– على 46 بالمئة من إجمالي المقترعين بنيلها 3,266 صوتاً.
وبذلك، تشير الأرقام إلى أن ترامب نجح في كسب أكثر من ألفي صوت في المدينة ذات الأغلبية الإسلامية.
ردود فعل
تفاوتت ردود الفعل حول فوز ترامب في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس في انتخابات الثلاثاء المنصرم، حيث أبدى البعض تفاؤله بعودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض ووعوده في وقف الحرب وإرساء السلام في غزة ولبنان، فيما عبّر البعض الآخر عن توجّسه من السياسات المستقبلية للرئيس السابع والأربعين داخل وخارج الولايات المتحدة.
وأوضح عبدالسلام المذحجي بأن ترامب هو الرئيس الوحيد القادر على إيقاف جرائم الإبادة الجماعية وإعادة الاستقرار إلى بلدان الشرق الأوسط، مؤكداً على أن الوقت قد حان لرأب الصدع بين الجمهوريين من جهة، وبين العرب والمسلمين الأميركيين من جهة أخرى.
وأضاف المذحجي الذي يتحدر من أصول يمنية بأن بايدن «هو الرئيس الأميركي الأسوأ على الإطلاق»، وأن نائبته كامالا هاريس لم تسجل أية بصمة خلال توليها منصب نائب الرئيس في السنوات الأربع المنصرمة. وقال: «لقد تخلى عنا الديمقراطيون في أحلك الأوقات، في الوقت الذي نشهد فيه يومياً سقوط عشرات الضحايا في غزة ولبنان، دون أية إجراءات ملموسة من الإدارة الأميركية».
ولم ينفِ المذحجي أهمية المواضيع الاجتماعية، وفي مقدمتها إتاحة الكتب المثلية في مناهج المدارس العامة في ولاية ميشيغن، في ترجيح كفة ترامب بأوساط العرب والمسلمين الأميركيين، وقال: «خسارة هاريس للانتخابات هي الرسالة الأكثر أهمية من فوز ترامب في هذه الأوقات العصيبة التي تمرّ بها شعوبنا في بلدان الشرق الأوسط».
من جانبه، أبدى الناشط المجتمعي وسام شرف الدين خيبة أمله من فوز ترامب في الديربورنين محذراً من عودة ما أسماه «الخطاب الفاشي إلى البيت الأبيض»، وقال: «إن الحرب في غزة ولبنان كانت همّ الناخب الأول في صناديق الاقتراع في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس، وهو ما تمثل بخسارة مذلّة لنائبة الرئيس وتسجيل مرشحة حزب الخضر جيل ستاين أرقاماً غير مسبوقة».
شرف الدين الذي يتحدر من أصول لبنانية، أعرب عن تفاؤله بمستقبل حزب الخضر في منطقة ديربورن، لافتاً إلى أن أرقام التصويت الحزبي (ستريت تيكيت) لصالح «الخضر» شجعت العديد من الناشطين المحليين على التفكير بتشكيل «تكتل عربي وإسلامي أميركي» ضمن الحزب للدفاع عن مصالح العرب والمسلمين الأميركيين في الولايات المتحدة. وقال شرف الدين: «نعمل في الوقت الحالي على تكثيف جهودنا حتى يكون للعرب والمسلمين الأميركيين دور سياسي مؤثر داخل حزب الخضر في ميشيغن».
Leave a Reply