ديربورن
بحضور نشطاء ومسؤولين محليين، قام رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمّود –يوم الجمعة 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري– بقص الشريط الحريري لافتتاح ثاني منتزهات «السلام» بشرق المدينة، والذي يندرج ضمن مشروع لإنشاء ثلاث حدائق عامة تحت مسمى: «حدائق السلام» PEACE، وهي اختصار للعبارة الإنكليزية: «مساواة المنتزهات والوصول إلى التفاعل المدني».
المنتزه الذي يحمل اسم PEACE Park East، والواقع بجوار مقر البلدية القديم عند تقاطع شارعي شايفر وميشيغن أفنيو، تميّز بوفرة المقاعد والمساحات الخضراء والأشجار المعمّرة، بالإضافة إلى العديد من الديكورات والتصميمات المستوحاة من فنّ تنسيق النباتات، من بينها قطع شطرنجية ضخمة، ويدان بأصابع تشكل «قلب حب»، والتي جاءت جميعها بتوقيع من شركة «إيماجين» للتصميم والبناء، المكلفة بتصميم المنتزهات الثلاث.
وكان رئيس البلدية اللبناني الأصل قد أطلق في آذار (مارس) عام 2023 مشروعاً لإنشاء ثلاثة منتزهات جديدة في كل من الداونتاون الغربي والداونتاون الشرقي ومنطقة «الساوث أند» في جنوب المدينة، وذلك ضمن خطة متعددة الأهداف تتوخى توسيع البنية التحتية الخضراء للمساعدة في مكافحة الفيضانات وتحسين الصحة العامة والعقلية، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد المحلي عبر جذب رواد الأعمال للاستثمار في محيط المنتزهات الجديدة.
وتم افتتاح أول المنتزهات الثلاثة في أواخر أيلول (سبتمبر) الفائت على العنوان 22271 وست فيليدج درايف بغرب ديربورن، بين مبنيي مواقف السيارات اللذين تم تشييدهما في عهد رئيس البلدية السابق جون أورايلي في إطار رؤية لبناء فندق كبير بينهما، غير أن تلك الخطة لم تبصر النور قط. ويتميز منتزه الداونتاون الغربي بوجود حوض بيولوجي ونظام لإدارة مياه الأمطار وتجميعها في أربعة خزانات تحت الأرض، كل منها قادر على استيعاب 15 ألف غالون، لاستخدامها في سقاية النباتات والمساحات الخضراء في المرفق العمومي.
وخلال حفل افتتاح منتزه الداونتاون الشرقي الذي حضره رئيس مجلس المدينة مايك سرعيني وكليرك المدينة جورج ديراني وعدد من أعضاء المجلس البلدي والمجلس التربوي، أوضح حمود بأن الحديقة الجديدة تضم أشجاراً زُرعت قبل عقود طويلة، مما يجعلها مكاناً جميلاً في فصلي الصيف والخريف، لافتاً إلى أن إزالة الأشجار الميتة ساعدت في تنشيط المنطقة التي لم يتم استثمارها على الوجه الأمثل منذ سنوات عديدة.
وأشار حمود إلى أن كلفة إنشاء المنتزه الذي يضم مساحة مرصوفة تسمح بعمل شاحنات الطعام والباعة المتجولين، بلغت 1.5 مليون دولار، معرباً عن شكره لهيئة تطوير الداونتاون الشرقي في ديربورن و«مؤسسة التنمية الاقتصادية بميشيغن» MEDC، لمساهمتهما في تمويل المشروع، وقال: «نحن سعداء ومتحمسون لهذا الاستثمار في مدينتنا».
وأفاد حمود بأن المنتزه الثالث ضمن مشروع حدائق السلام، مازال قيد البناء وسيحتوي على حديقة ومضمار رياضي، والعديد من الديكورات المشابهة للمنتزهين الآخرين بما في ذلك مجسم على شكل «قلب حب»، ورقعة شطرنج عملاقة مصممة بطريقة تحول دون سرقتها. وقال حمود ممازحاً: «لا يمكنك سرقة قطع الشطرنج هذه. يمكنك المحاولة، لكنك لن تصل إلى مسافة بعيدة. لقد أخذنا ذلك في الاعتبار، لأن آخر شيء أردت رؤيته هو شخص يركض بملكة عبر شارع ميشيغن».
من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لهيئة تطوير الداونتاون الشرقي، أنجيلا فورتينو، «إن هذه الحديقة هي شهادة على قوة المجتمع وتفاني شركاء المدينة»، معربة عن امتنانها لمؤسسة التنمية الاقتصادية في ميشيغن «لاستثمارها في هذا المشروع».
بدورها أشادت عضو اللجنة التنفيذية لمؤسسة التنمية الاقتصادية بميشيغن، فدوى حمود، برؤية رئيس البلدية «التي لا مثيل لها»، مؤكدة إن رؤيته لمستقبل ديربورن تجعلها فخورة بكونها من سكان المدينة.
وأضافت فدوى بأن مؤسسة MEDC فخورة بالمنح المعروفة باسم RAP التي تقدمها لتنشيط المناطق السكنية، لأنها تؤكد على «التزامنا بالأشخاص والأماكن والمشاريع التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من نمو اقتصاد ولايتنا»، مضيفة: أنه من خلال برنامج RAP الأصلي، الذي موّل إنشاء منتزه السلام الشرقي، وزع صندوق ميشيغن الاستراتيجي 100 مليون دولار من أموال قانون خطة الإنقاذ الأميركية لعام 2022، فضلاً عن 99.2 مليون من تمويل الولاية.
وأوضحت بأن مشروع حدائق السلام يعدّ مثالاً رائعاً للاستثمارات القائمة على المكان، والتي من شأنها مواصلة «تعزيز ديربورن كمجتمع غني وحيوي من خلال توفير مساحات ديناميكية للتجمعات الاجتماعية وتناول الطعام وإقامة النشاطات الثقافية والفنية والبرامج المبتكرة».
وكانت مقاطعة وين أيضاً قد ساهمت بتوفير عشرة ملايين دولار لصالح خطة حمود التي تتطلب إنفاق 30 مليون دولار لبناء المنتزهات الثلاثة الجديدة إلى جانب تجديد منتزهات أخرى تابعة للبلدية ومن ضمنها «كامب ديربورن» في مقاطعة أوكلاند. أما بقية المبلغ فقد تم توفيره بواقع عشرة ملايين دولار من حصة ديربورن من المساعدات الفدرالية المخصصة لأزمة كورونا (خطة الإنقاذ الأميركية)، وثمانية ملايين من حكومة ولاية ميشيغن، ومليونين من منحة تنمية المجتمع الفدرالية CDBG.
وفي بيان إطلاق المشروع، قال حمود في العام الماضي إن خطته تهدف إلى «الاستثمار العادل في جميع أنحاء المدينة»، معرباً عن أمله في أن تشجع هذه «الحدائق الشقيقة» حركة السكان عبر المدينة وتحديداً إلى المناطق التي لا يترددون عليها عادة. وتابع قائلاً: «إن الأماكن العامة تخلق التواصل والروابط بين أفراد المجتمع، وهذا بالضبط ما تمثله مدينة ديربورن».
وأكد حمود أيضاً أن كل منتزه رئيسي في المدينة، وكذلك معظم الحدائق الصغيرة، ستشهد نوعاً من التحديثات من خلال خطته، علماً بأن المدينة تضم ما يقرب من 50 منتزهاً وحديقة عامة، موضحاً بأن قرار الاستثمار في المساحات الخضراء جاء في إطار رغبته في «فعل شيء من شأنه أن ينشط مدينتنا ويترك علامة دائمة»، ولافتاً إلى أنه يودّ عند مغادرة منصبه أن يكون قد حقق إنجازاً «يمكن أن تستمتع به ابنته وأطفالها في المستقبل».
وأردف أنه استخدام أموال خطة الإنقاذ الأميركية «كما كان المقصود منها»، أي «كدولارات تستخدم لمرة واحدة»، وفي نفس الوقت، قرر استخدامها بطريق تُحدِث تأثيراً دائماً على المدينة، مشيراً إلى أن ديربورن تعتبر «أكثر المجتمعات شباباً في منطقة جنوب شرقي ميشيغن، إذ أن أغلبية سكانها من المراهقين أو الأطفال الأصغر سناً».
وقال حمود: «علينا أن نأخذ الحدائق إليهم»، كاشفاً عن رغبة إدارته بإنشاء مساحات خضراء على الأسطح العليا لمواقف السيارات لكونها أماكن عادة ما يتسكع فيها المراهقون.
Leave a Reply