واشنطن
أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الأحد الفائت، عن اختياره لرجل الأعمال اللبناني الأصل مسعد بولس لشغل منصب مستشاره الأول للشؤون العربية والشرق أوسطية، وهو التعيين الذي أثار اهتمام وسائل الإعلام داخل وخارج الولايات المتحدة، بما في ذلك العالم العربي ووطنه الأم، لبنان.
وكتب ترامب في حسابه عبر شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال»: «يسعدني أن أعلن أن مسعد بولس سيشغل منصب المستشار الأول للرئيس في الشؤون العربية والشرق أوسطية»، واصفاً الملياردير اللبناني بأنه «محامٍ بارع وزعيم يحظى بالاحترام في عالم الأعمال، وله خبرة واسعة على الساحة الدولية».
ولفت ترامب إلى أن المستشار الجديد «مناصر عتيد للقيم الجمهورية والمحافظة»، مشيراً إلى دوره الفعال في تجديد «التحالفات الهائلة»مع المجتمعات العربية الأميركية، وقال: «مسعد صانع الصفقات، ومؤيد ثابت للسلام في الشرق الأوسط، وسوف يكون مدافعاً قوياً عن الولايات المتحدة ومصالحها، وأنا سعيد لوجوده في فريقنا».
ويأتي تعيين بولس في المنصب الجديد بمثابة مكافأة لنجاح الأخير في استمالة الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين بالتصويت لمرشح الحزب الجمهوري خلال الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، لاسيما في الولايات المتأرجحة وفي مقدمتها ولاية ميشيغن التي قصدها رجل الأعمال اللبناني بزيارات مكوكية إلى المجتمعات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت وسط احتدام المنافسة في سباق البيت الأبيض.
وبالتوازي مع حملة ترامب في ولاية البحيرات العظمى، لعب بولس دوراً محورياً في استعادة العلاقات بين الجمهوريين من جهة، وبين المجتمعات العربية والإسلامية من جهة أخرى، والتي أسفرت في نهاية المطاف عن قيام المرشح الجمهوري بزيارة غير مسبوقة في أواسط تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى هامترامك، بعد نيله تأييد رئيس بلدية المدينة عامر غالب.
كما أسفرت جهود بولس عن استقطاب المجتمعات العربية والإسلامية في منطقة الديربورنين ذات الكثافة العربية، والتي صبت غالبية أصواتها خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالح ترامب الذي قام في مطلع نوفمبر الماضي بزيارة إلى أحد المقاهي المملوكة لرجل أعمال من أصل لبناني في مدينة ديربورن مستبقاً تلك الزيارة بمغازلة اللبنانيين الأميركيين من خلال رسالة وعدهم فيها بإحلال السلام في وطنهم الأم، مع الإشارة إلى أن ترامب نال أيضاً تأييد رئيس بلدية ديربورن هايتس اللبناني الأصل بيل بزي.
وجاء التغيير الأبرز في المدن ذات الكثافة العربية، وتحديداً في ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، ليعكس استياء المجتمعات المحلية من مواقف الإدارة الحالية تجاه الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة ولبنان للعام الثاني على التوالي، والتي تسببت بانفضاض غالبية العرب والمسلمين الأميركيين عن مرشحة الحزب الأزرق كامالا هاريس، مقارنة بالانتخابات الرئاسية في عام 2020 التي صوّتت بأكثرية كاسحة للرئيس الحالي جو بايدن.
وفي الإطار، نقلت« رويترز» عن مسؤولين وداعمين لحملة ترامب قولهم إن من ضمن أسباب فوز ترامب في الانتخابات بولاية ميشيغن مساهمة بولس في جذب شرائح عريضة من الناخبين العرب والمسلمين الذين تقدر أعدادهم بـ300 ألف ناخب، من الذين أيدوا بشكل كبير بايدن في انتخابات 2020 ولكنهم أظهروا معارضة شديدة لسياساته المتعلقة بإسرائيل وغزة ولبنان، منذ تجدد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023.
ويذكر بأن بولس شارك سابقاً في النشاط السياسي للحزب الجمهوري عندما كان طالباً جامعياً، حيث تطوع في حملة جورج بوش الابن خلال ترشحه لمنصب حاكم ولاية تكساس عام 1994، وهي محطة يوليها بولس أهمية في سيرته لأنها «كانت التجربة السياسية الأولى له كأميركي»، بحسب العديد من إفاداته لوسائل الإعلام الأميركية.
النشأة والجذور
ولد مسعد بولس عام 1971 في قرية كفر عقا بقضاء الكورة في شمال لبنان لعائلة مسيحية أرثوذكسية. ترك لبنان وهو شاب يافع وتوجه إلى ولاية تكساس بالولايات المتحدة لمتابعة تحصيله الأكاديمي في جامعة هيوستن التي تخرج منها حاصلاً على شهادة في القانون.
ويتحدر بولس من عائلة معروفة في شمال لبنان حيث كان لجده ووالده دور في السياسة اللبنانية. ورغم سفره في سن مبكرة إلى الولايات المتحدة، إلا أن علاقته الشخصية والسياسية لم تنقطع مع وطنه الأم، حيث سبق له أن سعى للحصول على مناصب سياسية في لبنان.
وفي مسقط رأسه، لم تكن تحركات بولس السياسية مفاجئة خاصة مع النشاط السياسي الطويل الأمد لعائلته، إذ شغل والده منصب رئيس بلدية كفر عقا حتى وفاته في عام 2011، بينما كان عمه الأكبر نائباً ووزيراً، بالإضافة إلى أن بولس نفسه حاول الترشح لمقعد برلماني في لبنان مرتين دونما نجاح.
ويمتلك بولس علاقة صداقة مع رئيس حزب المردة، سليمان فرنجية، بالإضافة إلى تواصله الدائم مع حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، إلى جانب العديد من العلاقات الأخرى مع مختلف أطياف المشهد السياسي في لبنان.
رجل أعمال ناجح
بعد تخرجه من جامعة هيوستن بولاية تكساس، انضم بولس لإدارة شركة عائلته التي تأسست عام 1926. وفي عام 1997 توجه إلى القارة الإفريقية، حيث تابع أعمال مجموعة عائلته SCOA، في نيجيريا والبالغة قيمتها مليار دولار، والمتخصصة بتوزيع وتجميع المركبات في غرب إفريقيا.
وترقى بولس ليصبح الرئيس التنفيذي لشركة العائلة، جنباً إلى جنب مع إدارة شركته الخاصة التي تحمل اسمه، ومقرها في نيجيريا، والتي تعمل في مجال توزيع وتجميع الدراجات النارية، والدراجات الثلاثية العجلات، والدراجات البخارية. وإلى جانب شركاته في نيجيريا، يمتلك بولس أيضاً العديد من الشركات في الولايات المتحدة.
بولس الذي يحمل الجنسيات اللبنانية والأميركية والفرنسية والنيجيرية، متأهل من آرا فضل بولس، وهي ابنة قطب لبناني آخر له أعماله في إفريقيا، حيث يمتلك شركات تمتد في غرب ووسط القارة السمراء، وكذلك في أوروبا ولبنان. ولدى بولس وزوجته أربعة أبناء، هم: فارس ومايكل وأوريان وصوفي.
دخل بولس إلى حلقة ترامب الضيقة لأول مرة في عام 2019، من خلال ارتباط ابنه مايكل بعلاقة عاطفية مع تيفاني، الابنة الصغرى للرئيس الأميركي، والذي وجه له دعوة لحضور احتفالات عيد الميلاد في البيت الأبيض.
وكان مايكل وتيفاني قد التقيا خلال إجازة في جزيرة ميكونوس اليونانية، في نادي الممثلة ليندسي لوهان، وفقاً لما ذكرته مجلة «بيبول» الأميركية. وفي نوفمبر 2022، تزوج مايكل بولس وتيفاني ترامب في حفل كبير أقيم بمنتجع ترامب «مارالاغو» في فلوريدا، بعد ثلاث سنوات تقريباً من خطبتهما في حديقة الورود بالبيت الأبيض خلال فترة ولاية ترامب الأولى.
Leave a Reply