بلومفيلد، واشنطن
في قرار مفاجئ، أعلن عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ميشيغن، السناتور الديمقراطي غاري بيترز، أنه لن يخوض انتخابات العام 2026 للاحتفاظ بمقعده لفترة ثالثة من ست سنوات، مما يمهد لمعركة انتخابية محتدمة لخلافته، سواء على الجانب الديمقراطي أو الجمهوري.
وكشف بيترز عزمه على التقاعد، في مقابلة نشرتها صحيفة «ديترويت نيوز»، قال فيها إنه مع انتهاء فترته الثانية والأخيرة مطلع العام 2027، سيبدأ «فصلاً جديداً من حياته» ويقضي المزيد من الوقت مع العائلة، بعد ما يقرب من عقدين من الخدمة في الكونغرس.
وقال السناتور البالغ من العمر 66 عاماً، في بيان لاحق نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الثلاثاء الماضي: «لقد كانت خدمة ميشيغن في الكونغرس شرفاً لي في حياتي. وأنا ممتن إلى الأبد للفرصة التي منحني إياها شعب ولايتي».
وبدأ بيترز مسيرته التشريعية تحت قبة الكابيتول في العاصمة واشنطن، كنائب عن ولاية ميشيغن إثر فوزه بانتخابات الكونغرس لأول مرة عام 2008. وخدم بيترز في مجلس النواب الأميركي لثلاث دورات متتالية قبل انتخابه لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي عام 2014، وإعادة انتخابه في 2020.
وشدد بيترز في مقابلته مع «ديترويت نيوز»، أنه منذ انتخابه لأول مرة كان يدرك بأنه «سوف يأتي وقتٌ يتنحى فيه جانباً ويسلّم زمام الأمور للجيل الجديد»، مشيراً إلى أنه لم ينظر إلى الخدمة في الكونغرس قط، على أنها شيء يمكن الاستمرار القيام به لمدى الحياة.
وأضاف السناتور المقيم في بلدة بلومفيلد بمقاطعة أوكلاند أنه كان مقتنعاً منذ عام 2008 بأنه سيخدم لبضع دورات تشريعية قبل أن يعود إلى حياته الخاصة.
وكان يتعين على بيترز خوض معركة انتخابية صعبة في عموم ولاية ميشيغن للاحتفاظ بمقعده في انتخابات 2026، في ظل الزخم الجمهوري الكبير بقيادة الرئيس دونالد ترامب الذي فاز بولاية البحيرات العظمى في طريق عودته إلى البيت الأبيض.
وقبل أيام قليلة من إعلان بيترز عزمه على التقاعد، كانت «اللجنة الجمهورية الوطنية لمجلس الشيوخ» NRSC، قد حدّدت مقعد السناتور المقيم في بلدة بلومفيلد بمقاطعة أوكلاند، ومقعدَي السناتورين الديمقراطيين جون أوسوف (جورجيا) وجين شاهين (نيو هامبشير)، كأهداف رئيسية في الانتخابات النصفية القادمة، بهدف توسيع أغلبيتهم الحالية البالغة 53 سناتوراً مقابل 47 للديمقراطيين.
ورداً على إعلان تقاعد بيترز، قال رئيس لجنة NRSC، السناتور عن ساوث كارولاينا، تيم سكوت، في بيان إن «غاري بيترز قضى سنوات طويلة في تجاهل الهجرة غير الشرعية وتدمير صناعة السيارات في ولايته»، مؤكداً أن «ميشيغن ستصبح أفضل حالاً بدونه». وحول المعركة الانتخابية المرتقبة في ميشيغن، شدد سكوت على التزام الجمهوريين بتقديم مرشح «مقاتل يقف مع الرئيس ترامب لاستعادة الرخاء الاقتصادي والأمن لبلدنا».
في المقابل، ردّت «لجنة الحملة الديمقراطية لمجلس الشيوخ» DSCC بأن الجمهوريين لم يتمكنوا من الفوز بسباق مجلس الشيوخ في ميشيغن منذ 30 عاماً، «بما في ذلك، الدورة الأخيرة عندما فازت الديمقراطية إليسا سلوتكين بمقعد شاغر حتى مع فوز ترامب بالولاية».
ويسيطر الديمقراطيون على مقعدي ميشيغن في مجلس الشيوخ الأميركي منذ انتخابات العام 2000، عندما تمكنت السناتورة السابقة ديبي ستابينو من التفوق على آخر سناتور جمهوري عن الولاية، سبنسر أبراهام.
وتعهد المتحدث باسم اللجنة، ديفيد بيرستين، بأن «الديمقراطيين سيستمرون في الاحتفاظ بمقعد بيترز في عام 2026».
والجدير بالذكر أن بيترز نفسه ترأس لجنة DSCC خلال انتخابات 2022، عندما نجح في قيادة الديمقراطيين إلى الاحتفاظ بأغلبيتهم الضئيلة، كما ترأسها في الانتخابات الأخيرة لعام 2024 والتي أسفرت عن انتقال الأغلبية لصالح الجمهوريين.
ورغم أنه لن يكون على ورقة الاقتراع في انتخابات 2026، تعهد بيترز بمواصلة العمل على «ضمان انتخاب مرشح ديمقراطي ديناميكي ليكون عضو مجلس الشيوخ الأميركي القادم عن ميشيغن».
وأفادت صحيفة «ديترويت نيوز» بأن بيت بوتيجدج، وزير النقل السابق في إدارة الرئيس بايدن، يعتبر أبرز الأسماء المطروحة لخلافة بيترز، مضيفة أن حاكمة الولاية غريتشن ويتمر قد أعربت عن عدم رغبتها بالترشح.
ووفقاً لموقع «أكسيوس» فإن النائبتين عن ميشيغن في الكونغرس، هيلاري سكولتين وهايلي ستيفنز «تفكران بجدية» في الترشح فضلاً عن نائب الحاكم غارلين غيلكريست وعضوة مجلس الشيوخ في الولاية مالوري ماكمورو.
وبحسب المراقبين، كان بيترز –في حال مضيه بقرار الترشح– سيواجه صعوبة في استعادة أصوات الناخبين العرب والمسلمين الذين لعبوا دوراً أساسياً في فوز ترامب بولاية ميشيغن في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وعلى مرّ سنين خدمته في الكونغرس، تميز بيترز بمحاولة نسج علاقات وثيقة مع العرب والمسلمين الأميركيين في ميشيغن، مقدماً وعوداً متكررة في معالجة مخاوفهم من التمييز في المطارات والمعابر الحدودية وقوائم مراقبة الإرهاب وحظر السفر جواً، ولكنه لم ينجح في تحقيق أي خرق يذكر في حلحلة هذه الملفات الشائكة.
كذلك، يأخذ العرب والمسلمون على بيترز انحيازه الفاضح لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي تجلى في مواقفه المؤيدة للعدوان على غزة، فضلاً عن مشاركته في عام 2017 برعاية قانون «مكافحة مقاطعة إسرائيل»، الذي من شأنه تجريم المشاركة في حملات مقاطعة إسرائيل والمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
نبذة شخصية
إلى جانب عالم السياسة انضم بيترز إلى سلاح البحرية الأميركية كضابط احتياط وهو في سن 34 عاماً. كما قضى 22 سنة في العمل كمستشار استثماري في القطاع الخاص، بالإضافة إلى العمل لفترة وجيزة في المجال الأكاديمي. أما أولى تجاربه الانتخابية فكانت عام 1991 وأسفرت عن فوزه بعضوية مجلس بلدية روتشستر هيلز عام 1991، قبل أن ينضم إلى سلاح البحرية في عام 1993 ثم يترشح بنجاح لعضوية مجلس شيوخ ميشيغن عام 1994، حيث خدم لغاية العام 2002، حين تعرّض لأول وآخر هزيمة انتخابية في مسيرته السياسية بخسارته بفارق ضئيل أمام الجمهوري مايك كوكس في سباق منصب المدعي العام لميشيغن.
وعقب ذلك، عينته حاكمة ميشيغن آنذاك، الديمقراطية جنيفر غرانهولم، في منصب مفوض اليانصيب بالولاية، من عام 2003 حتى استقالته عام 2008، حين ترشح –بنجاح– لعضوية مجلس النواب الأميركي.
وخلال خدمته في الكونغرس، شغل بيترز عضوية العديد من اللجان الرئيسية والفرعية في مجلسي النواب والشيوخ، بما في ذلك لجان المخصصات والقوات المسلحة والتجارة والنقل والعلوم، وصولاً إلى ترؤسه لجنة الأمن الوطني والشؤون الحكومية في مجلس الشيوخ قبل فقدان الأغلبية لصالح الجمهوريين في الانتخابات الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن بيترز من مواليد مدينة بونتياك في ميشيغن عام 1958، تخرج من جامعات «ألما» و«ديترويت» و«وين ستايت» و«ميشيغن ستايت» حيث لديه شهادات ماجستير ودكتوراه في إدارة الأعمال والقانون، وهو متزوج وله ثلاثة أبناء.
Leave a Reply