واشنطن، هامترامك
تعرّض رئيس بلدية هامترامك أمير غالب، خلال الأسبوع الماضي، لموجة انتقادات من جماعات يهودية أميركية طالبت الرئيس دونالد ترامب بسحب ترشيحه لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى الكويت، بدعوى أنه قد يؤجج الأفكار المعادية للسامية في منطقة الخليج العربي.
وحثّت كل من «رابطة مكافحة التشهير» ADL ومنظمة «أوقفوا معاداة السامية» StopAntisemitism الرئيس ترامب على سحب ترشيح رئيس البلدية اليمني الأصل، بدعوى «انحيازه إلى أعداء أميركا»، وأن تعيينه «يتناقض مع دعم إدارة ترامب القوي لإسرائيل ضد إرهاب حماس»، بحسب المنظمتين اليهوديتين.
وفي التفاصيل، أعربت «رابطة مكافحة التشهير» عن معارضتها «الشديدة» لقرار تعيين غالب، الصادر في السابع من شهر آذار (مارس) الجاري. وقالت في بيان إن «غالب يتاجر بمعاداة السامية بشكل روتيني، كما أنه يدعم بنشاط حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS المعادية للسامية».
وكان مجلس مدينة هامترامك، الذي يترأسه غالب بموجب ميثاق المدينة، قد وافق العام الماضي بالإجماع على إصدار قرار مُلزم بتجنب الاستثمار في الشركات الإسرائيلية وغيرها من الشركات التي تدعم سياسات الفصل العنصري في الأراضي المحتلة، لتكون بذلك هامترامك أول مدينة أميركية تتبنى مطالب حركة مقاطعة إسرائيل بشكل كامل.
وزعمت الرابطة اليهودية الأميركية، بأن غالب «حاول تبرير مذبحة السابع من أكتوبر» خلال مشاركته في الاحتجاجات المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني على مدى العامين المنصرمين، كما أنه رفض اتخاذ إجراءات تأديبية ضد أحد المرشحين في سباق مجلس المدينة، وهو نصر حسين، «الذي حاول بدوره تبرير مذابح الهولوكست»، وفقاً لبيان الرابطة.
وكان غالب قد انتقد مراراً وتكراراً العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، واصفاً التقارير الإعلامية عن قيام الفلسطينيين بقطع الرؤوس واغتصاب النساء بـ«الأكاذيب»، وقال إن أحداً لم يقدم دليلاً على ذلك.
ووصفت «رابطة مكافحة التشهير»، غالب في منشور عبر منصة «أكس» بأنه «مؤيد صريح» لحركة مقاطعة إسرائيل BDS، وبأنه من منكري العنف الذي مارسته «حماس» في هجومها على إسرائيل عبر عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2003.
من جانبها، ندّدت منظمة «أوقفوا معاداة السامية» بتصريحات غالب في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، وكذلك، وصفه في مناسبات سابقة للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بـ«الشهيد»، رغم غزوه لدولة الكويت التي سيمثل فيها غالب، الولايات المتحدة، في حال إقرار تعيينه من قبل مجلس الشيوخ الأميركي.
وقالت المنظمة في بيان الاثنين الفائت: «نظراً لهذه المواقف التي اتخذها أمير غالب، ولغيرها من المواقف الأخرى المثيرة للقلق، بانحيازها إلى أعداء أميركا، فإننا نناشد إدارة ترامب التراجع عن هذا القرار وسحب هذا الترشيح».
وكان ترامب قد أعلن عن ترشيح غالب لمنصب السفير الأميركي لدى الكويت، تقديراً لجهوده في دعم حملته الانتخابية وعودته إلى البيت الأبيض.
وأشار ترامب على حسابه بموقع «تروث سوشيال» إلى أن غالب ساعده في الفوز بولاية ميشيغن، التي تضم أعلى نسبة من السكان المتحدرين من الشرق الأوسط في أميركا، وقال: «يسرني الإعلان بأن أمير غالب سيكون سفير الولايات المتحدة القادم لدى الكويت. بصفته رئيس بلدية هامترامك، عمل أمير بجد لمساعدتنا في تحقيق نصر تاريخي في ميشيغن، وإنني أعلم بأنه سيرفع اسم بلدنا عالياً من خلال خدمته في هذا المنصب الجديد».
غير أن صحيفة «ديترويت نيوز» نقلت عن تقارير إعلامية أن البيت الأبيض لم يرسل رسمياً ترشيح غالب إلى مجلس الشيوخ الأميركي رغم تسميته منذ نحو ثلاثة أسابيع، وعليه، لم تحدد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بعد، موعداً لجلسة الاستماع الخاصة بترشيح رئيس البلدية اليمني الأصل.
وكان غالب (45 عاماً) قد تطرّق مؤخراً إلى موضوع ترشيحه سفيراً لأميركا لدى الكويت، وأشار خلال إحدى فعاليات هامترامك إلى أن موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على تعيينه «غير مضمونة»، ملمحاً إلى إمكانية عودته للترشح لرئاسة بلدية المدينة التي تضم زهاء 28 ألف نسمة، يشكل المسلمون المتحدرون من أصول يمنية وبنغالية أكثر من ثلثيهم.
وكان غالب قد دخل تاريخ هامترامك بعد الانتخابات العامة في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2021، كأول عربي وأول مسلم يتولى قيادة المدينة بعد فوزه الكاسح على رئيسة البلدية السابقة، كارين ماجوسكي، منهياً بذلك قرناً كاملاً من قيادة البولنديين لحكومة المدينة الأكثر تنوعاً عرقياً وثقافياً بولاية البحيرات العظمى.
وأكد غالب بأنه سيعاود الترشح في سباق رئاسة البلدية العام الجاري، إذا لم يوافق مجلس الشيوخ على ترشيحه لمنصب السفير الأميركي في الكويت، وقال: «آمل أن أحظى بجلسة استماع في مجلس الشيوخ قريباً، وآمل أن يُثبّتوا ترشيحي. وإن لم يحدث ذلك، فلن أخسر شيئاً، لأنني سأعود لخدمة مجتمعنا».
ووعد غالب بعدم التنازل عن قيمه، وقال: «لا أندم على ماضيّ، وأنا فخور جداً بحاضري، وسأواصل التمسك بقيمي ومبادئي في المستقبل»، مردفاً بالقول: «ستكون خطوتي التالية، في حال الموافقة على ترشيحي سفيراً لدى الكويت، وسوف استمر في خدمة هذا المجتمع، حتى من بعيد. لن أنسى هذا المجتمع أبداً. إنه دائماً قاعدتي، وهو دائماً موطني، وسأسخّر مهاراتي وعلاقاتي لخدمته».
غالب وصف رحلته كمهاجر، من مزارع في اليمن إلى عامل سيارات في ديترويت، إلى أخصائي رعاية صحية، ثم إلى رئيس بلدية مدينة أميركية، و«الآن سفيراً للولايات المتحدة»، بالمسيرة «الشيقة»، وقال: «أنا فخور جداً بإنجازاتي».
مواقف سابقة
سبق لغالب أن نفى العديد من المزاعم المتعلقة بمنشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها وصفه لصدام حسين بـ«الشهيد»، وكذلك سخريته من المحتجين السود في أعقاب التظاهرات المنددة بمقتل الإفريقي الأميركي جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس في أيار (مايو) عام 2020.
وأفاد في تصريحات لصحيفة «ديترويت نيوز» العام الماضي أن المنشورات المكتوبة باللغة العربية قديمة، وأنها تحتوي على «ترجمة غير دقيقة»، فضلاً عن أنها قد «أُخرجت من سياقها»، وقال: «هذه تقارير قديمة زائفة من بعض الجماعات العنصرية».
وأفادت عدة وكالات إخبارية أن غالب أبدى إعجابه بتعليق على فيسبوك وصف «اليهود بالقرود»، وزعم بيان رابطة مكافحة التشهير أنه رفض في عام 2023 التعليق على تصريحات أحد المرشحين لعضوية مجلس هامترامك، في إشارة إلى نصر حسين الذي كتب حينها على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الهولوكوست «عقاب مُسبق» على «وحشية» إسرائيل في الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتساءل حسين على صفحته بموقع «فيسبوك»: «هل كانت (مذابح) الهولوكوست عقاباً مسبقاً من الله لـ«شعب الله المُختار» على الوحشية التي يرتكبونها اليوم ضد الأطفال والمدنيين الفلسطينيين الأبرياء؟». وأضاف في المنشور معلقاً على جرائم جيش الاحتلال في قطاع غزة: «عمل شنيع يُثبت أنهم بنفس وحشية وقسوة النازيين أنفسهم، أو حتى أسوأ».
وعندما طلبت صحيفة «هامترامك ريفيو» من غالب التعليق على منشورات حسين، أجابهم: «اذهبوا وأسألوه، ما شأني أنا بمنشوراته؟!».
Leave a Reply