بعد مواجهة مع محتجين تصدّوا لمداهمة منزل في غرب المدينة
ديترويت
بينما تواصل السلطات الفدرالية حملة اعتقال المهاجرين غير الشرعيين في منطقة ديترويت وعموم الولايات المتحدة، اضطر ضباط إدارة الهجرة والجمارك (آيس)، يوم الاثنين الماضي، للاستعانة بعناصر من شرطة مدينة ديترويت لتفريق حشد المحتجين الذين حاولوا منع اعتقال مهاجر هندوراسي التجأ إلى أحد المنازل في غرب المدينة، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه واقتياده إلى مركز احتجاز المهاجرين، إلى جانب اعتقال متظاهرين اثنين بتهم أخرى.
وفي التفاصيل، رصد ضباط الهجرة، المدعو ماركوس فابيان أريتا باوتيستا، وهو يدخل منزل قرب تقاطع شارعي جوي وليفرنوي في غرب ديترويت، صباح 30 حزيران (يونيو) المنصرم، وذلك بعد تمكنه من الفرار من محاولة سابقة لاعتقاله، وفقاً لمتحدث باسم «آيس».
وبينما حاز ضباط الوكالة على مذكرة تفتيش عاجلة لمداهمة المنزل بحثاً عن باوتيستا، سرعان ما تفاجأوا بحشد كبير من المحتجين الغاضبين الذين تجمهروا في محيط المنزل لمنع اعتقال المهاجر غير الشرعي، مما استدعى تدخل شرطة ديترويت، لمساندة الضباط الفدراليين والسيطرة على الحشد الغاضب باستخدام رذاذ الفلفل وصولاً إلى اعتقال اثنين منهم.
ويُظهر مقطع فيديو نشرته مجموعة «ديترويت سوف تتنفس» المناهضة لعنف لشرطة، فريقاً يضم سبعة عناصر مسلحين على الأقل يحيطون بالباب الأمامي للمنزل، ويصوبون بنادقهم نحو المدخل. كما انتشر عدد من الضباط المسلحين الآخرين في محيط المنزل، وأخذوا يتفقدون السيارات المتوقفة في المكان.
ويُسمع في الفيديو، المتظاهرون وهم يهتفون ضد وكالة «آيس»، قبل أن يخرج باوتيستا من المنزل رافعاً يديه ليتم اقتياده مخفوراً إلى مركز احتجاز المهاجرين.
وفي إطار تبريره لتدخل الشرطة المحلية، صرّح تود بيتيسون، قائد شرطة ديترويت، بأن السلطات الفدرالية طلبت من ضباط دائرته التوجه إلى المنطقة للمساعدة في الحفاظ على الأمن أثناء تنفيذ مذكرة التفتيش. وأضاف بيتيسون أن أحد الضباط رشّ رذاذ الفلفل بعد أن دخل المتظاهرون الشارع وحاصروا إحدى سيارات الشرطة.
وأفاد بيتيسون بأن عناصر الدائرة قاموا باعتقال اثنين من المتظاهرين، موضحاً أن أحدهما حاول استخدام سيارته لعرقلة عمل ضباط إنفاذ القانون، قبل أن يخرج منها ويلوذ بالفرار جرياً على الأقدام، لتتم مطاردته واعتقاله على الفور. أما الشخص الآخر فقد أُلقي القبض عليه بتهمة التسبب في أضرار لمركبة فدرالية.
وقال بيتيسون في بيان: «لا تتدخل إدارة شرطة ديترويت في إنفاذ قوانين الهجرة. ولكن مهمتنا هي الحفاظ على السلامة العامة لكل من رجال إنفاذ القانون والجمهور على حد سواء». وأضاف «نحن ندعم الاحتجاج السلمي، لكننا لن نتسامح مع أي عمل يُعرّض عناصر الأمن أو أي شخص آخر للخطر».
ويظهر موقف شرطة ديترويت من مساندة السلطات الفدرالية في تنفيذ عمليات المداهمة والاعتقال، نهجاً مختلفاً عن دوائر الشرطة في مدن أميركية أخرى، مثل لوس أنجليس، حيث اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إرسال آلاف الجنود من الحرس الوطني ومشاة البحرية لتأمين عمل ضباط «آيس» هناك.
وكان ضباط الهجرة الفدراليون يواجهون صعوبات كبيرة في تنفيذ مذكرات الاعتقال بحق المهاجرين غير الشرعيين في منطقة لوس أنجليس، بسبب انتشار التطبيقات الهاتفية والخطوط الساخنة المخصصة لحشد المتظاهرين المناهضين لترحيل المهاجرين، وهو ما تكرر هذه المرة، في ديترويت يوم الاثنين الماضي.
من أين جاؤوا؟
بحسب المعلومات المتوفرة، تجمع المتظاهرون أمام المنزل الذي لجأ إليه باوتيستا في غرب ديترويت، بناء على اتصال من شخص مجهول بخط ساخن يسمّى «مراقبة شرطة الهجرة» Migra (police) Watch، وهو خط أنشأته جمعية «حركة الشعب في ديترويت» التي تأسست مؤخراً للدفاع عن حقوق المهاجرين وتنبيه النشطاء بشأن مداهمات «آيس» وكيفية التصدي لها.
بدورها، استجابت منظمة «ديترويت سوف تتنفس» للحدث، بدعوة أنصارها إلى التظاهر في محيط المنزل.
وقالت المجموعة التي تصف نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها «منظمة مناهضة لوحشية الشرطة، تشكّلت في شوارع ديترويت» في بيان: «كان من دواعي سرورنا حقاً أن يتمكن النشطاء والمجتمع من التواجد. علينا أن نواصل اليقظة، وأن نعزز قدرتنا على الاستجابة، وأن نضع استراتيجيات لإيقاف «آيس»، وأن نبني حركة تُناضل من أجل عالم لا يُجرّم فيه أي إنسان».
ووفقاً لدائرة «آيس»، فقد طُرد باوتيستا من الولايات المتحدة مرتين.
وقال كيفن رايكرافت، من فرع الوكالة في ديترويت: «طُرد باوتيستا من هذا البلد مرتين، وفرّ من ضباط إنفاذ القانون في محاولة للهروب من موقفٍ صنعه بنفسه». وأضاف: «إذا صدر أمرٌ نهائيٌّ بالترحيل ولم يكن هناك سبيلٌ قانونيٌّ للبقاء في الولايات المتحدة، فيجب على دائرة الهجرة والجمارك تنفيذ هذا الترحيل بشكلٍ قانوني».
وذكرت السلطات أن باوتيستا دخل الولايات المتحدة عبر حدود تكساس، في أيلول (سبتمبر) 2015. وألقت السلطات، القبض عليه بموجب أمر إبعاد عاجل، ثم رُحِّل إلى هندوراس.
وفي شباط (فبراير) 2018، عاد باوتيستا إلى الولايات المتحدة عبر تكساس أيضاً، لكن تم اعتقاله من قبل دورية حدودية، وأعيد ترحيله مرة أخرى إلى هندوراس. ولم تُفصِح السلطات عن الموعد المُعتَقَد لدخوله الولايات المتحدة للمرة الثالثة، ولكن في عام 2022، أقرَّ باوتيستا بالذنب في ولاية بنسلفانيا، بتهمة قيادة مركبة غير مُسجَّلة، والقيادة دون تأمين، ورغم ذلك ظل مقيماً في البلاد، قبل أن يتم رصده واعتقاله في ديترويت يوم الاثنين الفائت.
ويأتي اعتقال باوتيستا في الوقت الذي يُكثِّف فيه البيت الأبيض جهوده لترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة. وقد صرّح ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، بأن إدارة ترامب تريد من «آيس» اعتقال ما لا يقل عن 3,000 شخص يومياً، فيما بلغت وتيرة الاعتقالات الشهر الماضي حوالي 2,000 شخص يومياً، وفقاً لمسؤول ملف الحدود في إدارة ترامب، توم هومان.
Leave a Reply