المرسوم يدخل حيز التنفيذ مطلع العام 2026
ديربورن
أمام قاعة مكتظة بالحضور، صوت مجلس بلدية ديربورن، ليلة الثلاثاء الماضي، بإجماع أعضائه الحاضرين، لصالح مرسوم جديد يحظر تأجير المنازل المؤقت عبر تطبيقات مثل Airbnb وVrbo، في جميع المناطق السكنية بالمدينة، باستثناء منطقتي الداونتاون الشرقي والداونتاون الغربي، اللتين ستخضعان لقواعد تنظيمية خاصة.
ويشمل المرسوم، الذي سيبدأ تطبيقه مطلع العام 2026، إدخال تعديلات على قانون التصنيف العقاري في المدينة، بحيث تُمنع الإيجارات المؤقتة في جميع منازل العائلة الواحدة وكافة المناطق السكنية بالمدينة، فيما سيتعين على مُلّاك العقارات في كل من الداونتاون الشرقي والغربي، تسجيل وحداتهم الإيجارية والحصول على ترخيص من البلدية، بما في ذلك، الخضوع لتفتيش البلدية كل ثلاث سنوات لضمان امتثال العقار إلى معايير الإسكان والحصول على شهادة إشغال.
وأُقرّت التغييرات بأصوات خمسة أعضاء في ظل غياب العضوين كين باريس وكمال الصوافي، وسط مشاعر متضاربة بين الحاضرين الذين غصّت بهم قاعة المجلس وقد ملأوا جميع المقاعد واصطفوا على طول الجدران، في مؤشر واضح على مدى الاهتمام المحلي بهذه القضية، لاسيما من السكان البيض الذين شكلوا الأغلبية الساحقة من الحضور.
ويقول مسؤولو البلدية إن ديربورن تضم حالياً عشرات وحدات الإيجار قصير الأجل، بما في ذلك، الغرف والمنازل، موضحين أن القيود الجديدة تهدف إلى الحفاظ على روحية الأحياء السكنية في المدينة،ومعالجة مخاوف الأهالي من الآفات المزعجة مثل الضوضاء وازدحام السيارات ومشاكل أخرى.
كذلك، يرى أنصار المقترح أن انتشار الإيجارات قصيرة الأجل يساهم في الضغط على تكاليف السكن في ديربورن، بسبب تفضيل الملاك للمردود المالي الكبير لتطبيقات مثل Airbnb وVrbo، مقارنة بالإيجارات الشهرية العادية، مما يخفض الوحدات المعروضة للإيجار في المدينة ويدفع الأسعار صعوداً.
مرحبون ومعارضون
خلال جلسة الاستماع العامة التي سبقت التصويت، قالت نانسي هارمون، رئيسة جمعية سكان شارع مورلي، إن جاذبية أيّ حيّ سكني تكمن في العلاقات الفريدة والشعور بالانتماء المجتمعي الذي يتطور بين الجيران مع مرور الوقت، لافتة إلى إن طبيعة المستأجرين المؤقتين تلغي هذه الخاصية وتنعكس سلباً على بيئة الحي بشكل عام».
في المقابل، أبدى بعض مالكي العقارات اعتراضهم على التعديلات، مؤكدين على أن وحداتهم توفر خدمة مهمة للزوار من خارج المدينة الذين يحتاجون إلى مكان للإقامة من أجل حضور مناسبات مثل حفلات الزفاف والتخرج ورحلات العمل والعلاج الطبي. وقالوا إن التغييرات تُهدد مصدر دخل مهم لهم يُساعدهم على دفع الفواتير وضرائب الممتلكات وبناء الاستقرار المالي لعائلاتهم.
وأشار بعض المنتقدين إلى أن القيود الجديدة تُعاقب المُشغّلين الذين لا تُسبب منازلهم مشاكل للجوار، بجريرة الآخرين.
وقال جويل نيمان، مضيف Airbnb، خلال مداخلة له، إنه دأب على استضافة الزوار في منزله منذ أكثر من عشر سنوات، بمن فيهم سياح وطلاب طب ورجال أعمال، مؤكداً أن ضيوفه أظهروا احتراماً كبيراً، وساهموا في اقتصاد ديربورن من خلال إنفاق أموالهم في المطاعم وغيرها من الأنشطة التجارية. وطلب من أعضاء المجلس إعادة النظر في التعديلات.
وتجذب ديربورن –الملقبة بعاصمة العرب الأميركيين– الزوار من جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، سواء لزيارة الأقارب أو الأصدقاء أو السياحة أو حضور المناسبات أو المؤتمرات. وغالباً ما يستعين هؤلاء بتطبيقات مثل Airbnb وVrbo لاستئجار مساكن مؤقتة ملائمة لهم خلال فترة إقامتهم التي لا تتجاوز مدة شهر واحد، بدلاً من الحجز في الفنادق التي عادة ما تكون أعلى كلفة بكثير.
مواقف المسؤولين
اعتبر رئيس المجلس البلدي، مايكل سرعيني، أن التغييرات لا تسعى إلى معاقبة مشغلي وحدات الإيجار، بل تهدف إلى جعل سوق الإقامة المؤقتة متوافقاً مع قواعد أنواع أخرى من الأعمال التجارية، التي لا يُسمح لها بالعمل في المناطق السكنية بالمدينة.
وأعرب سرعيني عن رفضه لمقاربات أخرى لمعالجة المشكلة، مثل ملاحقة المضيفين المخالفين وتجريدهم من رخصهم. وقال: «لن نختار فائزين وخاسرين. لسنا في مجال القول: أنت في وضع جيد، ليس لديك أي مخالفات؛ وإذا كانت لديك مخالفات، فسنجردك من الرخصة»، مشدداً على أن «أفضل طريقة لمعالجة الموضوع… هي الاعتماد على التصنيف العقاري».
بدوره، أكد عضو المجلس مصطفى حمود أنه يدرك أن التغييرات ستعيق سوق الإيجارات قصيرة الأجل في ديربورن «بين عشية وضحاها». وقال إنه صوت لصالح المقترح على مضض بهدف الحد من مشاكل الإزعاج الناتجة عن بعض العقارات، مستدركاً بأن ذلك لا يعني استهانته بالتأثير السلبي الذي سيخلفه المرسوم على سبل عيش مالكي وحدات الإيجار في أرجاء المدينة.
وأضاف «أجد صعوبة في التصويت عندما يؤثر ذلك في قدرة الناس على إعالة أسرهم»، لافتاً إلى أن التعاطف عند صياغة التشريعات «أمر بالغ الأهمية».
وفي حين تعتبر الإيجارات قصيرة الأجل، مصدر دخل للعديد من أصحاب الممتلكات في المدينة، يرى المسؤولون في ديربورن أن تزايد هذه الظاهرة لا يؤثر فقط على جودة المعيشة ضمن الأحياء السكنية، وإنما أيضاً يتسبب بارتفاع الإيجارات الشهرية، مما يزيد من الأعباء المعيشية على الأسر محدودة الدخل.
وجاءت التعديلات الأخيرة من البلدية استجابة لشكاوى بعض السكان من تنامي ظاهرة الإيجارات قصيرة الأجل في أحيائهم، حيث يلجأ الكثيرون لاسئتجار المنازل لإقامة الحفلات لليلة واحدة أو اثنيتن مما يتسبب غالباً بإزعاج الجوار وتعكير السلامة والهدوء في الحي، فضلاً عن المشاكل المتعلقة بركن السيارات على جانبي الطريق.
وتضم ديربورن ما يقارب من 75 عقاراً مُتاحاً للإيجار عبر تطبيق Airbnb وحده ويُقدّر مسؤولو المدينة أن ثلث تلك العقارات سيطالها الحظر بموجب المرسوم الجديد.
والجدير بالذكر أن المرسوم يحظى بدعم رئيس البلدية عبدالله حمود الذي قال في تصريح سابق: «إن القلق الذي لطالما راودنا هو أن هذه الإيجارات قصيرة الأجل –الكثير منها، وليس كلها– أصبحت خارجة عن السيطرة»، مضيفاً بأن تنامي هذه الظاهرة «يُفاقم أزمة السكن بأسعار معقولة» سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو حتى العالمي.
Leave a Reply