نيويورك
تقدّم الناشط الفلسطيني الأصل، محمود خليل –أحد أبرز قادة الاحتجاجات الجامعية المؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة خلال عام 2024– بدعوى قضائية ضد إدارة الرئيس دونالد ترامب مطالباً بتعويضات مالية بقيمة 20 مليون دولار عن اعتقاله الجائر من قبل سلطات الهجرة، حيث قضى أكثر من مئة يوم في مركز احتجاز فدرالي قبل أن يأمر القضاء بالإفراج عنه في حزيران (يونيو) الماضي.
وأكدت الدعوى التي رفعها مركز الحقوق الدستورية نيابة عن خليل، أن إدارة ترامب «نفذت خطتها غير القانونية لاعتقال واحتجاز وترحيل السيد خليل بطريقة تهدف إلى ترهيبه هو وعائلته»، موضحة أن خليل عانى من «ضغوط نفسية شديدة، وصعوبات اقتصادية، وتدمير لسمعته».
ووفقاً لوكالة «أسوشيتد برس» فقد قال محامو خليل إنه سُجن ظلماً، وحُوكم ظلماً، ووُصم بأنه معادٍ للسامية، بينما سعت الحكومة إلى ترحيله بسبب دوره البارز في الاحتجاجات الجامعية.
وتضم الدعوى المقامة بموجب قانون المطالبات الفدرالية بالتعويضات كلاً من وزارة الأمن الداخلي، وإدارة الهجرة والجمارك، ووزارة الخارجية الأميركية.
وخليل، الذي تخرج من «جامعة كولومبيا»، هو مقيم قانوني دائم في الولايات المتحدة ومتزوج من مواطنة أميركية وله طفل مولود في الولايات المتحدة.
وكان الشاب البالغ من العمر 30 عاماً من الشخصيات البارزة في الاحتجاجات الطلابية ضد الحرب على غزة. ووصفته إدارة ترامب بأنه تهديد للأمن القومي.
وتم احتجاز خليل بعد مداهمة سكنه في نيويورك واعتقاله خلال شهر آذار (مارس) الماضي، وتم إطلاق سراحه من مركز احتجاز المهاجرين في ولاية لويزيانا الشهر الماضي.
ووصف خليل الدعوى القضائية بأنها «الخطوة الأولى نحو المساءلة». وأضاف: «لا شيء يمكن أن يعيد لي الـ104 أيام التي سُلبت مني. ولا شيء سيعوضني عن الصدمة، وعن البعد عن زوجتي، ولحظة ولادة طفلي الأول التي اضطررت للغياب عنها».
وقال خليل وهو ينظر إلى طفله ذي الشهرين الذي يحمله بين ذراعيه: «لا أستطيع وصف ألم تلك الليلة، هذا أمر لن أتسامح معه أبداً»، حسبما أفاد لوكالة «أسوشيتد برس». وتابع قائلاً: «يجب أن تكون هناك محاسبة لما تعرضت له من انتقام سياسي وإساءة في استخدام السلطة»، مؤكداً أن الهدف هو إرسال رسالة مفادها بأنه لن يستسلم للترهيب ويلتزم الصمت. وأضاف: «إنهم يسيئون استخدام سلطتهم ظناً منهم أنهم لا يُمسّون. وما لم يشعروا بوجود نوع من المساءلة، فسيستمر هذا الوضع دون رادع».
وأوضح الطالب الفلسطيني الأصل المولود في سوريا، والذي انتقل للدراسة في نيويورك قادماً من لبنان عام 2022، أنه يعتزم تقاسم أي أموال تسوية مع آخرين يستهدفون مساعي ترامب «الفاشلة» لقمع الخطاب المؤيد للفلسطينيين. وبدلاً من التسوية، سيقبل أيضاً اعتذاراً رسمياً وتغييرات في سياسات الإدارة المتعلقة بالترحيل.
وكان خليل قد شارك سابقاً تجربته في الاعتقال والاحتجاز، حيث قال إنه كان عائداً إلى منزله في تلك الليلة من العشاء مع زوجته نور عبدالله، عندما «اختطفه فعلياً» عملاء فدراليون بملابس مدنية، رفضوا إبراز مذكرة توقيف، وبدا عليهم الدهشة عندما علموا أنه يحمل بطاقة إقامة دائمة في الولايات المتحدة.
وتم نقله بعد ذلك إلى سجن الهجرة في بلدة جينا بولاية لويزيانا، حيث يقول إنه حُرم من دواء القرحة، وأُجبر على أكل طعام «غير صالح للأكل»، مما تسبب في فقدانه سبعة كيلوغرامات (15 باوند). وقال: «لا أتذكر ليلةً لم أنم فيها جائعاً».
وقال خليل إنه «شارك غرفة نوم مع أكثر من 70 محتجزاً، دون أي خصوصية، والأضواء كانت مفتوحة طوال الوقت».
وفي 20 حزيران (يونيو) الماضي، وبعد 104 أيام من الاحتجاز، أمر قاضٍ فدرالي في ولاية نيوجيرزي بالإفراج عن خليل، حيث وجد أن جهود الحكومة لإبعاده على أسس تتعلق بالسياسة الخارجية كانت على الأرجح غير دستورية.
ويواجه خليل أيضاً اتهامات أخرى بتزوير بياناته الشخصية في طلب الحصول على البطاقة الخضراء، وهو ما وصفه خليل بأنه إجراء انتقامي لا أساس له من الصحة، مطالباً القاضي بإسقاط التهم.
وبالإضافة إلى قضيته القانونية المستمرة، عبر فريق خليل عن خوفه من أن يواجه تهديدات خارج الاحتجاز. وقال خليل إن الأسابيع التي مرت منذ إطلاق سراحه كانت مليئة بلحظات من النعيم وألم شخصي شديد. وأشار إلى أنه خوفاً من المضايقات أو احتمال الاعتقال، قلّما يغادر المنزل، متجنباً الحشود الكبيرة أو المشي في وقت متأخر من الليل. وأضاف خليل الذي عاد للإقامة في نيويورك: «أحاول قدر الإمكان تعويض الوقت الذي أقضيه مع ابني وزوجتي. كما أفكر في مستقبلي وأحاول استيعاب هذا الواقع الجديد».
Leave a Reply