قدّمت مُنح جامعية إلى 18 طالباً في حفلها السنوي الـ27
ديربورن
أقامت «الجمعية اليمنية الأميركية» مساء السبت 16 آب (أغسطس) الجاري في قاعة بيبلوس بمدينة ديربورن حفلها السنوي السابع والعشرين لتوزيع المنح الدراسية وسط حضور لافت من المسؤولين الرسميين وفعاليات الجالية العربية في منطقة ديترويت الذين شاركوا في تكريم 18 طالباً متفوقاً خلال الأمسية التي تخللتها كلمات أشادت بالدور الريادي للمؤسسة الأهلية والتزامها الطويل بدعم الطلبة وتشجيعهم على التحصيل الأكاديمي ورد الجميل إلى المجتمع المحلي مع التمسك بالهوية والتراث والقيم العربية والإسلامية.
وشهد الحفل الذي استُهلّ بالنشيدين اليمني والأميركي، كلمات مؤثرة لعدد من المسؤولين العرب الأميركيين الذين تحدّروا من بيئات متواضعة أكاديمياً واقتصادياً لكنهم حوّلوا تحدياتهم إلى قصص إلهام على المستويين المحلي والوطني، ونجحوا في رسم مسارات مشرقة نحو تحقيق الحلم الأميركي، من خلال المثابرة على متابعة التحصيل الأكاديمي والانخراط في العمل المجتمعي، مع حفاظهم العميق على ثقافتهم وهويتهم العربية والإسلامية.
وفي الإطار، أوضحت النائب عن ولاية ميشيغن في الكونغرس الأميركي، رشيدة طليب، بأنها ولدت لأسرة فلسطينية مهاجرة وكانت الأولى بين أفراد العائلة التي حصلت على شهادة جامعية، قبل حصولها على شهادة الدكتوراه في القانون، ثم انخراطها لاحقاً في العمل النقابي والسياسي، لافتة إلى أن والدها الذي ترك الدراسة بعد الصف الرابع، وكذلك والدتها التي درست فقط حتى الصف الثامن، كانا الداعمين الأساسيين لها خلال مسيرتها الأكاديمية، لإيمانهما «أسوة بمعظم الأسر العربية المهاجرة، بمن فيهم عائلات الطلاب الذين نكرمهم اليوم هنا» بأهمية التعليم ودوره الحيوي في بناء المستقبل الواعد.
وثمّنت النائب الفلسطينية الأصل، الدور الهام الذي تلعبه بدعم التعليم في المجتمع المحلي بمنطقة ديترويت منذ تأسيسها عام 1997، مهيبة بالطلبة الذين يتحضرون حالياً للانتساب إلى الكليات والجامعات المتنوعة، على أن يكونوا فخورين بأصولهم وجذورهم وعقيدتهم الإسلامية، وقالت: «احرصوا على ألا تكونوا اعتذاريين أينما ذهبتم، ولا تخجلوا من إيمانكم وأصولكم وخلفياتكم وقصصكم، إذ أن إنجازاتكم لن تتمثل فقط في الشهادات الجامعية التي ستحصلون عليها في المستقبل، وإنما أيضاً بقدرتكم على تمثيل مجتمعكم والإسهام في تطويره وتعزيز مكانته ودوره في المجتمع الأميركي الكبير».
رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود، عبّر عن إعجابه بتقدير المجتمعات العربية الأميركية في منطقة ديترويت للتحصيل الأكاديمي ومتابعة الدراسات الجامعية العليا، لافتاً إلى أنه كان أيضاً الأول بين أفراد عائلته في تحصيل شهادة جامعية، وقال: «إن أفضل ما تعلمته من والديّ اللذين كانت الشهادة الثانوية أقصى ما حصلا عليه، هو أن التعليم طريق النجاح و«أن الشغل مش عيب»، وهذا هو الشرف الذي يجب أن نفخر به كمجتمع عربي أميركي يواصل العمل بطموح كبير من أجل إثبات جدراته في جميع الميادين».
وخاطب رئيس البلدية اللبناني الأصل الطلبة المكرمين بالقول: «أنتم لم تحصلوا على هذه المنح بسبب مثابرتكم في المدرسة فحسب، وإنما بدعم عائلاتكم التي وفرّت لكم الظروف الملائمة في منازلكم وبذلت كل ما تملك لتوفر لكم الأجواء المناسبة للتفوق»، مهيباً بهم أن يضعوا في اعتبارهم ردّ الجميل لمجتمعهم في المستقبل إلى جانب طموحاتهم بتحقيق أحلامهم الشخصية. وقال: «إن الكثير من داعمي هذا البرنامج كانوا من الطلبة المكرمين خلال الأعوام السابقة، ويحدوني الأمل أن تكونوا من داعمي هذه المؤسسة العظيمة في المستقبل».
بدوره، أشاد عضو مجلس نواب الولاية، النائب عن ديربورن، العباس فرحات، بجهود الجمعية اليمنية الأميركية المتواصلة في دعم التعليم بين أوساط اليمنيين الأميركيين في منطقة ديترويت، وقال معبّراً عن تقديره لدور المؤسسة الريادية: «27 عاماً من دعم الطلاب بلا انقطاع، هذه مسيرة تستحق التقدير والتصفيق الحار»، ممازحاً الحضور بالقول: «هذه الجمعية أكبر مني بسنتين».
ولفت فرحات إلى أن أغلب آباء الطلاب المتفوقين في «هذه الصالة» لم يحصّلوا على الأرجح «شهادات جامعية» بسبب ظروفهم الاقتصادية، و«هذه المسألة تستحق الإعجاب والتقدير»، بحسب تعبيره، مضيفاً «لقد آمن أباؤكم بالتعليم كوسيلة لتحقيق أحلامكم، ولكن عليكم وبغض النظر عن الشهادات الجامعية التي ستحصلون عليها في المستقبل ألا تتخلوا عن هويتكم وجذوركم وقيمكم».
وفي كلمته، روى رئيس بلدية هامترامك، آمر غالب، قصته كمهاجر يمني وصل إلى الولايات المتحدة في سن السادسة عشرة وليس في جعبته سوى النزر القليل من الكلمات الإنكليزية، وقال إنه بفضل أسرته أدرك مبكراً بأن التفوق الدراسي ومتابعة التحصيل الأكاديمي كفيلان بتمهيد «الطريق إلى النجاح الشخصي والمهني»، مشيراً إلى أنه كان أحد الطلبة الذين تلقوا منحة دراسية من الجمعية اليمنية الأميركية في عام 2000.
وأضاف ممازحاً: «لقد حصلت على تلك المنحة في العام الذي ولد فيه النائب العباس فرحات».
وتطرق غالب إلى مسيرته الأكاديمية التي توجها بتخرجه من كلية الطب البشري بعد عدوله عن دراسة العلوم السياسية لأسباب اقتصادية بحتة، متخلياً عن شغفه وطموحه المستقبلي بالانخراط في العمل السياسي، ولكن الأقدار سرعان ما أعادت غالب إلى شغفه الأول في الخدمة العامة بعد نجاحه بالفوز في انتخابات رئاسة بلدية هامترامك، في أول حملة انتخابية له عام 2021، أي «بعد أكثر من عشرين عاماً على تخرجه من الثانوية»، مشجعاً الطلبة المكرمين على «دراسة التخصصات الجامعية التي يحبونها وليس التي يفضلها آباؤهم».
الطالبة حنان أبو بكر، التي تخرجت من الثانوية بمعدل 4.59 وتستعد للالتحاق بـ«جامعة ميشيغن»، ألقت كلمة باسم الطلاب المكرمين، تحدثت فيها عن تجربتها الدراسية معبرة عن امتنانها العميق لبرنامج المنح الذي تقدمه الجمعية اليمنية، والذي ساهم على مدار ثلاثة عقود في «دعم عشرات الطلاب الذين أصبحوا اليوم ركيزة صلبة وأساسية في بناء مجتمعنا كما يبدو عليه اليوم»، مؤكدة أن التفوق الأكاديمي والمثابرة والاجتهاد والحفاظ على القيم الثقافية والدينية هي «مفاتيح النجاح الحقيقي».
وشهد الحفل، العديد من الكلمات الأخرى التي أشادت بدور الجمعية اليمنية الأميركية في تعزيز المشهد التربوي والأكاديمي في المجتمع العربي بمنطقة ديترويت، من بينها كلمات لكل من رئيس الجمعية ضيف الله الصوفي والناشط خالد الشاجرة وعضو مجلس مفوضي مقاطعة وين سام بيضون، بالإضافة إلى كلمات لبعض الداعمين المحليين لبرنامج المنح الدراسية خلال الدورة الحالية.
وفي نهاية الحفل، تم تكريم الطلبة المتفوقين الحائزين على المنح، وهم: نور عبدو، شهيدة عبدالله، ليث الهدوان، حنان أبو بكر، وحدة أحمد، أمل الضاحي، هيثم علي، أيمن القاضي، علي برمان، أمل برمان، محسن هرهرة، الياس قاضي، داليا ماوري، جمال مجلي، حذيفة محسن، جمال مرشد، رغد صالح وأمواج شمام.
والجدير بالذكر أن المجتمع اليمني الأميركي في منطقة ديترويت حقق خلال السنوات الماضية نقلة كبيرة في الإقبال على التعليم العالي بالتوازي مع ازدهار الجالية في المجالات التجارية على مختلف أنواعها.
Leave a Reply