ديترويت
في تطورات جديدة تعكس تصاعد التوتر داخل جامعة «وين ستايت»، أصدر «تجمع طلاب الطب من أجل العدالة في فلسطين»، بياناً تضامنياً مع عميد كلية الطب في الجامعة، الدكتور وائل صقر، رفضاً للقرار التعسفي الذي اتخذته رئيسة الجامعة كيمبرلي أندروز أسبي، بإيقافه عن العمل، فيما فاجأت أسبي الجميع بتقديم استقالتها في وقت لاحق الأسبوع الماضي.
وشجب البيان الطلابي قرار أسبي الصادر في منتصف شهر آب (أغسطس) المنصرم بإحالة العميد السوري الأصل إلى إجازة إدارية من دون إبداء الأسباب الموجبة أو التشاور مع الهيئات الأكاديمية، مما شكّل صدمة كبيرة في أوساط الجامعة التي كلّفت نائب رئيس الشؤون الصحية الدكتور برنارد كوستيلو بإبلاغ جميع الموظفين والأساتذة والطلبة بعدم التواصل مع صقر، فضلاً عن تعيين الدكتور ديفيد روزنبرغ عميداً بالوكالة من دون الرجوع إلى اللجنة التنفيذية لكلية الطب، وهو ما اعتبره الطلاب وأعضاء هيئة التدريس خرقاً صريحاً للعقد النقابي المبرم مع الجامعة الواقعة في قلب مدينة ديترويت.
البيان أشاد بإنجازات صقر التي «قدّم للجامعة أكثر من ثلاثة عقود من الخدمة كأستاذ وباحث وإداري»، والذي حصلت الكلية خلال عمادته على اعتماد أكاديمي مدته ثماني سنوات من لجنة التعليم الطبي، وحققت نسب تطابق قياسية لطلابها في برامج الإقامة الطبية وصلت إلى 100 بالمئة في بعض الأعوام، فضلاً عن تعزيز البنية البحثية عبر تحصيل منح تمويلية من المعاهد الوطنية للصحة وإبرام عقود شراكة طبية بملايين الدولارات.
واعتبر الطلاب أن إحالة صقر إلى إجازة إدارية «ليست مجرد خلاف إداري، بل مؤشر على نمط من القيادة التي وصفوها بالاستبدادية والتمييزية، اتسمت بها فترة أسبي منذ توليها رئاسة الجامعة» صيف العام 2023، حيث اتهمها البيان بتقييد حرية التعبير للطلاب، خصوصاً العرب والمسلمين والسود، لافتاً إلى أن «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) صنّف –مؤخراً– جامعة «وين ستايت» بأنها حرم «معاد لحرية التعبير».
وقال البيان إن الجامعة تعاملت خلال الفترة السابقة مع النشاط الطلابي بوصفه «تهديداً»، وأمرت بتدخلات أمنية ضد احتجاجات سلمية تطالب بسحب استثمارات الجامعة من شركات مرتبطة بالحروب، وبدلاً من تعزيز بيئة تعليمية منفتحة، أنفقت الجامعة خمسة ملايين دولار على تعزيز الوجود الأمني والرقابة بالكاميرات، ما خلق جواً من الترهيب، خاصة في أوساط الطلاب الملونين والمسلمين.
وفي سياق آخر، اتهم البيان أسبي باستخدام تعابير مسيئة بحق الطلاب السود وعرقلة مبادرات أكاديمية تتعلق بدراسات مجتمع الأفارقة الأميركيين رغم توفر التمويل اللازم، كما رفعَت الرسوم الدراسية بشكل غير مسبوق بنسبة بلغت 9.5 بالمئة، وألغت برامج المساعدات الطارئة، مما زاد من معاناة الطلاب في تأمين سكنهم وتمويل دراستهم الطبية.
وأضاف البيان: «على الرغم من راتبها الذي يقترب من مليون دولار سنوياً، إلا أنها فشلت في بناء علاقة حقيقية مع المجتمع المحلي في ديترويت، وهو ما يعدّ دليلاً على ضعف ارتباطها بالمجتمع الذي يفترض أن تخدمه»، لافتاً إلى أن مجلس أمناء الجامعة بات يدرك خطورة الوضع مما يدفعه نحو التوجه لإقالة أسبي، خصوصاً بعد التغطيات الإعلامية الواسعة التي كشفت عن الخلافات المتفاقمة بين الرئاسة وكلية الطب. وأكد الطلاب أن الاستقرار الحقيقي لا يتحقق إلا بالشفافية والمساءلة وحماية حقوق المجتمع الجامعي في التعبير عن آرائه والدفاع عن قضاياه من دون خوف من الانتقام أو القمع.
وفي ختام البيان، دعا الطلاب مجلس الأمناء إلى إعادة الدكتور وائل صقر إلى منصبه بعد مراجعة عادلة وشفافة، ومحاسبة الرئيسة أسبي ونائبتها لوري كلافو على ما وصفوه بالقيادة الضارة، محذرين من أن التغاضي عن هذه الممارسات لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة وفقدان الثقة.
استقالة أسبي
وفي تطور لاحق، أعلنت أسبي عن استقالتها من رئاسة جامعة «وين ستايت» يوم الأربعاء الفائت، بسبب الخلافات المتواصلة بينها وبين مجلس الأمناء على مدار الشهور المنصرمة، خاصة حول أسلوب إدارتها للجامعة وغياب التواصل الفعّال بشأن عدد من القرارات الجوهرية، ولاسيما قرارها بوضع عميد كلية الطب الدكتور وائل صقر في إجازة إدارية مدفوعة الأجر في منتصف أغسطس الماضي.
وخلال هذه الأزمة، بعث الدكتور ديفيد روزنبرغ، الذي عُين بالوكالة عميداً للكلية، برسالة إلى زملائه أعرب فيها عن دعمه الشخصي للدكتور صقر، واصفاً إياه بأنه «صاحب شخصية قوية وولاء لا يتزعزع لكلية الطب والجامعة». وأضاف أنه لم يكن يرغب في تولي منصب العميد، سواء بشكل دائم أو مؤقت، لافتاً إلى أنه وافق على التكليف فقط بعد أن تأكد من أن هيئة التدريس ترغب فعلاً في أن يقود المرحلة إلى حين حل هذه الأزمة «المعقدة».
وحتى الآن، التزمت رئاسة الجامعة الصمت إزاء الملابسات التي أحاطت بقرار إبعاد صقر الذي بعث مؤخراً برسالة إلكترونية إلى أعضاء هيئة التدريس في كلية الطب، أكد فيها أن «الاتهامات الموجهة إليه لا تتعلق بالتحرش الجنسي أو سوء الإدارة المالية أو التمييز العنصري»، في إشارة إلى ما اعتبره محاولة لتشويه سجله الأكاديمي ومسيرته المهنية.
Leave a Reply