ماكومب
في غضون أيام قليلة من التحقيقات المكثفة، تمكنت السلطات من إلقاء القبض على المتهم بمحاولة قتل رجل الأعمال العربي الأميركي إيدي جواد في منزله ببلدة ماكومب، إذ مثُل المدعو جيسان ديلانتا مارتن (32 عاماً) أمام القضاء، يوم الأربعاء الماضي، بمجموعة تهم قد تؤدي إلى سجنه لمدى الحياة، فيما رجّح المدعي العام في مقاطعة ماكومب، بيتر لوسيدو، أن يكون المتهم ذو السوابق الجنائية، مجرد قاتل مأجور استأجره شخص آخر لإنجاز مهمة قتل جواد.
التعرف على الجاني
في واقعة غريبة من نوعها، ساهمت فضلات الطيور التي رصدها المحققون على السيارة المستخدمة في محاولة قتل جواد، في كشف هوية منفذ الهجوم على رجل الأعمال اللبناني الأصل أمام منزله يوم الثلاثاء 14 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري.
وكان الجاني قد حاول تضليل السلطات عبر تبديل لوحة السيارة التي استخدمها خلال الهجوم الفاشل، الذي أسفر عن إصابة جواد بساقه اليمنى بينما كان الأخير يهم بالخروج بسيارته من بوابة منزله.
وأفادت شرطة مقاطعة ماكومب بأن المتهم مارتن فر من موقع الحادث بمركبة من طراز «فورد إسكايب» كانت تحمل لوحة معدنية مسروقة من سيارة أخرى في مدينة ديترويت. وقال شريف المقاطعة أنتوني ويكرشام إن التحقيقات كشفت بأن المركبة الرباعية الدفع تعود لأحد أفراد عائلة المتهم الذي استعارها قبل تنفيذ الهجوم.
وكان شهود عيان قد أفادوا بأنهم رأوا تلك السيارة متوقفة قبيل الحادث بجوار منزل جواد الواقع بالقرب من تقاطع طريقي الميل 24 وشارع سبرينغفيل درايف في بلدة ماكومب.
وأضاف ويكرشام بأن أجهزة المراقبة المرورية ساعدت في تتبع مسار المركبة إلى مدينة ديترويت، حيث ظهرت مجدداً بلوحة قانونية مختلفة مما صعّب عملية الملاحقة، غير أن المحققين تمكنوا من تأكيد أنها السيارة نفسها من خلال علامات مميزة على هيكلها، أبرزها فضلات طيور على غطائها، وغبار مكابح على العجلات، بالإضافة إلى بقع طينية مطابقة لتلك التي شوهدت على المركبة أثناء فرار الجاني.
ولفت ويكرشام إلى أنه تبين سريعاً أن لوحة الترخيص القانونية مُسجلة على عنوان منزل في مدينة إيستبوينت لسيارة مطابقة للسيارة المستخدمة في الجريمة، موضحاً بأن السلطات نفذت خلال أيام قليلة عقب الحادث، 23 مذكرة تفتيش في مواقع متعددة، شملت احتجاز واستجواب الشخص مالك المركبة، يوم الجمعة 17 أكتوبر، والذي أفاد خلال التحقيق بأنه قريب مارتن وقد أعاره سيارته.
وبحسب التحقيق، وصل مارتن يالسيارة إلى محيط منزل جواد حوالي الساعة ٨:٢٢ صباحاً، وفي حوالي الساعة 9:30 قام بتسلّق جدار لدخول العقار، حيث انتظر تحت سيارة متوقفة في ممر المنزل لنحو 45 دقيقة قبل أن يباغت الضحية بإطلاق عدة أعيرة نارية عليه بواسطة مسدس من عيار ٩ ملم، فيما ردّ الأخيربإطلاق عيار ناري دفاعاً عن النفس، ليتوارى المهاجم عن الأنظار مستقلاً السيارة المشبوهة.
وأُصيب جواد برصاصة في ساقه وجروح في ذراعه جراء شظايا الزجاج. ونُقل إلى مستشفى محلي، وخرج في اليوم نفسه.
وبحلول يوم الأحد الفائت، نفذت قوة مشتركة من شرطة مقاطعة ماكومب وفريق المهمات الخاصة في مدينة وورن ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) عملية مداهمة لمنزل واقع على شارع ريفارد بمدينة وورن، حيث ألقي القبض على مارتن بعد كسر الباب واقتحام المكان.
ومثل مارتن، يوم الأربعاء المنصرم، أمام «المحكمة 41 أي» في بلدة شلبي، حيث وُجهت إليه مجموعة تهم جنائية، شملت الاعتداء بنية القتل، وحيازة سلاح من قبل صاحب سوابق، وحمل سلاح بنية غير مشروعة، إضافة إلى ثلاث تهم بارتكاب جناية مسلحة.
ويقبع مارتن حالياً في سجن المقاطعة بعدما حددت المحكمة له كفالة بقيمة مليون دولار للإفراج عنه لحين استكمال إجراءات المحاكمة في 3 و9 نوفمبر المقبل.
قاتل مأجور
بينما أكد الشريف ويكرشام بأن دوافع الهجوم ماتزال غير معروفة حتى الآن، قال المدعي العام بيتر لوسيدو –يوم الخميس الماضي– إن الاعتداء على جواد كان «محاولة قتل واضحة مقابل أجر»، داعياً المتهم إلى إبرام صفقة لتفادي السجن لمدى الحياة.
وتطرق المدعي العام الجمهوري إلى السجل الجنائي لمارتن، وقال إنه كان سابقاً على قائمة الإفراج المشروط في ولاية أوهايو بعد قضائه عقوبة السجن عن جرائم عنيفة، شملت السطو المسلح والخطف والاعتداء بسلاح خطير، وإنه بعد انتقاله إلى ولاية ميشيغن، تم تصنيفه كـ«مجرم معتاد من الفئة الرابعة»، وهو تصنيف قانوني يسمح بفرض عقوبة السجن المؤبد في حال تكرار ارتكابه للجرائم الخطيرة.
وأعرب لوسيدو عن أمله في أن تساهم العقوبة القاسية التي تنتظر مارتن بدفعه إلى الكشف عن اسم الشخص الذي استأجره لقتل جواد.
وقال لوسيد، عن المتهم: «إنه يبلغ من العمر 32 عاماً، وحكم المؤبد في السجن سيكون طويلاً جداً، مضيفاً: «لو كنت مكانه، لفكرت بجدية في الإفصاح عمّن أراد قتل السيد جواد».
من جانبه، عزز جواد (61 عاماً) فرضية أن يكون مارتن مجرد قاتل مأجور، حيث أفاد في تصريحات إعلامية بأنه «لا يعرف المهاجم بشكل شخصي»
وتابع بالقول : «ما زال أمامي طريق طويل لفهم المؤامرة.. أنا لا أعرف المشتبه به»، معرباً عن شكوكه بأن «شخصاً قريباً منه هو من قام بالتحريض على هذا الهجوم»، بحسب تعبيره.
ورغم اعتقال المتهم، قال جواد إنه مازال يشعر ببعض التردد عند مغادرة منزله، وقال إنه لا يعلم إن كان الحظ أو قوة روحية كانت تحميه، مشيراً إلى أنه يشعر وكأنه قد وُلد من جديد بعد أن كان «قريباً جداً من الموت».
ويمتلك جواد البالغ من العمر 61 عاماً، «مجموعة جواد للاستثمار»، التي تدير سلسلة متاجر ومحطات وقود، من بينها محطات «بيت ستوب»، المنتشرة فروعها في أرجاء متفرقة من منطقة ديترويت الكبرى.
وجواد هاجر من لبنان إلى الولايات المتحدة عام ١٩٨١ ودرس في جامعة «وين ستايت» قبل أن يبدأ مسيرته التجارية الحافلة، علماً بأنه متزوج وله خمسة أبناء وينتظر حفيده السادس قريباً.
والجدير بالذكر أن جواد نشط خلال الأشهر القليلة الماضية في معارضة توسع سلسلة محطات وقود «شيتز» في منطقة ديترويت، متهماً الشركة العملاقة بأنها ستُخرج الشركات المحلية الصغيرة –مثل شركته– من العمل. وقد تم طرد جواد الذي يملك ويدير أكثر من عشرين محطة وقود في المنطقة، من اجتماع لجنة التخطيط في بلدة ماكومب خلال شهر حزيران (يونيو) المنصرم بسبب انخراطه بمشادة كلامية مع أعضاء اللجنة حول مشروع بناء فرع لسلسلة محطات «شيتز» في بلدة ماكومب.






Leave a Reply