ديربورن هايتس
بفضل تبرّع سخي قدّمه رجل الأعمال العربي الأميركي سام حسين، وتعاون مزرعة أشجار محلية في مقاطعة أوكلاند، تمكّنت بلدية ديربورن هايتس من إضاءة شجرة الميلاد في موعدها مساء الجمعة 12 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من إلغاء الاحتفالية بسبب تأخّر شحنة شجرة الميلاد التي طلبتها الإدارة المحلية السابقة من الصين.
وتدخّل حسين في اللحظات الأخيرة لشراء شجرة تنوب نرويجي بارتفاع 40 قدماً، من مزرعة اهافب للأشجار في بلدة هايلاند، التي سارعت بدورها إلى نصب الشجرة العملاقة أمام مبنى البلدية قبل ثلاثة أيام من موعد الاحتفال لإتاحة الوقت الكافي لتزيينها وإضاءتها.
وبحسب المسؤولين، فإن الشجرة الطبيعية التي تبلغ من العمر 38 عاماً، ستبقى لسنواتٍ قادمة كقطعةٍ محوريةٍ في احتفالات الميلاد السنوية في ديربورن هايتس، وسوف تحل بدلاً من الشجرة الاصطناعية التي استوردتها إدارة رئيس البلدية المستقيل، بيل بزي، من الصين، والتي تأخر وصولها حتى اليوم السابق للاحتفالية.
وصرّح رئيس البلدية الجديد، محمد بيضون، بأن الشجرة الاصطناعية منخفضة التكلفة والمُستوردة من الخارج لن تصل في الوقت المحدد، لافتاً إلى أن البلدية تلقت إشعاراً بأن الشجرة ستصل بحلول يوم الخميس، حيث اسيكون الوقت قد فات لتركيب هذه الشجرة وتزيينهاب لليوم التالي.
وعلى أثر ذلك واجهت إدارة بيضون خيارين: إما إلغاء الحدث تماماً أو إيجاد طريقة لتوفير شجرة بديلة.
وقال المالك الشريك لمزرعة اهوفب للأشجار في هايلاند، إن ممثلي البلدية جاؤوا إليه بحثاً عن شجرة عيد ميلاد كبيرة، فعرض عليهم على الفور اأجمل شجرةب في مزرعته، وهي من التنوب النرويجي. وقد بادر رجل الأعمال سام حسين، المقيم في نورثفيل، إلى التبرع لدفع ثمن الشجرة وتغطية جميع تكاليف التوصيل والتركيب بالتشارك مع مزرعة هوف، والتي بلغت كلفتها الإجمالية عشرة آلاف دولار.
ووصلت الشجرة الضخمة في الوقت المناسب، ونُصبت بشكل رائع في الساحة العامة قبالة مبنى البلدية باستخدام حفارة وسط تساقط الثلوج، في مشهد أثار ردود فعل مرحبة على منصات التواصل الاجتماعي في كافة أنحاء الولايات المتحدة، وسط إشادات بالمبادرة السخية لرجل الأعمال المسلم الأميركي، بوصفها امثالاً رائعاً على وحدة الأميركيين خلال موسم الأعيادب، بينما أعرب آخرون عن تقديرهم لرائد الأعمال المهاجر لتقديمه الدعم لمجتمعه المتنوّع.
وحسين الذي يتحدّر من جنوب لبنان، هو الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة امتروتيكب لخدمات إصلاح السيارات في مدينة ديربورن، فضلاً عن شراكته في ملكية J&T Crova لقطر المركبات.
وقال رئيس البلدية إن إضاءة شجرة الميلاد هذا العام تمثّل أكثر من مجرد تقليد احتفالي، واصفاً إياها بأنها ارمز للوحدة والتعايشب بوجه حملات الكراهية.
وأضاف: اكرئيس بلدية مسلم، ما زلنا نتعايش ونحتفل بتقاليد عيد الميلادب مؤكداً أن ديربورن هايتس امجتمع موحد، وسنبقى متحدين، وسنواصل العمل والحب واحترام جميع الأديانب.
من جانبه، أوضح حسين لصحيفة اصدى الوطنب بأن فكرة شراء شجرة الميلاد كانت أول ما خطر بباله حين سمع ما يتناقله أفراد المجتمع المحلي عن تأخر وصول الشجرة المشتراة من الصين في الموعد المحدد، لافتاً إلى أنه باشر على الفور بالاتصال بمسؤولي المدينة في مكتب رئيس البلدية ودائرتي الشرطة والأشغال العامة الذين رحبوا بالمبادرة وأبدوا استعدادهم الكامل لتنفيذها في أسرع وقت.
وأضاف حسين: القد جاءت هذه الخطوة كردّ جميل للمجتمع، وللتأكيد على وحدة سكان المدينة بكافة أطيافهم وخلفياتهم الإثنية ومعتقداتهم الدينيةب، مشدداً على أن المقيمين في ديربورن هايتس سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو غيرهم من أتباع الديانات الأخرى يشكلون أسرة واحدة.
وأشار حسين إلى أن المبادرة، التي حصدت آلاف الإعجابات والتعليقات الداعمة على منصات التواصل الاجتماعي من كافة أنحاء الولايات الأميركية، لم تكن مجرد خطوة رمزية لإنقاذ احتفالات المدينة، بقدر ما كانت رسالة عملية في مواجهة الخطاب المتطرف الذي يحاول، بين الحين والآخر، تشويه صورة الجالية العربية والمسلمة في منطقة ديربورن، موضحاً بأن التفاعل الواسع مع المبادرة يعكس تعطّش الأميركيين لرؤية نماذج إيجابية تسعى إلى خدمة مجتمعها، خصوصاً في ظل حملات التحريض المتواصلة التي كان آخرها التظاهرة التي شهدتها مدينة ديربورن الشهر الماضي تحت شعار اأميركيون ضد أسلمة أميركاب، والتي تبنّاها ناشطون يمينيون لإثارة الشكوك والمخاوف تجاه المسلمين الأميركيين.
وتابع حسين بأن تبرعه بشجرة عيد الميلاد جاء ليؤكد أن أبناء المجتمع العربي والمسلم في منطقة ديترويت هم جزء أصيل من النسيج المحلي، وأن مشاركتهم في دعم تقاليد المدينة ومناسباتها العامة هي أفضل رد على الأصوات التي تحاول إقصاءهم أو التشكيك بانتمائهم وانخراطهم الحيوي في المجتمع الأميركي الكبير.
وأعرب حسين عن سعادته بأن تكون مساهمته سبباً في زرع شجرة جديدة بدلاً من قطع أخرى، مشيراً إلى أن هذا الخيار يعكس احترامه للبيئة ورغبته في تقديم هدية ذات طابع مستدام يمكن للمدينة أن تفخر بها لسنوات طويلة.
وأردف بأن فكرة نصب الشجرة أمام مبنى بلدية ديربورن هايتس وتركها تنمو عاماً بعد عام يمنحها قيمة رمزية مضاعفة، افهي لا تمثل مجرد عنصر من عناصر الزينة الموسمية، بل تتحول إلى معلم عام يجتمع حوله السكان كل سنة للاحتفال بعيد الميلادب.
وقال حسين إن الشجرة ستصبح نقطة التقاء للعائلات والأطفال، وذكرى متجددة لروح التضامن بين مختلف مكونات المجتمع، مؤكداً أن وجود شجرة ميلاد دائمة ايكرّس مفهوم الانتماء المشترك ويجعل من احتفال المدينة مناسبة أكثر دفئاً ووحدةب.






Leave a Reply