اكتفت بإجراء تأديبي داخلي دون إحالة الحادثة إلى السلطات القضائية
ديربورن
أثار قرار شرطة ديربورن بتوقيف أحد ضباطها عن العمل من دون أجر، الجدل والانقسام بين خبراء العدالة الجنائية حول شفافية هذه الخطوة، بعد ظهور الضابط وهو يدعس على رأس مشتبه به مكبّل اليدين إثر مطاردة بشبهة سرقة سيارة في شهر تموز (يوليو) الماضي.
وفي حين يُظهر تعامل شرطة ديربورن مع الحادثة، مدى حزم الإدارة في معاقبة أي سوء سلوك يصدر عن عناصرها، جادل خبراء قانونيون عبر صحيفة اديترويت نيوزب بأن القرار التأديبي جاء مخالفاً للإجراءات المتبعة، لكونه لم يستند إلى تقرير رسمي حول استخدام القوة، فضلاً عن عدم إحالة المسألة إلى الجهات المختصة لتحديد ما إذا كان سلوك الشرطي جرمياً أم لا.
وكانت شرطة ديربورن قد أحالت الضابط الذي لم يتم الكشف عن هويته، إلى إجازة إدارية غير مدفوعة الأجر بعدما رصدت كاميرا مثبّتة على جسد شرطي آخر، قيامه بالدعس على وجه مشتبه به في سرقة مركبة، قبل أن يخطو خطوتين للأمام ويختفي من إطار الكاميرا، علماً بأن الضابط التابع لوحدة العمليات الخاصة كان يخدم متخفّياً بلباس مدني.
ونقلت اديترويت نيوزب عن خبراء في وكالات إنفاذ القانون والعدالة الجنائية، أنه كان يترتب على شرطة ديربورن توثيق الحادثة كواقعة استخدام للقوة وإحالة القضية إلى الادعاء العام أو جهة مستقلة للتحقيق فيها بدلاً من الاكتفاء بإجراءات تأديبية غير شفافة.
بدورها، أوضحت شرطة ديربورن في بيان أنها تتعامل بمنتهى الجدية مع جميع الحوادث التي يتم فيها استخدام القوة من قبل عناصرها، لافتة إلى أن هذا النوع من الوقائع يخضع لتحقيق مفصل وإعداد تقرير رسمي يراجع بعناية من قبل قيادة الشرطة ووفق السياسات المعمول بها داخل الدائرة.
ولفت البيان إلى أن االمراجعة الدقيقة للوقائع أظهرت بأن تصرّفات الضابط لم ترقَ إلى مستوى الجرم الجنائي، لكنها خالفت معايير المهنية والخدمة المعتمدة داخل الدائرة، موضحاً بأن الشرطي أُخضع عقب انتهاء التحقيق لإجراءات تأديبية التي شملت إيقافه عن العمل من دون راتب، بالإضافة إلى إخضاعه لتدريبٍ مكثّف لتعزيز التزامه بسياسات الدائرة.
ولم تكشف إدارة شرطة ديربورن عن مدة إيقاف الضابط عن العمل، أو عن سبب عدم توثيق الحادثة كحالة استخدام قوة رغم خطورة المسألة التي استدعت إحالته إلى إجازة من دون راتب.
ويرى خبراء العدالة الجنائية أن اللجوء إلى جهة مستقلة هو الإجراء المتّبع عادةً كلما وُجدت امنطقة رماديةب بشأن احتمال وقوع اعتداء. وقال أستاذ العدالة الجنائية بجامعة اديترويت ميرسيب، دانييل كينيدي: اهذا هو الإجراء المعتاد، إذ ليس من اختصاص الشرطة تحديد ما إذا كان الأمر جريمة أم لاب، مضيفاً: اإذا أحالوا القضية إلى جهة خارجية، فلا يمكن لأحد اتهامهم بالتستر على أي شيءب.
وأوضح كينيدي أن دوائر الشرطة عادةً ما تترك للمدعين العامين تحديد ما إذا كان الحادث يُشكّل جريمة. وأضاف بعد مراجعة الفيديو: اهذه الحالة تقع في منطقة رمادية ولو أن الضابط فقط ركل الرجل عمداً في الرأس، لما كان هناك أي شك، ولكن في هذه الحالة يمكنهم الادعاء بأنها مجرد لمسة عرضية، وأن الضابط كان يراقب شيئاً آخر ولم يلحظ الرجل مستلقياً على الأرضب.
تفاصيل الحادث
بدأت الواقعة حوالي الساعة الثالثة فجراً، عندما تلقّى مركز عمليات الشرطة بلاغاً يفيد برصد سيارة بيضاء من طراز اهيوندايب، موديل 2020، مسروقة من مدينة ديترويت وتتجه جنوباً على طريق ساوثفيلد السريع.
على أثر ذاك، باشرت وحدات من شرطة ديربورن، بينها ضباط من وحدة العمليات الخاصة ووحدات الدوريات، في تمشيط المنطقة بحثاً عن السيارة المسروقة.
وخلال عملية البحث، رصدت دورية مكوّنة من ضابطين، المركبة وهي تسير بسرعة على طريق تاون سنتر درايف.
وبعد مراقبتها لفترة وجيزة، توقفت السيارة عند محطة قطارات أمتراك، حيث ترجّل منها ثلاثة رجال حاولوا اقتحام سيارات أخرى متوقفة داخل ساحة المحطة. وعندما وصلت الشرطة إلى المكان وشغّلت صفارات الإنذار وأضواء الطوارئ، عاد المشتبه بهم إلى السيارة المسروقة وفرّوا بسرعة من المكان.
وبعد مطاردة سريعة، اصطدمت سيارة الهيونداي أولاً بسيارة الدورية ثم بمركبة مدنية، قبل أن تنحرف وتصطدم بسيارة مدنية أخرى، ليقفز الرجال الثلاثة منه ويفرّوا راكضين في اتجاهات مختلفة.
وكان أحد المشتبه بهم، ماركوان وست (20 عاماً) قد فرّ من الشرطة سالكاً خط سكة الحديد وكان يمسك بخصره الأيمن أثناء الركض، وهو ما اعتبرته الشرطة مؤشراً على احتمال حيازته سلاحاً، ولكن تبين فيما بعد بأنه أعزل.
واستمر أحد الضباط بمطاردة وست لبضع ثوانٍ إلى أن استسلم رافعاً يديه فوق رأسه ليتم تكبيله بالأصفاد. وخلال استلقائه على الأرض، يظهر في الفيديو ضابط بملابس مدنية وهو يدعس على رأس وست ووجهه، ليرد المشتبه به صارخاً بكلمات بذيئة اعتراضاً على عنف الشرطي.
وتم اعتقال وست ورفيقيه ووجهت لهم تهم تتعلق بسرقة سيارة وحيازة أدوات اقتحام، وقد أقرّ وست بالذنب في تهم مقاومة الشرطة، والهرب منها، فضلاً عن استلام وإخفاء ممتلكات مسروقة. وقد مثل يوم 12 كانون الأول (ديسمبر) الجاري أمام محكمة مقاطعة وين.
وفي بيان لاحق، أكدت شرطة ديربورن التزامها بالمساءلة والشفافية، قائلة: اندرك أن الحفاظ على ثقة المجتمع أمر أساسي للشرطة الفعّالة وسلامة جميع السكان، وسوف نواصل الالتزام بأعلى معايير النزاهة، وضمان أن تعكس كل تعاملاتنا تفانينا في خدمة الناسب.






Leave a Reply