يقولون في المثل العربي «انقلب السحر على الساحر» وهذا ماحدث بالفعل لعربي أميركي عمل مخبرا لدى مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) لمدة تزيد عن عشرين عاما، أوقع خلالها ضمن من أوقع الناشط الفلسطيني محمد صلاح والذي واجه حينها تهما بانتمائه لمنظمة إرهابية.الساحر الذي انقلب عليه سحره هو جواد عاروري المعروف بـ«جاك مصطفى» حيث تم إلقاء القبض عليه مؤخراً في الضاحية الجنوبية الغربية من شيكاغو ووجهت إليه تهمة إنتحال شخصية عميل في «أف بي آي»، في محاولة للنصب على سبعة من رجال الأعمال الفلسطينيين الأثرياء وأخذ مبالغ مالية منهم، عبر الإيهام بأنه عميل لمكتب التحقيقات الفدرالي ويمارس مهامه في التحقيق بمسائل إرهابية في جنوب غرب شيكاغو.وكان مصطفى عمل مخبرا مأجورا لدى «أف بي آي» زهاء عقدين من الزمن لحين تورطه العام الماضي في قضية «أف بي آي» ذاته في جناية يكتنفها الغموض، حيث أن المعلومات التي سربها مصطفى للحكومة الأميركية دفعت وزير العدل جون أشكروفت لمقاضاة صلاح الذي كان تاجر سيارات مستعملة واعتبر في حينها قائدا كبيرا في حركة المقاومة الإسلامية «حماس». كان صلاح اعتقلته السلطات الإسرائيلية عام 3991 وعذب وأدين وحكم عليه بالسجن خمس سنوات، وأطلق سراحه في أواخر عام 1997 ليعود بعد ذلك بسنة إلى الضاحية الجنوبية الغربية لمدينة شيكاغو والتي يقطنها عدد كبير من أبناء الجالية الفلسطينية وينتشر فيها أكبر عدد من المساجد في المنطقة.وعقب إخلاء سبيله من السجون الإسرائيلية قامت الحكومة الأميركية بمصادرة أملاكه، لكنه بدى أنه سيتحرر أخيرا من شبهات إرهابية علقت به، لكن أحداث 11 أيلول 2001 جاءت لتغير موقف الحكومة. أشكروفت والرئيس بوش كانا يواجهان ضغوطا دفعتهما إلى الإظهار للأميركيين وكأنهما يحققان نجاحا في حربهما على الإرهاب.في عام 2004 وجهت وزارة العدل الأميركية لصلاح تهمة تمويل إرهابيين ووجد صلاح نفسه أمام ثلاث تهم فرعية هي تمويل الإرهابيين وإبتزاز المال والعضوية لمنظمة مصنفة على أنها إرهابية والحنث باليمين، ليصبح صلاح الأميركي الوحيد المعلن عنه إرهابيا دوليا لينال تركيز حملة حكومية لمناهضة الإرهاب شنت ضده.وكانت شهادة مصطفى شكلت الأساس في إدانة صلاح بالإرهاب، لكن حين ذهب صلاح أخيرا للمحاكمة في تشرين أول 2006، أسقطت الحكومة عنه تهمة الإرهاب بشكل اكتنفه الغموض، ليواجه صلاح حينها تهما أقل أهمية وهي إبتزاز المال والحنث باليمين. وكان القرار بإسقاط تهمة الإرهاب جاء نتيجة واضحة لإعادة تقييم مصداقية مصطفى، محامو صلاح طالبوا بمراجعة الأدلة التي قدمها مصطفى ضد موكلهم، ما دفع بوزارة العدل إلى إسقاط شهادة مصطفى وبالتالي إسقاط تهمة الإرهاب، بغية عدم تعريض مصطفى لمناقشة شهادته التي أدلى بها في مرحلة سابقة.في 1 شباط (فبراير) الماضي أعفت هيئة محلفين فدرالية صلاح من تهمة إبتزاز المال، لكنها وجدته مذنبا فقط في الحنث باليمين، على أن يصدر بحقه حكم في جلسة 15 حزيران القادم، وقد أمر القاضي برفع الحجز عنه داخل بيته وتحريره من القيود وسمح له بمرافقة أطفاله للذهاب في نزهة إلى «ديزني لاند».يقول معّد هذا التقرير (راي حنانية): بعدما سردت حكاية مصطفى وعرّفته على أنه الشاهد الرئيسي والمخبر في قضية صلاح، واجهني مصطفى في مكتب صحيفتي في شيكاغو، حيث أنكر صحة التقرير الذي أوردته بشأن تقاضيه لمبلغ 6000 دولار شهريا نظير عمله مخبرا لدى الـ«أف بي آي»، لكنه اعترف أنه يتقاضى راتبا شهريا رفض الإفصاح عنه. قال مصطفى إنه أصابته خيبة أمل من ما أقدم عليه «أف بي آي» ووزارة العدل، مدعيا أن عدة فلسطينيين كانوا متورطين في نشاطات ميدانية في منطقة شيكاغو تخص الإرهاب الدولي. وبحسب قوله فإنه كان بانتظار أن يجد من يموّله لتأسيس مكتب خاص للتحقيق لمواصلة ملاحقة فلسطينيين لهم علاقات بالإرهاب، حيث سبق لعديدين من مقدمي البرامج التلفزيونية الأميركيين ممن يناصبون العداء للعرب والمسلمين، سبق لهم أن شجعوه لمواصلة حربه على الإرهاب.لكنه في وقت ما من شهر شباط الماضي وبعد اللقاء، توصل مصطفى إلى صاحب شركة ليموزين فلسطيني وطلب منه المساعدة لنصب شرك لسبعة رجال أعمال فلسطينيين في شيكاغو معروفين بنشاطهم السياسي في المنطقة. وقد أخبر مطصفى المصدر والذي طلب عدم التعريف بهويته، إنه – مصطفى – كان عميلا في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) دون أن يبرز بطاقته أو مسدسه. أضاف المصدر أن مصطفى كان يخطط لإخبار رجال الأعمال السبعة أن بإمكانه مساعدتهم في أن يرسل الواحد منهم لغاية مليون دولار للمقاومة الفلسطينية لمحاربة الإحتلال الإسرائيلي. وبحسب المصدر تعهد مصطفى أن يخصص له جزءاً من المال الذي سيبتزه من الفلسطينيين السبعة، ويمنحه الفرصة ليعمل مع الـ«أف بي آي». يوم الخميس 5 نيسان كان مصطفى متواجداً في إحدى سيارات الليموزين المملوكة للمصدر في هيكوري هيلز وهو حي يقع قريب من بريجفيو خارج شيكاغو، وكان يصحب مصطفى إبن عم له وشخص رابع، بحسب المصدر والذي كان مقررا أن يعطي مصطفى 750 ألف دولار.قال المصدر إنه بدلا من ذلك ذهب فورا إلى الـ«أف بي آي» حين وصل إليه مصطفى وخطط للإجتماع أن يكون تحت مراقبتهم ومراقبة وزارة العدل.وقد تم القبض على مصطفى وإبن عمه وأودعا السجن، ويعتقد العديد من الجالية الفلسطينية الأميركية أن «أف بي آي» أوقع بمصطفى نتيجة إعطاء هذا الأخير لهم معلومات مضللة بشأن قضية صلاح، فإسقاط التهم عن صلاح كان بمثابة فأل سيء لوزارة العدل وللرئيس بوش في حربهما على الإرهاب. والبعض يعتقد على أية حال أن عاثر الحظ مصطفى استخدم معلومات لديه عن الجالية لتحقيق ربحا أولها عبر العمل كمخبر لدى «أف بي آي» وتاليا بانتحاله صفة العميل.
أحداث مستجدةوكان معد هذا التقرير (راي حنانية) اتبع تقريره بفاكس ارسله الى مكاتب «صدى الوطن» اواخر الاسبوع نوه فيه الى ان الحكومة الاميركية افرجت عن مصطفى بعد ان اسقطت التهم الموجهة اليه من انتحال شخصية عميل في «اف بي اي» ومحاولة ابتزاز للاموال، وهي قضية لفتت انتباهاً في الاوساط الحكومية والامنية كون صاحبها كان الشاهد الرئيسي في قضية اتهام صلاح الارهابية.حنانية حاول عبثاً التأكد من قرار الافراج عن مصطفى لكن مكتب «اف بي اي» في شيكاغو رفض التعليق نفياً او ايجاباً، فيما المصدر الصحفي السري رفض هو الاخر الافصاح عن اي معلومات بعد ان تم استدعاءه لدى مكتب التحقيقات الفدرالي ونصح بعدم الادلاء بمعلومات في حين حضر الى مكاتب الجريدة في شيكاغو وللمرة الثانية مصطفى نفسه معلناً ان الحكومة بالقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة كانت ارتكبت خطأ.
Leave a Reply