عندما يردد اسم رالف نادر تهتز الحياة المدنية الاميركية، وتأخذ الشركات الكبرى مواقع دفاعية. فجميع الحروب الاخلاقية التي شنها نادر ربحت. ابتداء
من حملته على صناعة السيارات الاميركية الى حربه طويلة الامد لمصلحة المستهلك.ولم تكتف حملات نادر على تصحيح الخلل في منطق السوق الرأسمالية الاميركية الشرسة ضد المستهلك، بل هاجم بشدة السياسة الخارجية، التي يراها سياسة امبريالية، تفرض سطوتها على الاسواق خارج حدودها، متصفة بالعمل بمنطق الشركة حيث يتم منح الشركات امتيازات على حساب المجتمع المدني وذلك مما يتناقض مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان. ومن منصب محامي الدفاع عن المستهلك، 1963، اعلن نادر ان السيارات الاميركية الصنع لا تصلح ابدا للسلامة، فهدف الشركات لم يكن يوما سلامة المستهلك بقدر ما كان المنظر ورخص الانتاج. فكتب مقالات وكتبا احدثت تغيرا نوعيا في النظرة الى صناعة السيارات. وادت الى تشكيل لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ عمل فيها مستشارا.اذ هز كتابه «سيارة غير آمنة ابدا»، 1965، نرجسية صناعة السيارات الاميركية. وبدأت حرب اعلامية شرسة. فحاولت شركة «جي أم» هدم مصداقيته، واستأجرت تحريين خاصين لمراقبة حياته الشخصية والتنصت عليه والبحث في ماضية وارسال بنات الهوى اليه، لايجاد ممسك اخلاقي ضده. الا انها فشلت. لكن نادر، وهو صاحب السيف القانونية، نازلها في الميدان الذي يبدع فيه، اذ قاضاها في جرم «التعدي على الحرية الشخصية» وربح القضية مجبِرَها على تقديم اعتذار علني ودفع 284 الف دولار، مستعملا المال في تدعيم حملته للدفاع عن المستهلك. ومن الصعب توقع تحركات هذا الرجل السبعيني. فاهتماماته تخطت سلامة السيارات والتي كان سببا في سن قانون «حزام الامان»، بل تعداها الى تشكيل شبكة من المجموعات المدنية كان لها اثرا جما على تعديلات في قوانين الضرائب، وانظمة الطاقة النووية، الى برامج الصحة.
ونادر يفهم جيدا كيف يعمل النظام الديمقراطي بطاقته الكلية. فمن دون المجموعات المدنية التي تراقب سلوك السلطة السياسية ومؤسساتها لن يكون بامكان المواطن مواجهة الامتيازات الكبرى التي تمنح للشركات.ومنذ العام 1966، احدثت هجمات نادر على الشركات الكبرى صدمات في الرأي العام وكانت سببا لسن ثمانية قوانين، على الاقل، لحماية المستهلك: كقانون سلامة السيارات، وقانون مياه الشرب الصحية. وبالاضافة الى انه كان سببا في خلق العديد من منظمات الدفاع عن الحقوق المدنية رسمية وغير رسمية: كوكالة حماية البيئة «إي بي اي»، ادارة صحة وسلامة العامل «أوشا»، منظمة «مواطن عام» (بَابْلِك سِتِزِن) لحماية المستهلك، ومجموعة البحث والتحقيق في المصلحة العامة «بيرغ». كما كان نادر وراء سحب الملايين من السيارات غير الموافقة لمقاييس الأمان من السوق الأميركية، وتسبب أيضاً بإقرار «حرية المعلومات» الذي يسمح بحرية الناس الاطلاع على المعلومات الخاصة بالسلطات.
نبذة عن حياتهولد رالف نادر، في 1934، في ولاية كونيتيكِت من والدين مهاجرين لبنانيين، وتخرج من جامعة برنستون بدرجة امتياز، 1955، ومن ثم من كلية الحقوق في هارفرد، 1958. عمل محاميا واستاذا في «تاريخ الانظمة السياسية» في جامعة هارتفورد.ادرج ضمن لائحة «اكثر مئة شخص تأثيرا في تاريخ اميركا»، من قبل مجلة «ذي اتلنتك» الشهرية وهو واحد من ثلاثة من أصل المئة لايزال حياً.ترشح لرئاسة الولايات المتحدة 3 مرات، فكان عامي 1996 2000، مرشحا عن حزب الخضر، وعام 2004 مرشحا مستقلا. كتب نادر العديد من الكتب آخرها كتاب «التقاليد السبعة عشر» يروي فيه القيم التي تربي عليها.
Leave a Reply