في الوقت الذي تستمر إسرائيل بتلقي مليارات الدولارات الأميركية كمساعدات سنوية من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، تتلقى أيضاً أموالاً كبيرة من التبرعات الخيرية من زعماء يهود بارزين ومؤيدين من مختلف أنحاء العالم.غير أن التبرع الأكثر إثارة للجدل والصدمة والتدمير هو ما يخرج من حساب صاحب فريق «ديترويت بيستونز» لكرة السلة الملياردير اليهودي وليام ديفيسون، (84 سنة) وهو عملاق صناعة الزجاج الأميركي من أموال لصالح أعمال الحفريات التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية حول المسجد الأقصى والهادفة إلى شق نفق مباشرة تحت المسجد الذي يعد ثالث الحرمين المقدسين لدى المسلمين بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنوّرة. وتهدد هذه الحفريات التي تزعم الحكومة الإسرئيلية أنها تجريها للبحث عن آثار هيكل سليمان القديم في الموقع الذي يقوم عليه المسجد بناءه بمخاطر التصدع والإنهيار.وتم تأسيس «مركز إيثان ومارلا ديفيسون للعرض وإعادة البناء المتخيّل» في 17 نيسان (أبريل) من العام 2001. وكان التبرع المالي غير المعروف الذي قدمه الملياردير اليهودي لهذه الغاية كبيراً إلى حدّ يكفي لإطلاق إسم الملياردير ديفيسون المتحدّر من ولاية ميشيغن على المشروع.وصنع ديفيسون ثروته الطائلة من شركة صناعة الزجاج الأضخم في العالم.ويقع المركز الذي يشرف على أعمال الحفريات ويقوم بتمويلها، وراء جدران «القصر الأموي» في الحديثة الأثرية في القدس الشرقية المحتلة.وتبرع ديفيسون الذي تقدر ثروته بأكثر من أربعة مليارات دولار بسخاء إلى العديد من المنظمات اليهودية، ويقوم بتمويل المدرسة الدينية لتخريج طلبة العلوم الدينية اليهودية في نيويورك.وفي شهر آذار من العام الجاري قدم ديفيدسون تبرعاً بقيمة 75 مليون دولار لمستشفى هاداسا – عين كارم اليهودية في مدينة القدس.وتتضمن الأفرع الرياضية التي يمتلكها ديفيدسون فريق «البيستونز» و«ديترويت شوك» لكرة سلة السيدات في الرابطة الوطنية الأميركية (أن بي أي) و«دبليو أن بي أي» وفريق «تامبا باي لايتننغ» التابع للرابطة الوطنية للهوكي «إتش أن أل» ويزعم مهندسون إسرائيليون أن هنالك خطراً بإنهيار الجسر الذي يؤدي إلى «باب المغاربة» وهو المدخل الرئيس لـ«جبل الهيكل» والمسجد الأقصى، ولكن توجد شكوك كبيرة حول النوايا الإسرائيلية من هذا الزعم، وأدت الطريقة التي تتعامل بواسطتها الحكومة الإسرائيلية مع هذه القضية إلى إثارة مشاعر المسلمين.وتبعاً لمجلة «الأهرام» الأسبوعية قالت مصلحة الآثار الإسرائيلية إنها عازمة على المضي في شق نفق تحت المسجد الأقصى يصل بين الحائط الغربي و«حي سلوان» العربي في المدينة القديمة والذي يطلق عليه اليهود إسم «مدينة داود».ويتوقع أن يمرّ النفق مباشرة تحت المُصلى المرواني حتى تقع أجزاء مهمة من المسجد الأقصى. ويشكل النفق المزمع إنشاؤه، إلى جانب شبكة من المسارب تحت الأرضية تهديداً حقيقياً لأسس المسجد الأقصى وقبة الصخرة المجاورة.ويقول خبير الآثار الفلسطيني يوسف النتشة «إن أسس المسجد الأقصى تواجه خطراً حقيقياً جراء أعمال الحفريات الإسرائيلية النشطة في تلك المنطقة». ويضيف قائلاً: «في الواقع إننا بدأنا نشاهد بأم العين التشققات في المبنى وهذه إشارات سيئة بحدّ ذاتها».وحذر النتشة: «لا أبالغ إذا قلت إنه ما لم تتوقف إسرائيل عن تنفيذ هذه الأشغال الخطيرة فوراً فإنها مسألة وقت قبل أن نشهد إنهياراً كاملاً للمسجد الأقصى». واتهمت الجامعة العربية إسرائيل بمحاولة تغيير وجه المدينة القديمة بمشاريع البناء والحفريات المتواصلة بالقرب من باب المغاربة إمتداداً إلى «جبل الهيكل». وحثت الجامعة المجتمع الدولي على التدخل لوقف هذه الأعمال.وبعث الأمين العام للجامعة عمرو موسى برسائل إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون محذراً من تداعيات التصرفات الإسرائيلية على عملية السلام في المنطقة.
وقال موسى في تصريح «إن الإنتهاكات الإسرائيلية تثير الغضب والإدانة في فلسطين وباقي دول العالمين العربي والإسلامي، مما يهدد الإستقرار والأمن في المنطقة»، من ناحيتهما طلبت كل من الأردن ومصر أن تتوقف الدولة العبرية عن أعمال البناء. ووصف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أعمال الحفريات بـ«الإنتهاك الفاضح وغير المقبول تحت أية ذريعة». وأضاف «إن السلوك الإسرائيلي سيؤدي إلى خلق مناخ غير مساعد بتاتاً على نجاح الجهود المبذولة لإستئناف عملية السلام».وقد أسهم صاحب فريق «البيستونز» الذي يقطن في مدينة بلومفيلد هيلز بتأجيج التوتر المسيطر في الأصل على المواقف السياسية لطرفي النزاع.ومنذ إستيلاء إسرائيل على مدينة القدس الشرقية في حرب العام 1967 جرت محاولات للتقليل قدر الإمكان من التوترات بين اليهود والعرب بخصوص «جبل الهيكل». ولهذه الغاية وضعت يافطة صغيرة على الباب الرئيسي بتوقيع كبير حاخامي إسرائيلي تقول: «إشعار وتحذير: الدخول إلى باحة جبل الهيكل ممنوع على أيٍ كان بموجب القانون الديني اليهودي، بسبب قداسة المكان..».أحد الأصوات اليهودية المستنكرة للأعمال الإسرائيلية كان عالم الآثار مائير بن دوف الذي أبلغ الإذاعة الإسرائيلية أن الأعمال الجارية عند باب المغاربة «هي غير قانونية وغير مبررة».وقال إنه حذر الحكومة الإسرائيلية حول الأخطار المحتملة لهذه الأشغال على البنية العمرانية للمسجد الأقصى لكنه قال إن تحذيره «وقع على آذان صمّاء».وفي الوقت الذي يخرج فيه فريق «البيستونز» لكرة السلة من أكبر هزائمه في دوري كرة السلة الوطني، تستمر دولارات ديفيدسون بتغذية مشكلة دولية ذات أبعاد توراتية. حيث يقول المسلمون أن أعمال الحفريات سوف تؤدي إلى تدمير أجزاء من تراثهم الديني وينظر المسلمون في أنحاء العالم إلى الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى كتعدٍ على مقدساتهم وإهانة خطيرة أخرى توجهها إسرائيل وربيبتها الولايات المتحدة الأميركية إلى الدين الإسلامي.
Leave a Reply