تطور الفن الاسلامي كوجه ثقافي للحضارة الاسلامية منذ بداية القرن السابع الميلادي. وقد تبلورت الملامح الخاصة بالفن الاسلامي منذ الفترة المبكرة وتميز بأنه فن لا يعتمد التشخيصية الصورية كما هو الحال مع الفن المسيحي مثلاِ.ورغم ان القرآن الكريم لا يحتوي على نصوص صريحة تعارض الفن التشخيصي لكن الاحاديث النبوية الشريفة تدعو الى الابتعاد عن التشخيص البشري في تلك الفنون. وقد اعتمدت الديانة المسيحية في بداياتها على الفنون التشخيصية كوسيلة تعليمية للديانة عبر المصورات والجداريات التي كانت تغطي الجدران الداخلية للكنائس وتتضمن مواضيع عن حياة السيد المسيح (ع) والقديسين اضافة الى مشاهد تصور قصص التوراة.اما الديانة الاسلامية فقد شجعت على التعليم والمعرفة منذ بداية الدعوة الاسلامية مما ساعد على اشاعة التعليم بين المسلمين ولم يكن فني الرسم والنحت ادوات لتعليم الدين الجديد.
في بداية نشوئه استعار الفنان المسلم من الحضارات المجاورة كالبيزنطية والفارسية والهندية لكنه سرعان ما هضم تلك المفردات التراثية واعاد صياغتها بالاسلوب الاسلامي المتميز والذي يتمحور حول استعمال المفردات الهندسية والوحدات الزخرفية النباتية المتنوعة اضافة الى انواع الخطوط العربية كالخط الكوفي والنسخ وغيرها…هذا المزيج من المفردات التشكيلية غير التشخيصية اصبح النموذج النمطي للفن الاسلامي وخصوصاً حين صاحبه استعمال الفنان المسلم للمقرنصات في الابنية مع بداية القرن الثاني عشر. وتعتبر المقرنصات وحدات معمارية اسلامية بحتة تعتمد المزايا الجمالية النابعة من حسابات رياضية دقيقة. وقد شاع استعمال المقرنصات المرافقة للخطوط العربية والزخارف النباتية والهندسية في انحاء العالم الاسلامي في وسط اسيا وإيران والعراق وسوريا ومصر وصقلية والاندلس في اسبانيا. وهناك الكثير من الابنية والجوامع والمآذن لا تزال تشهد بعراقة الفنون الاسلامية في انحاء العالم.وفي الفترة الحديثة يستمر الفنانون المعاصرون في استلهام الفن الاسلامي واسترجاع تراثه الجميل في تشكيلات معاصرة.
د. هاشم الطويلاستاذ تاريخ الفن فـي كلية هنري فورد
Leave a Reply