في اول شهر رمضـان المبارك صحا مواطنو، ولاية ميشيغن وهم يستقبلون ابتسامات فرحة مرسومة على وجوه مذيعي ومذيعات المحطات التلفزيونية الرئيسية الثلاثة القنوات «الثانية والرابعة والسابعة» يهنئون العرب والمسلمين الأميركين بقدوم شهر رمضان المبارك.«رمضان كريم» عبارة، يتبعها شرحُ مقتضب عن معاني وطقوس هذا الشهر الكريم، وواجبات الصائم ومسؤولياتهِ التي يفرضُها الاسلام. وتتوالى عباراتُ التهاني على مدى ساعات البث مصحوبة في بعض الايام بمقابلات مع رجال دين مسلمين يشرحون باسهاب معاني الشهر الفضيل.نحوُ خمسمئة الف أميركي مسلم يعيشون في هذه الولاية التي يبلغُ تعدادُ سكانها حوالي عشرة ملايين نسمة، هذه الولاية التي وفدت اليها طلائعُ المهاجرين العرب والمسلمين من بلدان واوطان مختلفة ومتعددة في بدايات القرن الماضي. هم اميركيون ايقظت وعززت احداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 حس العداء ضدهم وساهمت في تنمية شعور التشكيك في انتمائهم للولايات المتحدة الاميركية. تداعياتُ احداث ايلولَ المشؤومة شكلت خطراً حقيقياً على حياة ووجود العرب والمسلمين. خطراً كاد ينقض عليهم وينال منهم، لكنهم اتقنوا بجدارة ومهارة التعلم من الاخطاءِ وعدم الوقوع في براثينها، فحولوا غضب الكارثة الى فرصٍ فتحت قنوات التواصل والحوار بينهم وبين المسؤولين والمواطنين الاميركين في الولاية.المواطنون الاميركيون الذين ابدوا تفهما ملحوظا لعادات وتقاليد وقيم العرب والمسلمين، تلك العاداتُ والتقاليد والقيم المتجذرةُ في تاريخهم الطويل التي لا يمكن فهمُها والتعامُل معها إلا بأسلوب التواصل والحوار. وادركوا أهمية التواصل والحوار اللذان افرزا مئات الندوات والمؤتمرات وورشات العمل في الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة والجامعات والمدارس وأماكن العمل ومراكز الشرطة والمحاكم شارك فيها ملايينُ الأميركيين في جميع الولايات، الذين ناقشوا وتجادلوا وتحاوروا وتعرفوا واقتربو اكثر من معرفة ماهية الحضارتين العربية والاسلامية. عشراتُ البرامج الثقافية مولتها الحكومة الأميركية والمعاهد الخاصة، ملايين الدولارات خصصت لبرامج تعلم اللغة العربية. وقبل اسابيع افتتحت اولُ مدرسة عربية ثانوية في نيويورك.. واكثر من ذلك، فأن الأجهزة الامنيةَ الأميركية كـ«سي اي اي» ومكتب التحقيقيات الفدرالي (أف بي آي) والجيش الاميركي والحرس الوطني ووزارة الخارجية شرعوا أبوابَهم للعرب والمسلمين الأميركين فأنتسب الى صفوفهم عشرات الآلآف منهم. هذه المؤسساتُ الأميركية توفرُ برامجَ التشجيع لاستقطاب وانخراط العرب والمسلمين الأميركين في صفوفها. عشرات البرامج التلفزيونية والاذاعية التي تصورُ وتعكس وجه الاسلام الحقيقي بثتها وتبثها المحطاتُ الأميركية المحلية والوطنية. تحقيقات صحافية تنشر في صحف الولاية، تتحدث عن طبيعة الاسلام وحياة المسلمين في الولاية اثناء شهر الصيام.قبل أيام بثثَ شبكة التلفزيون الوطنية الأميركية (بي بي أس)، فيلما وثائقياً «رمضان الأميركي» يصور حياة خمس عائلات أميركيةِ مسلمة تنتمي الى خلفيات اثنية متعددة، يرصدُ الفلم تفاصيل حياتهم اليومية وكيفيةِ ممارساتهم لطقوسَ شهر الصيام المبارك في الولايات المتحدة.هذا العام ولاول مرة تزامن قدومُ شهر رمضان الكريم في نفس اليوم الذي بدأت فيه احتفالات اليهود بقدوم «روش هاشانا» (رأس السنة اليهودية) وهو اليوم الذي يتأملُ فيه المؤمنون اليهود ويطلبون الغفرانَ عن خطاياهُم. ومن روح هاتين المناسبتين الدينيتين شهر رمضان الاسلامي ويوم الغفران اليهودي وجهت رسائل تضامن وتهنئة مشتركة من اللجنة الاميركية العربية لمكافحة التمييز (أي دي سي) وقعها عماد حمد المدير الاقليمي للجنة في ميشيغن وبرنادا روزنبرغ المديرة التنفيدية لـ «هيئة اعادة توحيد ابناء ابراهيم» اكدا فيها انه بالرغم «من الآلام والمعاناة التاريخية العميقة والخلافات الاساسية المتعلقة بالصراع العربي الاسرائيلي الا اننا نشعر انه من الواجب العمل معا من اجل تعميق التفاهم وتعظيم الايجابيات التي تجمع فيما بيننا كأميركيين. وليكن هدفنا التخلص من الجهل والعنصرية آملين المساهمة في اقامة سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط».مسلمون، مسيحيون ويهود سيشاركون في أحتفال جماعي يُنظمة نهاية هذا الشهر مجلسُ العلاقات الاسلامية الأميركية (كير) بالتعاون والتنسيق مع المجمع اليهودي للصلوات في مدينة آن آربر احتفاءاً بهاتين المناسبتين الدينتين إضافة الى مشاركتهم في إحتفالات الطوائف المسيحية، (بعيد الصليب) الذي تزامن ايضا مع المناسبتين الدينيتين، وذلك تعميقاً للوعي الديني العام عند مواطني الولاية.في العام 2005 وافق المجلسُ البلدي في مدينة هامترامك القريبة من ديترويت بالسماح برفع آذان الصلوات اليومية الخمس عبر مكبر الصوت، المثبت على سقف مسجد المدينة، وهي خطوة أيجابية جاءت استجابة لدعوات مئات المسلمين من جاليات مختلفة يعيشون في هذه المدينة التي يقطنها ستة وعشرون الف مواطن أميركي ينتمون الى ثلاثين دولة من ضمنها دولُ من الشرق الأوسط. ومن جانبها تستقبل المساجد والمؤسسات الدينية الاسلامية في منطقة ديترويت والضواحي اعداداً كبيرة من المواطنين الأميركين مسيحيين ويهود ممن يرغبون التعرف على ماهية وتعاليم وطقوس الدين الاسلامي خاصة في شهر رمضان. وفي هذا الإطار نظم السيد حسن القزويني مدير المركز الاسلامي في اميركا افطاراً رمضانياً في قاعة المركز، حضره عدد كبير يمثل كل الطوائف والاديان وذلك يوم الخميس الماضي الواقع 20 ايلول (سبتمبر) الجاري، وكان السيد القزويني قد دعا الى افطار مماثل في رمضان من العام الماضي حضره مسلمون ومسيحيون ويهود.هذا وقد وجه رئيس الحزب الديمقراطي في ميشيغن مارك برور ورئيس الحزب الديمقراطي في أميركا هاورد دين وعدد آخر من المسؤولين الاميركيين رسائل تهنئة بشهر الصيام المبارك.اما الوسائل الاعلامية في ديترويت الكبرى فستواصل وحتى عيد الفطر المبارك بثها لرسائل التهنئة، والتوعية والتثقيف الرمضانية لأفراد المجتمع. تلك الرسائلُ التي تتضمنُ لقاءات وحوارات مع شخصيات أميركية إسلامية توضح ماهية الطقوس الرمضانية ومعانيها. فهل يشعر المسلمون والعرب الأميركيون بدورهم بالأمان والطمأنينة لان وطنهم الثاني الولايات المتحدة الأميركية يشاركهم احتفالاتهم وافراحهم بشهر رمضان المبارك؟ كل عام وانتم بخير.
Leave a Reply