ميشال إده يتقدم الاسماء فـي بورصة المرشحين ويحمل مواصفات البطريركبري أنقذ مبادرته بتوافق داخلي وخارجي حولها لاجراء انتخابات الرئاسة
نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في انقاذ مبادرته الوفاقية من السقوط، مع اغتيال النائب انطوان غانم، لان من اهداف الجريمة، فرض انتخابات رئاسة الجمهورية وفق تفسير الفريق الحاكم للدستور اي بالنصف زائداً واحداً، وتخلي عن النص الدستوري للمادة 49 الذي يؤكد ان على المرشح لرئاسة الجمهورية الحصول على ثلثي عدد اعضاء مجلس النواب، (85 نائباً بعد اغتيال غانم).وكادت بعض قوى 14 شباط ان تفرض واقع انتخابات غير دستورية وطلب تأمين حماية دولية ، وظهر ذلك من خلال البيان الذي اصدرته اثر جريمة الاغتيال، وهذا ما اكدته تصريحات كل من النائب وليد جنبلاط وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، اللذين يحرضان على خرق الدستور، وايصال مرشح من هذه القوى دون الاخذ برأي المعارضة التي تدعو الى التوافق على الرئيس الجديد، مثلما طالبت بقيام حكومة وحدة وطنية تكون الشراكة فيها كاملة، بعد ان اصبح القرار داخلها، ولا بدّ من ان يكون لكل شرائح المجتمع اللبناني السياسي والطائفي وجوداً فيها لتكون شريكة في القرار.واستطاع بري تطويق «الصقور» داخل قوى 14 شباط، بأن اكد على استمرارمبادرته، وان تكون عملية الاغتيال حافزاً للوصول الى التوافق السياسي، لوقف جرائم القتل التي تطال النواب واللبنانيين، وتهدد بإشعال فتنة داخلية.
لم يتم التراجع عن المبادرة، لا بل جرى تعزيزها من خلال اصرار رئيس مجلس النواب، على الدعوة لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فأفشل خطة من كانوا يروجون ان من يقف وراء عملية اغتيال النائب غانم، كان يهدف الى تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية ليقع لبنان في الفراغ الدستوري، فرد الرئيس بري بتمسكه بالجلسة وبالنصاب القانوني فيها، وانه لن يفتتحها الا اذا التأم فيها الثلثان من النواب، وهذا ما لم يحصل، اذ حضر كل نواب الاكثرية وعددهم 68 ، ودخلوا الى القاعة، التي تواجد فيها اربعة نواب من كتلة التنمية والتحرير والنائب بيار دكاش لكن العدد لم يصل الى الثلثين بعد ان امتنع نواب المعارضة من تأمين النصاب الذي هو بالنسبة اليهم يعني التوافق في ظل الازمة السياسية والوطنية المستفحلة والتي تهدد اذا لم يحصل تفاهم بين القوى السياسية المتصارعة، وحدة لبنان ومؤسساته وسلمه الاهلي، وقد اصبح المعبر الى النصاب هو المرور بالتوافق، وان المشترع عندما ضمّن المادة 49 من الدستور ضرورة ان يحصل المرشح لرئاسة الجمهورية على نصاب الثلثين انما قصد تأمين شبه اجماع حوله من مختلف الكتل النيابية التي تؤلف مجلس النواب لكي يكون انتخابه وفاقياً، ولمنع الاستئثار الطائفي في الانتخاب.وحاولت اطراف في السلطة القفز فوق التوافق مثلما لم تقبل الشراكة في حكومة وحدة وطنية، وقد ارتكزت في ذلك الى مطلب اميركي بمنع اعطاء المعارضة اي حضور في الحكومة، او اي نفوذ في رئاسة الجمهورية، لان في ذلك عودة سياسية لسوريا الى المؤسسات اللبنانية، وهذا ما اكد على رفضه جنبلاط وجعجع، لكن قوى السلطة فشلت في ذلك، لانها لم تتمكن من الحصول على اجماع داخلها حول تفسير النصاب القانوني، اذ هناك حوالي ستة نواب لن يقترعوا اذا لم يتأمن حضور ثلثي النواب في الدورة الاولى من العملية الانتخابية، كما ان الفريق الحاكم لم يؤمن تغطية البطريركية المارونية لانتخاب بالاكثرية المطلقة بعد ان اعلن البطريرك صفير رأيه بضرورة حضور الثلثين في اول دورة، وكذلك لم تستطع قوى 14 شباط ان توفر دراسات قانونية ودستورية وافية لتدعم رأيها أنه بإمكانها اجراء الانتخابات دون وجود الثلثين.ومع فقدان الاكثرية لعدد النصف زائداً واحداً، لانتخاب رئيس منها، فهي لم تتوصل بعد الى مرشح واحد، ولم يصدر عنها قرارا موحدا بإسم مرشح، مع وجود نحو اربعة مرشحين فعليين وجديين، وان كان الاتجاه هو تبني ترشيح نسيب لحود، فان هذه الاكثرية اضطرت ان ترضخ لمبادرة الرئيس بري، وتدخل معه في حوار حول التوافق، بعد ان تبلغ النائب سعد الحريري من السعودية وفرنسا والفاتيكان ودول اوروبية، بأن التوافق ضروري في الاستحقاق الرئاسي وان يحصل وفق القواعد والمهل الدستورية، وهو لمس بأن البطريرك صفير يؤيد التوافق، وهو على تفاهم مع الرئيس بري حول موضوعي النصاب القانوني والمرشح التوافقي، وان لقاءهما الاخير في بكركي الذي حصل عشية جلسة الانتخاب اكد على ذلك وعلى مواصفات الرئيس المقبل، مما اضطر رئيس كتلة المستقبل ان يلاقي هذا التفاهم، الذي هو تراجع عن بيان لقاء بكفيا لقوى 14 شباط، وهو ما دفع جنبلاط الى القول انه ضد مرشح تسوية واذا فرض عليه، فانه مع نواب حزبه سيقاطعون جلسة الانتخاب.واربك موقف الحريري حلفاءه، لا سيما بعد ان تم تسريب معلومات عن ان المرحلة تخطت موضوع النصاب القانوني، وان جلسة 25 ايلول كانت لصالح هذا التوجه بعد تأجيلها لانه لم يحصل فيها نصاب الثلثين، وانتصار لمنطق وتفسير للمادة 49 بوجوب تأمين ثلثي اصوات النواب، وقد تم الرد على ذلك من قبل قوى 14 شباط، ان رئيس المجلس تخطى التفاهم معه ان لا يكون تبرير عدم انعقاد الجلسة هو عدم تأمين النصاب، واعتبرها نواب من الاكثرية، ان الدورة الاولى حصلت بعدم تأمين الثلثين في النصاب، وان الدورة الثانية سوف تجري بالاكثرية المطلقة، وان 23 تشرين الاول لن يكون نسخة عن 25 ايلول، وان النواب ال68 الذين حضروا الى قاعة المجلس سوف ينتخبون رئيساً للجمهورية، حصل التوافق عليه او لم يحصل، ترأس بري الجلسة او لم يترأسها، وقد كان كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وقائد «القوات اللبنانية» حاسمين بان الجلسة المقبلة ستكون للانتخاب لا للنصاب، ولن يتم الانتظار حتى العشرة ايام الاخيرة من نهاية ولاية الرئيس اميل لحود.ومع تصعيد «صقور الاكثرية»، فان الرئيس بري استمر على تفاؤله الذي ارتفع بعد لقائه مع البطريرك صفير، حيث اكد ان الاتفاق معه كان بنسبة مئة بالمئة، وزاد من نسبة تفاؤله، تلقيه جرعات من الدعم والتأييد الخارجي وتحديداً من السعودية ومصر وفرنسا والفاتيكان، وكذلك من سوريا التي اعلنت على لسان نائب رئيسها فاروق الشرع انها تؤيد التوافق بين اللبنانيين.والتفاؤل بناه الرئيس بري على ان الموالاة والمعارضة محكومتان بالتوافق، لان كلا منهما لا يستطيع ان يحكم دون الآخر، وان يداً واحدة لا تصفق، وانه بغير ذلك فان لبنان يتجه الى الخراب، وهذا ما اكد عليه سعد الحريري في الكلمات التي يلقيها في افطارات رمضان، وهو يوزع التفاؤل ايضاً، لاسيما بعد ان استعاد الحوار مع الرئيس بري، وتخشى بعض اطراف في المعارضة، ان يكون نسخة عن جلسات الحوار الليلية التي عقدت بين الرجلين في مطلع العام الحالي، بعد ازمة الحكومة والمحكمة، حيث توصلا بعد سبع جلسات الى تفاهم، عطله كل من جنبلاط وجعجع حليفي الحريري، وان تتكرر التجربة، بحيث يعمل الفريق الحاكم على كسب الوقت والمناورة، فيكون رئيس كتلة المستقبل مرناً ومنفتحاً للحوار ورئيس اللقاء الديمقراطي متصلباً هو وجعجع، الى ان تحين مهلة العشرة ايام ليجتمع مجلس النواب حكماً وينتخب رئيساً للجمهورية بالاكثرية المطلقة، واعتبار دعوات الرئيس بري غير دستورية لان الجلسات لم تفتح ولم تعقد.وبالرغم من التطرف الذي يبديه جنبلاط وجعجع، فان اوساط الرئيس بري تؤكد ان رئيساً للجمهورية سينتخب قبل 24 تشرين الثاني، وهو كان اعلن ايضاً من بكركي انه سيكون للبنان رئيساً قبل انتهاء المهلة الدستورية للرئيس لحود، دون ان يذكر الى ماذا يستند في تفاؤله، سوى انه يكشف لزواره ان الظروف الاقليمية والدولية قد تساعدنا الآن على اجتياز الاستحقاق الرئاسي وانه تبلغ من مراجع عربية واقليمية واجنبية، تأييدها للبننة هذا الاستحقاق كما طالب بري، وابعاده عن التجاذبات والصراعات والمحاور، وضرورة استفادة اللبنانيين من ذلك، قبل حصول تطورات مرتقبة في المنطقة، ومنها انعقاد مؤتمر او لقاء حول الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، والوضع المتفجر في العراق، والتهديدات الاسرائيلية ضد سوريا، والاميركية والغربية ضد ايران.ففي ظل هذه اللوحة الاقليمية المعقدة، يدعو رئيس مجلس النواب الى تمرير الانتخابات الرئاسية بالتوافق وبهدوء، لان البديل عن ذلك دخول لبنان بالفوضى السياسية والدستورية والامنية، وتعليق حل ازمته على ازمات وصراعات وحروب المنطقة.وهذا التحذير الذي يطلقه الرئيس بري منذ اول ازمة وزارية عصفت بالحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة، عندما اعتكف وزراء حركة «امل» و«حزب الله» ودق ناقوس الخطر بضرورة الاتفاق الداخلي، والذي تم الوصول اليه في الرياض بلقاءات عقدت بين ممثلين لـ«امل» و«حزب الله» والحريري مطلع العام 2006 وتم نسفه واسقاطه، فانه ما زال عند تحذيره من انه اذا لم يتم التوصل الى توافق حول رئاسة الجمهورية، واتفاق على حكومة وحدة وطنية وبيان وزاري، فان الوضع سيتدهور، وهو لا يعلن ذلك من باب التهويل، بل يعرض وقائع ويشير الى ان لجوء قوى 14 شباط الى انتخاب رئيس تحدٍ، سيقابله انتخاب رئيس ثانٍ من قبل المعارضة، وقيام حكومة ثانية، وانقسام في المؤسسات، وهذا الخطر تستشعره ايضاً دول عربية واقليمية واجنبية، وتتخوف من تقسيم لبنان واندلاع حرب اهلية فيه.لذلك تسعى الدول المعنية بلبنان الى منع انزلاقه نحو الهاوية، وان كان الضرر سيقع على اللبنانيين مباشرة، الا انه سيصيب سياسياً ومعنوياً هذه الدول، وان حدوث فوضى في لبنان، وسقوط الحكم فيه، سيؤثر سلباً على الادارة الاميركية، التي تعتبر انها حققت انجازاً في لبنان، عبر الانتخابات النيابية وصمود حكومة السنيورة، وسيفقدها ورقة بيدها، تحاول ان تحافظ عليها، لانها تمثل الديمقراطية، وتدافع عن الامن القومي الاميركي، وان تقويض هذه الانجازات سيخرج اميركا من لبنان لصالح المعارضة وسوريا، ولها تجارب مع القوى الوطنية اللبنانية التي اخرجت قواتها مدحورة من لبنان في العام 1984.والسعودية قلقة على وضع حلفائها ولا سيما «تيار المستقبل»، الذي قد يفقد وجوده السياسي والشعبي لصالح اصولية سلفية اسلامية، مع انتشار الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة، كما هو الوضع في العراق، وانها لا تقف ضد انتخاب رئيس توافقي، وبهذا المعنى دعمت مبادرة بري، وتبدلت لهجة سعد الحريري داخلياً وحاول تمييز نفسه عن بعض حلفائه في قوى 14 شباط. وكذلك ايران لم تتوقف عن العمل لاجراء الانتخابات الرئاسية، وان المسوؤلين فيها على تواصل دائم مع القيادة السعودية، لابقاء الوضع في لبنان هادئاً، والتصدي لاي محاولة لاشعال فتنة مذهبية بين السنة والشيعة، وقد نجح الطرفان الايراني والسعودي في لجمها .وعلى خط مواز للقاءات السعودية-الايرانية، فان طهران توافقت مع فرنسا على وجوب حصول الانتخابات الرئاسية وبالتوافق بين اللبنانيين.والتوجه الايراني يلتقي مع ما يعلنه المسوؤلون السوريون، من دعم كل وفاق لبناني.فهذه المواقف الدولية والعربية، اضافة الى ما اعلنه الفاتيكان عن قلقه من فقدان المسيحيين لرئاسة الجمهورية، تؤكد بان الانتخابات الرئاسية ستحصل، ولكن يبقى ما ستعلنه الولايات المتحدة، من موقف نهائي بشأن الاستحقاق والمؤجل الى ما بعد انعقاد المؤتمر او اللقاء الدولي لحل ازمة الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي في منتصف تشرين الثاني القادم، وفي هذا الاطار تدخل زيارة كل من الحريري وجنبلاط الى واشنطن للقاء الرئيس بوش والمسوؤلين الاميركيين منتصف تشرين الاول للاطلاع منهم على رأيهم بالاستحقاق الرئاسي، والتوجه الاميركي حوله، وما اذا كان هناك من صفقة ستتم على هذا الاستحقاق.فالاهتمام الدولي والاقليمي والعربي بالاستحقاق الرئاسي، يربطه بقرار خارجي، يحاول الرئيس بري ابعاد لبنان عنه، وهو وان كان اعطى هذا الاستحقاق مهلة شهر اضافية للحوار والتشاور، الا انه لن يدخل في اي نقاش حول موضوع النصاب الذي برأيه تم تخطيه في جلسة 25 ايلول، وبدأ البحث في اسماء المرشحين المعلنين والمستترين وغربلتها، حيث تبرز عدة لوائح، ففي لائحة المعارضة برزت اسماء: ميشال عون، ميشال سليمان،جان عبيد، فارس بويز، رياض سلامة، وفي لائحة 14 شباط وردت اسماء كل من: نسيب لحود، بطرس حرب، غطاس خوري، اما البطريرك صفير الذي لا يدخل بلعبة الاسماء الا انه سرّب الى الرئيس بري ومرجعيات اخرى ثلاثة اسماء: ميشال اده، دميانوس قطار، وسيمون كرم.هذه الاسماء يتم التداول بها لترسي على اسم للتوافق عليه، ولكن بعد نضوج الطبخة العربية-الاقليمية-الدولية، اذ ثمة مصالح دول تتصارع على ارض لبنان، وانتخابات رئاسة الجمهورية احد عناوينها للمقايضة عليها.ويبدو من المتداول ان اسم الوزيرالسابق ميشال اده يتقدم كمرشح توافقي، وان مواصفاته ترضي اطرافاً عدة داخلية وخارجية، فهو رجل معتدل له جذور يسارية، ومعاد لاسرائيل، ولم يكن بعيداً عن سوريا، ويتفهم المقاومة ضد اسرائيل، وهو على مسافة واحدة من الجميع، وله علاقات مع كل الاطراف الداخلية، وصاحب خبرة سياسية، ورجل نظيف الكف، وله صداقات خارجية وتتطابق مواصفاته مع تلك التي طرحها البطريرك صفير، وهو بهذا المعنى المرشح المتقدم لرئاسة الجمهورية في بورصة الاسماء.
Leave a Reply