بغداد، وكالات – بعد مرور أربعة أعوام ونصف العام على ما يسمى «عملية حرية العراق» بقيادة الولايات المتحدة يشعر الشعب العراقي بأن بلادهم تسير نحو المجهول.وقالت ابتسام خليل (42 عاما) إن «القضاء على حقبة الرئيس الراحل صدام حسين هي إنجاز كبير لأنه أدخل البلاد في دوامة من الانتكاسات والمغامرات غير المحسوبة والتي أدخلت العراق في نفق مظلم وعزلة دولية». وأضافت: «نأمل أن تكون المرحلة المقبلة أفضل مما نعاني منه الآن جراء تصاعد العنف وانتشار المليشيات بشكل يثير الفزع والرعب». وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2002 قررت الإدارة الأميركية شن عملية عسكرية في العراق على خلفية مزاعم بحيازته لأسلحة دمار شامل ومنها أسلحة نووية وكيميائية ومن ثم فإنه يشكل تهديدا لدول الجوار وربما لباقي دول العالم.وقال الرئيس الأميركي جورج بوش إنه أراد بالعملية العسكرية تخليص العراق من «ديكتاتور يدعم الإرهاب» ونزع أسلحة الدمار الشامل العراقية و«تحرير الشعب العراقي». وازدادت تطلعات العراقيين إلى أن وضعا جديدا سيسود البلاد وستفتح الأبواب أمام حركة العمران وإعادة بناء العراق وإزالة معالم الخراب التي تعرض له جراء القصف الأميركي العنيف للمرافق الحيوية والمنشآت والمباني والقصور والفنادق والدور السكنية. لكن هذه الأمنيات سرعان ما تبخرت بعد اندلاع أعمال العنف بعد أشهر قليلة من عملية الغزو وعمت الفوضى وكثرت الانفجارات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والاغتيالات العشوائية بشكل لم تشهد له البلاد مثيلا. وازداد الأمر سوءا عندما أعلن تنظيم القاعدة تنفيذ عمليات عسكرية ضد القوات الأميركية في العراق، حيث شهدت البلاد ومازالت أعمالا مسلحة بقيادة القاعدة فضلا عن أعمال أخرى بقيادة المليشيات المسلحة التي انتشرت بشكل مخيف في البلاد مما يهدد بسقوط البلاد في أتون حرب أهلية شاملة.ولم تتمكن الحكومات الأربع التي تشكلت في العراق بعد سقوط نظام صدام عام 2003 من تحقيق ما يحلم به العراقيون فالحكومة العراقية الأولى تشكلت بزعامة مجلس الحكم الانتقالي ثم حكومة إياد علاوي عام 2004 وحكومة إبراهيم الجعفري عام 2005 والآن حكومة نوري المالكي التي تبدو أكثر وضوحا من الحكومات السابقة وصلابة في مواجهة موجات العنف.وقال إبراهيم العامري (33 عاما) ويعمل طبيبا: «كان الاحتلال الأميركي حدثا كبيرا ومتوقعا بسبب سياسة الرئيس السابق صدام حسين وعدم تقديره للأمور حول مستقبل البلاد لان الحرب لم تكن متكافئة من جميع النواحي».وأضاف: «لقد جرنا صدام إلى هذه الأحوال وكان يمكن معالجة الأوضاع لو أنه غادر البلاد من دون الوقوع في معارك محسومة النتائج». أما حسام مهدي (35 عاما) فيرى أن «الحرب كانت ستقع سواء وافق صدام أو لم يوافق لأن موضوعها الأساسي ليس صدام ولا أسلحة الدمار الشامل إنما الاستراتيجية الأميركية اقتضت أنها مرحلة صدام والاستعداد لمرحلة جديدة لكن هذه التقديرات انقلبت وحدث ما لم يكن بالحسبان». وأضاف «كنا نتوقع أن أوضاعا جديدة ستظهر في البلاد وأن الأميركيين سيبدأون على الفور في عمليات إعادة الإعمار لكن الذي حصل هو أنهم جاءوا إلينا بحرب طويلة الأمد لتكريس الطائفية وتقسيم البلاد». ولم تتمكن الحكومة العراقية التي تعاقبت بعد سقوط صدام من تحقيق تطلعات العراقيين بسبب الأوضاع التي آلت إليها البلاد فانقطاع الكهرباء مازال يحدث بشكل مكثف وكذلك الحال بالنسبة لقطاع الخدمات والواقع الصحي والتربوي والتعليمي فضلا عن الوضع الأمني غير المستقر الذي استنزف ميزانية الدولة وشكل عبئا ثقيلا. ومازالت حركة الإعمار غائبة عن المشهد العراقي على الأرض فعشرات الأبنية الحكومية ومعالم الدمار الأخرى من جراء الحرب مازالت قائمة ولم تمتد إليها اليد فضلا عن عدم إنشاء مشاريع أخرى لحل أزمة السكن في أرجاء البلاد وخاصة في المدن الأكثر أمنا. ويتفق العراقيون على أن أبرز نتائج «عملية حرية العراق» هي اختفاء صدام ومساعديه وإلى الأبد بعد فترة حكم بقبضة حديدية امتدت لأكثر من 35 عاما.
Leave a Reply