اميركا تعمل لتغيير عقيدة الجيش اللبناني بإسقاط العداء لإسرائيلعدم وصول حكم موال بالكامل لواشنطن منع قيام قواعد عسكرية
بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، صدرت تقارير اعلامية واستخباراتية، تحدثت عن ان مسؤولين اميركيين سألوه وطلبوا منه ان يوافق على اقامة قاعدة عسكرية اميركية في شمال لبنان، وانه رفض هذا الطلب.وذكر في حينه ان هذا الرفض قد يكون احد الاسباب والاحتمالات الممكنة، لاغتياله، لانه عطّل هذه المحاولة، حيث ظن الاميركيون ان الحريري لن يخالف قرارهم، وهو من اصدقائهم في لبنان والمنطقة، وهم كانوا بحاجة الى قاعدة لهم على الارض اللبنانية لتسهيل تنقل قواتهم الى العراق اضافة الى ضرورة وجود قاعدة عسكرية قريبة من سوريا وتحاصرها من لبنان، بعد ان شعرت الادارة الاميركية عدم تجاوب القيادة السورية معها في العراق لمنع تسلل المسلحين، فقررت الضغط عليها من الساحة اللبنانية، لفرض الشروط عليها، والقبول بها.ومع رفض الحريري للمطلب الاميركي كما ذكرت التقارير، كان زلزال الاغتيال الذي اخرج سوريا من لبنان بسحب قواتها، ووصول اغلبية نيابية من قوى 14 شباط امسكت بالسلطة، بعد اصرار الرئيس الاميركي جورج بوش على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها نهاية ايار 2005، لاستعجال قيام سلطة من «ثورة الارز» تؤمن مصالح الولايات المتحدة، وتسير بمشروعها في لبنان والمنطقة.وقد حصل ما اراده الرئيس بوش، وتم الانقلاب ووصل حلفاء اميركا الى السلطة، بعد انقلاب بعضهم على سوريا وحلفائها في لبنان، مثل الرئيس الحريري ووليد جنبلاط، وقد خاضا المعركة تحت عنوان تحرير لبنان من الوجود العسكري والامني السوري، وفك ارتباطه بسوريا، وتحديداً في تلازم المسار والمصير اللذين ربطا البلدين في موضوع الصراع العربي-الاسرائيلي.وبعد وصول قوى 14 شباط الى السلطة، وترؤس فؤاد السنيورة اول حكومة، بدأ ربط لبنان بالمشروع الاميركي، وكان المطلوب من الفريق الحاكم البدء بتنفيذ القرار 1559 لجهة نزع سلاح المقاومة، وتغيير عقيدة الجيش فكراً استراتيجياً وعدم اعتبار اسرائيل عدوا بعد ان نطق بذلك قادة من «ثورة الارز» فأعلن وليد جنبلاط ان اسرائيل ليست العدو بل سوريا، وقال سمير جعجع ان العدو من ورائنا (سوريا) والبحر من امامنا، وتحدث فريد مكاري نائب رئيس مجلس النواب عن ان للبنان جارين اسرائيل وسوريا، في اشارة الى ان اسرائيل لم تعد عدواً.هذه الثقافة والنهج السياسي للفريق الحاكم، مطلوب ان ينعكسا على الجيش بناءاً على الطلب الاميركي الذي يريد من لبنان ان يقيم سلاماً مع اسرائيل ولا يعاديها وهذا ما اكد عليه وكيل وزارة الدفاع الاميركية للشؤون السياسية اريك اديلمان الذي زار لبنان مؤخراً للبحث في حاجات الجيش اللبناني بعد ان رصدت الادارة الاميركية 272 مليون دولار كمساعدة للقوى العسكرية والامنية، ولكن بعد التأكد من ان تسليح الجيش لن يكون لصالح المقاومة، او في مواجهة اسرائيل.من هنا فان الولايات المتحدة رسمت للبنان خارطة طريق منذ اغتيال الحريري، ان يتحول الى خط دفاع عن المشروع الاميركي للشرق الاوسط الجديد الذي طرحه الرئيس بوش وتعثر لا بل فشل ولم يبق منه الا حكومة السنيورة التي اصبحت من ضمن «الامن القومي الاميركي» وهي تتلقى الدعم الاميركي والغربي تحت هذا العنوان.ولكن حكومة السنيورة التي تعرضت للانهيار والسقوط اكثر من مرة، فان الادارة الاميركية، قررت ان يكون لها حضورها العسكري المباشر في لبنان، للدفاع عن مصالحها في المنطقة مباشرة وليس بالواسطة، ولان حلفائها في لبنان، لم يتمكنوا من استلام السلطة بالكامل بسبب وجود معارضة قوية ضدها، قد تقلب الموازين الداخلية وتستعيد الحكم.فقيام قاعدة عسكرية اميركية يجب ان يتزامن مع قيام حكم موال بالكامل لاميركا في لبنان، وهذا امر منقوص، وان البيت الابيض يعمل لوصول رئيس من «ثورة الارز» وهذا ما ابلغه بوش الى سعد الحريري وبعض المسؤولين الاميركيين الى جنبلاط، لان مثل هذا الرئيس قد يؤمن للاميركيين وجوداً عسكرياً مع حكومة موالية مثل حكومة السنيورة او ما يشابهها بعد الانتخابات الرئاسية، التي تعطيها واشنطن اهتماماً لارتباطها بمشروعها في المنطقة وامنها القومي.وقيام قاعدة اميركية في لبنان ليس بالامر الجديد، فقد طرح هذا الموضوع في الخمسينات في عهد الرئيس كميل شمعون الذي ارتبط بحلف بغداد ومشروع ايزنهاور، لكن الرفض الشعبي منع حصول ذلك، بالرغم من نزول قوات اميركية على الشاطىء اللبناني لحماية شمعون.والمشروع يعاد طرحه من جديد مع وجود حكومة وقوى سياسية مرتبطة به، وهذا لا يمكن تنفيذه مع رفض سياسي وشعبي له، ولن يتحقق مع بقاء سلاح المقاومة، الذي تصر الادارة الاميركية على ضرورة وصول رئيس ينفذ القرار 1559 المتعلق بهذا الشأن.وتسليح الجيش مرتبط بقدرته على تنفيذ هذا القرار، وقد يكون قيام قاعدة عسكرية اميركية يدخل في اطار مساعدة الجيش على تدريبه وتسليحه وربطه بمعاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة، والغاء معاهدة التعاون والتنسيق والاخوة مع سوريا التي من ضمن بنودها قيام تعاون عسكري ودفاعي بين لبنان وسوريا، وقد تم تدريب ضباط من الجيش في سوريا، وتزويده بالسلاح، وهذا ما تعمل اميركا وحلفائها على نسفه والغائه، وتحويل الجيش الى جيش يحمي حدود اسرائيل من خلال القرار 1701.وبالرغم من نفي حكومة السنيورة ما قيل حول قيام قواعد عسكرية في لبنان، حيث ذكر انها ستتوزع بين الشمال والبقاع والساحل، فان المعلومات تشير الى ان هذا المشروع ما زال قائماً وتتحين واشنطن الظروف الداخلية والاقليمية لتنفيذه، الا انها تواجه بوجود معارضة ومقاومة ستمنع تحقيقه، وان تجارب اميركا في لبنان لن يشجعها على ذلك، فقبل 25 سنة تم تدمير مقر «المارينز» قرب مطار بيروت وفر الاميركيون من لبنان، واذا عاودوا تكرار التجربة فسيلقون المصير الاسود نفسه.
Leave a Reply